ارتفاع صاروخي يضرب أسعار الذهب وعيار 21 يسجل 5225 جنيها والأوقية تصل ل 3,886 دولار    مسؤول أمريكي يكشف موعد بحث نزع سلاح حماس بعد الرد على خطة ترامب    نشرة أخبار الطقس| الأرصاد تحذر من أمطار والعظمى 33 في القاهرة و38 بالصعيد    جهود أمنية لكشف لغز وفاة طالبة بشكل غامض أثناء تواجدها في حفل زفاف بالفيوم    اليوم.. محاكمة متهم بالانضمام لجماعة إرهابية في بولاق الدكرور    شهادات البنك الأهلي ذات العائد الشهري.. كم فوائد 100 ألف جنيه شهريًا 2025؟    المتخصصين يجيبون.. هل نحتاج إلى مظلة تشريعية جديدة تحمي قيم المجتمع من جنون الترند؟    سيناريوهات تأهل منتخب مصر ل ثمن نهائي كأس العالم للشباب 2025    يتطلع لاستعادة الانتصارات أمام المحلة| الزمالك ينفي رحيل عواد.. وينهي أزمة المستحقات    الأهلي يسعى لصعق «الكهرباء» في الدوري    هل إجازة 6 أكتوبر 2025 الإثنين أم الخميس؟ قرار الحكومة يحسم الجدل    أسعار الفراخ اليوم السبت 4-10-2025 في بورصة الدواجن.. سعر كيلو الدجاج والكتكوت الأبيض    أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 في الأسواق المصرية    رغم تحذيراتنا المتكررة.. عودة «الحوت الأزرق» ليبتلع ضحية جديدة    الخبراء يحذرون| الذكاء الاصطناعي يهدد سمعة الرموز ويفتح الباب لجرائم الابتزاز والتشهير    في ذكرى حرب أكتوبر 1973.. نجوم ملحمة العبور والنصر    في الدورة ال 33.. أم كلثوم نجمة مهرجان الموسيقى العربية والافتتاح بصوت آمال ماهر    مسلسل ما تراه ليس كما يبدو.. بين البدايات المشوقة والنهايات المرتبكة    رئيس الطائفة الإنجيلية يشهد إطلاق المركز الثقافي بالقاهرة الجديدة    وسائل إعلام فلسطينية: إصابة شابين برصاص الاحتلال خلال اقتحام قلقيلية واعتقال أحدهما    عبد الرحيم علي ينعى خالة الدكتور محمد سامي رئيس جامعة القاهرة    البابا تواضروس: الكنيسة القبطية تستضيف لأول مرة مؤتمر مجلس الكنائس العالمي.. وشبابنا في قلب التنظيم    حرب أكتوبر 1973| اللواء سمير فرج: تلقينا أجمل بلاغات سقوط نقاط خط بارليف    إصابة 7 أشخاص في حادث تصادم بالطريق الدائري بالفيوم    "بالرقم الوطني" خطوات فتح حساب بنك الخرطوم 2025 أونلاين عبر الموقع الرسمي    كأس العالم للشباب.. أسامة نبيه يعلن تشكيل منتخب مصر لمواجهة تشيلي    ثبتها حالا.. تردد قناة وناسة بيبي 2025 علي النايل سات وعرب سات لمتابعة برامج الأطفال    «نور عيون أمه».. كيف احتفلت أنغام بعيد ميلاد نجلها عمر؟ (صور)    "أحداث شيقة ومثيرة في انتظارك" موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الموسم السابع على قناة الفجر الجزائرية    مستشفى الهرم ينجح في إنقاذ مريض ستيني من جلطة خطيرة بجذع المخ    اليوم، الهيئة الوطنية تعلن الجدول الزمني لانتخابات مجلس النواب    اسعار الذهب فى أسيوط اليوم السبت 4102025    بعد أشمون، تحذير عاجل ل 3 قرى بمركز تلا في المنوفية بسبب ارتفاع منسوب النيل    بيطري بني سويف تنفذ ندوات بالمدارس للتوعية بمخاطر