كلمات شديدة البلاغة تلك التي ألقاها البابا فرانسيس بابا الفاتيكان بفندق الماسة أمس.. نحن أمام رجل يعرف بشكل دقيق جدًا تاريخ مصر العريق وحضارتها علي مر العصور ودورها الذي وهبها الله إياه والمسئولية الملقاة عليها لإنقاذ البشرية مثلما أنقذت الشعوب الأخري من المجاعة في زمن سيدنا يوسف.. هكذا قال البابا فرانسيس.. قال إن مصر مدعوة اليوم لإنقاذ المنطقة التي وصفها بالعزيزة من مجاعة المحبة والإخوة.. مدعوة لإدانة وهزيمة الإرهاب.. مدعوة لتقديم قمح السلام لجميع القلوب الجائعة للتعايش السلمي وللعمل الكريم وللتعليم الإنساني.. إن دور مصر الذي وصفه بالفريد ضروري حتي نتمكن من التشديد علي أن هذه المنطقة مهد الأديان الكبري بإمكانها بل ويجب عليها أن تنهض من ليل المحنة الطويل هذا كي تشع مجددًا قيم العدالة والأخوة العليا.. تلك القيم التي تمثل الأساس المتين واللازم لبلوغ السلام.. فمن الدول الكبري لا يمكن توقع القليل. ما أبلغ تلك الكلمات.. فهي وصف دقيق لعظمة مصر ودورها الحضاري في تاريخ البشرية صادرة من رجل دين لا يعرف المجاملة.. له مكانة عالية وكبيرة في العالم.. لقد فسر البابا فرانسيس بابا الفاتيكان بشكل دقيق معني "مصر أم الدنيا" حين قال إننا نشعر أن أرض مصر أرضنا جميعًا فهذه الأرض كانت ملجأ وضيافة العائلة المقدسة يسوع المسيح ومريم العذراء ويوسف النجار وإن هذه الضيافة التي قدمتها مصر بكرم منذ أكثر من ألفي عام تبقي في ذاكرة البشرية بأسرها وهي مصدر للعديد من البركات الممتدة حتي اليوم. مشيرًا إلي احتضان مصر وترحيبها في الوقت الحاضر بملايين اللاجئين القادمين من بلدان مختلفة والذين تحاول مصر دمجهم في المجتمع المصري من خلال جهود تستحق كل ثناء.. فهل يوجد توصيف دقيق أكثر وأدق مما قاله البابا فرانسيس عن معني "مصر أم الدنيا" أشك في ذلك. ولم ينس بابا الفاتيكان أن علي هذه الأرض.. أرض مصر أسمع الله صوته لسيدنا موسي وكشف عن اسمه.. وفوق جبل سيناء أودع الله البشرية الوصايا الإلهية. مشيرًا إلي أن مصر بسبب تاريخها وموقعها الجغرافي الفريد تلعب دورًا لا غني عنه في الشرق الأوسط بين الدول التي تبحث عن حلول للمشاكل الملحة والمعقدة لتفادي الانحدار في دوامة العنف الأعمي وغير الإنساني. مؤكدًا أن هذا هو مصير مصر وواجبها من أجل تقوية وتعزيز السلام في المنطقة رغم كونها جريحة في أرضها نتيجة للعنف الأعمي. لقد وجه البابا فرانسيس أيضًا رسالة إلي كل إرهابي ومتطرف حين قال إن الله خالق السماوات والأرض ليس بحاجة إلي حماية من البشر بل علي العكس هو الذي يحمي البشر وهو لا يرغب مطلقًا في موت أبنائه بل في حياتهم وسعادتهم وهو لا يمكن له أن يطلب العنف أو يبرره بل يرذله وينبذه داعيًا الله في ختام كلمته أن يمنح مصر السلام والتقدم والازدهار والعدالة ويبارك جميع أبنائها ليفاجئ بابا الفاتيكان الجميع مختتمًا كلمته بقوله "تحيا مصر" إنه حقًا كان يوم أمس يومًا عظيمًا في تاريخ مصر.