► رئيس لجنة القطاع الطبى ب «الأعلى للجامعات»: لا مساس بمجانية العلاج ولا إبعاد لأعضاء هيئة التدريس ► نقيب أطباء الجيزة: مناظرة المرضى والتدريس وتدريب شباب الأطباء دور أصيل للطبيب ► عضو لجنة الصحة: البحث عن مصادر تمويل جديدة لمواجهة الأعباء المتزايدة أخيرا هدأت العاصفة التى صاحبت إصدار قانون المستشفيات الجامعية الجديد.. بعد خضوع اللائحة التنفيذية للمناقشة والمراجعة الدقيقة بالمجلس الأعلى للجامعات للخروج بأفضل التصورات فى ضوء ما رصده ذوو الخبرة والمهنية من الأطباء من مشكلات محتملة عند التنفيذ على أرض الواقع تهم الطبيب والمريض والدولة على حد سواء. فالمستشفيات الجامعية قبلة المرضى الباحثين عن خدمة طبية على أيدى أطباء متخصصين، وهو ما يجعلها تقدم خدمات التشخيص والعلاج والمتابعة لنحو 13 مليون مواطن سنويا فى 110 مستشفيات منتشرة فى أنحاء الجمهورية، بما يوازى 70٪ إجمالى الخدمات العلاجية فى النظام الصحى تقريبا. إلا أن الأمر لا يخلو من التحديات .. فالموازنة العامة تمد المستشفيات بنحو 1.5مليار جنيه فقط، وهو جزء ضئيل أمام الأعباء المتزايدة عليها نتيجة كثرة الوافدين من المرضي، ولذا تمثل التبرعات ومصادر الدخل الأخرى رافدا مهما لتلبية احتياجات العلاجات والمستلزمات والصيانة، فضلا عن ضرورة توفير أجور عادلة للطاقم الطبى والهيئات المعاونة من أجل استمرار منظومة العمل وتحسين مردودها على المريض. الأهمية القصوى للمستشفيات الجامعية عند المواطن المصرى جعلته متابعاً جيداً لموجات التأييد والرفض التى صاحبت قانون المستشفيات الجامعية الجديد الذى تم إقراره فى مارس الماضي، وسط حالة من الجدل حول أهمية القانون ودوره فى تحسين منظومة العمل ورفع كفاءة الخدمة المقدمة وعلاج تحديات التمويل التى تكبل المستشفيات الجامعية، وتخوفات من الاتجاه إلى فصل تبعية المستشفيات الجامعية عن كليات الطب فى القانون الجديد، وشكوك أخرى حول استمرارية العلاج بالمجان، وغيرها من أمور فنية وإدارية لا يعلمها جيداً من هم خارج منظومة العمل الطبى والجامعي، ويظل التساؤل الأهم : كيف سوف تؤثر منظومة العمل الجديدة وفقا للقانون الجديد على الخدمات المقدمة للمريض ؟ دراسة متأنية الدكتور حسين خالد رئيس لجنة القطاع الطبى بالمجلس الأعلى للجامعات قال إن اللجنة فى حالة انعقاد مستمر للخروج بمسودة اللائحة التنفيذية لقانون المستشفيات الجامعية بالشكل اللائق، والذى يخدم منظومة تقديم الخدمة الطبية فيها، واضعين أمام أعيننا مصلحة المريض فى المقام الأول..ونستمع بأذن صاغية للمقترحات وأوجه الاعتراض المرفوعة من أساتذة كليات الطب، بمشاركة أعضاء اللجنة المكونة من عمداء كليات الطب من مختلف الجامعات المصرية وعدد من الخبراء فى المجال الطبى بهدف القراءة المتأنية والدراسة المستفيضة لإخراج اللائحة التنفيذية فى أفضل صورها بما يلائم طبيعة عملها ويحقق توافقا لدى الأغلبية. وتستكمل حاليا اللجنة مناقشة اللائحة التنفيذية بعد الانتهاء من نحو 12 بندًا من بنودها البالغ عددها 41 بندا تتناول فى مجملها شروط وإجراءات ومتطلبات إنشاء