فلسطين.. آليات عسكرية إسرائيلية تقتحم المنطقة الشرقية في نابلس    الزراعة: منافذ الوزارة تطرح السلع بأسعار أقل من السوق 30%    مع ارتفاع حراراة الجو.. كيف تحمي نفسك داخل سيارتك    «زي النهارده».. استقالة الشيخ محمد الأحمدي الظواهري من مشيخة الأزهر 26 أبريل 1935    علقة موت، تعرض محامية للضرب المبرح من زوج موكلتها وآخرين أمام محكمة بيروت (فيديو)    "مواجهات مصرية".. ملوك اللعبة يسيطرون على نهائي بطولة الجونة للاسكواش رجال وسيدات    بعد تطبيق التوقيت الصيفي.. تعديل مباراة الأهلي ضد مازيمبى رسميا في نصف نهائى دورى الأبطال    سيد معوض يكشف عن رؤيته لمباراة الأهلي ومازيمبي الكونغولي.. ويتوقع تشكيلة كولر    رمضان صبحي يصدم بيراميدز ويستبعده من المنافسة على الدوري    نقابة محاميين شمال أسيوط تدين مقتل اثنين من أبنائها    ليلى زاهر: جالي تهديدات بسبب دوري في «أعلى نسبة مشاهدة» (فيديو)    عاجل - بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024 فعليًا.. انتبه هذه المواعيد يطرأ عليها التغيير    مواقيت الصلاة بالتوقيت الصيفي .. في القاهرة والإسكندرية وباقي محافظات مصر    ذكري تحرير سيناء..برلماني : بطولات سطرها شهدائنا وإعمار بإرادة المصريين    مفاجأه نارية.. الزمالك يكشف تطورات قضية خالد بوطيب    هاني حتحوت يكشف تشكيل الأهلي المتوقع أمام مازيمبي    هاني حتحوت يكشف كواليس أزمة خالد بوطيب وإيقاف قيد الزمالك    "حزب الله" يعلن ضرب قافلة إسرائيلية في كمين مركب    «عودة قوية للشتاء» .. بيان مهم بشأن الطقس اليوم الجمعة وخريطة سقوط الأمطار    عاجل - تطورات جديدة في بلاغ اتهام بيكا وشاكوش بالتحريض على الفسق والفجور (فيديو)    عيار 21 يسجل هذا الرقم.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 26 أبريل بالصاغة بعد آخر انخفاض    فيلم «النداء الأخير- Last C all» يختتم حفل افتتاح مهرجان الإسكندرية القصير الدورة 10    أحمد كشك: اشتغلت 12 سنة في المسرح قبل شهرتي دراميا    عاجل - محمد موسى يهاجم "الموسيقيين" بسبب بيكا وشاكوش (فيديو)    القومي للأجور: قرار الحد الأدنى سيطبق على 95% من المنشآت في مصر    بقيمة 6 مليارات .. حزمة أسلحة أمريكية جديدة لأوكرانيا    بعد تطبيق التوقيت الصيفي.. تعرف على جدول مواعيد عمل محاكم مجلس الدولة    هل المقاطعة هي الحل؟ رئيس شعبة الأسماك في بورسعيد يرد    كل سنة وكل مصري بخير.. حمدي رزق يهنئ المصريين بمناسبة عيد تحرير سيناء    أحمد أبو مسلم: كولر تفكيره غريب وهذا تشكيل الأهلي المتوقع أمام مازيمبي    حلقات ذكر وإطعام، المئات من أتباع الطرق الصوفية يحتفلون برجبية السيد البدوي بطنطا (فيديو)    أنغام تبدأ حفل عيد تحرير سيناء بأغنية «بلدي التاريخ»    هل العمل في بيع مستحضرات التجميل والميك آب حرام؟.. الإفتاء تحسم الجدل    عاجل - "التنمية المحلية" تعلن موعد البت في طلبات التصالح على مخالفات البناء    رئيس الشيوخ العربية: السيسي نجح في تغيير جذري لسيناء بالتنمية الشاملة وانتهاء العزلة    سرقة أعضاء Live مقابل 5 ملايين جنيه.. تفاصيل مرعبة في جريمة قتل «طفل شبرا الخيمة»    استشاري: رش المخدرات بالكتامين يتلف خلايا المخ والأعصاب    الأقصر.. ضبط عاطل هارب من تنفيذ 35 سنة سجنًا في 19 قضية تبديد    حكايات..