التعامل مع الكلاب الضالة    نسرح في زمان".. أغنية حميد الشاعري تزيّن أحداث فيلم "فيها إيه يعني"    الخولي ل "الفجر": معادلة النجاح تبدأ بالموهبة والثقافة    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم السبت 4102025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة الأقصر    تتقاطع مع مشهد دولي يجمع حماس وترامب لأول مرة.. ماذا تعني تصريحات قائد فيلق القدس الإيراني الأخيرة؟    هدافو دوري المحترفين بعد انتهاء مباريات الجولة السابعة.. حازم أبوسنة يتصدر    تامر مصطفى يكشف مفاتيح فوز الاتحاد أمام المقاولون العرب في الدوري    حمادة طلبة: التراجع سبب خسارة الزمالك للقمة.. ومباراة غزل المحلة اليوم صعبة    النص الكامل ل بيان حماس حول ردها على خطة ترامب بشأن غزة    احتفاء واسع وخطوة غير مسبوقة.. ماذا فعل ترامب تجاه بيان حماس بشأن خطته لإنهاء حرب غزة؟    تفاعل مع فيديوهات توثق شوارع مصر أثناء فيضان النيل قبل بناء السد العالي: «ذكريات.. كنا بنلعب في الماية»    لبحث الجزر النيلية المعرضة للفيضانات.. تشكيل لجنة طوارئ لقياس منسوب النيل في سوهاج    «عايزين تطلعوه عميل لإسرائيل!».. عمرو أديب يهدد هؤلاء: محدش يقرب من محمد صلاح    "مستقبل وطن" يتكفل بتسكين متضرري غرق أراضي طرح النهر بالمنوفية: من بكرة الصبح هنكون عندهم    تفاصيل موافقة حماس على خطة ترامب لإنهاء الحرب    الرد على ترامب .. أسامة حمدان وموسى ابومرزوق يوضحان بيان "حماس" ومواقع التحفظ فيه    محيط الرقبة «جرس إنذار» لأخطر الأمراض: يتضمن دهونا قد تؤثرا سلبا على «أعضاء حيوية»    عدم وجود مصل عقر الحيوان بوحدة صحية بقنا.. وحالة المسؤولين للتحقيق    ضبط 108 قطع خلال حملات مكثفة لرفع الإشغالات بشوارع الدقهلية    لزيادة الطاقة وبناء العضلات، 9 خيارات صحية لوجبات ما قبل التمرين    الشطة الزيت.. سر الطعم الأصلي للكشري المصري    هل يجب الترتيب بين الصلوات الفائتة؟.. أمين الفتوى يجيب    مواقيت الصلاه في المنيا اليوم الجمعه 3 أكتوبر 2025 اعرفها بدقه    تكريم 700 حافظ لكتاب الله من بينهم 24 خاتم قاموا بتسميعه فى 12 ساعة بقرية شطورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر اليوم فى عيد.. الفلاح وأهم مشروع.. السم فى ثلاث كلمات!
نشر في الأهرام اليومي يوم 25 - 01 - 2019

فى مثل هذا اليوم 25 يناير من 67 سنة.. دارت معركة وإن شئنا الدقة مجزرة.. بين 800 جندى وضابط من الشرطة المصرية يحملون البنادق ال «لى إنفيلد» التى هى لا آلية ولا نصف آلية.. إنما بندقية يتم تعميرها طلقة بطلقة من خلال سحب أجزائها باليد مع كل طلقة.. فى مواجهة 7 آلاف جندى من جيش بريطانيا «العظمى» وقتها.. بجنوده ودباباته ومدافعه ورشاشاته!. ليه؟.
لأن العمليات الفدائية الناجحة فى خط القناة ضد الإنجليز.. وفشل الإنجليز فى القبض على الفدائيين.. للشرطة دور فيها بما توفره من معلومات للفدائيين.. وهذا ما جعل الإنجليز يصنعون أزمة مع الشرطة.. يعرفون مقدمًا رد فعل الشرطة فيها!.
