وزارة الأمن الداخلي الأمريكية: هجوم مسلح على دورية شرطة في شيكاغو    «مش عايزين نفسيات ووجع قلب».. رضا عبدالعال يشن هجومًا لاذعًا على ثنائي الزمالك    إعلام فلسطينى: طيران الاحتلال يشن عدة غارات على مناطق مختلفة من مدينة غزة    في اليوم العالمي للصيادلة.. نائب محافظ سوهاج ووكيل وزارة الصحة يكرمان قيادات مديرية الصحة والمتفوقين من أبناء الصيادلة    انهيار جزئي لأحد المنازل القديمة أثناء تنفيذ قرار الإزالة بشارع مولد النبي بالزقازيق .. والمحافظ ينتقل للموقع    أسعار الحديد فى الشرقية اليوم الأحد 5102025    سعر الدولار أمام الجنيه المصري بمحافظة الشرقية اليوم الأح 5أكتوبر 2025    «تهدد حياة الملايين».. عباس شراقي: سد النهضة «قنبلة نووية» مائية على وشك الانفجار    9 أيام إجازة في شهر أكتوبر 2025 للطلاب والقطاعين العام والخاص.. موعد اَخر عطلة رسمية في العام    حماس: إسرائيل قتلت 70 شخصا رغم زعمها تقليص العمليات العسكرية    ترامب: وقف إطلاق النار في غزة سيتم بالتزامن مع تبادل الأسرى والمحتجزين    بعد 12 عامًا من الهروب.. ما تفاصيل تسليم فضل شاكر نفسه للجيش اللبناني؟    إعلام إسرائيلى يكشف أعضاء فريق التفاوض    ارتفاع كبير في عيار 21 بالمصنعية.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الأحد محليًا وعالميًا    ألونسو يكشف حالة مبابي وماستانتونو    أحمد شوبير يكشف مفاجات مهمة عن انتخابات الأهلي.. الكيميا بتاعت حسام غالي مظبطتش مع الخطيب    خسارة المغرب تقلص حظوظ مصر في التأهل لثمن نهائي كأس العالم للشباب    وليد صلاح الدين: ملف المدير الفنى الجديد تحت الدراسة.. ولا توجد ترضيات للاعبين    مصر تشارك بفريق ناشئين متميز في بطولة العالم للشطرنج 2025 بألبانيا    اسعار اللحوم اليوم الأحد 5 اكتوبر 2025 بمحلات الجزارة فى المنيا    «الداخلية» تكشف حقيقة فيديو «اعتداء ضابط على بائع متجول» بالإسكندرية    تشييع جثامين 4 ضحايا من شباب بهبشين ببنى سويف فى حادث الأوسطي (صور)    لسرقة قرطها الذهبى.. «الداخلية» تكشف حقيقة محاولة اختطاف طفلة بالقليوبية    أبواب جديدة ستفتح لك.. حظ برج الدلو اليوم 5 أكتوبر    نجل فضل شاكر ينشر صورة لوالده بعد الكشف عن تسليم نفسه    تكريمات وذكريات النجوم في مهرجان الإسكندرية السينمائي    اعرف تردد مشاهدة "قيامة عثمان" بجودة HD عبر هذه القناة العربية    بعد 20 عامًا على عرضه.. المخرجة شيرين عادل تحتفل بمسلسل «سارة» ل حنان ترك (صور)    مهرجان روتردام للفيلم العربى يقاطع إسرائيل ثقافيا تضامنا مع فلسطين    الفيلم المصرى ضى يفوز بالجائزة الكبرى فى مهرجان الفيلم المغاربى فى وجدة    عمرو سعد يستعد لتصوير «عباس الريس» في ألمانيا    مواقيت الصلاة اليوم الأحد 5-10-2025 في محافظة الشرقية    أذكار النوم اليومية: كيف تحمي المسلم وتمنحه السكينة النفسية والجسدية    رمضان 2026.. تعرف