تحت شعار «الكتاب تسامح وسلام»، أقيمت فعاليات «معرض جدة الدولى الرابع للكتاب»، عبر 10 أيام متنوعة فى أحداثها كتظاهرة ثقافية مميزة، برعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة، وتوجت الفعاليات فى النهاية بتقديم «العرضة» السعودية وعروض فلكلورية شيقة من عدة دول عربية وأجنبية، فيما شهدت صالات العرض مشاركة أكثر من400 دار نشر من 40 دولة خليجية وعربية وإسلامية وعالمية. أقيمت تلك الفعاليات فى أرض المعارض بمنطقة «أبحر» الجنوبية فى مدينة جدة على شاطئ البحر. ...................................... وقد بلغ عدد الزوار 500 ألف زائر. وقد كرّم الأمير الفيصل خمسة من رواد الإعلام والثقافة والإذاعة والصحافة السعودية تقديرًا لما قدموه خلال مسيرتهم المهنية، وذلك فى حضور الأمير مشعل بن ماجد، محافظ جدة، ووزير الإعلام الدكتور عواد العواد. ومن جانبه قال الأمير «مشعل» إن الاهتمام بهذا الحدث الثقافى يرسخ مكانته المحلية والعربية والعالمية، ويكفل للحراك الثقافى الاستمرارية ومراعاة التجديد بتقديم المحتوى والرقى بمستوى المنتج الثقافى. وكان ما ميز هذه النسخة الرابعة من فعاليات معرض جدة الدولى للكتاب هذا العام ذلك الحوار الفكرى والحضارى المتناغم بين مختلف الأجيال فى المملكة وخارجها، والذى شهد تواجد كتاب سعوديين وعرب وأجانب من النخبة المثقفة، فضلا عن حضور ما يقارب النصف مليون زائر شهدوا أكثر من 50 فعالية ثقافية واجتماعية وترفيهية، قدمها ما يزيد على 100مشارك ومشاركة ومن المؤلفين الذين وقّعوا على منصات إصداراتهم مباشرة للقراء نحو 200 مؤلف ومؤلفة.ولعل أبرز سمات دورة هذا العام حضور نحو 180 ألف عنوان من الكتب، شملت مختلف ألوان المعرفة والقراءة. وفى هذا الإطار قام عدد من الدول المشاركة باستعراض مخزونها التراثى وفلكلورها الشعبى والعروض المسرحية المختلفة، ومنها: الأردن وفلسطين والسودان واليمن ومصر وباكستان، ودول الاتحاد الأوروبى ومنها: فنلندا وإنجلترا، إضافة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية والمكسيك، إلى جانب تنظيم أكثر من 60 ورشة عمل فى الفنون التشكيلية والتصوير الفوتوغرافى والخط العربى، وندوات ومحاضرات ومسرحيات مشتملة على موضوعات اجتماعية وثقافية وأخرى تحاكى الأسرة والطفل، وتلامس السلوك التوعوى والتثقيفى. وقد حرصت اللجنة المشرفة على معرض الكتاب الرابع، والتى يرأسها المشرف العام على وكالة وزارة الإعلام للشئون الثقافية «عبدالله الكنانى»، على تنوع الفعاليات اليومية بإقامة الندوات الثقافية، والمحاضرات العلمية، بالإضافة إلى توفير ست منصات خاصة لتوقيع الكتب، وإتاحة الفرصة للزوار للالتقاء مع المؤلفين وأخذ توقيعاتهم على مؤلفاتهم. ومن جهته، قال رئيس اللجنة الثقافية بالمعرض حسين بافقيه: إن البرنامج الثقافى امتاز هذا العام بأنه تلاءم مع موضوع المعرض، وذلك فى ظل أنه معرض يتجه إلى الكتاب والقراءة وقضايا النشر والتأليف، وحظيت (ثقافة الطفل) بمختلف مراحله العمرية باهتمام خاص, بإدراجها هذا العام أكثر من 55 فيلما وثائقيا للأطفال ومسرحيات تعرض لمدة يومين صممت بعناية لتكون جاذبة لحضور الطفل مع أسرته واستمتاعهم جميعاً. مكانة عالمية وانفتاح ويؤكد عبدالله الكنانى تمكن المعرض فى دورته الرابعة من أن يحجز له مكانة عالميه جعلت دور النشر تتهافت للمشاركة فيه، ومن ثم وعد «الكنانى» زوار المعرض بأنهم سيجدون متعة معرفيه وثقافيه متنوعة. وكان أكثر ما لفت الأنظار والاهتمام فى دورة هذا العام هو التنظيم بشكل عام، سواء فى الدخول أو فى داخل المعرض أو الخروج، واهتمام رجال الأمن والجهات المشاركة وحرصهم على تذليل أى معوقات أو صعوبات تصادف الجهات المشاركة أو الموقعين فى المنصات أو الجمهور، وكان «الإعلام» الأبرز والأكثر حركة ونشاطا ومتابعة، ويمكنك رؤيته فى أى مكان من المعرض.. يتابع ويسأل إن كان أحد يحتاج إلى أى خدمة. وهكذا كان المعرض إذن «خلية نحل» لا تكاد تتوقف عن الحركة طوال ساعات العمل يقودها رئيس اللجنة الإعلامية «عبد الخالق الزهرانى» الذى أبدى سعادته بهذه الدورة رغم الأعباء الثقيلة التى على عاتقه، قائلا: سعادتى لا توصف وأنا أستقبل يوميا حوالى 47 ألف زائر، مؤكدا أنه ليس هناك أى نوع من المنع لكتب بعينها فى هذه الدورة، بل إن ما يصرح به من كتب فى المعرض أكثر من دور النشر ومنافذ بيع الكتب كنوع من التشجيع للإقبال على الكتب، وقال إن هذه السنة تختلف عن ما سبقها حيث عكست الانفتاح الملحوظ من جانب ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان، ولذلك سوف تلحظ وجود الشباب والفتيات يعملون جنبا إلى جنب وبكفاءة عالية. ومن ضمن مظاهر الانفتاح الجيدة مشاركة المرأة بشكل فعال، وهو ما يعكس تطورات الانفتاح الحاصل فى المملكة. وفور أن وطأت قدماى أرض المعرض لاحظت أن هناك إقبالا كبيرا من جانب النساء، خاصة الفتيات فى مقتبل العمر، سواء على شراء نوعيات من الكتب تستهدف التنمية الذاتية والروايات وغيرها، أو على مستوى التنظيم الذى تشارك فيه المرأة السعودية، وهو ما أوضحه لى «أحمد باهبرى» عضو اللجنة الإعلامية قائلا: تبدو توجهات الانفتاح التى أطلقها ولى العهد السعودى واضحة فى دورة المعرض الرابعة، وهو ما شجع الفتيات السعوديات على المشاركة الفعالة، فضلا عن مشاركة المرأة فى كافة ميادين العمل بالمملكة. وأضاف:.. وسوف تلحظ حضورا لافتا للفنون التشكيلية بعد أن منحت إدارة المعرض الحالى حيزا أكبر للفن التشكيلى والتصويرى بشكل جعل المعرض ذا تميز ونوعية قياسا بأعوامه الماضية، فمن ورش رسم يومية مباشرة أمام الجمهور على أشكال مجسمة معدة مسبقا على تصاميم شكل كتاب، (إذ يقوم ثلاث فنانين بالرسم اليومى أمام الجمهور)، إلى ورش تصوير ضوئى يقدم فيه استوديو لتصوير الوجه (البورتريه)، وورش خط تعرض لوحات لغوية متعددة. وبالفعل بمجرد اقترابى ناحية الركن الشمالى وجدت مساحة تقدر ب 1200 مترا تظهر العديد من اللوحات التشكيلة والمجسمات ذات أشكال متنوعة كانت محل انجذاب واندهاش الحضور، لاسيما «مجسم جدة التاريخية»، والذى كان محط إعجاب كل من شاهده. فى المقابل نجد وكالة الشئون الثقافية لم تدخر جهدا بتنظيم معرض الفنون الجميلة - جدار الفن. ونظرا لأهمية الفن تقول مديرة إدارة الفنون التشكيلية بوزارة الإعلام، الشاعرة حليمة مظفر: «من دون شك نحن فى الفترة الراهنة نعيش فترة ازدهار للفنون، لذا كان لابد من الاحتفاء بالفنون التشكيلية والبصرية بشكل عام، لأنها تعمل على رقى الإحساس وتساعد على رهافة الشعور». أراء الزوار والناشرين تنوعت آراء زوار معرض جدة الدولى للكتاب فى دورته الرابعة، حيث رأى عدد من الزوار أن هناك اختلافاً واضحا بين الدورة الحالية للمعرض وما سبقه من دورات، فقد أكد معظم الزائرين - وغالبيتهم من الفتيات السعوديات - أن تلك الفعاليات الثقافية التى حواها المعرض تعد نعمة كبيرة يفخر بها الإنسان، ألا وهى نعمة العلم وأهله وقيمة الكتاب. ومن جانبهم أشاد الناشرون المصريون بالتنوع والتميز الذى شهده المعرض هذا العام فى الكتب التى تناسب جميع فئات المجتمع، وكذلك تنوع دور النشر. أما الزائرون السعوديون فقد عبروا عن سرورهم بما شاهدوه من تعدد دور النشر والكتب التى ازدحمت بها جوانب المعرض فى شتى المجالات، خاصة فيما استجد فى الإنتاج العلمى لهذه السنة، خصوصًا وأن هذا الجيل من الأبناء هو جيل إلكترونى وتقنى ابتعد عن الكتاب ونحاول بهذه المعارض أن نعيدهم إلى قراءة الكتب. لكن كان مما جذب انتباهى ارتفاع الأسعار بشكل واضح وملموس.وبدورهم عبر كثير من المواطنين السعوديين عن احتفائهم بمعرض جدة الدولى للكتاب فى دورته الرابعة، ونجاح تنظيمه بشكل كبير، وما لمسوه من نوعية الفعاليات المصاحبة للمعرض. أما الظاهرة الملفتة للنظر حقا فى معرض جدة الدولى الرابع للكتاب فهى منصَّات توقيع الكتب، والتى تعد أهمَّ حدثٍ ثقافيٍّ مقترنٍ بفعاليات المعرض، وهو الحدث الأكثر اهتماماً لدى المؤلفين والمؤلفات، خاصة فيما تشهده منصات التوقيع من حراك أدبى وفكرى وعلمى، وذلك من خلال التوقيع على الإصدارات الحديثة، حيث ضمّ جدول منصات التوقيع فى المعرض حوالى 200 اسم وعنوان، منها 88 مؤلفاً و109 مؤلفات. ويبقى أن الأهم فى ثنايا هذا المعرض هو جوهره، والذى جاء هذا العام يحمل فى عنوانه «الكتاب تسامح وسلام»، وهذا ما لمسناه من خلال الكثير من المعانى التى شهدناها فى اللقاءات والترحاب والضيافة العربية الأصيلة من الأشقاء السعوديين، سواء من كوادر المنظمين كوزارة الإعلام والثقافة المنتشرين فى أرض المعرض وتقديمهم الإرشاد والمعونة للزائرين، والضيوف على حد سواء، أو أولئك الفتيات والشبان الذين تعلو جباههم دائما ابتسامة مشرقة تعكس الترحاب وحسن الاستقبال.