«الخروج» البريطانى دون اتفاق سيربك المشهد فى أسواق الطيران.. حالة من القلق والترقب يعيشها قطاع النقل الجوى العالمى، خاصة فى أوروبا فى ظل الخروج المتوقع لبريطانيا من الاتحاد الأوروبى «البريكست» والمحدد له رسميا نهاية مارس المقبل... ومبعث القلق هنا هو عدم وضوح الصورة كاملة فيما يتعلق بالخروج البريطانى وخاصة بعد رفض مجلس العموم البريطانى منتصف الشهر الحالى الاتفاق الذى أبرمته رئيسة وزراء بريطانيا مع الاتحاد الأوروبى حيث لم يتم التوصل حتى الآن إلى اتفاق بين الطرفين على الترتيبات التى ستنتج عن هذا الخروج، فيما يتعلق بشئون النقل الجوى وحقوق الطيران بينهما... وتبدو حالة القلق أكثر وضوحا لدى الدول التى ترتبط باتفاقيات أجواء مفتوحة مع تكتل الاتحاد الأوروبى لأنه لن يكون بمقدور هذه الدول التمتع بميزات الأجواء المفتوحة أو طيران شركاتها من وإلى بريطانيا إلا بعد توقيع اتفاقيات للنقل الجوى ثنائية مع الجانب البريطانى، وهو الأمر الذى دفع الولاياتالمتحدةوبريطانيا للإعلان أخيرا عن توقيع اتفاق ثنائى للأجواء المفتوحة يكون ساريا عقب البريكست مباشرة!.. ولم يكن الاتحاد الدولى للنقل الجوى «أياتا» المعنى بشئون شركات الطيران عالميا وتقديم كل الدعم لكل الشركات الأعضاء به والتى تصل إلى 290 شركة طيران حول العالم بمنأى عن هذه التطورات، حيث عقد سلسلة من المناقشات والندوات حول هذه القضية وآخرها الجلسة الحوارية التى تم تخصيصها لقضية «البريكست» خلال منتدى الإعلام الدولى الذى نظمته أياتا فى جنيف، حيث تحدث رافائيل شفارزمان نائب رئيس الأياتا لمنطقة أوروبا حول تأثيرات «البريكست». وقال ان المستقبل القريب سيشهد تحديا جديدا محتملا يلوح فى الافق أمام صناعة الطيران، وخاصة فى أوروبا بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، موضحا أن الخروج البريطانى دون التوصل لاتفاق بين الطرفين فى مجال النقل الجوى ستكون له عواقب كبيرة محذرا من تأخر محتمل للمسافرين فى المطارات جراء عمليات التفتيش وفحص جوازات السفر فى حالة عدم الاتفاق على تنظيم عملية الخروج، حيث يرى أن خروج بريطانيا ليس نبأ جيدا للقطاع... ولكنه طالب بضرورة السرعة فى إنهاء ترتيبات الخروج بالاتفاق مع المفوضية الأوروبية حتى لا تتعرض حركة الطيران العالمية، خاصة داخل أوروبا لحالة من الارتباك ويرى خبراء الطيران أنه من المتوقع أن تتأثر الرحلات الجوية البريطانية بشكل كبير فى حالة عدم التوصل إلى اتفاق طيران محدد مع المفوضية، حيث لن تمنح قواعد منظمة التجارة العالمية حقوق مراقبة الحركة الجوية فى المملكة المتحدة للحكومة البريطانية إذا ما تم تفعيل خروجها من الاتحاد الأوروبى دون التوصل إلى اتفاق شامل... ويؤكد الخبراء أن ترك سوق الطيران الموحد للاتحاد الأوروبى فى مارس المقبل دون ترتيب بديل من شأنه أن يجرد معظم شركات الطيران التى تتخذ من المملكة المتحدة مقرا لها من تراخيص تشغيلها فى البلدان السبعة والعشرين التى يشملها الاتحاد الأوروبى، كما سيحرمها من التحليق فوق البلدان الأوروبية وتشغيل رحلات داخلية فى بلدان أجنبية، وبالتالى ستفقد بريطانيا حقوق النقل الجوى التى تشمل دولا بما فيها الولاياتالمتحدة وكندا وسويسرا كونها قد تمت من خلال الاتحاد الأوروبى، والذى قد لاتصبح بريطانيا جزءا منه بنهاية مارس المقبل.. وعلى الرغم من الصعوبات المتوقعة إلا أن بريطانيا تسعى لايجاد بدائل بعد الخروج من الاتحاد الأوروبى، ومن بينها الإنضمام إلى دول أخرى غير أعضاء فى الاتحاد الأوروبى مثل النرويج ويسلندا كأعضاء فى منطقة الطيران الأوروبية المشتركة إليها وإن كان بديلا واقعيا سيعنى اتباع قواعد الاتحاد الأوروبى ومن ثم فإن هناك مشكلات جديدة ستواجه لندن فى هذا الاتجاه. ويأتى الخيار الثانى متمثلا فى التفاوض بشأن اتفاقية تجارة حرة مخصصة للطيران، وبطبيعة الحال ستظل شركات الطيران الأجنبية فى الاتحاد الأوروبى راغبة فى الاستمرار بالطيران من بريطانيا، وإليها وهو ما يعنى أن منطقة اليورو قد تكون حريصة بنفس القدر على التوصل لاتفاق يحول دون توقف الطيران البريطانى. حيث تعد بريطانيا واحدة من الدول العريقة فى صناعة الطيران المدنى، حيث تصل حركة المسافرين بها إلى 430 مليون راكب سنويا.