سفير تركيا بالقاهرة يهنئ مصر بذكرى تحرير سيناء    عصام العرجاني باحتفالية مجلس القبائل: شكرا للرئيس السيسى على التنمية في سيناء    اللواء عادل العمدة: لولا الشهداء ما استطعنا استرداد الأرض والكرامة    منسق مبادرة المقاطعة: الحملة تشمل الأسماك واللحوم والدواجن بسبب جشع التجار    أخبار الاقتصاد اليوم: تراجع أسعار الذهب.. وتوقف محافظ الكاش عن العمل في هذا التوقيت.. ارتفاع عجز الميزان التجاري الأمريكي    البنتاجون: الولايات المتحدة بدأت بناء رصيف بحري في غزة لتوفير المساعدات    شوبير يحرس مرمي الأهلي أمام مازيمبى    محافظ الإسكندرية يستقبل الملك أحمد فؤاد الثاني في ستاد الإسكندرية (صور)    عضو «مجلس الأهلي» ينتقد التوقيت الصيفي: «فين المنطق؟»    «اِنْتزَعت بعض أحشائه».. استجواب المتهمين في واقعة العثور على جثمان طفل في شقة بشبرا    «ليه موبايلك مش هيقدم الساعة».. سر رفض هاتفك لضبط التوقيت الصيفي تلقائيا    بيان من النيابة العامة في واقعة العثور على جثة طفل داخل شقة بالقليوبية    بحوث ودراسات الإعلام يشارك بمؤتمر «الثقافة الإعلامية من أجل السلام العالمي»    4 أبراج فلكية يحب مواليدها فصل الصيف.. «بينتظرونه بفارغ الصبر»    محمد الباز: يجب وضع ضوابط محددة لتغطية جنازات وأفراح المشاهير    لهذا السبب.. مصطفى خاطر يتذكر الفنان الراحل محمد البطاوي    خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف مكتوبة 26-4-2024 (نص كامل)    طريقة عمل الكبسة السعودي بالدجاج.. طريقة سهلة واقتصادية    حمادة أنور ل«المصري اليوم»: هذا ما ينقص الزمالك والأهلي في بطولات أفريقيا    رئيس المنتدى الزراعي العربي: التغير المناخي ظاهرة عالمية مرعبة    موقف ثلاثي بايرن ميونخ من مواجهة ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا    الجيل: كلمة الرئيس السيسي طمأنت قلوب المصريين بمستقبل سيناء    «القاهرة الإخبارية»: دخول 38 مصابا من غزة إلى معبر رفح لتلقي العلاج    عبد العزيز مخيون عن صلاح السعدني بعد رحيله : «أخلاقه كانت نادرة الوجود»    رغم ضغوط الاتحاد الأوروبي.. اليونان لن ترسل أنظمة دفاع جوي إلى أوكرانيا    بيان مهم للقوات المسلحة المغربية بشأن مركب هجرة غير شرعية    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    يقتل طفلًا كل دقيقتين.. «الصحة» تُحذر من مرض خطير    بالفيديو.. ما الحكم الشرعي حول الأحلام؟.. خالد الجندي يجيب    عالم أزهري: حب الوطن من الإيمان.. والشهداء أحياء    بعد تطبيق التوقيت الصيفي.. تعرف على مواقيت الصلاة غدًا في محافظات الجمهورية    جوائزها 100ألف جنيه.. الأوقاف تطلق مسابقة بحثية علمية بالتعاون مع قضايا الدولة    انخفضت 126 ألف جنيه.. سعر أرخص سيارة تقدمها رينو في مصر    هل الشمام يهيج القولون؟    فيديو.. مسئول بالزراعة: نعمل حاليا على نطاق بحثي لزراعة البن    وزارة التموين تمنح علاوة 300 جنيها لمزارعى البنجر عن شهرى مارس وأبريل    أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية بالاستفزازية    10 ليالي ل«المواجهة والتجوال».. تعرف على موعد ومكان العرض    هشام نصر يجتمع مع فريق اليد بالزمالك قبل صدام نصف نهائي كأس الكؤوس    6 نصائح لوقاية طفلك من حمو النيل.. أبرزها ارتداء ملابس قطنية فضفاضة    إدريس: منح مصر استضافة كأس العالم للأندية لليد والعظماء السبع أمر يدعو للفخر    بيان مشترك.. أمريكا و17 دولة تدعو حماس للإفراج عن جميع الرهائن مقابل وقف الحرب    هل تحتسب صلاة الجماعة لمن أدرك التشهد الأخير؟ اعرف آراء الفقهاء    تحرير 498 مخالفة مرورية لردع قائدي السيارات والمركبات بالغربية    مصادرة 569 كيلو لحوم ودواجن وأسماك مدخنة مجهولة المصدر بالغربية    النيابة العامة في الجيزة تحقق في اندلاع حريق داخل مصنع المسابك بالوراق    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    مشايخ سيناء في عيد تحريرها: نقف خلف القيادة السياسية لحفظ أمن مصر    إصابة 3 أشخاص في انقلاب سيارة بأطفيح    الرئيس السيسي: خضنا حربا شرسة ضد الإرهاب وكفاح المصريين من أجل سيناء ملحمة بطولة    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    التجهيزات النهائية لتشغيل 5 محطات جديدة في الخط الثالث للمترو    معلق بالسقف.. دفن جثة عامل عثر عليه مشنوقا داخل شقته بأوسيم    خبير في الشؤون الأمريكية: واشنطن غاضبة من تأييد طلاب الجامعات للقضية الفلسطينية    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    ملخص أخبار الرياضة اليوم.. إيقاف قيد الزمالك وبقاء تشافي مع برشلونة وحلم ليفربول يتبخر    الهلال الأحمر يوضح خطوات استقبال طائرات المساعدات لغزة - فيديو    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زمان «التروماى».. المارد الذى أذهل المصريين وأطاح ب«السوارس»
نشر في المصري اليوم يوم 15 - 11 - 2018

كان يوم 12 أغسطس من عام 1896، فاصلاً فى تاريخ القاهرة، إذ شهد شق الترام لشوارع العاصمة، لينقل مئات الآلاف من المواطنين يومياً، عبر رحلات منتظمة أنهت معاناتهم مع المواصلات البدائية.