«جوناثان» أقدم سلحفاة في العالم وسر فقدانها حاستي الشم والنظر    قيادي بفتح: عدد شهداء العدوان على غزة يتراوح بين 50 إلى 60 ألفا    المحكمة العليا الأمريكية قد تمدد تعليق محاكمة ترامب    السعودية توجه نداء عاجلا للراغبين في أداء فريضة الحج.. ماذا قالت؟    الدفاع المدني في غزة: الاحتلال دفن جرحى أحياء في المقابر الجماعية في مستشفى ناصر بخان يونس    فيديو جراف| 42 عامًا على تحرير سيناء.. ملحمة العبور والتنمية على أرض الفيروز    حظك اليوم.. توقعات برج الميزان 26 ابريل 2024    لوحة مفقودة منذ 100 عام تباع ب 30 مليون يورو في مزاد بفيينا    مخرج «السرب»: «أحمد السقا قعد مع ضباط علشان يتعلم مسكة السلاح»    أنغام باحتفالية مجلس القبائل: كل سنة وأحنا احرار بفضل القيادة العظيمة الرئيس السيسى    «اللهم بشرى تشبه الغيث وسعادة تملأ القلب».. أفضل دعاء يوم الجمعة    خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف مكتوبة 26-4-2024 (نص كامل)    طريقة عمل الكبسة السعودي بالدجاج.. طريقة سهلة واقتصادية    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    يقتل طفلًا كل دقيقتين.. «الصحة» تُحذر من مرض خطير    مجلس جامعة الوادي الجديد يعتمد تعديل بعض اللوائح ويدرس الاستعداد لامتحانات الكليات    بالفيديو.. ما الحكم الشرعي حول الأحلام؟.. خالد الجندي يجيب    عالم أزهري: حب الوطن من الإيمان.. والشهداء أحياء    قبل تطبيق التوقيت الصيفي، وزارة الصحة تنصح بتجنب شرب المنبهات    6 نصائح لوقاية طفلك من حمو النيل.. أبرزها ارتداء ملابس قطنية فضفاضة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السيسى فى كلمته بمناسبة تسلم رئاسة الاتحاد الإفريقى : إفريقيا قطعت شوطا طويلا وتعمل جاهدة على ترسيخ الأمن والاستقرار

* مكافحة الإرهاب تتطلب تحديد داعميه ومموليه ومواجهتهم فى إطار جماعى
* أدعو لوضع خطط عمل تُحصن الدول الخارجة من النزاعات ضد أخطار الانتكاس
* المرأة الإفريقية العظيمة تستعيد دورها المحورى فى الإسهام بقيادة قارتنا
* نسعى لمواصلة الإصلاح الهيكلى والمؤسسى للاتحاد الإفريقى لتلبية طموحات شعوبنا
* انتشار النزاعات وقسوة الفقر وشح المياه وتفشى الجفاف عوامل تدفع البشر لفراق ديارهم

أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى أهمية ترسيخ مبدأ «الحلول الإفريقية للمشكلات الإفريقية»، باعتباره السبيل الوحيد للتعامل مع التحديات المُشتركة التى تواجه دول القارة الإفريقية، مشيرا إلى أن القارة أكثر قدرة على فهم تعقيدات مشاكلها وخصوصية أوضاعها ومن ثم أقدر على إيجاد حلول ومعالجات جادة وواقعية تُحقق مصالح شعوبها وتصونها من التدخل الخارجى والسقوط فى براثن الأنماط المبتكرة والمُعاصرة من الاستغلال، تلك الأنماط المعاصرة التى لا تلائم واقعها.
وقال الرئيس السيسي، فى كلمته بمناسبة تسلم رئاسة الاتحاد الإفريقى خلال الجلسة الافتتاحية للدورة العادية ال32 لقمة الاتحاد الإفريقي، إنه بالرغم من الجهود الحثيثة للسيطرة على النزاعات بالقارة ومحاصرتها، وخطتنا الطموحة لإسكات البنادق فى كافة أرجاء القارة بحلول عام 2020، فلا يخفى عليكم أن الطريق أمامنا لا يزال طويلاً لإنهاء الاقتتال فى إفريقيا، وعلينا أن نستمر فى السعى سوياً لطى تلك الصفحة الأليمة من تاريخ النزاعات فى إفريقيا، والتى نالت من آمال التنمية بالقارة.
