عادةً ما يكون اسمه أشرف.. شريف, وأحياناً نبيل.. صادق, وفى بعض الأحيان مؤمن.. نزيه..غير أن كل هؤلاء ذوى سمات شخصية واحدة تجمعهم ملامحها.. يستترون وراء اسمائهم فربما تعكس حروفها صفات يفتقدونها تماما فهم ليسوا أمناء ولا شرفاء وهذا لا يمنع بالتأكيد تظاهرهم بذلك فهم فى حقيقتهم فاسدون منحرفون ومرتشون على الرغم من حرصهم الدائم على ضبط مؤشر الراديو على محطة القرآن الكريم أمام الجميع.. ويسارعون للصلاة وقت الأذان ويتعمدون أن يراهم من يحيطون بهم وهم يقطرون ماءً إثر وضوئهم.. يبدأون أى حوار بالسلام عليكم ورحمة الله ويصّرون على حشد عدد من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة خلاله!. الكثيرون ينخدعون دائما فى هيئتهم ويعتقدون أنهم من الأتقياء الصالحين الذين لا تعلق بهم أى شائبة، غير أنه فى لحظة اقتحام ضباط الرقابة الإدارية أماكن وجودهم يكتشف هؤلاء المحيطون بهم أى خدعة وقعوا فيها وعاشوا خلالها وهمأ باعتبار أن هؤلاء فى حقيقتهم أهل للضلال!. وإذا كان الرأى العام قد اعتاد على مشهد المرتشى وهو يفتح أدراج مكتبه ليلقى فيها طالب الخدمة قيمة الشاى أو الإكرامية وأن مواطن الفساد قد تمركزت فى المؤسسات الخدمية والشعبية, وفى شخوص مسئولين كبار, كما جرى قبل فترة, إلا أنه يبدو أن حتمية التطور قد لحقت بهذا المشهد وأبدلته تماما سواء من ناحية قيمة الرشوة أو اسلوب فرضها بصفة دورية وأن فيروس الفساد قد تسلل إلى مواقع أخري, إذ إن أيام الاسبوع الماضى شهدت مهرجاناً لضبط أباطرة الرشوة بالصوت والصورة فى مواقع لم يتخيل أحد أن شاغليها تحت مستوى الشبهات!. قبل اسبوع ضبط صقور الرقابة الإدارية عميد إحدى الكليات الجامعية، ومدرسا مساعدا بالكلية نفسها، لتقاضى الأول 50 ألف جنيه، على سبيل الرشوة من الثانى نظير موافقته على استمراره فى العمل بالتدريس بأحد البرامج بنظام الساعات المعتمدة، وندب زوجته هى الأخرى للعمل بذات البرنامج والسماح لها ببيع كتاب المادة للطلاب ولم لا؟! فيبدو أن السيد العميد كان ينظم جمعية شارك فيها المدرس وزوجته بنفرين!. وكشفت التحقيقات عن أن العميد دأب على تقاضى هذه الرشوة فى بداية كل تيرم جامعي, وهو ما يبدو مظهرا من مظاهر تنظيم العمل!. وقبل أن تمر ساعات قليلة على واقعة السيد العميد, ضبط رجال هيئة الرقابة الإدارية دكتورا مهندسا بإحدى الكليات الجامعية أيضا لحظة تقاضيه 50 الف جنيه على سبيل الرشوة من مندوب شركة خاصة كبرى تعمل فى مجال توريد الأجهزة الطبية، مقابل اسناده الاعمال للشركة واعتماده قرارات لجان مراجعة توريدات الأجهزة لأحد مراكز الجامعة!. بالطريقة نفسها الدورية لتقاضى الرشوة كشفت التحريات عن أن المتهم اعتاد تلقى هذه القيمة على دفعات من اجمالى مبلغ نصف مليون جنيه يمثل نسبة 1% من قيمة عقود التوريد!. ولأننا لا نزال داخل الحرم الجامعي, فقد جرى ضبط استاذ دكتور متفرغ بقسم إدارة الاعمال بكلية التجارة جامعة قناة السويس، بعد تورطه فى الحصول على «رشاوى » ومنح مقابل منح أحد الباحثين درجة الدكتوراة دون وجه حق وهو ما قررت معه النيابة العامة حبسهما وحجز رسالة الدكتوراة. فإذا كانت هذه الجرائم قد طالت التعليم الجامعى ورجاله فكيف يأمن المواطن على أن يشارك مثل هؤلاء فى تشكيل وجدان وقيم الابن الأخلاقية وخاصة أنه بالكاد قد أنهى تعليمه الثانوى قبل أيام قليلة؟! صحيح أن هذه الأحداث مجرد مثالب فردية إلا أنها تؤثر سلبيا على مجمل الصورة الذهنية للتعليم الجامعى أمام الرأى العام. يومان أو ثلاثة هى الفترة الزمنية التى تفصل بين هاتين الواقعتين وواقعة أخرى ضبطت خلالها الرقابة رئيس إدارة مركزية بالهيئة العامة للطرق والكباري، حال تقاضيه 30 جنيها ذهبية على سبيل الرشوة، من صاحب شركة خاصة تعمل فى مجال الدعاية والإعلان مقابل اصدار تراخيص إعلانات فى عدة أماكن مميزة على الطريق الدائرى ومحاوره، إذ اعتاد المتهم أيضاً على تلقيه كميات من العملات الذهبية من صاحب الشركة بما تجاوز قيمتها الف جنيه.. فماذا عن تصرفات المتهم عند اسناد رصف الطرق إلى أحد المقاولين وبعدها الاستلام وفق المواصفات القياسية؟!.أعلم أن هناك من سينتهز هذه الأحداث ليشن هجوما شرساً على الظروف الاقتصادية الصعبة التى نمر بها وأدت إلى تنامى الفساد, غير أن الحقيقة تؤكد أن زمن التستر على فاسد مهما كان موقعه قد انتهى بل إن من كان يمثل مظلة الحماية للفاسدين قد أدين هو نفسه بواقعة فساد اشتهرت بعنوان أموال القصور الرئاسية.. ولك يا أحلى اسم فى الوجود ولأبنائك الشرفاء الحقيقيين السلامة دائماً. لمزيد من مقالات عبد العظيم درويش