كيم جونغ أون يحضر افتتاح معرض للأسلحة في بيونغ يانغ    انتداب المعمل الجنائي لكشف أسباب حريق معرض أدوات منزلية بشبرا الخيمة    متى يبدأ التشعيب في البكالوريا والثانوية العامة؟ التفاصيل كاملة    د.حماد عبدالله يكتب: الوطن والأخلاق !!    136 يومًا تفصلنا عن رمضان 2026.. أول أيام الشهر الكريم فلكيًا الخميس 19 فبراير    مباراة بيراميدز والجيش الرواندي في دوري أبطال أفريقيا، الموعد والقناة الناقلة    صور نادرة للرئيس أنور السادات أثناء افتتاح السد العالى "أمان مصر"    هل سيرتفع سعر الذهب إلى 4200 دولار للأونصة؟ اعرف التوقعات    السيسي يجتمع مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة    المملكة المتحدة: ندعم بقوة جهود ترامب للتوصل لاتفاق سلام في غزة    السيسي يضع إكليل الزهور على قبري ناصر والسادات    بعد خروجه من قسم الشرطة، سامر المدني يحتفل مع جمهوره في الشارع (فيديو)    صبري عبدالمنعم خلال تكريمه بمهرجان نقابة المهن التمثيلية: «كويس إنكم لحقتونا وإحنا عايشين»    بكام الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في أسواق وبورصة الشرقية اليوم الأحد 5-10-2025    استعدادًا لمواجهة المغرب وديًا.. حلمي طولان يعلن قائمة منتخب مصر الثاني المشاركة في بطولة كأس العرب    مواعيد مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة.. بيراميدز وبرشلونة والسيتي    رابط استخراج صحيفة أحوال المعلم 2025 بالرقم القومي عبر موقع وزارة التربية والتعليم    استقرار نسبي..اسعار الذهب اليوم الأحد 5-10-2025 في بني سويفى    إسرائيل توافق على خط الانسحاب الأولى وتواصل قصف القطاع بشن غارات عنيفة (فيديو)    رابط مباشر ل تحميل التقييمات الأسبوعية 2025 عبر موقع وزارة التربية والتعليم    بن غفير يهدد بالانسحاب من حكومة نتنياهو    لهذا السبب.... فضل شاكر يتصدر تريند جوجل    «اللي جاي نجاح».. عمرو سعد يهنئ زوجته بعيد ميلادها    صبري عبد المنعم يخطف القلوب ويشعل تريند جوجل بعد تكريمه على كرسي متحرك    أسعار الحديد في المنيا اليوم الأحد5 أكتوبر 2025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 5-10-2025 في محافظة الأقصر    شوبير يكشف موعد إعلان الأهلي عن مدربه الجديد    «مش عايزين نفسيات ووجع قلب».. رضا عبدالعال يشن هجومًا لاذعًا على ثنائي الزمالك    زعيمة حزب فرنسي: فوز المعارضة في التشيك «إرادة شعوب»    في اليوم العالمي للصيادلة.. نائب محافظ سوهاج ووكيل وزارة الصحة يكرمان قيادات مديرية الصحة والمتفوقين من أبناء الصيادلة    إعلام فلسطينى: طيران الاحتلال يشن عدة غارات على مناطق مختلفة من مدينة غزة    الداخلية السورية: الاستحقاق الانتخابي المقبل الأهم منذ 60 عامًا    تشييع جثامين 4 ضحايا من شباب بهبشين ببنى سويف فى حادث الأوسطي (صور)    وليد صلاح الدين: ملف المدير الفنى الجديد تحت الدراسة.. ولا توجد ترضيات للاعبين    اسعار اللحوم اليوم الأحد 5 اكتوبر 