بالرغم من التدابير التقشفية الصارمة التي تفرض علي الشعب اليوناني خلال السنوات الثلاث الماضية, وما ترتب عليها من زيادة البطالة وارتفاع نسبة الانكماش وإغلاق العديد من مؤسسات الدولة والمحال التجارية الخاصة وعدم وجود سيولة مع الشعب, فإن المستجدات علي الأرض وضعت البلاد مجددا علي مفترق الطرق, حيث بات من الضروري فرض تدابير أخري تطال المرتبات والمعاشات, وإلا فان خبراء الترويكا الذين يعدون تقريرهم عن اليونان سوف يرجعون بالأزمة إلي المربع الأول. وجاءت مباحثات رئيس الوزراء اليوناني اندونيس ساماراس مع المستشارة الألمانية ميركل والرئيس الفرنسي أولاند خلال جولته الأخيرة في برلين وباريس, جاءت علي الطريق الصحيح, حيث يؤيد ساماراس فكرة الحوار عن قرب وأنه افضل الوسائل للتوصل إلي حل, وأسفرت تلك المحادثات في تغيير موقف المستشارة الألمانية ميركل المتشدد تجاه اليونان, وأبدت المستشارة ميركل تعاطفها مع اليونانيين المتضررين من إجراءات التقشف في إطار برنامج مكافحة أزمة الديون, وقالت خلال ندوة في مقر المستشارية ببرلين إن القلب يدمي عند رؤية خفض معاشات موظفين, بالإشارة إلي ما يحدث في اليونان. من جهتها, طلبت فرنسا من اليونان أن تثبت صدقية تعهداتها بضبط الموازنة وتصحيحها, لكن من دون أن تتخذ موقفا واضحا من طلب أثينا الحصول علي مهلة إضافية من سنتين لتحقيق أهدافها, ولكن تصريحات الرئيس الفرنسي كانت إيجابية, حيث قال إن اليونان في منطقة اليورو ويجب أن تبقي في منطقة اليورو واعتبر أن التشكيك في هذا الشأن غير مطروح. أما النمسا والتي كانت تعارض دائما مساندة اليونان ماليا وطالبت مرارا بطرد اليونان من الاتحاد الأوروبي, عدلت هي الأخري عن موقفها في الأيام الأخيرة, وأعرب مستشار النمسا فيرنر فايمن عن تأييده منح اليونان المزيد من الوقت لتسديد ديونها في حال تمسكت أثينا بإجراءات إصلاحية تم الاتفاق بشأنها مع الاتحاد الأوروبي. وعبر فايمن عن أمله في أن تلتزم اليونان بالاتفاق المبرم بينها وبين الاتحاد الأوروبي, مشددا علي أن الأهم هو أن ينفذ اليونانيون الإجراءات التقشفية وأن يواصلوا في الوقت ذاته تطبيق الإصلاحات, واستبعد فايمن الاستنتاجات التي تشير إلي أن طرد اليونان من منطقة اليورو سيجنب الاتحاد الأوروبي المزيد من الخسائر واصفا إياها بأنها ساذجة قد تؤدي إلي نهاية العملة الأوروبية الموحدة. وأعرب ساماراس, عن اعتقاده بتحسن الوضع في بلاده وكذا تحسن نظرة الخارج إلي المشكلات اليونانية, وخلال لقاء عقده مع الرئيس اليوناني كارولوس بابولياس, قال ساماراس, إن السفينة بدأت في التحرك. وفي الوقت نفسه أكد ساماراس أن ذلك لا يعني بأي حال جهودا أقل أو عملا أخف, بل علي الجميع العمل الجاد في الوقت الراهن. من جهته قال إيفانجيلوس فينزيلوس زعيم حزب باسوك الاشتراكي, إن السياسيين الأوروبيين الذين يدفعون بأن ترحل البلاد من منطقة اليورو إنما يحاولون إخصاء تكتل العملة الموحدة, وذكر سامراس إن البعض يواصل التكهن بأن اليونان لن تصل إلي الهدف وأنها لن تتمكن من البقاء في منطقة اليورو, ولكن أكد علي إن اليونان ستصل إلي ذلك وإنها ستبقي في منطقة اليورو وإنها ستتمكن من لعب دور كبير في الاتحاد الأوروبي. ويواصل زعماء الأحزاب الثلاثة المشكلة للحكومة, اجتماعاتهم للتوصل إلي قرار جماعي حول التدابير الجديدة, و عقب آخر اجتماع ذكر فوتيس كوفيليس زعيم حزب اليسار الديمقراطي أن تدابير خفض الإنفاق بقيمة11.5 مليار يورو لم يتم الانتهاء منها, موضحا أن هناك محاولات لتفادي الاقتراب من المرتبات والمعاشات والتي يعارضها من البداية, لا شك في أن هنا ك مشكلة في النظام المحلي, ولا يمكن السماح للسلطات بقبول التخفيضات الكبيرة خصوصا في الأوقات الراهنة, ولكن المباحثات مستمرة للتوصل إلي خفض الإنفاق. ولاجدال في أن مستقبل اليونان بات في أيدي خبراء الترويكا, وهم مدققون ماليون تابعون للمفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي, ويناط إليهم متابعة مدي التزام اليونان بتنفيذ برنامج الإصلاحات وضغط النفقات المتفق عليه مع المانحين الدوليين, ويأتي دور الخبراء الفعال بعد أن أعلن كل من رئيس مجموعة اليورو جان كلود يونكر والمستشارة الألمانية ميركل والرئيس الفرنسي أولاند, أن استمرار مساندة اليونان وسداد بقية القرض والموافقة علي تمديد خفض النفقات سوف يأتي بناء علي نتيجة تقرير خبراء الترويكا. ومن المنتظر أن يحسم هذا التقرير طريقة تعامل الشركاء الأوروبيين مستقبلا مع اليونان, و سوف يستغرق عمل لجنة الخبراء بضعة أسابيع في اليونان, ومن الممكن أن يتم إعلان النتائج إما في نهاية سبتمبر أو مع مطلع أكتوبر المقبل, و هذا الموعد مرهون بتقدم عمل مختصي اللجنة, ومن المنتظر أن تبدأ أعمال الرقابة والمراجعة في الخامس من سبتمبر عند وصول رؤساء الترويكا إلي أثينا.