اندهشت عندما دعا وزير التعليم لتكوين وقف لإنهاء كثافة الفصول وإصلاح الأحوال المادية للمعلمين ووجدت مجلس النواب يسارع لإعلان ضرورة صدور تعديل تشريعي.. لأن التعليم ليس من أهم أوجه إنفاق أموال الأوقاف.. وبالفعل أعلن المتحدث باسم وزارة الأوقاف أن الاستعانة بالأوقاف الخيرية لخدمة التعليم معمول بها ولديهم وقفيات للتعليم وتم أخيرًا توجيه 50 مليون جنيه لدعم التعليم والبحث العلمي!!. هل اللجنة التشريعية لا تعرف ما يحتاج وما لا يحتاج إلى تشريعات ثم أين ما طالب به الرئيس من هيكلة لأموال الأوقاف ومصارفها.. وأعلن وزير الأوقاف كما نشر أن هيئة الأوقاف من أكثر الهيئات فسادا وأن التقديرات المبدئية لأموال الأوقاف تريليون جنيه!! إنها جزء من المتهرب والمهدر من مليارات بعيدا عما يجب أن تذهب إليه وما كانت تستطيع أن تخصصه فى المدارس والمستشفيات والبنية الأساسية والقرى والصعيد وسائر المؤسسات والخدمات التى وصلت إلى انهيارات وتردى ومستويات لا آدمية وبما يفرض التساؤل حول ما كان يجب المسارعة إليه من سياسات وتشريعات لإنقاذ ما تبقى من ثروات وإمكانات وترشيد إدارتها وتوجهاته وتنميتها.. وهل وضعت أولويات صحيحة للأهم ثم الأقل أهمية.. وهل كانت خافية أزمات كثافة الفصول وأحوال المعلمين التى قال الوزير من قبل إنها تحتاج عشرات السنين لحلها.. بينما كانت أولى بالمسارعة بالبحث عن حلول لها كما يحدث الآن بدلا من نقل تجارب دول تختلف ظروفها عنا تماما إنها الأولويات التى مازالت غائبة. واضطرارنا لإطلاق وقف لحل الأزمات الأخطر فى العملية التعليمية يعيدنى إلى ملف آخر لم أتوقف عن فتحة وهو استرداد الثروات المنهوبة وحسن إدارة ما تبقى مما لم يسرق وينهب فهذا الوطن أعطى من الخير بلا حدود ومن الفساد والإفساد ما ليس له نظير!! يلفت النظر أنه على الصفحة الرابعة من أهرام 13/11 تجاورت أخبار وقف التعليم مع تصريح لوزير التنمية بأن تفعيل منظومة القمامة يحتاج 7.7 مليار جنيه والمتاح 2.2 فقط!! وخبر عن لجنة الصحة وتوصيتها بتوفير الاعتمادات المالية لأجهزة الغسيل الكلوى وأخبار أخرى لوزيرى الأعمال والصناعة عن شركات خسائرها بالمليارات وآلاف المصانع المتعثرة!! هل نطلق وقفا لتفعيل منظومة القمامة.. وهل هناك من يعرف قواعدها وضمانات نجاحها وهل شارك خبراء فى وضعها وهل نطلق أوقافا لتوفير الاعتمادات المالية التى تحتاجها المستشفيات والمؤسسات المنهارة.. كلها أهداف نبيلة تستحق وتوجب المشاركة المجتمعية وعلى سبيل المثال لماذا لا يشارك الأهالى الذين يدفعون المليارات فى الدروس الخاصة فى دعم محاولات انقاذ التعليم.. والسؤال الأكثر أهمية أين مصادر التمويل التى كان يجب أن يوفرها ترشيد وتنمية وحسن إدارة الثروات الطبيعية والبشرية.. أين مليارات المتأخرات الضريبية وهيكلة منظومة الدخول.. ماذا عندما يقول وكيل لجنة الخطة والموازنة أنه يوجد فى جامعة حكومية من يتقاضى400 ألف جنيه