على موعد حلول الشهر الكريم وعدد أيامه    مواقيت الصلاة فى أسيوط غدا الاحد 5102025    لعلاج نزلات البرد.. حلول طبيعية من مكونات متوفرة في مطبخك    أعراض متحور كورونا «نيمبوس» بعد تحذير وزارة الصحة: انتشاره سريع ويسبب آلامًا في الحلق أشبه ب«موس الحلاقة»    بمكونين بس.. مشروب واحد قبل النوم يزيد حرق الدهون ويحسن جودة النوم    لا مزيد من الروائح الكريهة.. خطوات تنظيف البط من الريش والدهون    بدر عبد العاطي وحديث ودي حول وقف الحرب في غزة وانتخابات اليونسكو    ضربة جديدة لحرية الرأي والبحث العلمي ..دلالات الحكم على الخبير الاقتصادى عبد الخالق فاروق    مصرع طفل وإصابة شخصين في حادث دراجة نارية بالفرافرة    اندلاع حريق في «معرض» بعقار سكني في شبرا الخيمة بالقليوبية    المؤتمر: اتحاد الأحزاب تحت راية واحدة قوة جديدة للجمهورية الجديدة    دراسة حديثة: القهوة درع واق ومُرمم لصحة الكبد    مصرع 3 عناصر إجرامية شديدة الخطورة خلال مداهمة وكرهم ببني سويف    صادر له قرار هدم منذ 53 عامًا.. انهيار جزئي لعقار في جمرك الإسكندرية دون خسائر بشرية    ضحايا فيضان المنوفية: ندفع 10 آلاف جنيه إيجارًا للفدان.. ولسنا مخالفين    أخبار × 24 ساعة.. قافلة إغاثية لمتضرري ارتفاع منسوب نهر النيل في المنوفية    «الهيئة الوطنية» تُعلن موعد انتخابات النواب 2025 (الخريطة كاملة)    هل التسامح يعني التفريط في الحقوق؟.. الدكتور يسري جبر يوضح    بداية فصل جديد.. كيف تساعدك البنوك في إدارة حياتك بعد الستين؟    لأول مرة فى تاريخها.. اليابان تختار سيدة رئيسة للحكومة    دوري أبطال أفريقيا.. قائمة بيراميدز في مواجهة الجيش الرواندي    بشير التابعى: مجلس الزمالك ليس صاحب قرار تعيين إدوارد ..و10 لاعبين لا يصلحون للفريق    شريف فتحي يشارك في اجتماع غرفة المنشآت الفندقية بالأقصر    محافظ سوهاج يعتمد المرحلة الثالثة لقبول الطلاب بالصف الأول الثانوي للعام الدراسي الجديد    حزب السادات يدعو لإحياء ذكرى نصر أكتوبر أمام ضريح بطل الحرب والسلام بالمنصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انقذوا الحدائق من «النظافة والجمال».. «ولا إيه» يا دكتور!
نشر في الأهرام اليومي يوم 08 - 03 - 2019


كلنا صُدِمَ وكلنا حزِن.. على حادث القطار!.
أغلبنا مندهش من الإهمال.. لأن أغلبنا نسى أو تناسى.. أن الإهمال والفوضى والتسيب و«الأنامالية» والكراهية والبذاءات.. لم تعد تصرفات فردية.. إنما سلوك وثقافة أغلبية شعب!.
الحادث الذى أحزن كل المصريين.. إلا قليلاً.. أنطق من لا نسمع صوتهم إلا فى المصائب!.
الدكتور البرادعى و«مُرِيِدوه» .. نخبة وثوار.. «هات» يا هَرْى وتلسين وكِذبْ وكلام واعتراض واتهام!.
الذى أعرفه.. أن واجب كل مصرى.. معارضة كل ما هو خطأ.. وتأييد كل ما هو صواب!. المعنى.. أن نعارض ونرفض الغلط ونؤيد ونعضد الصواب.. والاختلاف هنا لأجل الأفضل للوطن!
