آه كم أنا حزين عليك يا ابنة الإسكندر.. فلو كنت تدري أيها المقدوني ما سيحدث لمدينتك الجميلة لما شرعت في بنائها.. ولو كنت تعلم أن يد الإهمال ستطول كل شبر من أرض مدينتك العريقة لاعتصر قلبك حزنا عليها.. ولو كنت تدري أن جراح ابنتك تنزف دما من هول ما أصابها من جراح غائرة لأصابك المرض حزنا عليها. آه يا ألمي علي الإسكندرية أيها المقدوني.. لقد استباحها الكثيرون وجاروا عليها ونالوا من كبريائها وداسوا علي كرامتها.. كبلوها بالأغلال بعد أن كانت حرة طليقة تفتح ذراعيها للجميع تقف شامخة علي بحرها الرقراق.. أصابوها بالإعياء.. فمن يصدق أيها المقدوني أن مدينتك التي تغني بها الشعراء وشدا بها العالم, وذكرها الساسة وتحدث عنها التاريخ تقف الآن حزينة تصارع أمواجا من الأحزان ونواة من الكوارث.. توارت الضحكات وغابت الابتسامات وأضحت مدينتك مريضة بالاكتئاب بعد أن أصيبت بأمراض الشيخوخة, وذلك بفعل الفاعلين, فتحولت إلي عقار كبير آيل للسقوط بعد أن هدموا قصورها وجاروا علي حدائقها واستباحوا بحرها ووضعوا أطنان القمامة بين أحشائها.. وتركوا22 ألف عقار مخالف بين حناياها.. وأغلقوا شرايينها وسرقوا مواردها وأرضها.. تسابقوا في إيذائها.. باعوها شبرا شبرا.. لم يعبأوا بأنينها.. لم يلتفتوا إلي صرخاتها. ضرباتهم لها كانت مفجعة ومكاسبهم منها كانت كبيرة.. فلم يرحمها أحد.. ومحبوها يبحثون عن محارب ليدافع عنها.. ويشهر سيفه أمام أعدائها ليقاتل من أجل عودة الروح لها ليطبق فيها القانون الذي غاب عنها كثيرا ويقف في وجه من جار عليها. فابنة الإسكندر تتلهف لمن يعيد إليها شبابها المفقود, ووقف المهازل التي تحدث لها بكل حزم وقوة.. حتي لا نبكي عليها بعد أن نعلن وفاتها, قائلين: خسارة يا إسكندرية!!