هل أصبحت الساحات الجامعية أماكن للاحتفال بأعياد الميلاد وطلب الزواج والتعبير عن الحب والاعتذار؟.. ولماذا صارت ساحات تنتشر فيها أمور تتنافى مع الأخلاقيات الدينية والتقاليد والأعراف الملازمة لمجتمعنا؟ وما هى أسباب التغيرات الأخلاقية والسلوكية المؤسفة التى طرأت على مجتمعنا أخيرا.. طرحت هذه التساؤلات على المختصين بعد أن شهدنا منذ أيام ما حدث فى جامعة المنصورة.. واقعة «الحضن» كما أطلقوا عليها، وهو الأمر الذى يعتبر مخالفا للقوانين الخاصة بالجامعات، التى تنص على مراعاة لقدسية الحرم الجامعى واحترامه.. د.فيفيان أحمد فؤاد أستاذ علم النفس بكلية الآداب بجامعة حلوان تقول: لكل زمن قيمه ومفاهيمه، وفكرة ما هو مباح أو غير مباح تختلف أيضا من جيل لآخر، وما نراه الآن فى الجامعات فى السنوات الأخيرة هو نتيجة لأشياء كثيرة، فنحن الآن فى عصر السماوات المفتوحة و«الإنترنت» والاطلاع على الثقافات الأجنبية، وما لها من تأثير سيىء على هذا الجيل من تقليد أعمى غير مرتب، وما يحدث من مثل هؤلاء الطلاب فهو سلوك غير محسوب لا يتعدى فكرة الاستعراض وليس المقصود الخطأ، ولكن لابد من العقاب من أجل التنبيه للتمسك بالقيم والتقاليد، كما أن إعطاء المزيد من الحريات فى السنوات الأخيرة والاختلاط والوجود لفترات طويلة فى الجامعة، بالإضافة إلى إساءة فهم هذا الجيل لمفهوم الحرية يجعله يصدر سلوكيات خاطئة لأنها حرية غير مسئولة، فالحرية لابد أن يحاسب فيها الفرد نفسه ويجعل ضميره هو الرقيب عليه. وأوضحت أنه من هنا نتطرق إلى فكرة غياب الرقابة الأسرية، فهى من الأسباب الرئيسية لأغلب مشكلات الأبناء السلوكية والأخلاقية، وذلك لسهولة استخدام الإنترنت، مع غياب متابعة الأبناء.. فالأب يعمل بالخارج أو غير موجود بالمنزل لفترات طويلة، والأم يتطلب عملها ذلك أيضا، وبالتالى لن تكون هناك فرص للحوار مع الأبناء والتحدث معهم، ودائما أقول إنه لابد أن نختلف مع أبنائنا لكى نتفق معهم ونحصل على نتائج مثمرة لهذه المناقشات والتى تظهر فى سلوكياتهم. من جانب آخر فإن أغلب هذا الجيل لا يعتبر مفهوم التصرف الخارج (الفضيحة) له وجود فى سلوكياتهم، فهم يعتبرونه حرية شخصية، خاصة أن بعض الأسر لا تحاسب الأبناء على مثل هذه التصرفات. وأخيرا تؤكد د. فيفيان أننا فى احتياج لعمل ندوات بالجامعات، خاصة للطلاب الجدد، للتوضيح لهم الفرق بين الزمالة والصداقة والعلاقات الشخصية، وما هى حدود الحرية والاختلاط، والتعامل فى هذه المرحلة بما يتماشى مع القيم الدينية والأخلاقيات المجتمعية والثقافات الشرقية بشكل عام. ومن الجانب التربوى تقول غادة السمان المرشد الأسرى والتربوى: تابعت ما حدث من تعليقات وتقييمات وأحكام فى هذه الواقعة بالذات، ولقد توقفت طويلا أمام قرار تحويل الفتاة لمجلس تأديب وفصلها نهائيا، لأنه عقاب يشبه كثيرا عقابنا لأبنائنا الذى هو رد فعل لغضبنا منهم فقط، وليس للتقويم أو التعليم.. وفى تقييم المشهد من جانب تربوى.. فالطالبة وزميلها وزملاؤهما يعكسون جيلا تركناه وحده يتربى على الأفلام والمسلسلات وأخيرا مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة، لم نفهم لغته وفشلنا فى التحاور معهم. وتؤكد أن أكبر هوة بين الأجيال هى التى حدثت فى العقدين الأخيرين، وكل ما نفعله الآن سواء كأسر أو كمسئولين هو مجرد رد فعل لما نراه. وتضيف أن هذا الجيل والأجيال التالية تحتاج منا أن نتعلم أصول التربية الإيجابية فى التعامل معهم حتى ننشئ جيلا واعيا ومتزنا التى من أهمها: بناء الشخصية المتزنة وغرس المراقبة الذاتية (الضمير) وأهمية مراقبة الله قبل الناس، وأيضا فهم المشاعر والتعبير عنها، ولكن بالأسلوب الصحيح وفى حدود الدين والعادات والتقاليد الاجتماعية، كما أن احترام الفروق الفردية لأبنائنا ومساعدتهم لتنميتها مع تحديد الأهداف والأولويات وتعليمهم الاختيار وتحمل المسئولية له أهمية كبيرة. وكل ذلك يكون بالحوار المتبادل والمتواصل بين الآباء والأبناء فهو مفتاح التربية الصحيحة.