2025 بمحلات الجزارة فى المنيا    بعد وصولها ل30 جنيهًا.. موعد انخفاض أسعار الطماطم في مصر (الشعبة تجيب)    9 أيام إجازة في شهر أكتوبر 2025 للطلاب والقطاعين العام والخاص.. موعد اَخر عطلة رسمية في العام    أبواب جديدة ستفتح لك.. حظ برج الدلو اليوم 5 أكتوبر    اعرف تردد مشاهدة "قيامة عثمان" بجودة HD عبر هذه القناة العربية    مهرجان روتردام للفيلم العربى يقاطع إسرائيل ثقافيا تضامنا مع فلسطين    الفيلم المصرى ضى يفوز بالجائزة الكبرى فى مهرجان الفيلم المغاربى فى وجدة    ألونسو يكشف حالة مبابي وماستانتونو    «الداخلية» تكشف حقيقة فيديو «اعتداء ضابط على بائع متجول» بالإسكندرية    أذكار النوم اليومية: كيف تحمي المسلم وتمنحه السكينة النفسية والجسدية    لعلاج نزلات البرد.. حلول طبيعية من مكونات متوفرة في مطبخك    أعراض متحور كورونا «نيمبوس» بعد تحذير وزارة الصحة: انتشاره سريع ويسبب آلامًا في الحلق أشبه ب«موس الحلاقة»    بمكونين بس.. مشروب واحد قبل النوم يزيد حرق الدهون ويحسن جودة النوم    لا مزيد من الروائح الكريهة.. خطوات تنظيف البط من الريش والدهون    لسرقة قرطها الذهبي.. «الداخلية» تضبط المتهمة باستدراج طفلة القليوبية    أرسلنا تحذيرات مسبقة، الري ترد على غرق بعض المحافظات بعد ارتفاع منسوب مياه النيل    ضربة جديدة لحرية الرأي والبحث العلمي ..دلالات الحكم على الخبير الاقتصادى عبد الخالق فاروق    اندلاع حريق في «معرض» بعقار سكني في شبرا الخيمة بالقليوبية    دراسة حديثة: القهوة درع واق ومُرمم لصحة الكبد    «الهيئة الوطنية» تُعلن موعد انتخابات النواب 2025 (الخريطة كاملة)    بشير التابعى: مجلس الزمالك ليس صاحب قرار تعيين إدوارد ..و10 لاعبين لا يصلحون للفريق    بداية فصل جديد.. كيف تساعدك البنوك في إدارة حياتك بعد الستين؟    هل التسامح يعني التفريط في الحقوق؟.. الدكتور يسري جبر يوضح    كيف نصل إلى الخشوع في الصلاة؟.. الدكتور يسري جبر يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوقاحة هدفها القوى الناعمة والحديقة جوهر التنسيق الحضارى!
نشر في الأهرام اليومي يوم 15 - 02 - 2019

الرياضة والفن والأدب والموسيقى والرسم.. إلى آخر الأنشطة التربوية.. هى قوة مصر الناعمة!. فى الثلاثينيات كانت مصر حكاية فى رفع الأثقال.. وأبطالها هم ملوك الحديد بالعالم.. والرباع الأوليمبى خضر التونى بهر الزعيم الألمانى هتلر، حتى إنه قال للتونى فى دورة 1936 الأوليمبية.. كنت أتمنى أن تكون ألمانيًا!.
الفن سينما وغناء.. جعلوا كل من ينطق بالعربية.. يتكلم اللهجة المصرية!.
ممارسة الرياضة.. هى الضمانة الأولى والأهم وربما تكون الوحيدة.. للوقاية من الأمراض.. ولعلاج الأمراض!. ولأن الأنشطة التربوية.. أمن قومى للوطن.. فإن استهدافها.. قائم ومستمر فى الحرب التى لا تتوقف على الوطن!.
الرياضة والفن.. هما أكثر الأنشطة التربوية أهمية.. وهما الأكثر تعرضًا للهجمات الخارجية.. لإضعافهما على أمل إسقاطهما!.
