يعد الصيادون من المواطنين الكادحين الذين يبذلون جهدا خارقا لكى يحصلوا على رزقهم المكتوب لهم، فتارة تجدهم فى قلب البحر وسط الصقيع القاتل وتارة أخرى تجدهم يخرجون وهم لا يعرفون ما الذى ستعود به الشباك، وبشكل عام يواجه الصيادون مشكلات عديدة ربما لا تنتهى خاصة عندما يعملون فى وسط الأمواج العاتية التى يتعرضون فيها لخطر الموت، وأيضا وإيقاف عمليات الصيد فى بعض المحافظات لأشهر، بالإضافة لزيادة رسوم استخراج التراخيص، ومراوغة التجار لشراء الاسماك منهم بأسعار زهيدة، وغيرها. فى البداية نذهب لمحافظة كفر الشيخ التى بها أكثر من 250 ألف صياد يعملون فى ظروف صعبة مقابل حصولهم على مبالغ تتراوح من ألف إلى ألفى جنيه شهريا، مقسمين الى 4 فئات، الفئة الأولى لهم تراخيص ويعملون على مراكب فى البحر المتوسط وهم من أبناء قرى برج مغيزل والجزيرة الخضراء والسكرى وأبو خشبة وغيرها من القرى والعزب التابعة لمركز مطوبس، وقرى بر بحرى والحنفى والعتارسة والشهابية والشيخ مبارك بمركز البرلس ومدينة برج البرلس الواقعة على امتداد البحر المتوسط بطول 120 كيلو مترا، وهم المعرضون أكثر لمخاطر الغرق خلال رحلاتهم، أما الفئة الثانية فتعمل بالصيد فى بحيرة البرلس، والثالثة تعمل فى المزارع السمكية سواء خاصة أو حكومية، والرابعة تعمل فى نهر النيل فرع رشيد من أبناء مراكز دسوق وفوة ومطوبس. ويقول أحمد حافظ صياد من برج مغيزل إنه يعول 4 أبناء وزوجته ووالدته وورث المهنة عن والده، وأنهم يتعرضون لظروف غاية فى الصعوبة خلال الصيد فى مياه البحر المتوسط وخاصة خلال فصل الشتاء بسبب سوء الأحوال الجوية وارتفاع الأمواج والنوات، حيث تستمر رحلة الصيد الواحدة من 17 الى 20 يوما وإنه يحصل على الأجر حسب الرزق الذى قد يتراوح من 1500 جنيه الى 2000 جنيه، وفى بعض الأحيان يظلون دون عمل 15 يوما لحين خروج المركب التى يعمل عليها فى رحلة صيد أخري. ويضيف عادل الغرباوى صياد من برج مغيزل أنه يعول 3 أولاد وزوجته ويعمل معه 2 من أبنائه فى مهنة الصيد حتى يستطيع تدبير نفقات أسرته من المأكل والمشرب والملبس والعلاج والتعليم، مشيرا الى أن الحالة الاقتصادية الصعبة التى يعيشون فيها والغلاء يدفعهم الى المخاطرة بحياتهم والخروج فى رحلات للصيد بالمياه الدولية بالبحر المتوسط أمام مالطا خلال فصل الشتاء رغم سوء الأحوال الجوية، وذلك لقلة الأسماك أمام الشواطئ المصرية بسبب التلوث، وهم يتعرضون فى الكثير من الأحيان لمطاردة قوات خفر السواحل فى تونس وليبيا فى حالة اقترابهم من المياه الإقليمية لهذه الدول بسبب سوء الاحوال الجوية، مؤكدا غرق عدد كبير من الصيادين من أبناء القرية خلال السنوات الماضية فى حوادث غرق مراكب الصيد، ويتعرض عدد آخر للقبض عليهم فى تونس وليبيا وكل ذلك فى سبيل الحصول على لقمة العيش الشريفة وتوفير نفقات أسرهم. بينما أكد أحمد نصار نقيب الصيادين أن عددا كبيرا من صيادى كفر الشيخ وخاصة بالمناطق الشمالية، قد سافروا للدول العربية والأوروبية للعمل فى مهنة الصيد بسبب الظروف الصعبة التى يواجهونها فى رحلاتهم هنا، وانخفاض الأجر الذى يحصلون عليه بعد عناء الرحلات الطويلة فى البحار، حيث يعد الصيادون من أبناء المحافظة من أمهر الصيادين فى مصر والوطن العربى ولهم سمعة عالمية طيبة ويحققون نجاحا كبيرا فى الخارج بسبب ارتفاع الأجر هناك والظروف الصحية المناسبة التى يعملون فيها. وعن صيادى جنوبسيناء، يقول حميد سعد جبلى صياد 50 سنة عندما يهل علينا فصل الشتاء نعرف أننا فى إجازة تكاد تكون