أصدقك يا دكتور برادعى.. عندما تنتقد الخطأ وتؤيد الصواب.. لكنك يا دكتور.. لا نسمع لك صوتًا إلا فى الكوارث!.
لماذا لم تنطق بكلمة.. شكر أو تقدير أو امتنان.. على أى إنجاز تم فى مصر؟!. أليس حق الوطن.. الإشادة بأى نجاح.. لأجل تكراره!.
الذى تم إنجازه على أرض مصر فى السنوات الخمس الأخيرة.. كمًا وكيفًا.. أكبر بكثير مما تم بمصر فى الخمسين سنة الماضية!.
أنت ورفاقك يا دكتور.. تنتقدون على طول الخط ما يقوم به الرئيس.. وتشيرون دائمًا إلى أن الصحة والتعليم أهم من الطرق والكبارى!.
إلا أن الصمت كان اختياركم.. ومصر تضع قدميها على أول طريق نهضتها الحقيقية.. بالمشروع التعليمى الجبار.. الذى بدأ فى الصف الأول الثانوى بالمدارس الحكومية بكل محافظات مصر!. كل طالب يا دكتور برادعى سلمته الدولة تابلت.. به ومعه.. ينتهى زمن الحفظ والتلقين ويبدأ عالم البحث والمعرفة!. مصر بهذا المشروع فى طريقها للوقوف مع الكبار يا دكتور!. لم تنطق بكلمة واحدة إشادة يا دكتور.. رغم أن ما يتم.. هو الإصلاح الجذرى للتعليم!.
والصحة يا دكتور!. مصر خالية من فيروس C.. مشروع هائل لإنقاذ أكباد المصريين!. الذى فعله الرئيس فى الصحة.. غير مسبوق فى تاريخ مصر.. وأنت ولا هنا يا دكتور..
تملأ الدنيا صراخًا فى الكوارث وضارب غُطس فى الإنجازات!.
......................................................
ثبتت الرؤية.. وبدا واضحًا.. أن التربص والعداء الحكومى للحدائق.. ليس حدثًا طارئًا إنما حالة مرضية مزمنة!.
لم يعد هناك أدنى شك.. فى أن المحافظات.. تكره وجود الحدائق وسط المساكن كراهية التحريم.. عن قناعة تامة.. بأنها بدعة ومسخرة وأرض مهدرة.. رغم أن ثمنها أصبح بالشىء الفلانى.. وحرام أن تبقى فضاء.. وعندنا من يدفعون ملايين فيها.. لأجل بناء المولات والكافيتريات والمحلات عليها!.
كل محافظة.. تُقَلِّبُ فى دفاترها القديمة عن كل أرض متخللات عندها.. والمتخللات هى مساحات الأرض الصغيرة الفضاء.. «فضلات» المشروعات أو المتبقية من مشروعات.. وهى موجودة وهى كثيرة...!.
المحافظة.. كل اللى فى دماغها.. الفلوس!. تبيع الأرض وتقبض مقابلها فلوس.. بصرف النظر عما سيحدث فى هذه الأرض وعلى هذه الأرض!.. مساحة الأرض الصغيرة «اللى» وسط غابة من الخرسانات.. لازم يطلع عليها مشروع.. يجيب الفلوس «اللى» اندفعت فيها ضعفين!. برج سكنى مثلًا.. والمساحة الصغيرة.. تتعوض ببرج فيه أكبر عدد من الشقق!. الحكومة باعتها واللى اشتراها.. هيعمل عليها برج سكنى.. يجلب للمكان سكانًا للشقق وروادًا للمحلات التى ستفتح به!. برج سكنى.. يعنى عربيات زائدة.. على مداخل ومخارج المنطقة!. يعنى كهرباء زيادة فى الاستهلاك ومياه زيادة وصرف زيادة!. يعنى خنقنا المكان.. اللى هو أصلًا مخنوق من زمان!. وحرمنا أطفال السكان.. من اللعب فى الأرض التى كانت فضاء وأصبحت برج إسكان!.