أسوأ وأبشع حوادث كرة القدم فى العالم.. حدث فى مصر!. أتكلم عن مجزرة مباراة المصرى والأهلى التى راح ضحيتها 72 شهيدًا من شباب فى عمر الزهور.. مُحب ومشجع وعاشق للنادى الأهلى!.
حدث ذلك وقت تولى المجلس العسكرى حكم مصر.. فى أصعب الأوقات التى مرت على مصر فى تاريخها!. ليه؟. لأن الهدف إسقاط دولة وليس إسقاط نظام!. لأن مصر.. كما وصفتها هيلارى كلينتون وقتها.. هى الكعكة الكبيرة التى يريدونها فى ربيعهم العربى.. الذى هو اقتتال الشعوب وليس سقوط الأنظمة.. ولذلك!.
الإخوان.. يضربون بعنف فى المجلس العسكرى.. ويسعون بكل الطرق للوقيعة بين الجيش والشعب ويهدفون بكل الطرق.. لإضعاف صورة ومنزلة الجيش عند المصريين.. وفى هذا الإطار.. دبروا ونفذوا جريمتين!.
الأولى مذبحة نفذتها حماس لمصلحة الإخوان.. راح ضحيتها 21 جنديًا من حرس الحدود استشهدوا فى رمضان وتحديدًا لحظة صلاة المغرب.. والاختيار مهم والتوقيت أهم!. تقتل 21 جنديًا من الجيش.. ضربة للجيش ولإضعاف صورة الجيش.. أما أن يحدث هذا.. ويستشهد جنودنا قبل أن يكسروا صيامهم.. فهذا مقصود وهذا موجه للشعب.. الذى يغضبه أكثر ويحزنه أكثر.. استشهاد الجنود قبل أن يفطروا!.
والثانية.. أرادوها فتنة بين جماهير أكبر نادٍ هو الأهلى.. ومدينة بأكملها هى بورسعيد!. الهدف هنا هدفان.. الأول.. الإيحاء بأن المجلس العسكرى غير قادر على حماية المصريين.. والثانى.. إلصاق التهمة بالجيش!.
طيب «نِعْقِلْها» معًا.. المجلس العسكرى المسئول عن البلاد.. مصلحته ومصلحة البلاد.. أن يسود مصر الهدوء وأن تنعم مصر بالاستقرار.. أم تحدث كارثة مثل التى حدثت!.
الذى حدث.. عمل مخابراتى.. لإحداث وقيعة وفتنة.. داخل أهم نشاط تربوى وأقصد الرياضة.. وفى القلب منه.. فى الكرة التى تحظى بشعبية المصريين!.
من يومها نار الفتنة لم تخمد!. من يومها نلعب كرة بدون جماهير.. مثل من يمثلون على مسرح.. صالته مقاعدها خالية من المشاهدين.. إلا من عدة كراسى عليها أقارب الممثلين!.
من يومها.. الفتن التى تقودنا للخلاف لا تتوقف!. من يومها.. تعصب غير مسبوق حلّ على الشارع الكروى!. من يومها.. الحد الأدنى من التوافق والاتفاق.. القائم والموجود بين أطراف كرة القدم.. هذا القدر الضئيل من التواصل.. اتنسف.. فاختفت المسئولية وحلت الأفكار والقرارات غير المسئولة..
القوة الناعمة للرياضة.. الوجه المشرق الإيجابى لمصر.. أصبحت قوة خشنة.. هدفها التعصب ومرادها الفتنة وغايتها تجريف الرموز.. وهذا ما وصلنا إليه!.
فى الفن المصيبة أكبر.. لأنه القوة الناعمة الهائلة التى تملكها مصر.. مستهدفة من زمان لأجل تدميرها.. من يوم بيع تراث السينما المصرية!.
الكارثة.. أن الحكومة المصرية التى تتفرج عليهم وهم يشترون أصول كل ما أنتجته مصر من أفلام.. ثم ابتلعت الطعم.. واتخذت القرار.. الذى تمناه كل كاره لمصر!. قررت الحكومة رفع أيديها عن الفن وعن إنتاج الأعمال الفنية الكبيرة.. وعن كل ما له علاقة بالفن!. الحكومة فعلت.. ما فشل أعداء مصر فى فعله!.
