النائب أيمن الصفتي: ثقة الرئيس السيسي وسام على صدري ومسؤولية وطنية أتشرف بها    أسعار الخضراوات والفاكهة في سوق العبور اليوم الاثنين 13 أكتوبر 2025    رئيس الوزراء يُتابع جهود تنفيذ إجراءات خفض الانبعاثات والتحول الأخضر المُستدام    صور | الوادي الجديد تطرح مبادرة خفض الأسعار بمنافذ ثابتة ومتحركة    "عبد اللطيف" ورئيس "مستقبل مصر" يبحثان تطوير التعليم الفني وربطه بالمشروعات القومية    بث مباشر.. كلمة ترامب في الكنيست الإسرائيلي    انطلاق معسكر لمنتخب الكرة النسائية استعداد لملاقاة غانا    المصري يدعو أعضاء جمعيته العمومية لاجتماع خاص لاعتماد تعديلات لائحة النظام الأساسي    محافظ قنا يزور مصابي حادث أتوبيس عمال الألومنيوم    تموين الفيوم تلاحق المخالفين وتضبط عشرات القضايا التموينية.. صور    الداخلية تضبط عاملًا تحرش بموظفة داخل صيدلية بسوهاج    الآن.. سعر الجنيه الذهب اليوم الاثنين 13-10-2025 في محافظة قنا    تباين أداء مؤشرات البورصة في بداية تداولات اليوم وسط مشتريات محلية وعربية    اليوم.. بدء استيفاء نموذج الطلب الإلكتروني للمواطنين المخاطبين بقانون «الإيجار القديم» (تفاصيل)    «المالية» تستعد لإطلاق الحزمة الثانية من فرص الاستثمار السياحي بأسيوط    محمد رمضان يوجّه رسالة تهنئة ل«لارا ترامب» في عيد ميلادها    من شرم الشيخ مدينة السلام ماراثون سياسى غير مسبوق |ترامب.. المهمة الصعبة فى الشرق الأوسط    مدير شبكة المنظمات الأهلية: جهود مصر والمساعدات الإنسانية أحدثت زخما للقضية الفلسطينية    بالفيديو.. جنازة مهيبة للشهيد صالح الجعفراوي بعد ساعات من احتفاله بوقف الحرب    فيديو| ترامب يصل تل أبيب في أول زيارة له إلى إسرائيل خلال ولايته الثانية    ستارمر: المملكة المتحدة مستعدة لدعم إعمار غزة    وزير العمل: بدء اختبارات «النقاشين» المُرشحين للعمل بالإمارات    وزيرا ري مصر والأردن يفتتحان الاجتماع ال38 للشبكة الإسلامية لتنمية وإدارة مصادر المياه    تشكيل منتخب فرنسا المتوقع أمام آيسلندا في تصفيات كأس العالم 2026    الدرندلي بعد فوز المنتخب: "أول مرة أشوف جمهور مصر بالكثافة دي"    بتواجد أبو جريشة.. الكشف عن الجهاز الفني المساعد ل عماد النحاس في الزوراء العراقي    مواعيد مباريات اليوم الاثنين 13 أكتوبر والقنوات الناقلة    بعد منحها ل«ترامب».. جنازة عسكرية من مزايا الحصول على قلادة النيل    جامعة بنها: فحص 4705 شكاوى بالمنظومة الموحدة.. تفعيل نقطة اتصال جديدة لخدمة المواطنين    تعرف على مواقيت الصلوات الخمس اليوم الاثنين 13 أكتوبر 2025 بمحافظة بورسعيد    بالفيديو.. الأرصاد: فصل الخريف بدأ رسميا والأجواء مازالت حارة    حجز محاكمة معتز مطر ومحمد ناصر و8 أخرين ب " الحصار والقصف العشوائي " للنطق بالحكم    محافظة الجيزة تضبط 4500 بطاقة تموينية قبل استخدامها في عمليات صرف وهمي    مازال البحث جاري.. مصرع تلميذة في حادث مصرف أسيوط و الحماية المدنية تكثف البحث عن المفقودين    لحضور أولى جلسات الاستئناف.. وصول أسرة المتهم الثاني في قضية الدارك ويب لمحكمة جنايات شبرا    محدش يعرف حاجة عنهم.. 5 أبراج تكتم أسرارها وخطوات حياتها عن الناس    وزير السياحة يترأس اجتماع مجلس إدارة هيئة المتحف القومي للحضارة المصرية    أحمد فهمي الأعلى مشاهدة ب «ابن النادي»    بورسعيد أرض المواهب.. إطلاق مسابقة فنية لاكتشاف المبدعين    الليلة بمسرح السامر.. قصور الثقافة تطلق ملتقى شباب المخرجين في دورته الرابعة    10 آلاف سائح و20 مليون دولار.. حفل Anyma أمام الأهرامات ينعش السياحة المصرية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 13-10-2025 في محافظة قنا    أوقاف السويس تبدأ أسبوعها الثقافي بندوة حول المحافظة البيئة    هل الغسل يغني عن الوضوء؟ أمين الفتوى يوضح الحكم الشرعي بالتفصيل    رئيس «الرعاية الصحية» يتفقد مجمع الفيروز بجنوب سيناء استعدادًا لقمة شرم الشيخ    مباحثات مصرية - ألمانية لتعزيز التعاون وفرص الاستثمار في القطاع الصحي    مرور مكثف على 112 منشأة صحية ضمن خطة تطوير الرعاية الأولية بالفيوم    انتظام اللجان الخاصة بالكشف الطبي لمرشحي انتخابات مجلس النواب بالأقصر    وزارة الخارجية تهنئ السفراء المعينين في مجلس الشيوخ بقرار من فخامة رئيس الجمهورية    بعد استشهاده أمس.. ننشر نص وصية صالح الجعفراوي    موعد مباراة منتخب المغرب ضد فرنسا فى نصف نهائى كأس العالم للشباب    «في ناس نواياها مش كويسة وعايزة تهد أي نجاح».. رسائل نارية من إبراهيم حسن بعد التأهل لكأس العالم    محمد صبحي: المنافسة في منتخب مصر صعبة بكل المراكز    تحرك عاجل من نقابة المعلمين بعد واقعة تعدي ولي أمر على مدرسين في أسيوط    هل يجوز الدعاء للميت عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟.. «الإفتاء» توضح    موجودة في كل بيت.. أهم الأطعمة لتقوية المناعة خلال تغير الفصول    إسرائيل تجري تعديلا عاجلا على قائمة الأسرى المشمولين في صفقة التبادل    قبل عرضه بمهرجان الجونة.. طرح البوستر الرسمى لفيلم «50 متر»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رؤيتى ل «القرن الحادى والعشرين» (263) لاهوت ما بعد الحداثة
نشر في الأهرام اليومي يوم 15 - 01 - 2019

عنوان هذا المقال يشى بأن ثمة لاهوتا آخر سابقا على هذا اللاهوت نشأ فى سياق العلمانية عندما توقع القس البروتستانتى الألمانى ديتريش بونهوفر أفول الدين التقليدى فأثار السؤال التحدى فى عام 1944: كيف نتحدث عن الله فى مواجهة انسان علماني؟ ابتداء من عام 1963 صدرت مؤلفات للاهوتيين كبار تتحدث عن لاهوت جديد. وكان من بين هؤلاء اللاهوتى الأمريكى هارفى كوكس الذى أصدر كتاباً عنوانه المدينة العلمانية (1965).
إلا أنه لاحظ بعد ذلك نشأة لاهوت جديد آخر اسمه لاهوت التحرير فى أمريكا اللاتينية فأصدر فى عام 1984 كتابا آخر عنوانه الرئيسى الدين فى المدينة العلمانية وعنوانه الفرعى نحو لاهوت ما بعد الحداثة. ويقال عن اللاهوتى جوستافو جوتيريز إنه الأب الروحى للاهوت التحرير ومشهور بكتابه المعنون لاهوت التحرير (1971). ومع ذلك فإنه لا يرغب فى أن يقال إنه كذلك لأن المهم عنده التحرير وليس لاهوت التحرير إذ فى رأيه أن اللاهوت يلزم أن يكون فى خدمة التحرير، أو بالأدق يلزم أن يكون فى خدمة الجماهير الساكنة فى قاع المجتمع. ومن هنا يمكن القول إن هذا اللاهوت هو لاهوت فعل لأن الفكر متضمن فى الفعل.
إلا أن هذا القول لا يعنى أن هذا اللاهوت هو لاهوت عملى بمعنى أنه تطبيق لفكرة عقلية تنشأ فى مؤسسات ثم تزرع فى عقل الجماهير، إنما هو لاهوت ملتزم بتراث الجماهير الذى هو عنصر أساسى فى تأسيس لاهوت التحرير. ويترتب على ذلك ضرورة استشارة الجماهير والدخول معهم فى حوار حول الاهتمام بنظريتين: نظرية عن الكون ونظرية عن الله، ومحاولة ايجاد توليفة بينهما.