وأضاف الرئيس أن إفريقيا استطاعت أن تقطع شوطاً طويلاً، واستطاعت دول القارة تحقيق الكثير من الأحلام، وتغلبت على العديد من العقبات وواجهت ما استجد من تحديات، وتخلصت من الاستعمار وإن بقيت آثاره ورواسبه، وما زالت دول القارة تعمل جاهدة على ترسيخ مقومات السلام والأمن والاستقرار، وعلى تحقيق التكامل الاقتصادى والاندماج القارى لدول القارة وشعوبها، سعياً نحو بناء الإنسان الإفريقي.
وأكد الرئيس أن الفهم المشترك والاحترام المتبادل بين دول القارة جميعاً هو أعظم قوة دافعة تمنحها للاتحاد الإفريقي، وأنه بتعميق إرادة دول القارة المتحدة يستطيع عمل دول القارة المشترك أن ينطلق نحو كل الآفاق التى تستهدفها وتتطلع إليها. مستشهدا بجملة قالها الزعيم الغانى الراحل كوامى نكروما «فى انقسامنا ضعف، وفى اتحادنا يمكن لإفريقيا أن تصبح واحدة من أعظم القوى فى العالم».
وأشار إلى أن الإرهاب سيظل سرطاناً خبيثاً يسعى للتغلغل فى أجساد الأوطان الإفريقية ، ويهاجم مفاصل الدولة الوطنية، ويختطف أحلام الشعوب وأبنائها، مؤكدا أن مكافحة الإرهاب بشكل شامل تتطلب تحديد داعميه ومموليه، ومواجهتهم سوياً فى إطار جماعى وكاشف، ومع إدراك دول القارة لصعوبة تلك المعركة وتعقيدها، تظل هى الطريق الأمثل لاجتثاث جذور الإرهاب والقضاء عليه، ولا يُقلل ذلك من حتمية دحض سموم التطرف التى تُفرز الإرهاب، وضرورة تعزيز مؤسسات الدولة الوطنية الحامية والقوية.
ودعا الرئيس قادة إفريقيا للعمل معاً على إعادة إحياء وتفعيل سياسة القارة الإطارية لإعادة الإعمار والتنمية فى مرحلة ما بعد النزاعات، وتساهم فى التئام جروح مجتمعاتها.
وأكد الرئيس أن المرأة الإفريقية العظيمة تستعيد يوما تلو الآخر دورها المحورى فى المساهمة فى قيادة قارتنا، موجها إليها تحية تقدير وإعزاز، لما تحملته وما زالت من التصدى لويلات الحروب بالصبر، والتغلب على ندرة الموارد بالجهد، قائلا : «أمامكن الأُفق مضىء إلى مُنتهاه، لا يوجد ما يمنعكن من تحقيق آمالكن وترسيخ قيادتكن، فقط عليكن مواصلة الجهد والعمل والتسلح بالعلم والإرادة، وعلينا نحن أن نفتح جميع الأبواب أمام تحقيق آمال وأحلام المرأة الإفريقية ».
كما وجه الرئيس الدعوة باسم إفريقيا إلى مؤسسات القطاع الخاص العالمية والشركات الدولية مُتعددة الجنسيات للاستثمار فى القارة، مشيرا إلى أن أسواق إفريقيا مفتوحة والظروف الاستثمارية مُهيأة وأيادى دول القارة ممدودة للتعاون وأراضيها غنية بالفرص والثروات، ولديها الثروة البشرية، وعزمها على بناء مُستقبل قارتها فى شتى المجالات لا يلين.
وطالب مؤسسات التمويل الدولية والقارية والإقليمية بأن تضطلع بدورها فى تمويل التنمية بإفريقيا، وتوفير الضمانات المالية لبناء قُدرات القارة بما يُسهم فى تعزيز التجارة وزيادة الاستثمار، مشيرا إلى أنه آن الأوان لكى تُفكر تلك المؤسسات بشكل مُختلف تجاه إفريقيا، وتقدم شروطاً ومعايير مرنة تسهم فى تحقيق الدول الإفريقية لأحلامها باللحاق بركب التقدُم والتحديث والتنمية المُستدامة.