الكارهون.. هدفهم إسقاط الفن المصرى من على عرشه.. وهو على العرش.. بالمكان والمكانة التى يحتلها الفنانون المصريون!. هز هذه المكانة.. يأتى بتجريف الرموز الفنية.. وبالأعمال الضعيفة أو أفلام تحت السلم!.
التجريف بدأ من زمن.. والأعمال التجارية حدثت فى أواخر الثمانينيات.. والهجمة التى حدثت وقتها على الاستوديوهات المصرية.. التى أنتجت فى شهرين أو ثلاثة أفلامًا.. أكثر من التى قدمتها طوال تاريخها!.
حملات هجوم وحملات فضائح على النجوم.. وأفلام كلام فارغ مصرية.. والهدف النيل من قوة مصر الناعمة!.
أتوقف وأستشهد.. بواقعة الفيديو الفاضح الأخير الذى ظهرت فيه فتاتان.. فى مشاهد جنسية فاضحة.. وعندما قبضت الشرطة عليهما.. اعترفتا بالواقعة وقالتا إنهما فنانتان!. ماهو الفن.. أصبح مهنة من لا مهنة له.. فيه ناس.. كل علاقتهم بالفن.. أنهم ظهروا فى لقطة ضمن مجموعة بمشهد فى مسلسل أو فيلم.. أو مَنْ يدخلون هذا العالم من «الباب الخلفى» عبر «المخرج الشهير».. بمفاتنهم لا مواهبهم.. لأجل الحصول على لقب فنان!. طيب ليه؟.
لأجل ظهور فيديو غير أخلاقى على تويتر أو الفيسبوك.. لأجل أن يشاهده عشرات الملايين فى مصر وخارجها.. لأجل أن يلعنوا الفن والفنانين.. ولأجل أن ينال من شرف ومكان ومكانة الفن المصرى والفنانين المصريين.. على سلوك مشين.. قامت به فتاتان.. لا أحد يعرف من الذى قال «إنهم فنانين»!.
لأن السيئة تعم.. والبنتان اللتان ظهرتا فى فيديو غير أخلاقى.. أهم شىء فى الموضوع.. أن يقال إنهما فنانتان.. لتبدأ حملة التدمير والتجريف للفن ونجوم الفن!.
هذا ما يجب أن ننتبه إليه ولا ننجرف فيه.. عن قناعة وثقة فى نجومنا ونجماتنا.. والحدوتة الأخيرة فيها كل التوضيح بأن ما جرى مرتب له مع السبق والإصرار!. كيف؟.
المخرج الكبير مع الفتاتين.. والواضح أن الثلاثة وربما هناك آخرون.. لم يكونوا فى قعدة خير!. فتاتان عاريتان أو شبه عاريتين.. يتم تصويرهما بحرفية.. بعلمهما أو بغير علمهما.. والأمر لن يختلف كثيرًا.. لأنهما خلعتا ملابسهما وتعرتا بكامل إرادتهما.. ومستحيل أن يكون بدون علمهما!.
السؤال.. لماذا وصل الشريط إلى تويتر؟.
الإجابة.. لاستمرار الحرب على الفن المصرى ونجومه.. باعتبارهم قوة مصر الناعمة البالغة التأثير.. والمطلوب إسقاطها.. بفضح أبطالها!.
السادة نقابة الممثلين.. شكرًا لما سيكون.. فى التصدى لحملة تجريف النجوم والرموز.. ولحملة تنقية جداول النقابة.. ممن دخلوا الفن من الباب الخلفى.. وكل «كبير» يقف على هذا الباب!.
......................................................
