تحقيق : هاجر حمزة يقود أهالي المعادي في القاهرة حملة جمع توقيعات من السكان للتعبير عن رفضهم هدم الفيللات التي يتميز بها الحي، ولإعلان رفضهم تشويه هوية المعادى المعمارية والتراثية المميزة، والتصدي لمحاولات تحويل الفيللات إلى أبراج وكتل أسمنتية، ونجحت الحملة حتى الآن في جمع أكثر من ألفي توقيع، لتقديمها إلى المسؤولين بدءا من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير الإسكان ومحافظ القاهرة ورئيس جهاز التنسيق الحضاري، لمنع تراخيص هدم الفيللات. ويتميز أحد أهم الأحياء الراقية والتاريخية بالقاهرة بأنه كان مقصدا للجاليات الأجنبية والسفارات منذ إنشائه عام 1904، حيث يمتاز الحى بشوارعه الهادئة المليئة بالأشجار، إضافة إلى طابع معماري وجمالي فريد، ويمثل جزءا من تراث وتاريخ القاهرة وتحتفظ جدران الفيللات به بشواهد على تاريخ بنائها وأسماء ملاكها، إلا أن الحي تحول خلال السنوات الماضية إلى ساحة للهدم والبناء وتحولت كثير من فيللاته إلى أطلال، وتغير نمط المنطقة وطرزها المعمارية الخاصة إلى عمارات وأبراج سكنية عصرية تغلب عليها النزعة التجارية، وخلال عام 2016 فقط تم هدم 14 فيللا، ويترقب سكان المعادي حصول 30 فيللا أخرى على تراخيص هدم، وهو ما يترتب عليه القضاء على البنية العمرانية المتميزة للحي بالإضافة إلى تقطيع الأشجار والقضاء على المساحات الخضراء من أجل بناء عمارات سكنية. تقول المهندسة أسماء الحلوجى، مدير جمعية محبي الأشجار بالمعادي، فى ل"البديل"، إن أهالى المعادي يرفضون التعدي الصارخ على الحي والهجمة الشرسة لهدم العديد من الفيلات حتى تحولت الضاحية إلى أطلال حث بلغ عدد الفيلات المهدمة الى 14 فيلا خلال العام الجارى، بل نترقب حصول 30 فيلا أخرى على تراخيص هدم، لصالح حفنة قليلة من المقاولين كي يزدادوا ثراء على حساب سكان المعادي. أضافت أن سكان المعادي يستغيثون بكل الجهات المسؤولة بالدولة لإنقاذهم مما يحدث بها حاليا من تعد صارخ على بنيتها العمرانية والجمالية، وبنيتها الأساسية من مرافق وصرف صحي ومياه وكهرباء. وأوضحت أن المعادي من الضواحي ذات الطابع الخاص بمحافظة القاهرة حيث تميزت بالهدوء وكانت دائما الاختيار الأول للجاليات الأجنبية للسكن بها منذ إنشائها عام 1904، ونظرا للطبيعة المعمارية والجمالية والطابع العمراني والمعماري الفريد تم اعتبارها منطقة ذات قيمة متميزة طبقا للقانون رقم 119 لسنة 2008 . وأشارت إلى أن المعادي كانت دائما تتميز بفيلات ذات دور واحد أو اثنين ونسبة بناء ضئيلة وشوارع ضيقة تظللها الاشجار وبعد هذا العدد الكبير من الفيلات التى تم هدمها في الفترة الأخيرة، وبناء عمارات بنسب بناء أعلى حيث دمرت الحدائقوهو ما ترتب عليه زيادة الكثافة السكانية بشكل لم يتم وضعه في الاعتبار عند تصميم المرافق، إضافة إلى زيادة في أعداد السيارات بالشوارع الضيقة وهذا يسبب كارثة على المرافق وزحاما مروريا مرعبا. وطالبت الحلوجي بوقف ترخيص هدم أي فيلا في المعادى ومنع تراخيص مبان جديدة، مشيرة إلى القانون 106 لسنة 1976 ولائحته التنفيذية لتوجيه وتنظيم أعمال البناء، والمعدل بالقانون 101 لسنة 1996 ولائحته التنفيذية بقرار وزير الإسكان والمرافق برقم 268 لسنة 1996 في الفصل الثاني مكررالخاص بالاشتراطات البنائية في منطقة المعادي التي تنص على أنه لايجوز أن تزيد المساحة المبدئية على 50% من مساحة الأرض المرخص البناء عليها ويكون الحد الأقصى لارتفاع البناء 3 أدوار متكررة فوق الأرضي أو مثل عرض الطريق أيهما أقل، وهي الاشتراطات التي منحتها المحكمة الدستورية العليا قوة القانون و"حقوق ارتفاق لا يجوز مخالفتها" وذلك في الحكم رقم 55 لسنة 88 