محافظة القاهرة.. «شايلة على قرنها» المعادى هذه الأيام!. قبل أيام تقترب من الشهر.. غارة مفاجئة.. على حديقة خضراء.. تبدو فى عين الحكومة بقعة نشاز وسط غابة خرسانية.. نقطتها الإشارية المميزة.. عمارة اسمها البرج.. وهى بالفعل.. برج لكنه برج مواز للأرض لا عمودى على الأرض!. المعمار المتقدم.. حريص على أن يوفر مساحات خلاء بين كل عمارة وعمارة.. أرض خلاء وجودها حتمى وليس ترفيهيًا.. لأنها احتياج بشرى.. احتياج لأن يكون بين كل مبنى وآخر.. بيتا كان أو حتى فيللا أو عمارة أو برجًا.. يكون هناك مساحة فضاء.. يتنفس منها الناس ويرتاح البصر عليها!.
مساحة.. هى فى الواقع حَرَم لكل مبنى.. تضمن تأمين احتياجات الإنسان.. الإنسانية والحضارية.. التى تؤثر بصورة مباشرة على سلوكيات الإنسان وثقافته.. المساحات الخلاء والحدائق ثقافة أهلها مختلفة جذريًا عن ثقافة من يعيشون فى غابات الخرسانة.. التى لا تُحب الخُضرة.. والتى لا يوجد متر أرض متخللات فضاء فيها.. وربنا «ما يوريكوا» ثقافة الزحام.. ناس روحها فى مناخيرها وصوتها عالى.. وما حدش بيسمع حد.. وإزاى يسمع ولا يفهم ولا حتى يِشوف.. وروائح الزحام المميزة.. تعبق المكان!.
أعود لعمارة البرج فى المعادى الجديدة.. التى تباهت الجهة الحكومية أو شبه الحكومية التى شيدتها زمان بالعبقرية المعمارية.. فى بناء مبنى واخد شكل ربع الدائرة.. أعلى من معدل الارتفاعات بالمعادى رأسيًا.. وأفقيًا لَحَمْ ما يعادل خمس أو ست عمارات فى بعضها مكونة مبنى واحدا عريضا.. وحرم السكان من المساحات الخلاء المفترض وجودها.. فى مكونات هذا الكائن الخرسانى.. وربما يكون هذا الخطأ.. الذى حرم السكان من مساحات فضاء هى حقهم.. ربما يكون ذلك.. وراء تخصيص الجهة التى بنت «عمارة البرج».. لمساحة أرض حديقة.. فى حضن غابة الخرسانة الربع دائرة.. وهذا الكلام من أول يوم سكان فى عمارة البرج!. هذا الكلام قبل ثلث قرن.. أشجار الحديقة التى كانت شاهدًا!.
الحديقة فى ساعات يوم واحد.. اقتلعوا كل ما هو أخضر فيها.. شجر عملاق.. أشجار زينة.. ورود.. نجيلة خضراء.. كل ما هو أخضر انتهى.. والمحافظة فى حالة غض بصر.. شايفة وعاملة مش واخدة بالها.. لأنها بتكره الجناين.. وإن سمحت بها.. إما لأنها فرصة لتسقيع ثمن الأرض التى عليها حديقة.. أو لأنها مضطرة.. للحفاظ على الشكل العام!. المحافظة اتورطت وعملت حديقة.. للشكل لا للناس.. لذلك تحيطها بسور حديد وبوابة بقفل!. هل هى خايفة على الحديقة من الناس.. أم أنها خائفة على الناس من التعود على الحدائق والاستمتاع بالحدائق وحب الحدائق!.