أعمال بياض المبانى من الخارج بعد الانتهاء من بنائها ثم دهانها.. لا هى اختيارية ولا هى حرية شخصية ولا هى رفاهية.. إنما هى بنود إلزامية وإجبارية مفروغ منها فى رخصة البناء.. ولابد من الالتزام بها.. لأنها أول انطباع عن ذوق وتحضر شعب.. وتنعكس سلبًا أو إيجابًا على شعب بأكمله.. لا على مقاول من الباطن أو صاحب عقار!.
مسألة واضحة لا تتحمل وجهات نظر.. أو غض بصر.. إلا أننا تساهلنا فيها وأغفلناها.. وبكل استخفاف تعايشنا معها.. إلى أن فوجئنا بالطوب الأحمر «ينبت» من كل أرض!. الأطوال مختلفة.. والقُبح واحد!. حوائط كاحلة.. لا غَطّى عيوبها بياض.. ولا أضاف لها الدهان لمسة جمال!.
كان يمكن لهذا القبح أن يستمر إلى ما لا نهاية.. لولا ملاحظة وتوجيه من الرئيس السيسى.. لأن يكون المعمار.. إضافة جمالية وعنوان تَحَضُّر!.
«الأهرام» تناولت هذه القضية يوم الأحد الماضى.. بتحقيق للزميل عباس المليجى.. بدأه المهندس محمد أبوسعدة.. رئيس جهاز التنسيق الحضارى بقوله: طلاء العقارات.. يعد لمسة فنية جميلة.. تعكس مستوى حضاريًا راقيًا.. ويجب المشاركة المجتمعية فى تجميل المبانى والشوارع.. وإبراز هويتها المعمارية.. لذلك فإن طلاء العقارات السكنية بلون موحد.. سيبدأ فى القاهرة.. خاصة فى الأماكن السياحية.. لتكون واجهة حضارية مشرفة لمصر أمام الزائرين!.
الدكتور عبداللطيف فرج أستاذ التخطيط العمرانى بهندسة عين شمس.. فى نفس التحقيق قال: تكليفات الرئيس السيسى بالتعامل مع كل العمارات التى لم تقم بطلاء واجهاتها وتوحيد ألوان الواجهات الأربع للمبانى.. تعد خطوة متميزة لإنهاء المشهد غير الحضارى الناتج عن فوضى الألوان وعدم التشطيب.
وبدورى أقول أنا: شىء جميل أن نرى أخطاءنا ونعترف بها ونعمل على إصلاحها.. والأجمل أطرحه على المهندس محمد أبوسعدة رئيس جهاز التنسيق الحضارى.. من خلال هذا التساؤل: هل التنسيق الحضارى.. يقف عند اللون والذوق والشكل.. أم يمتد إلى المضمون.. الذى يلبى احتياجات الإنسان.. نفسيًا وبدنيًا وإنسانيًا؟.
بمعنى أوضح.. إن كان جهاز التنسيق الحضارى.. مهتمًا ويهتم بطلاء العمارات وتوحيد الألوان.. فمن باب أولى وأهم.. أن يهتم بالمضمون الذى يضمن التخطيط المعمارى المتحضر.. الذى يحترم الإنسان ويرعى ويراعى إنسانيته وخصوصيته.. وأول ما يحقق ذلك.. وقف ما هو معمول به.. بتجاهلنا المتعمد لوجود.. المساحة الحَرَم بين كل عمارة وأخرى!. مساحة خلاء تؤمِّن الحرية الشخصية والنفسية للمكان!.
أليس هذا الأمر.. تنسيقًا حضاريًا وإنسانيًا؟. وهو بالفعل كذلك.. وعليه.. على الجهاز إعادة النظر فيما هو معمول به.. ووضع تخطيط يحقق الشق الحضارى المتحضر الإنسانى.. الذى يوفر حَرَمًا.. أرض فضاء بين كل عمارة وأخرى.. ويوفر مساحة أخرى.. أرض فضاء حديقة لكل مجموعة عمارات.. متعة وفائدة.. للعين والنفس والبدن!.