وبعد المشقة التى كان يتكبدها العوام فى انتقالهم من مكان إلى آخر، نتيجة خلاء الشوارع من أى لمسات إصلاحية ما جعل الظلام يخيم عليها ليلاً عدا الرئيسية منها والتى كانت تضاء بغاز الاستصباح، وكذلك نتيجة استبداد أصحاب الحمير والعربات وتحكمهم فى الركاب وما كانوا يوجهونه لهم من ألفاظ نابية وعبارات خارجة، أتى الترام ليحدث ثورة هائلة فى حياة القاهرة ويحفظ كرامة أهلها من تدنى أخلاق أصحاب المواصلات البدائية، ويحيى الحركة التجارية، حيث أنشئت المحلات الكبرى لتجارة التجزئة فى ميدان العتبة الخضراء والجهات المجاورة له، وظهرت معها قيمة العلامات التجارية.
يوضح محمد سيد كيلانى، فى كتابه «ترام القاهرة» الصادر عن وزارة الثقافة، أنه لما «سهل على الناس الانتقال عظم امتزاجهم واشتد اختلاطهم ومن ثم بدأ الرأى العام يتكون ويصبح خطرًا على الجهات الحاكمة، وكثرت الجمعيات الخيرية التى اجتهدت فى فتح المدارس كما كترت الأندية الثقافية والصحف والمجلات وأخذت الحركة الفكرية تنمو نمواً مطرداً».
فى أغسطس عام 1893، أعلنت الحكومة المصرية عن رغبتها فى أن تقوم شركة بمد خطوط للترام فى العاصمة، وفى نوفمبر عام 1894، صدق مجلس النظار على منح امتياز بإنشاء سكة ترومواى تسير بالطاقة الكهربائية فى العاصمة لشركة بلجيكية، حسبما ورد بكتاب «ترام القاهرة»، وتقرر أن يكون الامتياز ب 8 خطوط تبدأ جميعها من ميدان العتبة الخضراء، بحيث يتجه الخط الأول إلى القلعة، والثانى إلى بولاق والثالث إلى باب اللوق فى الناصرية، والرابع إلى العباسية عن طريق الفجالة والخامس إلى مصر القديمة والسادس إلى فم الخليح والروضة، ثم ينتقل الركاب بزورق بخارى إلى الشاطئ الآخر، ليستقلوا قطاراً إلى الجيزة، وهذا هو الخط السابع، بينما يبدأ الخط الثامن من ميدان قصر النيل ويسير موازياً للترعة الإسماعيلية ثم إلى قنطرة الليمون.
وفى أول أغسطس سنة 1896 أجرت الشركة حفلة تجريبية لتسيير أول قطار كهربائى، وفى ساعة مبكرة، ركب حسين فخرى باشا، ناظر الأشغال، وقتها، ومعه بعض كبار موظفى النظارة قطاراً أقلهم من بولاق ماراً بميدان العتبة إلى القلعة، وقد اصطف الناس على الجانبين ألوفاً ليشاهدوا أول مركبة تسير فى العاصمة بقوة الكهرباء، والأولاد يركضون وراءهم مئات، وهم يصرخون: العفريت، العفريت، بحسب «ترام القاهرة».
ويوضح «كيلانى» مظاهر الاحتفال التى جرت بمناسبة تدشين ترام القاهرة إذ أورد فى كتابه المشار إليه آنفاً «ترام القاهرة» أنه فى 12 أغسطس جرى احتفال رسمى أقامت من خلاله الشركة زينة باهرة فى ميدان العتبة، بينما كتبت صحيفة المقطم: «شهد أهل العاصمة أمس مشهداً قلما شهد مثله أهالى المشرق، ولم يخطر على قلب بشر منذ مائة عام، وهو أن تجرى مركبات كبيرة تقل المئات من الناس لا بقوة الخيل ولا بقوة البخار بل بالقوة الطبيعية التى تسبب البروق والرعود، بقوة تتولد على شواطئ النيل من احتراق الفحم وإدارة الحديد أمام المغناطيس ثم تجرى على أسلاك منصوبة فى الهواء والقضبان ممدودة فى الأرض، فتدير عجلات المركبات وتجرى على ما يراد من السرعة» حسبما ينقل الكتاب.
