تؤسس القمة العربية الأوروبية التى عقدت بشرم الشيخ لمرحلة جديدة من العلاقات بين الجانبين وفق إطار مؤسسى تمثله القمة التى تعقد بشكل دورى كل ثلاث سنوات، وبما توفره من آليات للتفاهم والحوار المباشر بين زعماء العالمين العربى والأوروبى حول القضايا والتحديات وسبل تفعيل وتطوير العلاقات بينهما فى مختلف المجالات. ولاشك أن المنطقة العربية وأوروبا تواجه تحديات مشتركة خاصة فيما يتعلق بقضايا الإرهاب والهجرة غير المشروعة واستمرار الصراعات والحروب، وأنه لا يمكن لدولة بمفردها أن تواجه تلك التحديات وأنه لابد من تكاتف وتعاون العالمين العربى والأوروبى لمواجهة تلك الأخطار. توفر القمة العربية الأوروبية مسارين من التعاون بين الجانبين، المسار الأول، التكاتف لمواجهة خطر الإرهاب وذلك عبر المواجهة الشاملة التى طرحها الرئيس السيسى وتركز على المواجهة الأمنية والفكرية والتنموية واتخاذ مواقف رادعة ضد الدول التى ترعى وتمول وتدعم الإرهاب لوجيستيا وماليا، وتوفر حاضنات وأبواقا إعلامية له, والعمل على منع تسلل العناصر الإرهابية عبر الحدود بين الدول. كذلك مواجهة الهجرة غير المشروعة عبر المنظور التنموى الذى يرتكز على معالجة أسباب تلك الظاهرة وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، كذلك تسوية الصراعات والأزمات فى المنطقة العربية التى تمثل مصدرا للهجرة غير المشروعة كما أنها أيضا تمثل بيئة مواتية لنمو الإرهاب والتنظيمات الإرهابية، وتسوية تلك الأزمات تكون عبر حلول سياسية توافقية وتدعيم الدولة الوطنية ومؤسساتها الشرعية. أما المسار الثاني, فهو تفعيل وتطوير أوجه التعاون الاقتصادى والسياسى والثقافى والذى تفرضه ضرورات الجوار الجغرافى والتاريخ العميق من التفاعل الحضارى وتعظيم الفرص الاستثمارية بينهما فى المجالات المختلفة، ولاشك أن تشبيك المصالح الاقتصادية بين العرب وأوروبا يسهم فى تحويل منطقة الشرق الأوسط من منطقة صراعات وأزمات إلى منطقة مزدهرة اقتصاديا ومستقرة سياسيا. إن كلا من أوروبا والعرب فى حاجة إلى الآخر، وإن تعميق الشراكة الحقيقية على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية سوف ينعكس بالإيجاب على شعوب المنطقتين كما أنه سيسهم فى مواجهة التحديات ويؤسس لمرحلة جديدة من التعاون الذى يرتكز على المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة. لمزيد من مقالات رأي