ومن هذه التوليفة تتكون صورة عن العالم من حيث هو مسرح لما هو إنسانى وإلهي، ومن حيث هو تعبير عن الاحساس بالخطيئة فى المؤسسات الظالمة وليس فى الضعف الانسانى على نحو ما هو شائع، ومن حيث إن الفاعلين ليسوا أفرادا بل تجمعات وتكتلات. والغاية من كل ذلك الخلاص الروحى والأرضى فى مملكة الله التى ستتحقق فى الأرض كما فى السماء. وفى هذا السياق يرى جوتيريز أن الله يعمل فى التاريخ من أجل تحرير الرجل والمرأة، والدعوة إلى نمط جديد لحياة الكنيسة، وادخال آلام الفقراء فى تاريخ أمريكا اللاتينية بوجه خاص وفى التاريخ الانسانى بوجه عام لأنه تعبير عن حضور الله. ومن هنا تتغير رؤية الفقراء لأنفسهم، من رؤية أن فقرهم حتمى وليس إلى رؤية أن فقرهم ليس كذلك إذ له أسباب وعليهم أن يكونوا على وعى بهذه الأسباب حتى يمكنهم التحرر منها. ويترتب على هذا التغيير قول الفقراء نحن هنا ولسنا غائبين، وعلى الكنيسة أن تتغير لكى نكون من نشطائها. وبناء عليه فإن لاهوت التحرير يثير هذا السؤال: كيف كانت رؤية المسيح للفقراء حيث إنه كان مطاردا من أعدائه؟ جواب لاهوت التحرير أنه فى إمكان الفقراء عند الضرورة الالتجاء إلى العنف إذا لزم الأمر. وعلى الكنيسة الآن أن تعترف بمشروعية العنف للفقراء لأنها بهذا الاعتراف تثبت وجودها ولكن بشرط أن تعترف أيضا بأن الفقر ليس ظاهرة طبيعية بل ظاهرة من صنع البشر. أما إذا اعترفت بأنه ظاهرة طبيعية فتكون الكنيسة فى هذه الحالة كنيسة ملحدة. ومن هنا يمكن القول إن لاهوت التحرير أحدث تغييرا فى مفهوم الالحاد، إذ لم يعد إنكارا لوجود الله بل إنكار لازالة الفقر. وبناء عليه فإن لاهوت التحرير لا يقسم البشر إلى مؤمنين وغير مؤمنين إنما يقسمهم إلى مقهورين وغير مقهورين. ويبقى بعد ذلك سؤال: ما هو موقف اللاهوتى الأمريكى هارفى كوكس من لاهوت التحرير؟
إنه فى رأيه لاهوت ما بعد الحداثة فى مواجهة لاهوت الحداثة. ولكن إذا كان لاهوت الحداثة مصدره العلمانية وما يلازمها من التنوير فهل معنى ذلك أن لاهوت ما بعد الحداثة يقف ضد العلمانية والتنوير معاً؟ جواب كوكس بالايجاب ودليله على ذلك أن لاهوت التحرير يرفض مفهوم التأويل الكامن فى جوهر لاهوت الحداثة والذى يعنى إعمال العقل فى النص الديني، ومن ثم يقال عن هذا العقل إنه العقل الحديث. ودليله على ذلك أيضا أن لاهوت التحرير لا يشتهى سوى التغيير منفصلاً عن التأويل. وفى عام 1982 دعيت للمشاركة فى مؤتمر بجامعة سانتو توماس أى جامعة القديس توما بكولومبيا، وهى جامعة محكومة بلاهوت التحرير، وكان عنوان المؤتمر «المؤتمر الثانى لفلسفة أمريكا اللاتينية». وكنت فى حينها مؤسساً ورئيساً للجمعية الفلسفية الأفروآسيوية التى كانت الغاية من تأسيسها إشاعة مُثل التنوير فى القارتين. ومن هنا طُلب منى إلقاء لمحة تاريخية عن نشأة هذه الجمعية حتى يمكن معرفة مدى إمكان توسيع جغرافيتها بانضمام أمريكا اللاتينية. وألقيت كلمتى فى 16/7/1982 وبعد ذلك دار حوار خصب، ولكنه لم يكن مثمراً لأن فلسفة أمريكا اللاتينية لا يعنيها التنوير إنما يعنيها التحرر من مركزية القوى المهيمنة.
لمزيد من مقالات د. مراد وهبة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.