الإنجليز طلبوا استسلام قوات الشرطة الموجودة فى مبنى المحافظة وتسليم أسلحتهم للإنجليز وإخلاء المبنى لأجل أن يحتله الإنجليز!. أمر إذعان رفضته الشرطة.. التى كان قرارها.. الدفاع عن المحافظة.. بأرواحها.. لأنه دفاع عن كرامة وعزة كل المصريين!.
بدأت المعركة بعد غروب شمس 25 يناير 1952 واستمرت ساعتين.. وكان الإنجليز يتوقعون نهايتها فى دقيقتين!. سقط 50 شهيدًا و80 مصابًا من شرطة مصر المستمرة فى الدفاع عن أرض وعِرْضِ المصريين حتى نفاد طلقات البنادق.. ومع ذلك استمر الرجال فى مواقعهم.. رافضين تسليم سلاحهم.. إلى أن غير الإنجليز قرارهم.. وقبلوا خروج الرجال بسلاحهم!.
فى هذا اليوم.. يوم 25 يناير 1952 عرفت وتعلمت وأيقنت.. الإمبراطورية التى لا تغيب الشمس عن البلاد التى تحتلها حول العالم.. أن المصريين غِيرْ!. أى شجاعة تلك التى فى قلوب هؤلاء الرجال.. الذين يدركون أنهم ببنادقهم سوف يحاربون جيش بريطانيا العظمى بدباباته والآلاف من جنوده.. ولم يترددوا لحظة فى رفض الإنذار البريطانى.. وإصرارهم على حماية المحافظة والدفاع عنها.. ببسالة ورجولة وشموخ!.
انتصر الإنجليز فى المعركة واحتلوا المحافظة لفارق العتاد والإعداد.. إلا أن رجال الشرطة المصرية.. احتلوا المساحة الأكبر فى التقييم الشامل للمعركة.. التى كانت جرس إنذار للإنجليز.. باستحالة بقاء احتلالهم للأراضى المصرية.. فى ظل وجود هذه النوعية من الرجال.. الذين يحملون أرواحهم على أيديهم.. نداء لمصر!.
وفعلا رحل الإنجليز عن مصر بعدها بسنتين.. بعدما أيقنوا أن مصر مستحيلة عليهم.. بشجاعة وتضحية وفداء أبنائها!. منذ هذه المعركة.. أصبح 25 يناير عيدًا للشرطة.. التى أكدت للعالم كله.. وقتها وبعدها.. أهليتها لأن يكون هذا اليوم عيدها!. ولهذا السبب كانت الشرطة أول من تم استهدافه.. بعد كل هذه السنوات.. فى ربيعهم العربى.. لأن سقوطها لابد منه.. لأجل إسقاط مصر لا قدر الله!.
لكن الشرطة التى علّمت الإنجليز درسًا من 67 سنة.. عادت لتعلم الغرب كله هذه المرة.. أنها لن تسقط حتى وإن قدمت ألف شهيد وقرابة ال20 ألف جريح فى معركتها ضد الإرهاب وضد الفوضى وضد كل محاولات تغييب الأمن والأمان!.
وانتصرت شرطة مصر.. وبقيت مصر آمنة.. بدماء الشهداء وتضحيات وفداء وبسالة الرجال..
كل سنة ومصر كلها طيبة بمناسبة عيد الشرطة.. وكل التحية والاحترام والامتنان للشرطة فى عيدها.
.............................................................
أحد لا يعرف أن الفلاح المصرى.. هو أول من اخترع المشروعات الصغيرة ربما فى العالم كله!. كيف؟.
الفلاح المصرى زمان.. يمسك الفلوس مرتين فى السنة.. مع القطن ومع القمح أو الأرز أو أى زرعة موسمية طويلة.. وخلال ذلك.. هو يأكل ويشرب فى حياته اليومية.. من خلال مشروعاته الصغيرة ومتناهية الصغر.. مثل:
الخضار.. ملوخية وكوسة وبامية وباذنجان مع الفجل والجرجير والبصل والثوم والسِرِيس والجعضيض.. كل هذه الخضراوات.. يزرعها فى أطراف الحقل.. وسطر بامية هنا وآخر باذنجان هناك والسريس والجعضيض والرجلة بيطلعوا شيطانى فى الأرض.. المهم أن الخضار موجود بدون مقابل!.
