أعلنت وزارة التموين أنها لن تطبق التسعيرة الجبرية لأنها مخالفة للدستور.. وكنا قد قلنا مائة مرة إن الدستور ليس مقدسا وأنه ليس نصا يفرض ديمومته على الناس إلى الأبد، فإذا نشأ احتياج اجتماعى أو سياسى عند الشعب يخالف نص الدستور فلنغير ذلك النص بما يتوافق مع الاحتياج العام، إذ ليس الدستور حجة لترك الأسواق سداح مداح دون ضابط أو رابط، فإذا كانت هناك ضرورة اجتماعية أو أخلاقية لتغيير نص فى الدستور فلنغيره، وهكذا قررنا أن مواد عديدة فى الدستور وديباجته تحتاج إلى تغيير على رأسها المواد الخاصة بمدد رئاسة الجمهورية، ولكن فيما يبدو فإن وزارة التموين تتعامل معنا على أن الدستور نص أبدى مقدس لا يجوز تغييره أو تعديله، وأنه يجب أن يظل ذريعة لترك التجار يضعون الأسعار التى تتوافق مع أمزجتهم وأهوائهم ونزواتهم، المواجهة ضرورية مع جشع التجار الذين لا يلتزمون الحدود الطبيعية للتسعير القائمة على العرض والطلب وهامش الربح المعقول، ولكن يبدو أن طغمة الموظفين فى الوزارة لا تريد ذلك «وبالمناسبة فإن كلمة: طغمة لمن لا يعرف تعنى فى القاموس الوسيط جماعة من الناس» وهكذا فإن تلك الطغمة فرضت على الوزارة إعلان أنها لن تطبق التسعيرة الجبرية لأنها مخالفة للدستور، وتكون حجة للجهاز التنفيذى للوزارة يستند إليها فى عدم التجاوب مع الاحتياج الضاغط لدى الناس، كما أود توضيح أن استخدام فكرة الاستفتاء الذى أعطى فيه الناس أصواتهم لذلك الدستور هى فكرة خاطئة، لأن الناس يعرفون والطغمة التى وضعت الدستور تعرف أن الموافقة على إجمالى المواد التى تضمنها جاءت فى وقت مواجهة مع التشكيلات الدينية متنوعة الدرجة والمستوى، وفى وقت سيولة سياسية تفرض أن يكون الاستقرار هو الأولوية رقم واحد، أما اليوم بعد أن استعادت الدولة هيبتها إلى حد كبير، ينبغى أن نراجع بعض نصوص ذلك الدستور ومواده وبالذات ديباجته، حتى نستطيع استفتاء الناس على التعديل فى ظروف نكون متأكدين فيها من أنهم يعرفون على ماذا استفتيناهم بالضبط.. هناك احتياج اجتماعى وأخلاقى وسياسى ووطنى لتعديل الدستور، ويجب أن نستجيب له فنحن لسنا غزاة نستعمر شعبا من العبيد. لمزيد من مقالات د. عمرو عبدالسميع