بعيدا عن نكات كيرمت الضفدع اللاذعة التى صاحبت هذا الطقس القارس، الهائج، شديد البرودة وغيره كثير مما غزا مواقع التواصل ووصف الحالة الفظيعة للطقس على طريقة المصريين، فإن الوضع جد خطير وليس هذا العام فقط، كما أننا لم نعد نواجه شتاء قارسا فقط بل نواجه أيضا صيفا ملتهبا بمعنى الكلمة حتى أصبحنا لا نستطيع التأقلم معهما, فنحن نرى عواصف رملية فى عز شتاء وليس طقسا طارئا بل ربما طبيعة كأنها تريد ابتلاعنا، انتقاما من البشر الذين لوثوها وأهانوها وعذبوها وتحدوها ...منذ عدة سنوات ضرب إعصار مدينة نيو أورليانز فى الولاياتالمتحدةالأمريكية المشيدة بالكامل تحت سطح البحر محاها الإعصار من الوجود، يومها قيل إن الإعصار كارثة طبيعية ليست من صنع الإنسان، ولكن العلماء كان لهم قول آخر، فقد توقعوا معهم والمنظمات البيئية حدوث مثل هذه الكوارث بسبب تغير المناخ ومازال يكتب الصحفيون عن ضرورة مواجهة أسباب التغير والاستعداد للمستقبل والأخطار المنتظر حدوثها، ولكن المسئولين فى العالم وصناع القرار وواضعى السياسات كأنهم لا يقرأون آلاف التقارير عن تغير المناخ وارتفاع درجة حرارة الكوكب والتدهور البيئى الضخم، وعجيب أمر هذا الإنكار هذه التحذيرات التى يطلقها العلماء كل يوم بشأن التعامل بشكل أوسع مع الأزمة. ليس هناك أهم من أن تغير المناخ حقيقة واقعة وإن لم يتم معالجة ذلك بالسرعة المطلوبة فإن الأمن القومى والسلام العالمى سيتهددان خاصة فى ظل التصريحات من قدوم مزيد من العواصف ومزيد من لهيب الحرارة مما يتسبب فى ذوبان الجليد وغرق السواحل والبرد والجفاف، وينعكس ذلك على إنتاج الغذاء وتوفير المياه لجميع دول العالم بلا استثناء ولكن بالطبع ستتأثر دولنا أكثر. صحيح أنه تم تطوير التكنولوجيا العالمية بشكل فائق أصبح معه التنبؤ بالطقس لحظة بلحظة، ولكن هل توقف النشاط البشرى العالمى وخاصة فى الولاياتالمتحدةالأمريكية أكبر ملوث للبيئة فى العالم عن تلويث السموات بغازات الاحتباس الحرارى المنبعثة من المداخن والسيارات التى لم تتوقف صناعتها بل تتضاعف يوما بعد يوم، وبالطبع لا يتسع المجال لذكر مئات المصادر الأخرى التى تنتج هذه الغازات وبالتالى تحبس درجة الحرارة فى الغلاف الجوى فتبحث بيأس عن الهروب إلى الأرض فتشوينا صيفا. فى عام 1988 أقامت منظمة الأرصاد العالمية و الأممالمتحدة الهيئة الاستشارية لتغير المناخ، وهى تضم عدة جهات حكومية قالت إن ثانى أكسيد الكربون وبقية غازات الاحتباس الحرارى ستزيد بسبب ظاهرة الصوبات الزراعية وسترتفع حرارة المحيطات بسرعة أكبر من المتوسط العالمى، كما ستزيد حرارة الأرض درجتين ونصف درجة لتصل الزيادة إلى 10.4 درجة عام 2100. إن الكوارث الطبيعية فى العالم التى لها علاقة بالمناخ ارتفعت من 100 حادثة فى سبعينيات القرن الماضى إلى 400 فى عام 2017 ، والسيول التى ضربت سيناء وأسوان والبحر الأحمر فى 2010 هى من آثار التغير المناخى، وكذلك نوة قاسم التى جاءت على غير عادتها فى العام نفسه على الإسكندرية وأغرقت مناطق عديدة بها ، وتغير اتجاهات الريح كثيرا كله من آثار تغير المناخ، وفى سوريا التى شهدت جفافا ثلاث سنوات ثم أمطارا رعدية وثلوجا غطت مدنا كاملة، وفى صيف العام نفسه تعرضت روسيا لموجة جفاف شديد وأحرقت النيران مساحات واسعة من الغابات. هل يتفق العالم كله على أن نقص المياه فى المستقبل القريب سيزيد من الصراع العالمى بين الدول خاصة مع ارتفاع حرارة الأرض؟. إن الأمن العالمى مهدد بتهدد خمسة أنظمة فى الطبيعة هى الزراعة، والبيئة الساحلية ،الغابات ، المياه النقية والمراعى، البيئة التى هى جزء أساسى من وجودنا فى حالة اضطراب شديد بسبب التغيرات المناخية التى أرى أنها سوف تعيد تعريف الخطر فى القرن الحالى والمقبل وقد تغير من التوازن السياسى والجغرافى وستكون حرارة الأرض من القوى التى تشكل مستقبل العالم، فهل سننجح فى مداواة جراح كوكب الأرض قبل تدميره؟!... لمزيد من مقالات ◀ سهيلة نظمى