بناء الدولة الديمقراطية التى نتطلع إليها يجب أن يكون فى مقدمة أعمدته الراسخة احترام القانون وعدم وجود تسعيرة للتحايل عليه والإفلات منه واستغلال غطاء العدالة الاجتماعية لإضفاء شرعية على جريمة من كبرى الجرائم التى ارتكبت فى تاريخ مصر وجرفت ودمرت أخصب أراضى الوادى القديم التى تكونت من تراكم طمى النيل عبر آلاف السنين , شراء لأصوات الناخبين حلل نواب هذه الجرائم ووضعوا تسعيرة لها!! أى أرقام وأى أموال تعوض المصريين عن أهم مصادر استقرارهم واستقلال قرارهم السياسى؟! فى احصائية لوزارة الزراعة أنه منذ صدور القانون 116 لسنة 83 حتى منتصف أكتوبر الماضى خسرنا 299 ألف فدان مؤكدة أن التصالح وتوصيل المرافق للمبانى يعطل الإزالة!! وها نحن على أبواب مرحلة جديدة للتصالح أو شرعنة الخروج على القانون!! نعم تجب مراعاة العدالة الاجتماعية ولكنها لا تتحقق بكسر القانون وتسهيل الاعتداء عليه وارتكاب جريمة أخرى لا تقل عن نهب وتدمير أخصب الأراضى الزراعية وتحويل التخريب إلى أعباء وتكاليف اقتصادية يتحملها الملايين الذين لا ذنب لهم وليزداد انسحاق ملايين تحت خطوط الفقر والملايين الذين تتكون منهم الطبقة المتوسطة التى عصفت بها الاجراءات الاقتصادية التى اضطرت الدولة لاتخاذها ودون الاهتمام بطرق أبواب وسبل الإنقاذ بعيدا عن حياة هذه الملايين وفى مقدمتها تحميل كل شريك أو مسئول غض البصر أو قبض الثمن وتمت جرائم زراعة الطوب الأحمر والأسمنت تحت ولايته أو من بنوا من القادرين النصيب الأكبر من عائد هذه الكوارث والأسعار الخيالية التى يتطلبها استصلاح الصحراء والأراضى الجديدة. يتحمل المصريون ويصبرون ويطيقون ما يفوق طاقة البشر.. ولكن ماذا عندما يدركون أن فى ترشيد وحسن إدارة ثروات وامكانات بلدهم ما يمكن أن يخفف عنهم الكثير خاصة إذا حملت توابع الأزمات الاقتصادية لمن جنوا ذهب دهس القوانين وعاد بعضهم يتصدر المشهد السياسى والاقتصادى ويزداد نفوذا وثراءً!! أليس بناء قاعدة صناعية قوية وإحياء ما خصخص وبيع ودمر من صروح صناعية وانتاج احتياجاتنا من الغذاء وقدرات الاعتماد على الذات فى مقدمة عوامل استقواء واستغناء وزيادة الدخل القومى فى أى دولة واقامة عدالة اقتصادية واجتماعية وتخفيف الأعباء عن الملايين الذين يمثلون الظهير الشعبي لدولة 30/6؟! كيف نفسر الفشل فى تحقيق ما لم يتوقف الاعلان عنه من إجراءات بقطاع الأعمال العام لإيقاف خسائر 26 شركة وما كتبته أميمة كمال فى أخبار اليوم 2/2/2019 بعنوان «انهم ينهبون المال العام مرتين» وعما حدث فى شركة أسمنت طرة وما صرح به وزير التجارة والصناعة لصحيفة الوطن 18/1/2018 أن 60% من طاقات مصانعنا معطلة!! وبدلا من المسارعة لإحياء وإنقاذ هذه الصروح أو ما تبقى منها يعلن إنشاء منطقة حرة للغزل والنسيج بالعاشر من رمضان.. وهل بعض المسئولين يفضلون مشروعات تنسب إليهم لا إلى الرواد العظام أمثال طلعت حرب؟! أحوال الزراعة ليست أفضل من الصناعة كثيرا ومازلنا نستورد ما بين 70 و80% من احتياجاتنا الاستراتيجية وأحوال الفلاح ازدادت تراجعا وسأكتفى ببعض الأرقام الدالة فوفق تصريح للزراعة فإننا نستورد 45% من احتياجاتنا من القمح ونستورد بنحو 18 مليار جنيه تقاوى الخضر.. والشركة الوطنية لإنتاج البذور «نوباسيد» أول شركة خصخصت!! ولن أزيد فيما جرى للقطن المصرى الطويل التيلة وتسريب بذوره الممنوع خروجها إلى إسرائيل وما أعلنه د. عمر سليمان رئيس مركز البحوث الزراعية من أن زراعة القطن الأمريكى القصير التيلة يتم الآن فى العوينات . ولن أتكلم عن تريليونات الأوقاف وكيف تنفق؟!! والعجز عن سداد استحقاقات 10 ملايين مواطن من أصحاب المعاشات اعترف مستشار وزيرة التضامن العام الماضى أنها 686 مليار جنيه بينما أكد النائب عبد المنعم العليمى أن هذه الأموال أكثر من 700 مليار جنيه وأن أصحابها أصبحوا تحت خطوط الفقر وأن الحكومة تستثمر منها 550 مليار جنيه!! وبعد فما أريد أن أصل إليه فى المساحة المحدودة للمقال ودون استطراد فيما تعرضت له بقية أعمدة قوة وزيادة دخلنا القومى فى بلد إذا حفر شبر فى أرضه نكشف عن كنوز أثرية جديدة.. وفى سمائه أسطع شمس تمنح الطاقة النظيفة وفى رمال صحاريها مواد خام لأندر الصناعات كالكريستال ومن رمالها السوداء تصنع هياكل الطائرات والصواريخ ويمتلك أكبر احتياطى لهذه الرمال فى العالم وفى دراسة علمية أن 300 مليار جنيه عائدات منتظرة، وتاريخ عميق وطويل من الصروح الصناعية خاصة صناعة المنسوجات التى غزت أشهر القصور الملكية فى لندن، كما كانت مصر فى يوم من الأيام سلة لغذاء العالم القديم وحتى منتصف القرن الماضى استطاعت الاكتفاء من زرع وعرق أبنائها من الفلاحين وامتلكت من البحار والأنهار والبحيرات ما كان يستطيع أن يجعل البروتين والغذاء الأساسى من الأسماك! وثروات طبيعية إذا عولجت مشكلاتها التى تراكمت خلال عشرات السنين بخبراء تمتلئ بهم مصر فى جميع المجالات تستطيع أن تغنينا عن الاحتياج لأموال صناديق وقروض.. حقيقى تغيرت أشياء كثيرة عصفت بهذه الثروات مع زيادة سكانية لم تستطع الأنظمة المختلفة أن تحولها إلى ثروة وقوة انتاجية كما فعلت الصين.. ولكن مازال استنهاض وحسن وترشيد إدارة هذه الكنوز ممكنا ويفتح آفاق أمل وخير بلا حدود لهذا الوطن.. وهناك مؤشرات لانتباه الحكومة ووعود كثيرة بمعالجة وحسن إدارة هذه الكنوز.. المرجو أن تتحول كثير من التصريحات المهمة إلى حقائق على الأرض تحقق فى النهاية تخفيف الأعباء والتكاليف القاسية وتستبدل استثمار الثروات الطبيعية والتعليمية والبشرية بالاحتياج إلى قروض وديون. لمزيد من مقالات سكينة فؤاد