وفيما يلى نص الكلمة:

بسم الله الرحمن الرحيم
أصحاب الجلالة والفخامة والمعالي... ملوك ورؤساء الدول والحكومات الإفريقية،
صاحب الفخامة رئيس دولة فلسطين الشقيقة،
الإخوة والأخوات،
السيدات والسادة،
اسمحوا لى أن أستهل كلمتى بالإعراب عن الامتنان والتقدير لأخى رئيس الوزراء آبى أحمد، وشعب إثيوبيا الشقيق على ما لمسناه من كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال، كما أتقدم بالشكر لأخى فخامة الرئيس بول كاجامى على ما بذله من جهود صادقة لدفع العمل الإفريقى المُشترك وعلى جهده الدءوب خلال توليه رئاسة الاتحاد الأفريقي، وما تحقق بالتبعية من تقدم ملحوظ على صعيد إصلاح الاتحاد الأفريقي، بما يجعله أكثر قدرة على إنجاز المسئوليات الهامة الموكلة إليه فى ظل أوضاع إقليمية ودولية دقيقة تتشابك فيها التحديات والمخاطر التى تجابه المصالح الإفريقية ، وأؤكد أن مصر ستعمل جاهدة على مواصلة الطريق الذى بدأناه سوياً للإصلاح المؤسسى والهيكلى والمالى للاتحاد، واستكمال ما تحقق من إنجازات، ترسيخاً لملكية الدول الأعضاء لمنظمتهم القارية، وسعياً نحو تطوير أدوات وقُدرات الاتحاد ومفوضيته لتلبية تطلعات وآمال الشعوب الإفريقية .
كما أعرب عن خالص التهانى لفخامة الأخ الرئيس سيريل رامافوزا، رئيس جمهورية جنوب إفريقيا، بمناسبة اختياره لتولى رئاسة الاتحاد الإفريقى عام 2020، وكلى إيمان أن تعاوننا كترويكا رئاسة الاتحاد سيدعم الاستمرارية والمؤسسية فى إطار العمل الإفريقى المُشترك، ويُعزز من تضامننا الأفريقي.
ويُسعدنى كذلك أن أُرحب بالقادة الأفارقة الذين يترأسون وفود بلادهم للمرة الأولى باجتماعات قمة الاتحاد الأفريقي، مُهنئاً إياهم بثقة شعوبهم، ومتمنياً لهم خالص التوفيق والسداد فى مهامهم، ومُتطلعاً للتعاون معهم لتعزيز العمل الإفريقى المُشترك.
السيدات والسادة،
أود أن أتوجه بالشكر لأصحاب الجلالة والفخامة والمعالى على الشرف الرفيع والثقة الغالية التى أوليتموها إلى مصر لقيادة دفة الاتحاد الإفريقى خلال عام 2019، الذى يمثل قمة العمل الإفريقى المشترك، والذى تجلى فى أبهى صوره فى ثورات التحرر الوطنى فى إفريقيا منذ خمسينيات القرن الماضي، حين عكفت مصر على تصدر الكفاح السياسى ضد الاستعمار كمحور مهم فى سياستها الخارجية آنذاك، وكانت القاهرة وجهةً أساسيةً لكل الحركات الإفريقية الساعية للاستقلال والتحرر الوطنى من الاستعمار.
وها أنا أقف أمامكم اليوم، واعياً لحجم المسئولية الكبيرة التى عهدتم بها إلى مصر لتنسيق العمل الإفريقى المُشترك فى ظرف دولى وقارى دقيق، تعصف به نزعات التطرف وموجات الإرهاب، وتتزايد فيه التحديات التى تواجه مفهوم الدولة الوطنية، فى وقت تتعاظم فيه تطلعات الشعوب.
وليس هناك ما يبعث على التفاؤل مثل اجتماعنا معاً للتدبر والتداول فى شئون قارتنا المجيدة، وتنسيق خطانا على طريق المسيرة الواحدة من أجل إسعاد مئات الملايين من أبنائنا وأحفادنا وهو الهدف الذى نكرس له كل عملنا وجهدنا.
