«العفريت الكهربا».. توصيف أطلقه أحد المصريين على «الترام»، عندما وقعت عيناه عليه لأول مرة، بدايته كانت فكرة عبقرية تبادرت إلى ذهن التاجر الإنجليزى «المسيو إدوارد سانت جون فيرمان» فقلبت حال المدينة البسيطة، ونقلتها الى مصاف المدن الحديثة، وكانت تسحبه «الخيول»، ثم استُخدم «الفحم» فى تسييره، وتم الاحتفال بتسيير أول ترام كهربائى فى الاسكندرية عام 1897 بحضور الخديو عباس حلمى الثاني. وكما قال أحمد شفيق باشا فى مذكراته: «فى 11 سبتمبر عام 1897 تم الاحتفال بأول خط للترام بالإسكندرية، حيث اجتمع جمهور عظيم من الناس فى شارع المنشية الصغرى مبدأ الخط الكهربائي، وأوقفت خمس عربات لحمل المدعوين، وأُعدت عربة مزينة بالأزهار لركوب الخديو، وفى الساعة الخامسة حضر وحيا مستقبليه، ثم ركب العربة المعدة له وسارت وتلتها بقية العربات، إلى أن وصلنا إلى «المكس»، وبعد ذلك عدنا بها إلى المخزن ب «كرموز»، حيث افتتح الخديو «المأدبة» التى أقيمت هناك. انتقلت فكرة الترام الى القاهرة، حيث تحركت أول عربة يوم 12 اغسطس عام 1896 فى أول رحلة تجريبية شهدها ناظر الأشغال العامة حسين فخرى باشا ومعه 3 صحفيين من جريدتى «الأهرام» و«المقطم» التى كتبت: «شهدت العاصمة امس مشهدا قلما يشهد مثله أهل المشرق، وهو أن تجرى مركبات كبيرة تقل مئات الناس لا بقوة الخيل ولا بقوة البخار بل بقوة الطبيعة التى تسبب «البروق»، وقرر أن يُحظر ركوبه على كل مُحدث ضوضاء أو مصاب بعاهة. ولأنه اختراع أعجوبة، نشرت مجلة «الجديد» فى بداية القرن العشرين رسما كاريكاتيريا بعنوان «أخطاء فى الترام»، مطالبة بتحديد الأخطاء السبعة التى تتنافى مع الذوق العام، حيث إن ركوبه قد أصبح عملاً اجتماعياً يجب أن تُراعى فى أدائه أصول اللياقة واللباقة والذوق، وبنظرة متفحصة للصورة يتبين أن هناك مجموعة من الأطفال يضايقون الرجال بمسدساتهم يطلقون سهاماً، وهناك راكب احتل الأماكن بزكائبه، وهناك امرأة حامل واقفة بينما يوجد شباب جالسون، وآخر يجلس ليأكل الفسيخ والبصل. ومن هذا الكاريكاتير يتبين كيف كان يتم توجيه الرأي العام لإصلاح الأخطاء الاجتماعية.