وتشغيل ومتابعة العمل بالمستشفيات الجامعية، وآلية تشكيل المجلس الأعلى لها، وتنظيم العمل بالمستشفيات من خلال أعضاء هيئات التدريس ومعاونيهم، وينتظر عقب الانتهاء من اللائحة أن يتم طرحها على المجتمع وأساتذة كليات الطب قبل إقرارها من وزارة التعليم العالي. وأكد أن القانون جاء لضبط منظومة عمل المستشفيات الجامعية بما يضمن استمرار عملها فى تقديم رعاية طبية تليق بالمواطن، ولا خلاف على عدد من الحقائق حول قانونها الذى لا يؤهل لخصخصتها، وأنه لا مساس بمجانية العلاج، كما لا يفتح القانون الباب لغير أعضاء هيئة التدريس للعمل بالمستشفيات الجامعية، أو يمهد بفصلها عن كليات الطب. حق المريض والطبيب يقول الدكتور صلاح الغزالى حرب أستاذ أمراض السكر والغدد الصماء بطب قصر العينى بالتأكيد نحن جميعا مع تطوير المستشفيات الجامعية وتحسين آدائها وتحقيق الاستفادة فى إدارة مواردها، ولكن دون تدخل مع صفتها أو التلميح بما قد يوجب الفصل بين الكليات ومستشفياتها، فالمستشفى هى الأقسام الإكلينيكية و«روح» كلية الطب، وهو أمر لا يمكن التنازل عنه من أجل تحقيق ضبط سير الرعاية الصحية فى هذه الكيانات من جهة، والإبقاء على مصلحة المريض وحقه فى تلقى خدمة طبية لائقة من جهة أخرى مع الحفاظ على مجانية العلاج فى المستشفيات الجامعية. مؤكداً أن التدريس والمشاركة فى تقديم الخدمة العلاجية ومناظرة المرضى وتدريب شباب الأطباء، فضلا عن إجراء الأبحاث هو دور أصيل لأطباء المستشفيات الجامعية ولا يمكن التهاون فيه.. ولا مانع بجانب الحفاظ على هذه الأدوار الأصيلة من إدخال بعض المقترحات الأخرى كتعيين أطباء آخرين بمقابل مادى خلال فترات مسائية وما شابه، من أجل تمديد فترات تقديم الخدمة أو توفير مدخلات مادية للمستشفي. ولا يوجد تضارب فى تطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل والتى يتوقع أن تشارك المستشفيات الجامعية كعنصر أساسى فى نجاحها طالما تم الحفاظ على صفة هذه المستشفيات ومراعاة حق المريض فى العلاج بالمجان. تأثيرات سلبية ويشير إلى أن رفض مسودة اللائحة التنفيذية التى تم تداولها خلال الفترة الماضية يعتبر امتدادا للانتقادات التى سبق وان وجهت للقانون الجديد للمستشفيات الجامعية على مدار السنوات السابقة، فبعض المواد أغفلت الطبيعة المميزة للمستشفى الجامعى عما سواه، إذ أن وصف المستشفى يعنى ما تشمله من الأقسام الإكلينيكية للكلية، الباطنة والجراحة والنساء والأطفال إلى آخره، فدورها ليس تقديم الخدمة الطبية فقط، وإنما يمتد إلى مهام التدريس، الخدمات البحثية، وتدريب أطباء الامتياز والنواب والدراسات العليا. ومن المعروف أن المستشفيات الجامعية تسهم فى تقديم نحو70% من الخدمة العلاجية، كما تقدم خدمات علاجية مجانية وهو ما يجعلها كيانات غير هادفة للربح..