«أرض مصر أرضنا جميعا» بهذه الجملة اختصر البابا فرانسيس بابا الفاتيكان قصة مصر أرض السلام ونقطة لقاء الأديان السماوية الثلاثة، والآن تقدم مصر وقيادتها السياسية النموذج الحى على الرغبة الصادقة فى التسامح والتعايش بين الأديان، ومثلما هى العادة المصرية فقد تجاورت كاتدرائية «ميلاد المسيح» ومسجد «الفتاح العليم» بالعاصمة الإدارية الجديدة، وحرص الرئيس عبدالفتاح السيسى على افتتاحهما فى اليوم نفسه، وذلك تجسيدا لدور مصر الرائد فى حمل لواء التسامح الديني. وجاء ذلك قبل ساعات من حلول ذكرى ميلاد السيد المسيح وسط تلاحم كبير ما بين ابناء الشعب المصرى الواحد، وإصراره على دحر قوى التطرف والظلام والإرهاب. واليوم تتجسد كلمات البابا فرانسيس على أرض مصر، فقد أكد خلال زيارته الأخيرة مصر أن هذه الأرض كانت ملجأ وضيافة العائلة المقدسة، يسوع المسيح ومريم العذراء ويوسف النجار، وان هذه الضيافة التى قدمتها مصر بكرم منذ أكثر من ألفى عام تبقى فى ذاكرة البشرية بأسرها، وهى مصدر للعديد من البركات الممتدة حتى اليوم. وقال البابا «إن دور مصر الفريد هو ضرورى حتى نتمكن من التشديد على أن هذه المنطقة مهد الأديان الثلاثة الكبرى تستطيع، بل يجب عليها أن تنهض من ليل المحنة الطويل كى تشع مجددا قيم العدالة والأخوة، تلك القيم التى تمثل الأساس المتين واللازم لبلوغ السلام، فمن الدول الكبرى لا يمكن توقع القليل». لقد فسر بابا الفاتيكان بشكل دقيق معنى «مصر أم الدنيا» حين قال إننا نشعر أن أرض مصر أرضنا جميعا، مشيرا إلى احتضان مصر وترحيبها فى الوقت الحاضر بملايين اللاجئين القادمين من بلدان مختلفة، الذين تحاول مصر دمجهم فى المجتمع المصرى من خلال جهود تستحق كل ثناء. ولم ينس أنه على أرض مصر أسمع الله صوته لسيدنا موسى وكشف عن اسمه، وفوق جبل سيناء أودع الله البشرية الوصايا الالهية. ووسط اجواء العنف والتطرف يبرز الدور المصري، الذى قال عنه بابا الفاتيكان «إن مصر بسبب تاريخها وموقعها الجغرافى الفريد تلعب دورا لا غنى عنه فى الشرق الأوسط بين الدول التى تبحث عن حلول للمشكلات الملحة والمعقدة لتفادى الانحدار فى دوامة العنف الأعمى وغير الإنساني» مؤكدا أن هذا هو مصير مصر وواجبها من أجل تقوية وتعزيز السلام فى المنطقة رغم كونها جريحة فى أرضها نتيجة للعنف الأعمي. .. ويبقى أن مصر لم ولن تتخلى عن مهمتها الخالدة بأن تكون منارة الحائرين، وأرضا للمتعبين والضعفاء، وواحة للتسامح والإخاء الإنساني، وأمة مضيافة ترحب بكل غريب وعابر سبيل، وستبقى «المحروسة» على الدوام بعناية الله، وسيظل الناس يتدفقون عليها وهم على يقين من صدق وعد الله «ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين». لمزيد من مقالات رأى