مساحة الأرض الحديقة.. ليست رفاهية أو أرضًا مهدرة.. إنما هى بالغة الأهمية.. تسبق المدرسة والمستشفى فى أهميتها.. لأنها بجانب كونها ضرورة نفسية.. فإنها المكان الأمثل لاستنفاد طاقات هائلة مختزنة فى مراحل الطفولة الأولى.. إن لم تخرج فى نشاط رياضى إيجابى أمامنا وتحت عيوننا.. تحولت إلى قنابل موقوتة.. الله وحده الأعلم بمصيرها!.
الحديقة التى ينظر إليها على أنها مساحة أرض غير مهمة ولا قيمة لها.. وللأسف هذا الفكر قائم للآن.. هذه الحديقة.. هى الملاذ الأخير الباقى.. لأهم نشاط تربوى على الإطلاق.. وأقصد الرياضة!. الكام شجرة وشوية النجيل الأخضر فى زيق الأرض الصغيرة.. هم المكان الأوحد المتبقى.. لوقاية أطفالنا وشبابنا من أخطر أمراض العصر الاجتماعية.. الإدمان والاكتئاب والتطرف!. حديقة صغيرة وسط العمارات.. هى وقاية نفسية ترتاح عليها العين من «جبال» الخرسانة المتلاصقة.. وهى وقاية رياضية.. تستنفد طاقات مختزنة.. وهى علامة تحضر ودليل إنسانية!.
سيدى.. رئيس جهاز التنسيق الحضارى.. أسألك التدخل ونسف المعمول به فى اشتراطات البناء الحالية.. التى سمحت بأكبر جريمة قُبْح عمرانى.. فى القدرة على بناء أكبر وأعلى عدد من الأبراج السكنية فى أقل مساحة أرض.. رغم أننا نعيش على 9% فقط من مساحة مصر!.
الطريق الدائرى عند كارفور.. لو سألتوه هيقول.. يقول إن الموجود فى هذه المنطقة.. لا علاقة له بأى نوع من التخطيط أو التنسيق أو الحضارة!. الموجود.. يتحدى أى معمار بالعالم.. كيفية بناء أكبر عدد من الوحدات السكنية فى أقل مساحة أرض.. بأقل مساحات خالية بين العمارات!.. لأجل أكبر عدد شقق.. بأكبر كثافة بشر.. على أصغر مساحة أرض!.
أكبر عدد بشر.. على أقل مساحة أرض.. فى عدم احترام للنسب العالمية للمساحة الفضاء المطلوبة لكل فرد.. هى عشوائية معمارية.. تتطلب تدخلكم سيدى.. رئيس جهاز التنسيق الحضارى.. وأيضًا!.
أرجوك التدخل لوقف المذبحة ضد الحدائق القائمة بالفعل وسط المبانى السكنية.. لأنها بكل المقاييس جريمة فى حق المصريين.. وآخرها يا سيدى.. جريمة المعادى!.
الذى حدث فى المعادى وللمعادى.. بتجريف وهدم واستئصال.. للتخطيط المعمارى المتحضر الذى أقيمت على أساسه هذه الضاحية فى مطلع القرن الماضى.. ليحقق فى المعادى ما تفتقده القاهرة!. من 100 سنة.. كان فكرهم وتخطيطهم.. كثافة سكانية أقل على أكبر مساحة أرض خضراء!. البيت دورين على 20% من مساحة الأرض وال80% حديقة خضراء.. والشوارع مخططة بتنسيق معمارى وحضارى.. يمنح السيولة ويضمن الراحة.. إلا أن!.
سلو بلدنا.. بقاء الحال من المحال.. إضافة إلى أن الإنسان هو أخطر عدو لنفسه!. مع بداية الانفتاح فى منتصف السبعينيات.. ظهر فى مصر.. عباقرة البحث فى القوانين عن الثغرات التى يمكن استغلالها.. والقدرة على انتهاز أى فرصة تظهر من ثغرات القوانين.. وتطويعها للمصالح الشخصية.. حتى لو كانت على خراب المصلحة العامة!.