وهو ما جعل الغالبية العظمى من الأطباء تتحفظ وتنبه إلى التأثير السلبى المتوقع على العملية التعليمية والبحثية خاصة فى الأقسام الإكلينيكية ولذا كان التأكيد أن الشكل الحالى للقانون ولائحته لا يخدمان أياً من الطالب أو المتدرب أو المريض أو عضو هيئة التدريس. ويستطرد: لقد وضعنا كل التحفظات والاقتراحات اللازمة لإعادة التوازن وضبط المشهد أمام لجنة القطاع الطبى بالمجلس الأعلى للجامعات وهو الجهة المنوط بها صياغة ومراجعة بنود اللائحة التنفيذية.. وهو ما يتيح الدراسة المتأنية وسماع جميع الآراء للوصول إلى أفضل التصورات، ومن ثم عرضها على مجالس الأقسام فى كليات الطب لمناقشتها والتوافق عليها قبل إقرارها النهائي. الطبيب مدرساً وباحثاً وممارساً أما الدكتور محمد نصر نقيب أطباء الجيزة و أستاذ جراحة القلب بمعهد القلب، فيؤكد أنه لا يمكن فصل التعليم فى قاعات التدريس عن الممارسة الإكلينيكية والتدريب العملى فى المستشفيات الجامعية ولا يمكن أن يتفرغ طبيب من أجل إجراء الأبحاث العلمية فقط، فكيف يكون ذلك وجميعنا نعلم أن الأبحاث تأتى نتيجة لمواجهة الصعوبات فى التطبيق، ولذا يتوجب أن يظل الطبيب مدرسا وباحثا وممارسا حتى لا يفقد مهاراته، ويستطيع إن ينقل خبراته إلى الأطباء الأصغر بما يسهم فى استمرارية وتحسين الخدمة العلاجية، وهو ما يطبق فى دول الخارج. لا مانع من التعديلات الدكتور مكرم رضوان عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، أكد أن هناك حاجة ملحة الى وجود قانون ينظم عمل المستشفيات الجامعية والواقع أنها مكبلة بالعديد من التحديات أمام عملها على الرغم من مساهماتها فى تقديم الجزء الأكبر من الخدمة الصحية لما يقرب من 30 مليون مواطن سنويا.. فالجامعات تتحمل تكاليف المستشفيات الجامعية بما قد يؤثر فى باقى كليات ومؤسسات الجامعات, ويضاف إلى العبء المادي، الأعداد الزائدة فى المتوافدين بما يؤثر فى إمكانات المستشفى وقدرات الطواقم الطبية، وهو ما ينعكس على صعوبة متابعة المريض بصورة كاملة.. والقانون يهدف إلى تحقيق العدالة فى الجهد بين الأطباء فهناك من يعملون بصورة كاملة، وآخرون يعملون بنصف جهد، وآخرون لا يعملون ويتقاضون أجراً بلا جهد، لذا فالقانون فى فكرته صالح وعادل، وإن كنت أرى انه كان لابد من إعطائه مزيداً من الوقت من أجل الدراسة المستفيضة.. ومن أهم النقاط الإيجابية هو أن المقابل المادى حسب الإنتاج للمستشفي، وهو الفكر الذى يتماشى مع منظومة التأمين الشامل الجديد، حيث يتم توفير الدعم المادى حسب المنتج ممثلا فى تقديم الخدمة العلاجية. وتابع أن الجدل السائد حول التبعات المرتبة على القانون يطرح العديد من التساؤلات المهمة لابد من التوقف أمامها قبل التطبيق منها: ماذا يترتب على بقاء الطبيب كعضو هيئة تدريس دون المشاركة فى تقديم الخدمة فى المستشفي؟ أين يدرب تلاميذه وكيف ينقل خبرته العملية إلى الأجيال الجديدة؟ وهو ما قد ينبئ بالفصل كما يتخوف البعض، أيضا ماذا إذا أبدى عدد كبير من أعضاء هيئات التدريس رغبة فى المشاركة فى تقديم الخدمة؟ وهو ما يعنى أن عددا كبيرا لابد له من الحصول على مقابل مادى كاف فمن أين يتم توفير كل هذه النفقات هل هناك استعداد لها؟... فحص العين للمريض [تصوير سعد فج النور] كل هذه التساؤلات لابد من دراستها وبحث آليات تطبيقها وكذلك سبل تنفيذها وتمويلها. خلال المناقشة فى الجلسة العامة أردنا إدخال بعض المواد ولكن ضيق الوقت حال دون ذلك، مثل الاستعانة بالأعداد الوفيرة فى أعضاء المستشفيات للاستفادة بخبراتهم فى رفع كفاءة مستشفيات وزارة الصحة، وهو ما يخلق توءمة بما يحفظ للطبيب درجته العلمية من أجل الدولة ومصلحة المواطن. ونبه إلى أنه لا يوجد ما يمنع من مراجعة القانون فى النقاط الحيوية التى تفيد المجتمع والمريض، مع ضرورة دراسة كيفية توفير آليات التمويل وفقا لمصادر محددة وبعيدة عن تحميل المريض أى أعباء مادية إضافية، وأى مستشفى يكون المريض وعلاجه وشفاؤه هى غايته الأسمى وعلى هامش القيام بالبرامج العلاجية يكون التعليم والتدريب بشرط عدم تأثر البرنامج العلاجى واحترام حقوق المريض كاملة و منها موافقته الكتابية على حدوث التدريب. تنفيذ أفضل للمنظومة وتصف الدكتورة شيرين فراج عضو لجنة التعليم العالى بمجلس النواب، قانون المستشفيات الجامعية الجديد بأنه ليس بالسيئ، إذ انه يحمل الاطار العام فى تحقيق الاستفادة الكاملة بالطاقات والقدرات البشرية الموجودة، والحد من التعيينات الجديدة دون فائدة وتنظيم لعملها، وهو ما يصب فى مصلحة المريض الذى يحتاج إلى منظومة صحية جيدة تحقق له خدمة صحية لائقة ومميزة، ففكرة القانون الجديد هى تشجيع أساتذة الجامعة للعمل فى المستشفيات الجامعية مقابل أجر، مع تحديد أفضل للمكان والالتزام الزمني، وهو ما يتوقع مساهمته فى تنفيذ أفضل للبرامج التعليمية والعلاجية والتدريبية والبحثية. وتضيف أن القانون لم يأخذ نصيباً كافياً من حيث الطرح للحوار المجتمعى والمناقشة المستفيضة خاصة لأطباء المستشفيات الجامعية، وهم أول المتأثرين بتطبيقه، ولذا تتأتى أهمية اللائحة التنفيذية لتتمم تفاصيله بما يتلاءم مع التطبيق على أرض الواقع. سبب الأزمة وترى النائبة شيرين أن الأصوات بدأت تتزايد بالتخوفات والرفض لمسودة اللائحة التنفيذية للقانون، وهو أمر يدعو لمزيد من الدراسة بمشاركة كل الأطراف المعنية بما يضمن مواجهة العيوب وتلافيها عند التطبيق، ومن الضرورى الآن أثناء صياغة اللائحة التنفيذية - وهى مهمة منوطة بوزارة التعليم العالى - محاولة حصر وجمع كل الرؤى والاقتراحات المطروحة من جانب أطباء المستشفيات الجامعية لاستيعابها للوصول الى توافق، مع ضرورة الاستناد فى هذه المرحلة إلى أسلوب اتخاذ القرار المبنى على دليل علمي، فلابد من تجميع البيانات الدقيقة عن أعداد الأطباء، وتخصصاتهم، وحجم العمل المطلوب، والمقابل المادى ومصادره وغيرها من معلومات مهمة من أجل إعداد خطة واقعية قابلة للتنفيذ لإنجاح تطبيق القانون ولائحته بما يصب فى مصلحة المريض بأن يجد طبيبا ذا مهارة وخدمة لائقة وبتكلفة تناسبه ولا تزيد أعباءه. وترفض دعوات إلغاء القانون قائلة نحن أمام قانون تم إقراره بالفعل، وبالتالى فإن المتاح هو اللجوء إلى طلب تعديل بعض بنوده نتيجة ظهور أخطاء، مؤكدة أن القانون مر بجلسات مناقشة مشتركة بين لجان التعليم والصحة بمجلس النواب أعقبها مناقشة فى الجلسة العامة وكل هدفها الدراسة ونقل أصوات الأطباء ومطالبهم إلى داخل البرلمان وهو ما عملنا من جانبنا على تحقيقه قدر الإمكان.