أحد البحارة وسط أبنائه بعد عودته من تونس معاناة صيادي برج مغيزل لن تنتهي.. وستتكرر مرارا وتكرارا.. مادامت بقيت الظروف التي يعملون فيها كما هي دون تغيير. مراكب الصيد من برج مغيزل ورشيد تحمل البحارة او الصيادين من اهالي البرج الذين يمتهنون مهنة الصيد.. وتتجه للصيد في منطقة مالطة.. لكون ظروفها افضل حالا من مناطق الدول المطلة علي البحر الابيض المتوسط الذي يعد فقيرا نسبيا في الثروة السمكية .. والصيد في منطقة مالطة ليس مقصورا علي مراكب الصيد المصرية.. بل يشاركهم في ذلك مراكب العديد من الدول كايطاليا وليبيا وتونس.. ولكن الغريب ان المراكب المصرية هي الوحيدة التي تتعرض لمطاردة لنشات السواحل الليبية والتونسية عند عودتها من رحلة الصيد.. ليتم مصادرة حصيلة الصيد بل ومصادرة المركب او دفع الغرامات. المطاردة! هذا ما يؤكده طاقم مركب الحاج احمد محمد محمود المكون من 51 صيادا او بحارا.. حيث يقول امين احمد حمدين »ريس« المركب بعد ان انتهينا من رحلة الصيد في منطقة مالطة وكان بصحبتنا مركب اخر »الامير شبانة« واجهتنا رياح وامواج وتعطلت ماكينة المركب المصاحب لنا.. وكان لزاما ان نبتعد الي منطقة اكثر هدوءا.. وبعد ان تم اصلاح الماكينة.. عاودنا رحلة العودة.. ولكننا فوجئنا باعتراض لنش حربي تونسي يطلق الرصاص علينا للتحذير، مهددا باصلاق الرصاص علي كابينة القيادة والماكينة ان لم نتوقف.. واضطررنا للتوقف.. واكدوا لنا ان المطلوب هو ان نصحبهم الي البر، لكي يتم الاطلاع علي ما لدينا من اوراق ومستندات والتأكد من صحتها.. ونظرا لسلامة موقفنا تواجهنا معهم..ولكننا فوجئنا باحتجاز المركب واحتجاز ومصادرة ما لدينا من اسماك، وطالبوا بدفع غرامة 021 الف دينار تونسي اي ما يعادل 064 الف جنيه مصري.. وقمنا بالاتصال بالسفارة المصرية.. ودارت مفاوضات مع المسئولين التونسيين.. وتم تنزيل قيمة الغرامة إلي 05 ألف جنيه مصري.. دفعها صاحب المركب! وهكذا عدنا بعد غياب دام أكثر من شهر خاليين الوفاض. المياه الاقتصادية ويقول ريس المركب أن المياه الاقتصادية الخالصة لأي دولة »تلي المياه الاقليمية للدولة مسافتها 21 ميلا« يصل حدها الأقصي إلي 001 ميل من شاطيء الدولة.. ويسمح فيها بالمرور دون الحصول علي إذن، ولا يسمح فيها باستغلال ثروتها البحرية أو القاع إلا بإذن.. وموقف مركبنا سليم تماما فيما يخص ذلك. ويؤكد علي ما حدث بقية طاقم المركب.. ويقولون: نحن نشعر بالمرارة الشديدة من جراء ما واجهناه من احداث والتي تتلخص في انفراد المراكب المصرية العائدة من رحلة الصيد في مالطة.. بالتعرض لها من قبل القوات الليبية والتونسية.. وتكرار ذلك ومصادرة حصيلة الصيد ومصادرة المراكب التي هي كل رأسمال أصحابها.. وتفتح بيوت كثيرة من الصيادين، الذين يمتهنون مهنة الصيد ويرتزقون منها.. أو فرض غرامات كبيرة عليها رغم مديونياتها. ويتساءلون: من أين ننفق علي أسرنا التي نتحمل مسئوليتها بعد أن نعود بعد غياب ما يقرب من شهر.. بلا أي حصيلة أو أموال. وننتقل إلي منازل هؤلاء الصيادين العائدين من تونس.. لنلتقي بأسرهم ونرصد أحوالهم، ومن بينهم: أسرة حسن حسين محمود.. وتتكون من أم عجوز وزوجة وخمسة أولاد »ولد 8 سنوات وأربع بنات منهن اثنتان تزوجتا حديثا.. وبنتان صغيرتان 41 سنة و21 سنة. أسرة مختار فتحي عرفة.. وتتكون من زوجة وأم عجوز وأب عجوز.. وأربعة أطفال ثلاث بنات وولد. أما أسرة أيمن محمد حمدين »ريس المركب«.. فتتكون من أب عجوز وأم عجوز وزوجة وطفلة صغيرة تعاني من مشاكل في قلبها الصغير وتحتاج لتغيير صمام! أما أسرة عصام شعبان 41 سنة فالأب مسافر ولم يعد.. ويتحمل هذا الطفل مسئولية رعاية والدته وشقيقتيه وشقيقه الأصغر محمد. وأسرة حسين محمد حسين محمود 81 سنة وهو يعد بمثابة اليد اليمني لوالده في الانفاق علي أسرة كبيرة.. لكونه الولد الوحيد لأربع شقيقات بنات. ديون المركب أما صاحب المركب أحمد محمد محمود 27 سنة وأولاده محمد وحسن هاني ونادر.. فهم يشعرون أيضا بالمرارة.. لدفعهم هذه الغرامة خمسين ألف جنيه.. رغم سلامة موقف المركب التي تم احتجازها في تونس.. خاصة في ظل مديونياتهم الكبيرة المتمثلة في قيمة وتكلفة هذه الرحلة والتي تصل إلي 05 ألف جنيه.. و002 ألف جنيه قيمة مديونيات متراكمة.. وهم يطالبون باسترداد قيمة هذه الغرامة التي تم دفعها في تونس.. في ظل هذه الظروف القاسية. كما عبروا عن استيائهم من حرمان مركبهم من الصيد ستة أشهر رغم كل هذه الظروف الموضحة! ويطالب الحبشي سنار عضو المجلس المحلي للمحافظة ومن أبناء برج مغيزل بمراجعة مشاكل الصيد والصيادين في البحر والتي سبق تناولها في جريدة »الأخبار«.. والتي تعود إلي الفقر الشديد في الثروة السمكية بمياهنا الاقليمية لاسباب كثيرة.. وحلولها تتلخص في عقد اتفاقات مع الدول العربية والاجنبية.. لتنظيم عمليات صيد المراكب المصرية في مياه البحر بالمنطقة الاقتصادية الخالصة.. حتي لا تتعرض تلك المراكب للقبض عليها من قبل قوات هذه الدول. وتأمين الملاحة البحرية بالتنسيق مع دول الجوار واليقظة في حماية شواطئنا.. للحيلولة دون قيام مراكب الصيد الاجنبية من الصيد في أعماق كبيرة. والحد من تلوث مياه البحار ومنع الصيد الجائر وتجريمه. وهكذا جاءت فرحة عودة الصيادين المحتجزين من تونس إلي بلدتهم برج مغيزل.. فرحة منقوصة.. تشوبها كثير من التحفظات.. تلفها بعض المرارة.