وتابعت «هذه هو الترامواى الكهربائى الذى احتفل أمس بتسييره فى العاصمة من بولاق إلى القلعة. فما أزفت الرابعة من بعد الظهر حتى غصت ساحة العتبة الخضراء بالمدعوين من الأمراء والعظماء وكبار الموظفين وقناصل الدول والأعيان وفى مقدمتهم النظار ومحافظ العاصمة وقناصل الدول ورجال القضاء، وكان المسيو «لاهو» مدير شركة الترامواى يرحب بالوافدين وكانت مركبات الترامواى واقفة صفوفاً فى تلك الساعة ثم سارت تباعًا إلى القلعة بين جماهير المتفرجين الذين انتشروا على جانبى الطريق وهم يهتفون سروراً، ثم عادت المركبات بمن فيها من القلعة إلى مقر الشركة فى بولاق وكان قد أقيم سرادق مدت فيه الموائد وقدمت المرطبات وكل ما لذ وطاب».
كانت أجرة ركوب الترام 6 مليمات للدرجة الأولى و4 للدرجة الثانية، وعينت الشركة 400 عامل مصرى بالشركة، ورغم توقيع الشركة لاحقاً امتيازات بمد خطوط الترام إلى الجيزة وشبرا وروض الفرج، فإن الحكومة لم تخص نفسها بشىء من الدخل ولم تشترط عليها التخلى عن أملاكها وجميع ما يتعلق بها عند انتهاء مدة العقد، ولكنها تداركت ذلك عام 1908، وعقدت اتفاقاً جديداً قبلت الشركة بمقتضاه أن تخص الحكومة ب 5% من الإيرادات تدفع شهرياً.
ويوضح كتاب «ترام القاهرة» أن الترام تحول ل«سيد الموقف، كوسيلة انتقال بسبب الطبيعة المتردية لعربات الأمنيبوس التى ظلت تعمل ولكن فى نطاق ضيق، إلى أن ظهر لها منافس جديد وهو السيارات العامة (الأوتومبيل) وكان ذلك عام 1908، والتى لم تكن مريحة لكثرة المطبات ورائحة الوقود الكريهة، واختفت تلك السيارات مع اندلاع الحرب العالمية الأولى نظراً لعدم توافر الوقود أو قطع الغيار، كما انكمشت عربات الأمنيبوس لاستيلاء السلطة على الدواب والعلف، وبحلول الحرب العالمية الثانية كادت السيارات أن تختفى من الشوارع وظل الترام هو وسيلة النقل الرئيسية».
وعن بداية السيارات كتب أحد الكتاب المصريين فى جريدة المقطم يصف حالته عند ركوب السيارة لأول مرة فى حياته وكان ذلك سنة 1908، ووصفها بأنها «أقبح اختراع ظهر فى القرن 19»، ويفسر جملته هذه بوصف حكاية ركوبه إحداها فيقول: «رأيت منذ مدة قريبة أن أركب أوتومبيلا، من باب العلم بالشىء فقد مللت عربات السوارس والأمنيبوس، فقصدت موقفا وامتطيت صهوة أحد المقاعد، وما كدت أتبوأ هذا المقعد حتى حرك السائق قطعة حديدية كانت بجانب ساقه، فسمعت دويا قبيحا، وشممت رائحة كريهة، وشعرت بارتجاج فى جميع أجزاء جسمى، فكنت والجالسين كمن اعترتهم حمى، فتجلدت وظننت أنه بادئ بدء ربما كان ذلك لعدم تعود ركوبها».
وتابع الكاتب «أخيرًا تحركت وهبت رائحة الدخان الكريهة فاستعذت بالله، جاءنى المحصل فطلبت منه أن ينزلنى آخر الخط انتقاما من نفسى الأمارة بالسوء، حتى لا تعود تطالبنى بركوب هذا المركب الملعون، وفى تلك الأثناء مالت السيارة إلى اليسار فوقعت على من كان بجانبى ووقعنا على الثالث، ثم ملنا جميعا على الرابع ولولا وجود الحاجز الحديدى لذهبنا جميعا ضحية تقليدنا للأغنياء، وكلما مالت السيارة ذات اليمين ملنا يمينا، أو ذات الشمال ملنا شمالا، كأننا فى حلقة ذكر، إلى أن وصلت بنا محطة مصر فنزلت وأنا ألعن الأوتومبيل ومخترعيه وصانعيه وراكبيه)».
أما عن أصحاب العربات والحمير، فكان لهم، وفقا للكتاب، معاملة غير لائقة يمارسونها مع الراغبين فى الانتقال من مجتمع العاصمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.