فيما واصل آلاف الجزائريين وقفاتهم الاحتجاجية فى أنحاء البلاد فى «جمعة الفصل»، أبدى حزب «جبهة التحرير الوطني» الحاكم فى الجزائر مزيدا من المؤشرات على أنه يتخلى عن دعم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وقال قيادى فى الحزب إن الرئيس بوتفليقة أصبح تاريخا الآن. وتعد التصريحات التى أدلى بها حسين خلدون لقناة «النهار» التليفزيونية مساء أمس الأول ضربة جديدة لبوتفليقة الذى كان يأمل فى تهدئة الجزائريين بالتعهد باتخاذ خطوات لتغيير الساحة السياسية التى يهيمن عليها الرئيس والمقربون منه منذ عقود. وقال خلدون إنه يتعين على الحزب الذى يمتلك الأغلبية فى جميع المجالس المنتخبة بما فى ذلك البرلمان والمجالس البلدية أن يتطلع إلى الأمام وأن يقف فى صف المحتجين. يأتى ذلك فى وقت، تجمع فيه آلاف المتظاهرين وسط العاصمة الجزائرية يوم الجمعة ، للأسبوع الرابع على التوالى ، فى ساحة البريد المركزى بوسط العاصمة الجزائرية للمطالبة برحيل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وقال شهود عيان فى ساحة البريد المركزى بالعاصمة الجزائر، إن المحتجين توافدوا من ولايات قريبة وأخرى بعيدة عن العاصمة فى ساعات مبكرة من صباح أمس، فى خطوة تختلف عن الأسابيع الماضية، التى كان المتظاهرون يتدفقون خلالها على العاصمة بعد صلاة الجمعة. وردد المتظاهرون شعارات ترفض وجود بوتفليقة وشقيقه سعيد، الذى يعتقد أن له نفوذا كبيرا فى النظام السياسي، كما أعربوا عن رفضهم للإجراءات التى أعلنها بوتفليقة يوم الاثنين الماضي. وفى الوقت نفسه خرج عمال الشركات البترولية التابعة لمجمع «سوناطراك» عصب الاقتصاد الجزائرى فى مسيرات حاشدة، ومن جانبها حذرت شركة «سوناطراك» جميع موظفيها من أن أى تجمع أو توقف عن العمل يعتبر خطأ مهنيا. وقد كثفت الشرطة الجزائرية من تواجدها عند حدود العاصمة، وقال شهود عيان إنه تم وقف حافلات تحمل شبابا من الوصول إلى قلب العاصمة الجزائر للمشاركة فى المسيرات السلمية الرافضة لقرارات بوتفليقة، وأيضا لعرقلة وصول حافلات تقل متظاهرين من ولايات أخري، تلبية لدعوات احتجاج على تأجيل الانتخابات التى كانت مقررة فى أبريل المقبل. وكانت السلطات الجزائرية اتخذت إجراءً مماثلا يوم الجمعة الماضي، عندما قطعت «شرايين العاصمة»، حيث أغلقت محطات مترو الأنفاق و»الترام»، وأوقفت كل القطارات من وإلى العاصمة تحسبا للاحتجاجات، التى رغم ذلك جاءت كبيرة. وكان رئيس الوزراء الجزائرى الجديد نور الدين بدوى قد أعلن أمس الأول أنه سيشكل حكومة مؤقتة تضم خبراء وغيرهم للعمل على تحقيق التغيير السياسى استجابة للاحتجاجات التى استمرت أسابيع، وحث المعارضة على الانضمام للحوار. وقالت صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية عن المؤرخ الفرنسى المختص فى الشأن المغاربي، بيير فيرميرين، إن الجزائر تدخل مرحلة ملتبسة وغير مسبوقة من تاريخها، مليئة بالتحديات، ولكنها أيضا مليئة بآمال الديمقراطية. وقال المؤرخ الفرنسي، إن تنازل الرئيس عن الترشح لفترة خامسة نتيجة الضغط القوى الناتج عن إجماع الشعب الجزائرى فى الشوارع، ودعم العديد من النخب، جعلا هذا التنازل أمرا لا مفر منه، إلا بالنسبة لمن يريد إثارة عنف خطير وغير ضروري. وأشار إلى أن الحكومة تحاول التراجع مع الاحتفاظ بالقدرة على التحكم فى الوضع، ولكنها ضعيفة للغاية وليست لديها أوراق كثيرة.