ولقد مضى أكثر من نصف قرنٍ على اجتماع الآباء المؤسسين الذين أرسوا سوياً لبنة الوحدة الإفريقية هنا بأديس أبابا فى مايو 1963، يومها قال الزعيم الراحل جمال عبد الناصر «ليكن ميثاقاً لكل إفريقيا، ولتُعقد اجتماعات على كل المُستويات الرسمية والشعبية ولنبدأ طريقنا فى التعاون الاقتصادى نحو سوق أفريقية مُشتركة»، كلمات مضى عليها أكثر من نصف قرن ولكن لا يزال صداها ماثلاً أمامنا.
مُنذ تلك اللحظة التاريخية وحتى الآن استطاعت إفريقيا أن تقطع شوطاً طويلاً، واستطعنا تحقيق الكثير من الأحلام، وتغلبنا على العديد من العقبات وواجهنا ما استجد من تحديات، تخلصنا من الاستعمار وإن بقيت آثاره ورواسبه، وما زلنا نعمل جاهدين على ترسيخ مقومات السلام والأمن والاستقرار، وعلى تحقيق التكامل الاقتصادى والاندماج القارى لدولنا وشعوبنا، سعياً نحو بناء الإنسان الأفريقي. كما ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن الفهم المشترك والاحترام المتبادل بيننا جميعاً هو أعظم قوة دافعة نمنحها للاتحاد الأفريقي، وأنه بتعميق إرادتنا المتحدة يستطيع عملنا المشترك أن ينطلق نحو كل الآفاق التى نستهدفها ونتطلع إليها، وكما قال الزعيم الغانى الراحل كوامى نكروما «فى انقسامنا ضعف، وفى اتحادنا يمكن لإفريقيا أن تصبح واحدة من أعظم القوى فى العالم».
السيدات والسادة،
أود فى هذا المقام تأكيد أهمية ترسيخ مبدأ «الحلول الإفريقية للمشكلات الإفريقية»، فهو السبيل الوحيد للتعامل مع التحديات المُشتركة التى تواجهنا. فإفريقيا أكثر قدرة على فهم تعقيدات مشكلاتها وخصوصية أوضاعها ومن ثم أقدر على إيجاد حلول ومعالجات جادة وواقعية تُحقق مصالح شعوبها وتصونها من التدخل الخارجى والسقوط فى براثن الأنماط المبتكرة والمُعاصرة من الاستغلال، تلك الأنماط المعاصرة التى لا تلائم واقعها. وبالرغم من جهودنا الحثيثة للسيطرة على النزاعات بالقارة ومحاصرتها، وخطتنا الطموحة لإسكات البنادق فى كافة أرجاء القارة بحلول عام 2020، فلا يخفى عليكم أن الطريق أمامنا لا يزال طويلاً لإنهاء الاقتتال فى إفريقيا، وعلينا أن نستمر فى السعى سوياً لطى تلك الصفحة الأليمة من تاريخ النزاعات فى إفريقيا، والتى نالت من آمال التنمية بالقارة.
كما يتعين علينا أن نؤمن بضرورة التحصن بدرع التنمية لمُعالجة جذور الأزمات، ومن هنا أدعوكم أشقائى قادة إفريقيا للعمل معاً على إعادة إحياء وتفعيل سياسة قارتنا الإطارية لإعادة الإعمار والتنمية فى مرحلة ما بعد النزاعات، ولوضع خطط عمل تنفيذية تُحصن الدول الخارجة من النزاعات ضد أخطار الانتكاس، وتساعد على بناء قُدرات مؤسسات الدولة لتضطلع بمهامها فى حماية أوطانها، وتساهم فى التئام جروح مجتمعاتنا. ونتطلع لإطلاق أنشطة مركز الاتحاد الإفريقى لإعادة الإعمار والتنمية فى مرحلة ما بعد النزاعات، والذى تستضيفه القاهرة، فى أقرب وقت ممكن ليكون بمثابة منصة تنسيق جامعة وعقل مفكر يعكف على إعداد برامج مُخصصة للدول الخارجة من النزاعات، تراعى خصوصية الدولة وتحمى حقها فى ملكية مسار إعادة الإعمار والتنمية.
