يعيش المجتمع الإسرائيلى حالة انقسام حادة جراء مشروع قانون التجنيد، الذى يجبر اليهود الحريديم (المتشددين) على الانضمام إلى الجيش، والذى يعتبره «الحريديم» حربا ضد الدين، بينما يراهم بقية المجتمع الإسرائيلى «عالة على الاقتصاد». فقد شهدت مدينة القدس، أمس الأول، مظاهرات حاشدة غير مسبوقة ل«الحريديم»، شارك فيها نحو نصف مليون، احتجاجا على قانون تجنيدهم بالجيش الاسرائيلى لمدة 17 شهرا وفرض عقوبات اقتصادية وجنائية على المتهربين من التجنيد. ونشرت الشرطة الإسرائيلية أربعة آلاف من عناصرها فى شطرى المدينة المقدسة، وأغلقت الطرق، وخرج طلاب المدارس والموظفون من أعمالهم مبكرا. وقال منظمو المظاهرة، التى أطلقوا عليها «المليونية»، إنهم جاءوا للصلاة فقط ضد قانون التجنيد، معتبرين قانون حكومة بنامين نتنياهو «حريا على الدين»، وجريمة يرتكبها المجتمع الصهيونى ضد «التوراة». وأشارت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» الأمريكية، أمس، إلى أن «اليهود الحريديم (كانوا يتمتعون) بإعفاء من التجنيد منذ عقود، لأنهم يلتحقون بمدارس دينية لها طقوس خاصة، إلى أن قضت المحكمة العليا عام 2012 بعدم قانونية قانون الإعفاء، وهناك جهود فى الكنيست (البرلمان) لتمرير مشروع قانون جديد». ومن المقرر الانتهاء من مشروع القانون خلال أيام، وسيجبر طلاب المعاهد الدينية على الالتحاق بالتجنيد مع وجود عقوبات مادية وجنائية على المتهربين، ويعفى القانون الطلاب المتفوقين فقط من التجنيد. ويشكل الحريديم 10% من سكان إسرائيل (حوالى ثمانية ملايين نسمة)، وهم جماعة من اليهود المتدينين المتشددين، ويمارسون طقوسا دينية خاصة بهم، يعيشون حياتهم اليومية وفقا للشريعة اليهودية، ويطبقون التوراة حرفيا. وبحسب صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية، فإن «أعداد الحريديم فى تزايد مستمر فى المجتمع الإسرائيلى، وهذا ما يقلق الدولة لأنهم لا يعملون، ويحصلون على إعانات من الدولة وتبرعات، وهو ما يستنزف موارد الدولة، وفى المقابل يتجنبون القيام بالواجبات التى يلتزم بها الآخرون». وتعنى كلمة الحريديم «التقى»، ودائما ما يعرف اليهود الحريديم بهيئتهم، حيث يرتدون فى العادة معطفا طويلا، وقبعة سوداء، ويرسلون ذقونهم إلى صدورهم، وتتدلى على آذانهم خصلات من الشعر «المقصوع»، أما النساء فترتدين ملابس تشبه النقاب، وهم لا يتحدثون العبرية لأنها لغة مقدسة، ويفضلون التحدث باللغة «اليديشية»، ولا يتلقون تعليما مدنيا بل تعليما فى المعاهد الدينية.