المحافظة تركيزها عال على المعادى.. ربما لأنها الضاحية الخضراء.. التى اعتمد تخطيطها.. على أن تكون المبانى.. جزءًا صغيرًا من الجنينة الكبيرة!. الحكومة تريد أن يفقد سكان المعادى ذاكرة الخضرة.. وينسوا حكاية الخضرة.. وهم فعلًا فى طريقهم لنسيانها.. منذ تحويل الجناين اللى فيها فيللات.. إلى عمارات!. حدث ذلك تحت سمع وبصر المحافظة.. التى لم تتحرك لوقف هذه المسخرة.. التى طالت أجمل ضاحية فى مصر! المحافظة شاركت فى المأساة بالصمت.. إلى أن تم تجريف الضاحية الخضراء!. الفيللات وجناينها بقت عمارات.. إلا أن!.
المحافظة.. اكتشفت مؤخرًا حديقة منسية.. هى آخر مساحة خضراء فى المعادى.. هى الرئة الوحيدة الفضاء فى المعادى.. هى المدخل الشرقى للمعادى من طريق الأوتوستراد!.
هذه الحديقة كانت مقلب قمامة المعادى!. الضاحية الخضراء تدهور بها الحال.. إلى أن أصبح مدخلها هو مقلب قمامتها!. هذا الأمر استفز.. الحرس القديم للمعادى وأقصد الأسر القديمة فى المعادى.. ذهبوا إلى محافظة القاهرة.. وقابلوا محافظها وقتها الدكتور عبدالرحيم شحاتة رحمة الله عليه.. ودعوه ليرى الموقف على الطبيعة.. والرجل اتخذ قراره فورًا.. مقلب القمامة المقام على خمسة فدادين.. يتم تخصيصه حديقة!. ولأن المحافظة ميزانيتها لا تسمح.. تقدمت السيدة ميرفت طوسون رئيس جمعية بلدى.. وتم تخصيص أرض الحديقة للجمعية التى حولت مقلب الزبالة إلى حديقة من ربع قرن.. ومن يومها والجمعية مسئولة عن رئة المعادى الوحيدة.. الموجود بها قرابة ال200 شجرة.. وسط أكبر مناطق المعادى الجديدة كثافة سكنية!.
من كام يوم.. السيد رئيس هيئة النظافة والتجميل.. صرح بأن الهيئة المعنية بالنظافة والتجميل.. فى طريقها لإجراء مزاد.. على الحديقة الوحيدة الخضراء المتبقية فى المعادى.. لأجل أن يقام عليها صالة أفراح.
يبدو أن السيد رئيس هيئة النظافة.. وصل له خبر.. أن معدلات الزيادة السكانية انخفضت.. ولذلك ومن جهته.. الحديقة اللى الناس بتضيع وقتها فيها.. تتقفل.. لأجل الناس تتلم فى بيوتها والنسل يزيد!.
وإلى جانب صالة الأفراح.. التى ستكون رخيصة.. لتشجيع الناس على الزواج والخلفة.. سوف يكون هناك لونابارك وملاهى وملعب خماسى وكافيهات ومنافذ توزيع.. توزيع إيه والله ما أعرف!.
أعلم أن السيد رئيس هيئة النظافة.. عبد المأمور!.
المحافظون مطالبون بالبحث عن موارد جديدة للمحافظات.. إلا أن السادة المحافظين.. فيما يبدو لم يوضحوا للجهات المختلفة فى كل محافظة.. أن هناك أشياء غير قابلة للبيع ولا بمال قارون.. وأولها وأهمها.. بل الأهم على الإطلاق.. الحدائق والملاعب ومساحات الأرض المتخللات الخلاء!.