ويستمر العمل على تطوير وتعزيز بنية السلم والأمن الإفريقية بشكل شامل ومُستدام كهدف إستراتيجى لقارتنا، وستظل الوساطة والدبلوماسية الوقائية على قمة أولويات الاتحاد الإفريقي، كما سنعكف على تعزيز التنسيق والمواءمة بين آليات السلم والأمن القارية والإقليمية، لتتكامل دون تقاطع، بما يعزز الاستجابة المبكرة والفعالة لمختلف الأزمات.
ويظل الإرهاب سرطاناً خبيثاً يسعى للتغلغل فى أجساد الأوطان الإفريقية ، ويهاجم مفاصل الدولة الوطنية، ويختطف أحلام الشعوب وأبنائها. إن مكافحة الإرهاب بشكل شامل تتطلب منا تحديد داعميه ومموليه، ومواجهتهم سوياً فى إطار جماعى وكاشف، ومع إدراكنا لصعوبة تلك المعركة وتعقيدها، تظل هى الطريق الأمثل لاجتثاث جذور الإرهاب والقضاء عليه، ولا يُقلل ذلك من حتمية دحض سموم التطرف التى تُفرز الإرهاب، وضرورة تعزيز مؤسسات الدولة الوطنية الحامية والقوية.
إن جسر الهوة بين إرساء السلام والاستقرار وجنى الشعوب لثمار التنمية، يتصدر هموم محافل السلم والأمن الدولية، ويشغل بال القيادات السياسية ويستثير ألمع العقول الدبلوماسية والأمنية والإستراتيجية، وفى هذا الإطار يسعدنى الإعلان عن إطلاق النسخة الأولى من مُنتدى أسوان للسلام والتنمية المُستدامة خلال عام 2019، ليكون منصة إقليمية وقارية يجتمع بها قادة السياسة والفكر والرأى وصناع السلام وشركاء التنمية فى مدينة أسوان جوهرة النيل، لنبحث معاً آفاق الربط بين السلام والتنمية بشكل مُستدام بما يصنع فارقاً ملموساً فى حياة الشعوب ويبث الأمل فى نفوسهم.
السيدات والسادة،
تعقد قمة الاتحاد الإفريقى اليوم تحت عنوان «المهاجرون والعائدون والنازحون، نحو حلول دائمة للنزوح القسرى فى إفريقيا»، وهنا أود أن أؤكد أننا بصدد عَرَض لأمراض مُتعددة؛ فانتشار النزاعات، ووحشية الإرهاب، وهمجية التطرف، وتغير المناخ وقسوة الفقر وشح المياه وتفشى الجفاف، كلها عوامل تتضافر وتتداخل لتدفع البشر لفراق ديارهم، لاسيما وأن آثار تلك الأزمات تنعكس على إفريقيا بالمقام الأول، حيثُ تصل أعداد اللاجئين إلى نحو 8 ملايين لاجئ 90% منهم لاجئون داخل القارة، كما تصل أعداد النازحين إلى حوالى 18 مليون نازح، وهو ما يحثُنا على تبنى مُقاربة تنموية تشمل مشروعات قارية وإقليمية ضخمة لتوفير أكبر قدرٍ من فرص العمل لمواطنى القارة، واعتماد برامج إعادة إعمار مُستنيرة تُعيد تأهيل المُجتمعات وتهيئ الظروف لعودة النازحين لديارهم، فضلاً عن إرساء خطة تطوير متوسطة الأمد تخلق مناطق اقتصادية مُتكاملة وجاذبة فى أنحاء القارة لتوظيف الأيدى العاملة والعقول الإفريقية وإبقائها فى أحضان قارتها الأم.
كما ينبغى فى ذات السياق تكثيف تعاوننا العلمى للاستفادة من قُدرات القارة الطبيعية فى تنويع مصادر الطاقة، من خلال دعم مشاريع الطاقة المُتجددة والنظيفة، بما يُسهم فى تخفيف الآثار البيئية لظاهرة تغير المُناخ التى نشهدها وتتأثر بها حياة شعوبنا، وإذ تلتزم إفريقيا بالعمل على حماية كوكبنا وفقاً لاتفاق باريس للمُناخ، فإنها تدعو دول العالم المُتقدم إلى الالتزام بتعهداتها، لا سيما وأن هذه الدول هى الأكثر تأثيراً على مُناخ الأرض والأكثر استفادةً من مواردها.