فى البيت.. فرختين وبطتين وجوز أرانب.. أكلهم من بقايا وجبات الفلاح مع وجبة «دشيش» أساسية وهى ذرة مجروشة.. فى البيت جاموسة أو بقرة.. بيطلع منها لبن وجبن وزبدة..
يوم السوق الأسبوعى أهم مركز تجارى لتسويق مشروعات الفلاح الصغيرة!. السوق يقام كل أسبوع فى يوم محدد.. هو أقرب إلى يوم العيد.. كل القرى.. قبلتها «المركز» الذى تتبعه.. والذى أحد معالمه «السوق» الذى يقام أسبوعيًا فى يوم محدد.. المهم أن الجميع جاء إلى السوق.. ببعض منتجات مشروعاته الصغيرة ليبيعها.. وبقيمتها يشترى احتياجات الأسبوع حتى موعد السوق القادم!. يبيع جبنة أو زبدة أو فرخة أو بطة.. أو أكثر أو أقل.. وفقًا لما سوف يشتريه..
وهكذا تسير الأمور.. الحياة اليومية للفلاح.. تصرف عليها مشروعاته الصغيرة.. بيضة وفرخة ولبن وزبدة وربع كيلة قمح أو أرز.. والأمور الكبيرة منها تجهيز البنت للزواج أو تدبير المهر للابن وتأمين مصروفات الجامعة لمن خرج من القرية يتعلم.. فهذه مسائل مُعَلَّقة للقطن والقمح والأرز.. حيث يمسك الفلاح بإيديه الفلوس!.
بقى الريف مزدهًرا.. بوجود مشروعات الفلاح الصغيرة.. التى توفر سيولة مالية أسبوعية.. تغطى احتياجات الفلاح كل أسبوع.. والأهم هنا.. أن الفلاح لا يمثل عبئًا على الحكومة.. ولا يشترى بيضًا من جمعية ولا رغيف عيش من طابونة.. البيض والجبنة واللبن.. فى البيت.. ورغيف العيش بيخبزه فى البيت.. وما يحتاجه لأنه خارج عن إرادته.. زيت وصابون وشاى وسكر.. يشتريهم مقابل منتجات زرعها أو أنتجها وباعها..
والخلاصة.. الفلاح «شايل» نفسه.. باكتفاء ذاتى وتوازن دقيق.. الفائض منه يعوض المحتاج إليه.. وفجأة!.
مشروعات الفلاح الصغيرة توقفت.. لأن حياة الفلاح اختلفت وتغيرت وإن شئنا الدقة اتشقلبت!.
فى أوائل الثمانينيات ظهرت مغريات الهجرة للخارج أمام الفلاح.. بعد أن كانت مقصورة على العمالة الفنية والمهن المختلفة!. تحديدًا العراق فتح أبوابه لاستقبال الفلاحين.. وسافر من سافر.. وعاد من عاد.. والحكومة تتفرج!.
الذين عادوا.. معهم تحويشة العمر مثلما يقولون.. ونحن فى غفوة.. لا الحكومة فكرت ولا الإعلام تنبه.. أن تحويشة العمر هى التى خلقت المشكلة.. وقضت على مشروعات الفلاح الصغيرة.. التى هى رقم فى الميزانية وجزء من النمو!. حدث هذا.. فى غياب أو غيبوبة الأجهزة المعنية وهى وزارة الزراعة والإصلاح الزراعى وقتها!. إزاى؟.
كان يجب أن يقدموا مشروعات.. يستثمر فيها العائدون من العراق وغير العراق.. أموالهم فيها؟.