مفتوحة ولا تنتهى الا اذا استقرت الاحوال الجوية والدخول فى فصل الخريف ثم الربيع، حيث لا يتحصل اصحاب المراكب الصغيرة على أى دخل بسبب عدم استقرار الطقس والبرودة التى لا يتحملها الصياد فضلا عن ارتفاع الامواج مما يعد خطرًا على حياتهم، خاصة بعد تكرار حوادث غرق المراكب التى اودت بحياة عدد منهم فى قاع البحر. وأشار جبلى إلى أنه قبل شروق الشمس تكون درجة برودة البحر قاسية على الصياد ويصعب تحملها مما يتسبب فى الإصابة بأمراض العظام واللجوء الى المستشفيات، كما يصعب التحصل حتى على قوت يومنا فى اغلب الاوقات نظرًا لقلة اعداد الاسماك فى فصل الشتاء التى تهرب الى اعماق كبيرة يصعب على شباك الصيد الوصول لها وتلفها فى أغلب الأحيان وصعوبة اعادتها لحالتها الاولي. ولفت جبلى إلى أن هناك معوقات اخرى تواجه الصياد تتمثل فى الروتين الإداري، حيث تطلب «الثروة السمكية» من كل صياد صحيفة الحالة الجنائية حتى يستطيع السروح، بالاضافة الى 50 جنيها رسوم التأمينات الاجتماعية التى لا بد ان يدفعها الصياد الذى يكاد يأتى بقوت يومه بعد صراع يومى مع الامواج، وتحديد مدة التصاريح ب 3 اشهر بقيمة 150 جنيها، مطالباً بزيادة مدة التصريح من 3 أشهر الى عام ويتجدد بناء على تقارير حسن السير والسلوك والسمعة وليس بصحيفة الحالة الجنائية، فضلا عن عدم تعويض الصيادين عن اشهر منع الصيد حيث تم وإيقاف الصيد نهائيًا 9 أشهر. ويحصل كل صياد على مبلغ 2000 جنيه فقط رغم تلك الظروف الاقتصادية الصعبة. من جانبه ،يقول ناصر احمد 60 سنة جميع الصيادين فى جنوبسيناء تستطيع ان تقول بملء الفم «معدومين العافية» حيث يواجهون حربا قاسية من قبل جميع الجهات المتعاملة مع الصياد منها ارتفاع رسوم تجديد تصاريح الصيد من 10 جنيهات إلى 155 جنيها وإيقاف الصيد الذى استمر 9 اشهر، بالاضافة الى التقلبات الجوية، كما ان حصول الصياد على الطعم من سقالة الميناء فى طور سيناء يعد بمثابة العمل الشاق فكثيرا ما نُمنع من الحصول على الطعوم ولا نعرف السبب». وأكمل ناصر حديثه «بعد تحسن الأحوال الجوية يشعر الصياد بأنه فى عيد، فتقريبا نسرح فى العام اسبوعا واحدا فقط يكون بمثابة السرحة المشبعة لقوت يومنا خاصة فى ظل ارتفاع التكلفة والحصول على الزوادة «بنزين المركب الثلج الطعوم طعام الصياد الذى يكفيه يومين على الاقل»، فبالتالى تعد تكلفة السرحة الواحدة كبيرة فى ظل ارتفاع الأسعار وقلة الصيد، كما اننا نواجه مشكلة مع التجار فى تسويق الاسماك حيث نجبر على بيع الاسماك باسعار زهيدة لا تستطيع سد التكلفة، حيث يبلغ سعر بيع كيلو سمك البونجز 25 جنيها ويبيعه التاجر للمواطن بسعر 60 جنيها، وفى أغلب الاحيان يرفض التاجر شراءه الا بالسعر الذى يحدده بدعوى أن التاجر يتحمل ايجار محل ومصاريف عمالة وضرائب ومرافق وخدمات ما يضطرنا للوقوف به فى الشوارع حتى لا يتلف حيث تواجهنا مشكلة المرافق والوقوف فى غير الاماكن المسموح لنا البيع فيها». بينما أكد فؤاد عبد العظيم وكيل وزارة التضامن الاجتماعى ان الوزيرة د. غادة والى قررت منح أسر الصيادين المتضررين من وإيقاف الصيد مساعدة مادية تشمل 400 أسرة بقيمة شهرية 500 جنيه تصرف لمدة 3 أشهر، على الرغم من ان الوزارة غير معنية بالصيادين، ولفت الى أنه تم الصرف لأسر الصيادين المؤمن عليهم بمهنة صياد ولا يمتهن غيرها على ان يتقدم المستفيد من المنحة الى المديرية ويقدم صورة البطاقة الشخصية له ولزوجته وما يفيد من التأمينات الاجتماعية أنه مؤمن عليه صيادا ولا يعمل بغير حرفة الصيد مهنة أخري.