تحل غدا الذكرى الرابعة لرحيل سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة التى أثرت حياتنا الفنية بعدد كبير من روائعها السينمائية المحفورة برغم مرور سنوات طويلة على تقديمها، فى وجدان ملايين المصريين والعرب، إذ تعاونت مع نخبة، من ألمع نجوم الأدب والرواية فقدمت أفلاما مأخوذة من روايات « إحسان عبدالقدوس، ويوسف السباعي، ويوسف إدريس، وتوفيق الحكيم» بينما كان الأديب الوحيد الذى لم تتعاون معه الروائى العالمى «نجيب محفوظ»مع أنه كتب لها السيناريو الخاص بفيلمى «الطريق المسدود» عن قصة لإحسان عبدالقدوس، وحوار السيد بدير، و«لك يوم يا ظالم» قصة «إميل زولا»، وحوار السيد بدير أيضا، كما أعد لها سينمائيا فيلم «إمبراطورية ميم» قصة وحوار إحسان عبدالقدوس. لكن من المعلومات التى لايكاد يعلمها أحد أن «فاتن حمامة» بعد النجاح الكبير الذى حققه فيلم «الخيط الرفيع» قصة وحوار إحسان عبدالقدوس، وسيناريو يوسف فرنسيس، والذى يعتبر فيلم العودة للسينما المصرية بعد فترة انقطاع دامت خمس سنوات وقع اختيارها عام 1972 على قصة «الشريدة» لنجيب محفوظ لتقوم ببطولتها على أن يقوم بإخراجها هنرى بركات حيث قالت فى حوار معها فى مجلة «الشبكة» اللبنانية إن القصة أعجبتها واتصلت بالأديب نجيب محفوظ لأخذ موافقته على تحويلها لفيلم فوافق مرحبا، خاصة أنها ستكون أول لقاء بينهما بعد تقديمهما لثلاثة أفلام كتب لها السيناريو. وقالت سيدة الشاشة: «إن القصة لها مغزى جميل وهو أن السعادة كثيرا ما تتحول إلى لعبة فى أيدينا نحطمها ثم نبكى عليها، كما يفعل الأطفال بالضبط، ولقد طلبت تغيير اسم القصة حتى لا تختلط على الأذهان بفيلم قديم اسمه « المتشرد». وفى هذه الفترة انشغلت فاتن بحياتها الخاصة، بعد طلاقها من عمر الشريف، كما انشغلت بمشروعها التليفزيونى مع مجموعة من المخرجين مثل سعيد مرزوق الذى قدمت معه الفيلم التليفزيونى «أغنية الموت»، والمخرج بركات الذى قدمت له «ساحرة» ، وعندما تذكرت قصة «الشريدة» كان عمرها كبر عن تجسيد الشخصية كما ذكرت هى فى حوار لها معى نشر فى «الأهرام». لم تكن هذه المرة الأولى التى تعجب بقصة لأديب « نوبل» ولا تمثلها، ففى عام 1960 وقع اختيار المخرج صلاح أبو سيف على قصة نجيب محفوظ «بداية ونهاية» لتقديمها للسينما، ورأى أن «فاتن حمامة» الأنسب لدور «نفيسة»، الفتاة الفقيرة الدميمة التى تفتقر للجمال، والتى تقع فى حب ابن البقال فيستغل حبها ويسلبها شرفها ويتركها تتجرع كأس الندم على ما اقترفت. وبرغم إعجابها الشديد بالقصة والدور لكنها خشيت من أن تصدم جمهورها بتجسيدها دور فتاة منحرفة تنتحر فى النهاية، فاعتذرت لأبو سيف الذى لم يحاول الضغظ عليها ومحاولة إقناعها، بل اختار العملاقة «سناء جميل». وبعد الانتهاء من التصوير، وفى حفلة العرض الخاص، دعا «صلاح أبو سيف» مجموعة من الفنانين لمشاهدة الفيلم قبل تقديمه للجمهور، ومنهم «فاتن حمامه»، وشاءت الأقدار أن تأتى جلستها خلف « أبو سيف» مباشرة، وبدأ عرض الفيلم، ومع كل مشهد من المشاهد كانت تحس بأنها أخطأت فى عدم قبولها الدور، ولم تستطع أن تصبر حتى نهاية العرض لتبلغ المخرج برأيها، بل ربتت على ظهره فى هدوء، وهمست له: «أنا آسفة لأنى لم أؤد دور «نفيسة». وعن عدم تقديمها عملا لنجيب محفوظ قالت للكاتبة الصحفية «زينب عبدالرازق» فى حوار بينهما: «أشعر بسوء الحظ الشديد لعدم تقديمى رواية لنجيب محفوظ، لكن للأسف المصادفة فقط كانت وراء ذلك، فنساء نجيب محفوظ فى رواياته نمط مختلف عنى خصوصا فى المرحلة الواقعية التى انتهت بالثلاثية العبقرية: «بين القصرين»، و«قصر الشوق»، و«السكرية»، ومن سوء حظى عندما كنت صغيرة فإن معظم رواياته قدمت للسينما، وبطلاته كن أكبر منى سنا، وأيضا كان معظمهن بنات من أهل الهوى وهذا لم يكن يناسبنى لا شكلا ولا حتى فى تكوينى الجسدي».. ومن جهته قال عنها «الأديب العالمي»: فاتن حمامة ممتازة، وأدوارها ممتازة وهى تستحق بجدارة لقب سيدة الشاشة العربية، وهذا ليس من فراغ، ولقد أعجبت بتجسيدها دور «آمنة» فى رائعة « دعاء الكروان» فهى كانت شيئا رهيبا، كما قدمت أفلاما أخرى رائعة، واستطاعت أن تحافظ على موهبتها التى منحها الله لها، وأن تنميها، وهذا لأن لديها ثقافة عميقة وإرادة قوية».