طبعًا مشروعات زراعية.. لأنه الشىء الذى يعرفه ويتقنه الفلاح.. ولا أعرف ولا أدرى كيف لم يفكروا وقتها.. فى الاستفادة من الظهير الصحراوى للمحافظات.. بتخطيط له.. تدمج فيه المحافظات التى لها ظهير صحراوى مع التى ليس لها ظهير.. بحيث يضمن التخطيط تكوين مجتمعات زراعية جديدة فى الصحراء.. التى تُعرض أراضيها بأسعار بسيطة.. وهى كانت بسيطة وقتها.. مع تقسيطها على ألا يبدأ الدفع.. إلا بعد إنتاج الأرض!.
تخيلوا حضراتكم.. لو أن الزراعة أو الإصلاح الزراعى.. خصص للقادمين من العراق ومعهم فلوس.. أرضا صحراء لتحويلها زراعية.. لو حدث ذلك.. لاستثمرنا كل هذه الأموال.. فى إنشاء.. مليون وربما 2 مليون فدان أرضًا زراعية.. وإنشاء قرى جديدة ومجتمعات جديدة.. أضافت الجديد والزائد للرقعة الزراعية.. وشىء من هذا لم يحدث.. والنتيجة!.
العائدون من العراق وغير العراق.. معهم فلوس ولا يعرفون ماذا يفعلون بها.. فحدث.. ما قضى على ريف مصر!.
بدأت بحالات فردية هنا وهناك.. الابن العائد من الخارج بتحويشة العمر.. قرر هدم البيت الريفى «اللى» بالطوب النى.. وبناء بيت بالحجر.. وطالما حجر.. لماذا لا يكون دورين وثلاثة وأربعة وخمسة!. بدأت الحكاية.. ببيت حجر هنا وآخر هناك.. لكن الغيرة والمعايرة والتقليد جعلوها عدوى تنتشر من على بعد.. بمجرد السمع.. والبيوت الريفية تختفى ومكانها ظهرت البيوت المتعددة الأدوار.. وتلك كانت نهاية مشروعات الفلاح الصغيرة!. العمارة اللى أربعة أدوار.. لا فيها مكان فى الدور الأرضى.. لجاموسة أو حتى معزة أو شوية فراخ على جوزين أرانب.. ولا طبعًا فى الأدوار العليا.. والمحصلة!.
الفلاح الذى كان يخبز رغيف عيشه وينتج ويربى ما يعيش عليه يوميًا.. أصبح رقمًا فى طابور العيش والبيض والسمن..
مليارات فلوس الهجرة انفقناها على هدم البيوت الريفية وبناء البيوت الحجرية.. التى قضت على مشروعات الفلاح الصغيرة.. التى كانت عمودًا فقريًا للاقتصاد الزراعى!. المليارات التى دمرنا بها الريف.. هى بالضبط مثل مليارات الجنيهات التى أنفقناها فى الساحل الشمالى المقفول عشرة شهور فى السنة!.
أرض الدلتا السمراء تتآكل بالاعتداء عليها والبناء فيها.. وهذه كارثة والكارثة الأكبر.. ألا نقدم حلولًا.. نضمن بها أرضًا زراعية جديدة مضافة!. قد يقول قائل: كيف.. وهناك إعلانات عن أراضٍ صحراوية لاستصلاحها!.
الحل العملى الذى يضمن تحويل الأرض الصحراوية إلى زراعية.. وليس إلى فيلات وملاعب جولف.. أن تتم دراسة الأمور.. لأجل تلافى هذه الفضيحة.. والفضيحة تمت.. لأننا سلمنا القُط مفتاح الكرار مثلما يقول المثل.. وأعطينا الأرض المطلوب تحويلها زراعية.. لمن يعملون ويربحون بالمشروعات السكنية!.