للتذكرة.. أضع تجربة كارثية قديمة لوزارة التربية والتعليم.. أمام وزارة التنمية المحلية!. زمان وللآن.. مشكلة كثافة الفصول!. مسئول لا أعرفه.. اتخذ قرارًا.. كان يجب محاكمته عليه!. مصادرة ملاعب المدارس والأفنية لبناء فصول عليها.. إضافة إلى مصادرة حجرات الأنشطة التربوية الأخرى!. هذا القرار قضى فى يوم وليلة على كل الملاعب الرياضية بالمدارس المصرية!. هذا القرار الذى اتخذ.. جهلًا أو عمدًا.. حرم الوطن من مواهبه فى كل المجالات!. هذا القرار حرم الشباب.. من ممارسة أعظم أنشطة تربوية.. وهى عظيمة.. لأنها وقاية ولأنها علاج.. من أمراض العصر.. الإدمان والاكتئاب والتطرف!.
القرار المدمر.. دمر الرياضة والأنشطة فى المدرسة.. بعد مصادرة الملاعب والأفنية وبناء فصول عليها!. لا الفصول الجديدة حلت مشكلة التكدس ولا الملاعب تركوها!.
المشكلة لن تنحل حتى لو بنينا كل أرضنا فصولاً!. تعرفوا حضراتكم ليه؟. لأننا بنزيد 2 مليون كل سنة!. المشكلة هنا وحلها من هنا وليس بتحويل الملاعب إلى فصول!.
نفس الحكاية تكررها المحليات.. لكن بشكل مختلف!.
أعلى وأعظم استثمار.. هو استثمار الإنسان نفسه!.
لابد أن نضع نصب أعيننا فى كل لحظة وكل مجال.. الإنسان لأنه ببساطة أهم عنصر فى أى مشروع!. أعظم تكنولوجيا فى أى تخصص.. الأساس فى استخدامها الإنسان!.
إذا اتفقنا على هذه النقطة.. لابد أن نتفق على أن احتياجات الإنسان النفسية.. لا تقل أهمية إن لم تكن أكثر أهمية.. من احتياجاته الأخرى.. وعليه تصبح الحديقة بالنسبة للإنسان.. حقًا لا منحة وأساسًا لا رفاهية.. الحق الإنسانى فى أن ترتاح العين من رؤية مساحات خضراء!. الحق الإنسانى فى الجلوس والتحرك فى مكان ينعم الإنسان فيه بالهدوء الذى هو وقت الهدنة من الزحام وسلوكياته وثقافته.. المؤذية لكل حواس الإنسان!. الحق الإنسانى.. فى التخلص من الحصار الخرسانى الموجود حولك فى كل مكان!.
الحديقة هنا ضرورة إنسانية وحضارية!. المكان الوحيد.. الذى تتسامى فيه وعليه كل مشاكلنا!. الحديقة احتياج نفسى!. الحديقة.. المكان الذى يتحرر فيه الإنسان ويهرب الإنسان.. من الأسر الخرسانى فى البيت والعمل وكل مكان!.
هنا تصبح الحديقة.. أعظم احتياج للإنسان وأعظم استثمار فى الإنسان.. ولا سقف لثمنها.. لأن أعظم استثمار.. الذى يكون فى الإنسان!.
لو كانت الحدائق غير مهمة ولا قيمة لها.. ما كان أحد أعظم مشروعات العاصمة الإدارية الجديدة.. حديقة!. ما كان إصرار الرئيس السيسى.. على أن تكون الحدائق والملاعب.. على رأس أولويات التخطيط فى مشروعه الاجتماعى العبقرى الأسمرات وغيط العنب!. العدالة الاجتماعية.. الشعار المطروح من ثورة يوليو.. يرى النور ويتم تطبيقه بعد ثورة 30 يونيو.. .. وأهالينا البسطاء قاطنو المناطق الأكثر خطورة والمنعدمة تحضرًا.. يعيشون الآن مثل كل المصريين.. فى شقق مجهزة بالأثاث والأجهزة.. فى عمارات.. تحظى بمساحات خلاء.. غير موجودة فى القطاعين الخاص والعام الإسكانى.. وإلى جانب ذلك.. الحدائق والملاعب.. باعتبارها ضرورة حتمية للنشاط واستنفاد الطاقة.. وضرورة ترويحية لا غنى عنها!.