البيت «اللى» من دورين وحديقته الكبيرة هو الفرصة وهو الضحية.. وتولع فكرة الضاحية!.
وابتدى.. ابتدى ابتدى المشوار.. الفيلا الدورين بحديقتها الكبيرة وأشجارها الكثيرة.. تتباع وتتهد.. وعلى حديقتها الكبيرة تطلع عمارة أو برج.. وفقًا لشطارة كل واحد.. ويوم بعد يوم وشهر وراء شهر.. البيوت «اللى» من دورين وحديقة.. راحت.. والعمارات والأبراج جاءت لتختفى ملامح الضاحية التى كانت.. اللهم إلا فيلا فلتت هنا.. أو حديقة بقيت هناك.. لكنه بقاء مؤقت إلى أن يجىء أجلها.. وهو قادم قادم.. لأن الفكرة التى أقيمت المعادى على أساسها.. فكرة الضاحية والهدوء والخضرة.. لم تجد الحماية الرسمية من الحكومة.. ووجدت غض بصر عما يحدث لها من التخطيط المعمارى والتنسيق الحضارى!.
غض بصر قائم للآن.. عن الجرائم التى ترتكب فى حق التنسيق الحضارى.. وآخرها جريمة المعادى.. أو الحديقة الخضراء التى اغتالوها بالمعادى!.
القطاع الخاص قام بالواجب.. وكل فيلا أصبحت عمارة.. والقطاع العام.. راح يقلب فى دفاتره القديمة عن أى شبر أرض.. حديقة كانت أو أرضًا متخللات مفروض أن تبقى خلاء.. لأجل البناء عليها.. وعفوًا للتنسيق الحضارى.. وألف رحمة على المساحة الفضاء المفترض توافرها لكل فرد فى أى تخطيط معمارى!.
يحدث هذا فى المعادى وللمعادى.. رغم أن شرق المعادى.. صحراء ممتدة حتى البحر الأحمر فى السخنة.. وكان يمكن للقطاع العام أن يخطط ضاحية أخرى.. على غرار الضاحية التى كانت.. لكنه استسهل وراح يرفع الأبراج والعمارات حول المعادى.. ليُجْهِز عليها.. لأن كل ما تم من امتداد.. المعادى هى طريقه وهى خدماته وهى كهربته ومصدر مياهه.. وهذه الخدمات.. لم تعد قادرة.. لأن المطلوب منها أضعاف أضعاف قدراتها وطاقتها.. ومع ذلك الإصرار قائم!.
منطقة كثافتها السكنية عالية جدًا فى المعادى الجديدة.. عدد عمارات كبير.. تتوسطه حديقة كبيرة.. أشجارها تخطت الثلاثين سنة.. والمعنى أن الحديقة موجودة من ثلث قرن.. باعتبارها حقًا للسكان وليست منحة أو تفضلاً على السكان!. موجودة لأن التخطيط المعمارى والتنسيق الحضارى.. والإنسانية والتحضر وكل ما له علاقة بالعمارة وعلومها.. يلزم وجود الحديقة والمساحات الخلاء.. لكن نقول لمين؟.
من شهر تقريبًا.. فتحت الشركة الحكومية.. حوارًا مفاجئًا من طرف واحد.. الحوار جاء بالبلدوزرات التى اغتالت الحديقة فى ساعات.. واقتلعت أشجارها من جذورها!.
الناس سألت وانصدمت من الإجابة.. قال إيه.. هيبنوا مول مكان الجنينة!. قال يعنى قِلِّة «مولات».. أو «يعنى» المنطقة ناقصة زحام!.
سيدى.. رئيس جهاز التنسيق الحضارى.. فى انتظار تدخلكم وردكم.. دام فضلكم!.
لمزيد من مقالات إبراهيم حجازى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.