كفى هزلًا!. خططوا لأجل استيعاب الكثافة الزائدة بالدلتا.. فى المشروعات الحقيقية لتحويل الصحراء لأرض زراعية!.. وهذا يتطلب: تسليم المحافظات القديمة بالدلتا.. الأرض الصحراوية الجديدة المراد زراعتها.. وقرى كل مركز فى الدلتا.. هى نفسها فى المجتمع الزراعى الجديد بالظهير الصحراوى.. تشجيعًا للهجرة الجديدة.. وضمانًا للتعاون والتماسك فى المجتمع الجديد.. الذى فيه البيت الريفى.. يسمح بقيام المشروعات الصغيرة للفلاح.. التى بها ينعدل الهرم المقلوب.. ويعود الريف قاعدة للإنتاج.. وليس رقمًا كبيرًا فى طوابير الاستهلاك!.
.............................................................
عشنا سنوات طويلة فى «غفوة» جماعية.. أفقدتنا القدرة على تمييز الخطأ من الصواب.. فاختلط الصالح بالطالح.. فتاهت المعالم وانعدمت الرؤية واختفت العلامات وخرجنا من الطريق.. إلى طريق بلا ملامح أو إرشادات نعرف منها أوله من آخره!.
عندما تصبح جملة مجهولة المصدر من ثلاث كلمات على كل لسان.. هى شاهدنا ولسان حالنا فى كل وقت.. وأى مكان.. وكأنها خلاصة.. الموروثات الشعبية والأقوال المأثورة..لأجيال أقدم دولة فى العالم!.
عندما نستشهد بالجملة «اللى» من ثلاث كلمات.. على أنها العنصر الأوحد للتقييم بين المصريين.. وعندما نستخدمها ونقولها ببساطة وتلقائية وبلا وعى لمعناها ولا إدراك لكارثة ترديدها.. فهذا دليل على أننا أصبحنا الغيبوبة ذات نفسها.. لأن الإنسان الواعى.. يستحيل أن يكون معيار التقييم عنده.. هو أخطر أسلحة الدمار له!.
الجملة «اللى» من ثلاث كلمات حافظينها «ومش» فاهمينها.. وبيقولها كل المصريين.. مِنْ مَن هم.. على باب الله.. ووصولا للسادة المسئولين.. فى بيوتنا وشوارعنا ومؤسساتنا ووزرائنا.. نقولها على أنها قولًا واحدًا شهادة جامعة.. لا كلام بعدها!.
معيار الكفاءة الأقوى فى مصر بين المصريين.. ثلاث كلمات: كفاية إنه نضيف!..
المقصود هنا ب«نضيف» إنه أمين.. وعندما تصبح الأمانة عملة نادرة ومعيار المفاضلة الأوحد بين المصريين.. فهذه كارثة!. ليه؟.
لأن الأمانة مفروض أنها سمة شخصية لكل إنسان..وموجودة فى كل إنسان.. وأن غير الأمين مكانه السجن.. والطبيعى أن يكون كلٌ منا أمينًا.. والشاذ وغير الطبيعى أن يكون الواحد منا.. ولا مؤاخذة.. حرامى!.
مهم جدًا معرفة أن الجملة التى من ثلاث كلمات.. لم تظهر فى حياتنا مصادفة.. ولا دخلت قاموس لغتنا على غفلة.. ولا هى «لقيطة» مجهولة النسب.. لأنها لو كانت كذلك لرحلت قبل أن تأتى.. لأن عائلها.. تخلص وتبرأ منها.. ولكن! ترسيخ فكرة أن الأمانة أصبحت واحدة من أحلامنا.. فى وقت الكل فيه فاسد!. عبقرية خلط المفاهيم واضحة ومفضوحة!. مثلًا الشركات العالمية عندما تعلن عن أماكن شاغرة للعمل فيها.. فإن الفيصل.. الشهادات الحاصل عليها المتقدم للوظيفة.. وسابق الخبرات التى يمتلكها.. واستحالة أن تختار الشركة واحدًا.. بمبدأ كفاية إنه نضيف!.
العبقرية المُجْرِمَة.. أغفلت عمدًا معايير الكفاءة.. التى هى.. الشهادة والثقافة والخبرة.. ووضعت لنا خصيصًا لمعايير الكفاءة.. النظافة والطيبة والكرم!. لماذا؟.