السيدات والسادة،
استطاعت إفريقيا تحقيق العديد من المكاسب من خلال تبنيها مواقف مُشتركة وموحدة بالمناقشات والمفاوضات الدولية مُتعددة الأطراف، الأمر الذى يحثنا على ترسيخ التوافق الإفريقى للدفاع عن المصالح الإفريقية، خاصة فيما يتعلق بحق الدولة الأصيل فى امتلاكها لبرامج التنمية، وحق إفريقيا التاريخى فى تمثيل عادل بمجلس الأمن الدولى بما يعكس الموقف الإفريقى الموحد وفقاً لتوافق إيزوِلوينى وإعلان سرت.
ويوماً تلو الآخر تستعيد المرأة الإفريقية العظيمة دورها المحورى فى المساهمة فى قيادة قارتنا، وإليها أوجه تحية تقدير وإعزاز، لما تحملته وما زالت من التصدى لويلات الحروب بالصبر، والتغلب على ندرة الموارد بالجهد. إليكن سيدات إفريقيا أقول، أن أمامكن الأُفق مضيئاً إلى مُنتهاه، لا يوجد ما يمنعكن من تحقيق آمالكن وترسيخ قيادتكن، فقط عليكن مواصلة الجهد والعمل والتسلح بالعلم والإرادة، وعلينا نحن أن نفتح جميع الأبواب أمام تحقيق آمال وأحلام المرأة الإفريقية.
وإلى شباب إفريقيا، قلب القارة النابض وسواعدها الفتية أقول، إننا نبذل الجهود، ونُعد الخطط، آملين أن نترك لكم قارة أقوى مما ورثناها، وأن نفتح لكم آفاقاً أرحب مما وجدنا، وأن نخلق لكم أدوات تمكنكم من قيادة دفة إفريقيا الآمنة القوية. وكونوا على ثقة بأننا نؤمن دائماً بكم وبأحلامكم، ويبقى عليكم العمل الجاد، فقارتكم تحتاج سواعدكم وكفاحكم، فازرعوا بأراضيكم أغصان غد مشرق قبل أن تندفعوا فى مغامرات للهجرة أقرب للانتحار، وتريثوا قبل الانسياق وراء افتراءات تطرف تسقطكم فى براثن الإرهاب.
وإلى شرُكاء إفريقيا بدول العالم أقول، إن الشراكة مع إفريقيا فُرصة حقيقية لتحقيق المصالح المشتركة، واستثمار رابح اقتصادياً وتنموياً. إن إفريقيا وهى تحرصُ على تعزيز تكاملها تبقى منفتحة على العالم، وسنسعى لتعميق التعاون مع شركاء القارة الحاليين لاعتماد خطط تنفيذية قابلة للتفعيل تعود على شعوب القارة بنتائج ملموسة، كما سنعكف على توسيع آفاق التعاون الإفريقى مع مُختلف الشركاء الدوليين مُستهدفين بناء القُدرات الإفريقية، ونقل المعرفة، وتحديث منظومة التصنيع القارية، وتطوير البنية الأساسية والتكنولوجية، وإرساء قواعد الاقتصاد الرقمى بإفريقيا.
ومن هذا المنبر توجه إفريقيا الدعوة إلى مؤسسات القطاع الخاص العالمية والشركات الدولية مُتعددة الجنسيات للاستثمار فى قارتنا، فأسواق إفريقيا مفتوحة والظروف الاستثمارية مُهيأة وأيادينا ممدودة للتعاون وأراضينا غنية بالفرص والثروات، ولدينا الثروة البشرية، وعزمنا على بناء مُستقبل قارتنا فى شتى المجالات لا يلين.