قضائية بجلسة 22 -3-1997. ومن جانبها قالت ليلى حسين، رئيس اتحاد شاغلي سرايات المعادي، ل"البديل"، إن أهالي المعادي في حالة استياء شديد من التدهور والإهمال الذي أصاب ضاحيتهم التي ينتمون إليها منذ عشرات السنين، مؤكدة أن الاتحاد نجح فى جمع 2000 توقيع لرفض هدم الفيلات وتشوية هوية المعادي الحضارية والمعمارية والتراثية وتحويل الفيلات إلى أبراج وكتل أسمنتية، مؤكدة أنهم سيتقدمون بهذه التوقيعات لكل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزيري العدل والإسكان ومحافظ القاهرة ورئيس جهاز التنسيق الحضاري. وأضافت أنها تخشى أن يكون مصر المعادى كمصير الدقي والزمالك ومناطق بالإسكندرية بعد أن تحولت إلى أبراج سكنية وتم هدم الفيلات ذات الطراز المعماري الفريد بها، مؤكدة أن المعادى تمثل آخر نموذج فريد في العمران المصري بل هي المدينة السكنية الحدائقية الوحيدة بمصر والتى اتسمت طوال تاريخها بكثافة المناطق الخضراء والتشجير الكثيف الذى يجعلها أشبة بغابة حضرية والمناطق الخضراء المفتوحة. وأكدت أن أهالي المعادي لم يتخلوا عنها من خلال مبادرات أهلية وجمعيات المجتمع المدني، مشيرة إلى نجاح اتحاد سرايات المعادي في الحفاظ على الضاحية من خلال سد العجز الذي تعاني منه ميزانية الحي بالقيام بعمليات التشجير وإقامة الجزر الوسطى ورصف الطرق لأكثر من 20 ألف متر، والصيانة الشهرية وتحمل نفقات "الجنانينية" وهى كلها مبادرات تعكس حرص السكان وانتماءهم للمعادي وخوفهم عليه. من جانبها، قالت الدكتورة جيهان عبد الرحمن، نائب محافظ القاهرة للمنطقة الجنوبية، ل"البديل" إن الفيلات التي تم هدمها خلال عامي 2016-2017 لا تنطبق عليها شروط التراث المعماري التي يضعها الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، ومن ثم هذه الفيلات بمثابة مليكات خاصة لأصحابها من حقهم التقدم للحصول على رخص لهدمها، ونفت إعطاء أي رخص هدم، موضحة أن المحافظة أوقفت تماما رخص هدم الفيلات مستقبلا. وعن تورط بعض موطفي الإدارة الهندسية بالمحافظة وتعمد إخفاء الوثائق التي تؤكد تاريخية الفيلات للتهسيل على الملاك هدمها، نفت عبد الرحمن، هذه الاتهامات، وقالت: من يملك دليلا على هؤلاء الموظفين يتقدم به. وقال العميد عمرو فكري، رئيس حي المعادي، ل"البديل"، إنه يقدر حزن سكان المعادي وانتماءهم لهذه الضاحية العريقة ورغبتهم في الحفاظ على الشكل التراثي الذي اعتادوا عليه منذ عشرات السنين، وإنه يتابع حملة توقيعات السكان الرافضة لهدم الفيلات، إلا أنه في الوقت نفسه لا يمكنه مخالفة الدستور والقانون الذي يحمي حقوق الملكية الخاصة. وأوضح أن كل رخص هدم الفيلات التي وصل عددها إلى 5 فيلات خلال العام الجاري مرت على لجان للفحص بالمحافظة لمعرفة ما إذا كانت تنطبق عليها شروط الجهاز القومى للتنسيق الحضارى أم لا، مؤكدا أن الحى لم يعط أي رخصة هدم لفيلا تاريخية على الإطلاق، وفقا لقانون 144 لسنة 2016 الذي يحظر هدم أي مبان ذات طراز معماري متميز أو عمراني فريد. من ناحية أخرى، هاجم كابتن وجدان فاضل، أحد ملاك الفيلات ويريد هدمها، حملات جمع التوقيعات الرافضة لهدم الفيلات، قائلا "محدش يزايد علينا، نحن سكان المعادي الأصليين جاء أبي الى هنا منذ عام 1927، من حقي والدستور يحمي الملكية الخاصة أن أطالب بهدم فيلتي أو بيعها طالما ليست تاريخية أو ذات طراز معماري تراثي فهي فيلا بنيت عام 1962 بمنطقة دجلة بالمعادى، وقمنا كعائلة بتأجيرها لفترات طويلة ولكن لا نجد لها مستأجرا الآن وتوقف الإيجار منذ يناير 2017، ولذا من حقى أن أستثمر أموالي بطريقتي الخاصة وسوف أرفع قضية في مجلس الدولة ضد هذا التعسف ومنعي من التصرف في أموالي".