وسط خلافات حول قانون تجنيد طلاب المدارس الدينية من طائفة «الحريديم» قرر قادة أحزاب الائتلاف الحاكم فى إسرائيل فى اجتماع عقد حل الكنيست والذهاب إلى انتخابات جديدة فى التاسع من شهر ابريل المقبل أى قبل موعدها المقرر فى نوفمبر 2019 بعدة أشهر، وجاء ذلك بعد أن أعلن عضو الكنيست يائير لابيد زعيم حزب يش عتيد «يوجد مستقبل» أن حزبه سيصوت ضد مشروع قانون الائتلاف حول التجنيد العسكرى للحريديم متهما الحكومة بعقد صفقة من خلف الكواليس للعبث بهذا القانون ومنح فرصة للآلاف من طلاب المدارس والمعاهد الدينية للتهرب من أداء الخدمة العسكرية . وطوال شهور صيف عام 2014 نظم أفراد طائفة الحريديم اليهودية، وتعنى الاتقياء أو الورعين، عدة مظاهرات داخل إسرائيل وخارجها خاصة فى الولاياتالمتحدة رفضا للخدمة العسكرية التى أعفتهم حكومات إسرائيل المتعاقبة من أدائها استنادا إلى قانون يسمى طال، لكن فى شهر اغسطس من عام 2012 انتهى سريان مفعول هذا القانون وجاء إلغائه بقرار من المحكمة العليا فى عقب احتجاجات واسعة جرت فى إسرائيل ضد استمرار سريان قانون طال، وعلى خلفية قرار المحكمة العليا أصدر وزير المالية تعليمات بتجميد المخصصات المالية التى يتم دفعها لطلاب المدارس الدينية ويلقى موشيه متسليح خبير شئون الجماعات الدينية المتشددة فى إسرائيل الضوء على هذا الموضوع حيث كتب يقول: ان اليهود الحريديم يشكلون تيارا دينيا متشددا ويتميز نمط حياتهم بالتفرغ لدراسة التوراة والشريعة اليهودية السواد الأعظم منهم لا يزاولون عملا يوميا ولا يؤدون الخدمة العسكرية، بل يحصلون على أموال من خزينة الدولة ويتقاضون مخصصات شهرية من مؤسسة التأمين الوطني. هذه الحالة جاءت وليدة تفاهم بين الحكومة وزعماء الحريديم لدى قيام إسرائيل. حينذاك رأى رئيس الوزراء الأول ديفيد بن جوريون أن يمنح مجموعة من طلاب المدارس الدينية المتفوقين إعفاء من أداء الخدمة العسكرية على اعتبار أنهم حماة التوراة ومع مرور السنوات اتسعت عملية الإعفاء اتساعا كبيرا للغاية إلى أن أصبح بعد عقود من الزمن إعفاء شبه كلي. وينطبق الإعفاء على طلاب المدارس أو المعاهد التابعة للتيار الدينى المتشدد الحريديم فقط. أما طلاب المعاهد المحسوبة على التيار الدينى الصهيونى فهم مكلفون أيضا بالخدمة العسكرية. ويرى كثير من المراقبين فى إسرائيل انه يترتب على الإعفاء انعكاسات اجتماعية واقتصادية وأمنية وأخلاقية. وتلحق بإسرائيل خسائر مادية كبيرة بسبب عدم مزاولة الطلاب المتدينين لأى عمل فى المرافق الاقتصادية. زد على ذلك أن الدولة تدعم ماديا المعاهد الدينية. ويتحمل أبناء شرائح اجتماعية يهودية غير الحريديم عبء الواجبات الأخرى فهم يؤدون الخدمة العسكرية النظامية والاحتياطية لفترات طويلة ويمولون بالضرائب التى تجبى منهم أنشطة الحكومة. أما الحريديم فإنهم يعيشون على المعونات الحكومية والتبرعات ولا يدفعون الضرائب إلا جزئيا. ويشكو العلمانيون من تفاقم غلاء المعيشة المتمثل فى ضرائب ورسوم تعليمية عالية وأسعار سكن باهظة مطالبين بأن يتحمل الحريديم الأعباء المدنية والعسكرية معهم. وبلغ الجدل بشأن غلاء المعيشة نقطة غليان قبل ست سنوات عندما قادت شابة إسرائيلية مظاهرات احتجاجا على الصعوبات فى استئجار مسكن لها فى تل أبيب. وبعد تشكيل الائتلاف الحكومى العام الماضى أقيمت لجنة عامة برئاسة رئيس جهاز الأمن العام سابقا، وكلفت بإعداد مسودة لقانون تشريعى يراعى المساواة فى تقاسم الأعباء الوطنية. ولأول مرة فى تاريخ اسرائيل تنص المسودة على أن يسرى قانون الخدمة العسكرية على الشباب الحريديم من أبناء التيار الدينى المتشدد.. ومن أهم ما يتضمنه القانون المقترح: - إلزام كل شاب يبلغ السابعة عشرة من العمر التقدم الى مركز التجنيد - منح حوافز مالية للمعاهد الدينية التى تتجاوب مع التجنيد - تقصير مدة الخدمة العسكرية للرجال من ستة وثلاثين إلى اثنين وثلاثين شهرا - إطالة مدة الخدمة العسكرية للنساء من أربعة وعشرين إلى ثمانية وعشرين شهرا ومن المعطيات المثيرة التى اتضحت فى أعمال اللجنة أن أداء الخدمة الوطنية سواء مدنية كانت أو عسكرية أدى إلى اندماج الحريديم فى المجتمع الإسرائيلي. فتبين أن واحدا وتسعين بالمائة ممن أدوا الخدمة العسكرية انخرطوا فى سوق العمل بعد تسريحهم من الجيش وحظوا بوظيفة تضمن لهم إعالة أسرهم. وفى ديسمبر من العام الماضى اندلعت مواجهات عنيفة بين الشرطة الإسرائيلية ومئات المتظاهرين من طائفة اليهود الحريديم والذين قاموا بإغلاق الطرق الرئيسية بمدينة القدسالمحتلة احتجاجا على اعتقال بعض شباب الطائفة المتهربين من التجنيد فى الجيش واستخدمت الشرطة خراطيم المياه ورشاشات الرائحة الكريهة لتفريق هؤلاء المتظاهرين الذين قاموا بإغلاق شارع يافا الرئيسى وقامت باعتقال 35 ممن رفضوا فض التظاهر وفتح الطريق أمام المارة . وكان ما يسمى فصيل القدس بقيادة الحاخام شموئيل اورباخ قد اعلن أنه نزل الى الشوارع للدفاع عن قدسية التوراة وورد فى بيان صادر عما يسمى « لجنة انقاذ التوراة» المسئولة عن تنظيم المظاهرات ضد التجنيد، أن اورباخ دعا الى المظاهرة للاحتجاج من أجل قدسية التوراة التى تم تدنيسها بعد اعتقال 12 شابا حريديا لفترات مطولة. وقال اورباخ أن التجنيد العسكرى يقوض جميع مبادئ اليهودية وطالب اليهود المتشددين بالاحتشاد والتظاهر وتوالت المظاهرات، حيث حاول بعض المتظاهرين إحراق مكتب التجنيد فى القدس . وتم اعتقال 32 متظاهرا على الأقل خلال مظاهرات فى عدة مدن منها القدس، بنى باراك، بيت شيمش، وموديعين عيليت وانطلقت المظاهرات عقب حكم محكمة عسكرية على 11 متهربا يهوديا متشددا من التجنيد بالسجن لفترات تتراوح بين 40و90 يوما. والمشكلة هى الجدل الدائر منذ عشرات السنوات حول إلزام الشبان اليهود المتشددين الذين يدرسون فى اليشيفا أو المدارس الدينية بأداء الخدمة العسكرية مثل باقى اليهود فى اسرائيل. وفى وقت سابق من عام 2017 رفضت محكمة العدل العليا قانونا يعفى شباب اليهود المتشددين الذيين يقومون بدراسات دينية من الخدمة العسكرية قائلة انه يقوض مبدأ المساواة بين الجميع . ولكن المحكمة العليا علقت تنفيذ قرارها لمدة عام من أجل وضع إجراءات جديدة، إعطاء الحكومة فرصة سن قوانين جديدة .