لأجل أن نقول ونحن لا ندرى.. كفاية إنه نضيف.. دون أن ندرى.. بأن كلامنا اتهام واضح مباشر لنا جميعًا.. بأن أغلبنا.. ولا مؤاخذة.. حرامية.. لأننا من يؤكد «نُدرة» النظافة.. وأنها أصبحت معيار التقييم الأهم.. بعدما أصبح «عدم النظافة» الأساس.. والنظافة استثناء!.
عندما يصبح لسان حالنا ومعيار مفاضلتنا.. كفاية إنه نضيف.. فهذا معناه المباشر وإن لم ننطق به.. أن الغالبية الكاسحة غير نظيفة وحرامية.. ولذلك نحن نتندر بعثورنا على واحد نضيف مش حرامى.. ونعتبره كنزًا صعبًا أن تجد مثله.. وكفاية إنه نضيف!.
وطالما ابتلعنا الطُعم.. فالأمر مستمر لأجل أن يرسخوا فى عقولنا وصدورنا وقلوبنا.. أن الشرفاء قلة بيننا.. وغدًا نسمع أنفسنا نقول: كفاية إنه كريم.. بما يعنى أننا سُحْت.. وكفاية إنه طيب.. بما يشير إلى أننا أشرار!.
زمان.. من سنوات طويلة.. كتبت محذرًا من الظاهرة المدمرة الرهيبة.. على أمل أن تبحث الجهات المعنية الأمر.. اجتماعية ونفسية وتربوية.. وقبلها الأجهزة الأمنية المعنية برصد الدولة «المُصَدِّرَة» من الخارج والجهة المستوردة فى الداخل!.
الفكرة.. قادمة من هناك.. وتخريجها وإخراجها من مصريين هنا.. يحشرون الجملة اللى من ثلاث كلمات.. على لسان بطل فيلم أو نجمة مسلسل.. وإحنا أحسن ناس.. نقول من غير ما نعرف.. وفيلم واتنين.. ومسلسل ورا مسلسل.. أصبحت.. كفاية إنه نضيف.. ختم النسر المعتمد فى معايير الكفاءة.. وختم النسر المؤكد لانعدام «النضافة».. ولا حول ولا قوة إلا بالله!.
طيب.. والحل؟!. الحل سهل ونحن من جعلناه أصعب من الصعب!. سهل إذا ما وضعنا مصلحة الوطن.. فوق كل المصالح الصغيرة الضيقة.. التى تبحث عن المكاسب من وراء الإثارة!. «يعنى إيه»؟.
«يعنى» نحن من جعلنا الرأى العام.. لا يقرأ ولا يسمع ولا يرى من الإعلام والسينما.. إلا سيرة وحكايات النماذج السلبية السيئة!. أفلام المخدرات وأفلام مخاطبة الغرائز.. وصفحات الحوادث.. وبها ومعها.. جعلنا الرأى العام.. عايش ليل نهار فى مستنقع السلبيات البشرية.. وكأنه لا يوجد فى مصر إلا هذه الفئات الفاسدة المفسدة.. بينما الحقيقة غير ذلك تمامًا!.
لأنه إذا كان هناك حرامى.. فإنه يوجد فى المقابل ألف إنسان شريف.. لكننا لا نسمع إلا حكاية الحرامى.. ولا نعرف شيئًا عن الشريف!. ركزنا على الحرامية ونسينا الشرفاء!. ابتلعنا الطعم!. طعم كفاية إنه نضيف!.
الحل عند الإعلام والسينما والوسائل الثقافية الأخرى!.
الحل.. مساحة للإيجابيات!. الحل.. وضع كل ما هو إيجابى فى دائرة الضوء.. لتستعيد ذاكرتنا أن مصر مليئة بالشرفاء والناجحين والنبهاء.. وهى فعلًا كذلك!. وللحديث بقية مادام فى العمر بقية
لمزيد من مقالات ابراهيم حجازى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.