رغم أن مهرجان برلين السينمائى الدولي، قد شهد فى دورته ال69 عرض العديد من الأفلام المتميزة التى تنتمى لسينمات من مختلف بلدان العالم، ومع الحضور الضعيف للسينما العربية فى المسابقات والفعاليات الموازية (لم يكن هناك فيلم عربى فى المسابقة الرسمية)، إلا أن دولة السودان سجلت حضورا مميزا من خلال مسابقة الأفلام الوثائقية. فقد حصد الفيلم السودانى الوثائقي «الحديث عن الأشجار» للمخرج صهيب جاسم البرى الذى عرض فى قسم البانوراما جائزة أفضل فيلم وثائقي، وتدور أحداثه حول رحلة 4 أعضاء من نادى السينما السودانى القدامى الذين يحاولون إحياء تراث السينما السودانية. ويضم الفيلم أحاديث عن ذكرياتهم وعملهم السابق وكيف كانت الأجواء وهى المحملة بالحنين لواقع كان يحمل الكثير من الآمال والطموحات. كما شهدت الفعاليات المختلفة عرض خمسة أفلام سودانية أخرى حملت جميعها لافتة كامل العدد، ومن ضمنها فيلم «أوفسايد الخرطوم» للمخرجة مروة زين الدين عرض ضمن برنامج «فورم»، والفيلم رغم بساطته فإنه يثير الجدل والإعجاب فى آن واحد خصوصا أنه يتناول حلم عدد من الفتيات اللاتى يعشن حياة متواضعة بتشكيل فريق لكرة القدم النسائى فى دولة يحتل منتخبها لكرة القدم مركزاً متأخراً قياسا للعديد من المنتخبات الإفريقية. واستهلت المخرجة مروة زين فيلمها «أوفسايد الخرطوم» برسالة تقول «نحن النساء محرومات من صناعة الأفلام أو لعب كرة القدم فى المجتمع» فى محاولة منها لإلقاء الضوء على وضع المرأة السودانية التى تعانى فى الكثير من المجالات، ونجحت مروة فى اختيار نماذج لفتيات مبتهجات رغم الظروف، لا يملكن سوى الحلم وصورت شجاعتهن في «أوفسايد الخرطوم» وكان من الممكن ان تكون مروة زين أن تكون أكثر عمقا لو ركزت أكثر مع شخصية أو شخصيتين من فتيات الفريق، ومنحتنا لحظات كاملة من الدخول إلى عالمهن، وما يحلمن به أيضا على المستوى الإنسانى والشخصي، ولكن يبدو أن حلم الفريق النسائى كان شغفها الأكبر لما يحمله من تمرد فعلى على واقع مفروض، وقد تكون صعوبات التصوير التى صادفتها مروة قد حالت بينها وبين ذلك. «ورغم أن السودان يشهد تراجعًا أكبر بكثير من تصنيفه العالمى لكرة القدم، حيث يحتل المرتبة ال172 من أصل 180 دولة فى مؤشر الشفافية الدولية فإن هؤلاء الفتيات لم يتوقفن عن حلمهن، رغم قسوة الواقع وصعوبة ما يتعرضن له.