وأُطالب مؤسسات التمويل الدولية والقارية والإقليمية بأن تضطلع بدورها فى تمويل التنمية بإفريقيا، وتوفير الضمانات المالية لبناء قُدرات القارة بما يُسهم فى تعزيز التجارة وزيادة الاستثمار، وأذكرهم دوماً أن لكل قارة خصائصها، ولكل دولة خصوصيتها. وقد آن الأوان لكى تُفكر تلك المؤسسات بشكل مُختلف تجاه إفريقيا، وتقدم شروطاً ومعاييراً مرنة تسهم فى تحقيق الدول الإفريقية لأحلامها باللحاق بركب التقدم والتحديث والتنمية المُستدامة.
الإخوة والأخوات،
إن نجاحنا فى تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية يتوقف إلى حد كبير على قدرتنا على مواجهة هذا التحدى يداً واحدةً، وبالتالى علينا أن نعمل سوياً على تذليل المعوقات التى تواجه تعميق العمل الإفريقى المشترك من خلال التركيز على ثلاثة محاور:
أولها: تعزيز جهود تحقيق التكامل الإقليمى فى إفريقيا وأفضل سبيل لذلك هو تطوير البنية التحتية الإفريقية، من خلال تعظيم المشروعات العابرة للحدود، وتشجيع الاستثمارات فى هذا المجال، لا سيما فى إطار المشروعات المدرجة ضمن أولويات الاتحاد الإفريقى كمشروع ربط القاهرة برياً بكيب تاون، ومشروع الربط الكهربائى بين الشمال والجنوب، وربط البحر المتوسط ببحيرة فكتوريا.
وثانى هذه المحاور: هو دفع الاندماج القارى عبر تسريع وتيرة إنشاء منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، وهو إحدى أهم أولويات الاتحاد الإفريقى بما يساهم فى تخفيض أسعار الكثير من السلع، ويزيد من تنافسية القارة الإفريقية على المستوى العالمي، وبالتالى تحتم علينا الظروف المحيطة تعزيز تعاوننا وتكثيف جهودنا للدفع بدخول الاتفاقية المنشئة للمنطقة إلى حيز النفاذ وتفعيلها فى أقرب وقت ممكن، كما يتعين علينا العمل سويا على استكمال المنظومة التجارية والاستثمارية والاقتصادية الإفريقية بما يُتيح لنا تحقيق نتائج واقعية تلمسها شعوبنا.
ويمثل المحور الثالث والأخير تتويجاً للمحورين السابقين، وهو السعى لتوفير المزيد من فرص العمل للشباب، الأمر الذى يتطلب بشكل رئيسى حشد الاستثمارات الوطنية والدولية وجذب رؤوس الأموال وتوطين التكنولوجيا.
أصحاب الجلالة والفخامة والمعالى ملوك ورؤساء الدول والحكومات الإفريقية،
إن أنظار القارة تتطلع إلينا وتترقب قراراتنا وأعمالنا بكل اهتمام، وليس أمامنا بديل سوى قبول التحدى وإثبات أن أبناء هذه الأرض المناضلة قادرون على العطاء المستمر من أجل إيجاد عالم أفضل لشعوبنا الإفريقية، ومن ثم فإن العمل الإفريقى المشترك لم يعد اختياراً أمامنا وإنما أصبح أمراً حتمياً فى ظل ظرف دولى مليء بالتحديات والصعوبات التى لن تستطيع الدول مواجهتها فرادي، ومن هنا تبرز أهمية ترجمة أقوالنا وقراراتنا إلى خطوات عملية محددة، بحيث يتأكد للعالم الخارجى أننا نعنى ما نقول، وأن التضامن الإفريقى كيان فاعل يستطيع أن يحرك المواقف ويفرض نفسه على الأحداث، وليس مجرد شعار نظري. لقد امتلك أسلافنا حكمة الوحدة، ومنهم نستمد الشجاعة، تلك الشجاعة التى قال عنها الزعيم الراحل نيلسون مانديلا، والذى سميت هذه القاعة تيمناً به، «إنها ليست غياب الخوف، وإنما القدرة على التغلب عليه»، ومن واجبنا أن نجدد العهد على أن نكمل تلك المسيرة بعزم لا يلين وإلهامٍ لا ينضب فى الاستناد طواعيةً وتحمساً على صخرة التضامن الإفريقى التى طالما عززت إيمان شعوب القارة بأن ترابطها هو السبيل الوحيد لصون حقوقها ومصالحها.
تحيا إفريقيا وتحيا شعوبها العظيمة....شكراً لكم،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.