حاجة غريبة.. فى الوقت الذى فيه الحكومة.. تقوم بإنشاء واحدة من أكبر حدائق العالم.. بالعاصمة الإدارية الجديدة.. هيئة الجمال والنظافة الحكومية.. تقضى على آخر حديقتين بالمعادى!.
مشروع «النهر الأخضر» والحديقة المركزية.. إحدى عجائب العاصمة الإدارية بإذن الله.. عشرة كيلومترات طول الحديقة.. التى تستوعب 2 مليون زائر سنويًا!.
مشروع «النهر الأخضر» والحديقة المركزية.. قلبى مِتْوغوِش عليه!. ليه؟.
خايف عليه من عنينا والحسد.. لأن ما يحسدش المال إلا أصحابه!.
ومرعوب عليه من مزادات رئيس الجمال والنظافة!.
......................................................
هذه حكاية قرية صغيرة فقيرة مغلوبة على أمرها.. لا أحد يعرف شيئًا عن مشاكلها.. لأنه لا أحد يعرف أصلًا أن هذه القرية موجودة.. لأنهم لو عرفوا.. لكانت الأولى فى القرى الأكثر فقرًا!.
أتكلم عن قرية زاوية الجدامى.. هذا اسمها الذى سقط بالتأكيد من كشوفات الحكومة.. لأنه لو كان موجودًا.. لعرفت أى جهة حكومية.. بأمر هذه القرية الغلبانة المهملة.. التى لم يُصِبْهَا الدور فى أى مشروعات.. لأنها من يومها حظها قليل فى الدنيا.. لا لِحْقِتْ الميرى.. ولا وجدت ترابه حتى تتمرمرغ فيه!.
قرية زاوية الجدامى مركز مغاغة محافظة المنيا.. عاشت تحلم بأن يأتى عليها الدور فى الصرف الصحى.. حلمها ضاع.. ربما لأن الرطوبة «أكلته».. رطوبة نشع الترنشات اللى البلد عايمة عليها!. ناس هايصة وناس لايصة!. كل القرى المحيطة بزاوية الجدامى.. جه عليها الدور ودخلها الصرف الصحى وعايشة فى نعيم.. وزاوية الجدامى لايصة فى الصرف الصحى الطافح والناشع من الترنشات!. أهالينا فى زاوية الجدامى.. نفسهم حد يقولهم.. الدور «ده» ييجى إزاى!. السؤال إجابته عند وزارة الإسكان وهيئة الصرف الصحى!.
القرية عندها مدرسة.. فى أغلب الأيام يومها الدراسى ساعتان.. لأن المدرسين.. الجايين من البندر.. بيوصلوا الساعة 10 صباحًا.. ويرجعوا البندر 12 الضهر!.
وفى يوم كان فيه ساعة إجابة.. الناس اللى ليل نهار.. بتدعى يكون عندهم وحدة صحية!. الحكومة عملت لهم أحسن وحدة صحية.. لكنها يا خسارة ناقصة دكاترة!. الناس لأجل تتعالج.. ساعتين رايح وساعتين جاى.. لأقرب مستشفى فى مغاغة!. ولأجل تكمل الهموم.. نقطة الشرطة آيلة للسقوط.. والضابط نقل مقر عمله للوحدة الصحية.. اللى «بقت داخلية مش صحية»!.
سيدى وزير التنمية.. قرية زاوية الجدامى.. تناشدكم أن تكون نصيرها وصوتها وتحجز لها دورا فى الصرف الصحى.. قبل أن تصبح أول قرية برمائية فى مصر!. وللحديث بقية مادام فى العمر بقية
لمزيد من مقالات إبراهيم حجازى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.