شهريا وماذا عن بقية الدخول الخرافية ولماذا لم يعلن عما تم بالنسبة لمرتبات كبار المسئولين والنواب.. ومن المسئول عن العجز عن جمع ضرائب الاقتصاد غير الرسمى التى أعلن أحد كبار مسئولى الضرائب أنها تقدر ب400 أو 500 مليار!! من امتصوا ونعموا بخيرات هذا الوطن ومن كونوا ثرواتهم من استثمار ثرواته الطبيعية وخصخصة مؤسساته لا يبالون بما يحدث وبقدر الاحتياج أن يمدوا أيديهم ويشاركوا.. كأن كل هذه الآلام والمعاناة لا تهددهم أو تمسهم.. تدرك الملايين التى تكون الأرصدة والظهير الشعبى للدولة السياسات التى وضعتهم تحت خطوط الفقر وباعت مصانعهم وسرقت أخصب أراضيهم وحولتها إلى منتجعات فاخرة وتركت زراعة الأمن الحيوى والزراعى والغذائى يستبدل بزراعة الطوب والأسمنت. ولن أذهب بعيدا عندما أشير إلى ما تتعرض له الزراعة والصناعة وغياب المعلومات الموثقة التى تثبت حدوث تغيرات وزيادات حقيقية فى الإنتاج رغم الافراط فى التصريحات البراقة!! لا استطيع أن أكتم ألمى كواحدة من عشاق ما كانت تنتجه مصانع المحلة من ملابس قطنية أنيقة وبأسعار فى متناول الجميع.. تحولت المحال الكبرى التى كانت تبيعها إلى أماكن مهجورة تعرض منتجات وعلامات تجارية أخرى بأقطان مخلوطة وأسعار لا تصدق وأذواق مفقودة.. كيف صنع الرائد طلعت حرب هذا المجد الصناعى وصنعت أجيالنا التخريب والتدمير بعد كارثة خصخصتها وكل ما أرتكب من جرائم بحق ثروات وأملاك الشعب. وفى الزراعة وبكل ما تمثله الأرض والزراعة والفلاح والثروة الحيوانية للأمن الحيوى والغذائى فالأمور لا تختلف.. حيث يتعرضوا لأزمات فى البذور والأسمدة والسولار وعدم توافر تقاوى القمح فى بعض المحافظات وتلاعب كثير من موظفى الجمعيات الزراعية والتحكم فى احتياجات الزراعة وبيعها للتجار ووقوف بعضهم وراء بيع ما تبقى من أخصب الأراضى الزراعية.. ولا أعرف ماذا فعلت الوزارة بما نشرته منذ أسابيع قليلة عن المتوافر فى مركز البحوث الزراعية والجامعات من أبحاث ودراسات تطبيقية حققت نتائج ونجاحات باهرة.. كيف نستورد ب 2 مليار دولار سنويا زيوتا بينما فيما أشرت إليه من أبحاث ودراسة متكاملة للاكتفاء مما نحتاج إليه من زيوت . للدكتور غريب البنا وكيف يعلن وزير الزراعة طريقة جديدة لزراعة الأرز وهى الطريقة الجافة بينما كتبت عن أرز الجفاف منذ سنوات؟! وماذا جرى لمشروع البتلو الذى كاد يصبح من الأساطير الخرافية. لا أعرف ماذا جرى لخبيرة وعالمة مصرية من خبراء «الفاو» فى تربية الثروة الحيوانية د. ثناء باز خططت لاكتفاء مصر من إنتاجها الحيوانى والتخلص خلال سنوات معدودة من السلالات المريضة وظل المتآمرون على اكتفاء واستغناء هذا البلد والأذرع الطويلة للكيان الصهيونى يطاردونها حتى أجهضوا مشروعها فى أهرام الجمعة 9/11 كتب الزميل أحمد فرغلى مقالا بعنوان «الفلاح ينتحر» عن الانهيار الكامل الذى وصلت إليه أحوال الفلاحين والأرض والزرع والحيوان!! لمزيد من مقالات سكينة فؤاد