لم نكن ندري أن التحقيق الذي نشرناه علي صدر صفحة المحافظات يوم 16 مارس الحالي تحت عنوان أطفال البرلس وبرج مغيزل.. صيادون رغم أنف القانون، سيفتح لنا مغارة علي بابا عن عمالة الأطفال علي مراكب الصيد التي يلجأون للعمل عليها في سن صغيرة وسط ظروف معيشية قاسية من برد قارص ونوات شديدة تصيبهم بآلام الظهر والبطن إضافة إلي الهلع والرعب الذي ينتابهم في أعماق البحار ليتمكنوا من العودة إلي أهاليهم بجنيهات قليلة تعينهم علي مواجهة متطلبات الحياة الصعبة ومنهم من يعول أسراً بأكملها لوفاة الأب أو مرضه ومنهم من يتوارث المهنة عن آبائهم لاستكمال المسيرة بعد وفاتهم. روزاليوسف تلقي الضوء علي أطفال عزبة البرج بدمياط والذين يعملون في تلك المهنة. فها هو الطفل أشرف محمد أبوعماشة 14 سنة يشعر منذ ثلاث سنوات بآلام شديدة في ظهره وبطنه من صعوبة العمل المكلف به علي ظهر المركب وهو جمع السمك من الشباك ووضعه في الثلاجة وتزداد آلامه في فصل الشتاء بسبب البرد القارص والنوات الشديدة التي تضرب المركب في عمق البحر، ويؤكد أنها أسوأ أيام تمر عليه في العمل. ويقول السرحة في عمق البحر تستمر من 7 إلي 10 أيام وأتقاضي عنها من 200 إلي 300 جنيه في فصل الصيف أما في الشتاء فيكون البحر مضطرباً والرزق قليلاً ويكون المبلغ الذي أتقاضاه 50 جنيها وفي أحيان كثيرة لا أحصل علي أي مبالغ. واعترف أشرف بأنه لا فرق بين كبير أو صغير علي ظهر المركب فالكل يعمل وصاحب المركب يعامل الجميع معاملة واحدة. أما ماجد محمد البرلسي 12 سنة فاستخرج كارنيهاً من جمعية الصيادين بمبلغ 8 جنيهات ليتمكن من العمل علي ظهر المركب في تكسير ألواح الثلج ويكون في خدمة ريس المركب في أي شيء يطلبه. وأضاف أن هذه المهنة متعبة جدا للأطفال الصغار ويعمل شقيقه يوسف 11 عاما علي نفس المركب ويستمد من أخيه التشجيع علي العمل وقال أكره العمل في فصل الشتاء بسبب البرد والأمواج المرتفعة التي تصيبه بالخوف والهلع من شدتها. وأكد لنا صلاح السويسي 57 سنة صاحب مركب جيد أن هناك أطفالاً جاءوا للعمل من أجل تعلم مهنة الصيد لمرور أهالهم بظروف اجتماعية صعبة ونسعي للوقوف بجانبهم ومد يد العون لهم وأشار إلي أن أجر الطفل علي مركب الصيد ليس ثابتا وإنما يخضع لايراد المركب بعد خصم المصروفات وبالتالي فإن الأجر يكون علي الكميات التي تم اصطيادها. ويؤكد جمال البدراوي عضو المجلس المحلي لمدينة عزبة البرج أن الأطفال الذين يعملون علي مراكب الصيد مضطرين لذلك بسبب ظروف أسرهم المعيشية الصعبة وعجز آبائهم عن العمل أو مرضهم وأن معظمهم لم يواصلوا تعليمهم بالمدارس مطالبا برعاية وحماية هؤلاء الأطفال من المخاطر التي تواجههم. فيما أشار علي عبدالوهاب رجب 60 سنة أمين العمال بالوحدة الحزبية بالقرية إلي أن ظاهرة عمالة الأطفال في الصعيد قديمة وليست وليدة اللحظة، مؤكدا أن صاحب المركب يورث أطفال المهنة ليتولوا العمل فيها بعد و فاته. وأوضح حمادة الجبيلي مدير جمعية صائدي الأسماك بالقرية أنه لا يجوز إصدار بطاقات صيد للأطفال إلا إذا بلغوا 13 عاما وأن الجمعية ترفض منح بطاقة لمن هم دون 13 عاما، مشيرا إلي أن لكل طفل ملفاً بالجمعية ويتم التأمين عليهم عن طريق صندوق تأمين مراكب الصيد الآلية. وقال الجبيلي إنه في حالة حدوث أي ضرر للطفل المؤمن عليه يتم صرف مبلغ مالي له.