أمين «البحوث الإسلامية» يستقبل وفد جامعة الشارقة    «الهجرة» تكشف عن «صندوق طوارئ» لخدمة المصريين بالخارج في المواقف الصعبة    الإحصاء: 864 مليون دولار قيمة التبادل التجاري بين مصر والأردن خلال عام 2023    غرفة السياحة: انتهاء موسم العمرة للمصريين بشكل رسمي    تفاصيل مشروع تطوير عواصم المحافظات برأس البر.. وحدات سكنية كاملة التشطيب    أونروا: لا نتلقى مساعدات أو وقود لقطاع غزة وهذا أمر كارثي    كاتب صحفي: قدر من الأمل في الوصول لهدنة بغزة.. والمفاوضات ستثمر قريبا    أردوغان: تركيا تتابع الوضع في أوكرانيا عن كثب    القاهرة الإخبارية: سقوط صاروخ على مستوطنة شلومي شمال إسرائيل    انطلاق مباراة سموحة وزد بالدوري    صورت ورقة الامتحان بهاتفها.. إلغاء امتحان طالبة بالثاني الإعدادي في بني سويف    إصابة ثلاثة أشخاص في تصادم دراجة بخارية وسيارة بجمصة    مصرع سائق في انقلاب سيارتين نقل على الصحراوي الشرقي بسوهاج    العوضي يكشف حقيقة رجوعه ل«طليقته» ياسمين عبدالعزيز    بدل أمينة خليل.. أسماء جلال تشارك في فيلم شمس الزناتي    وفاة والدة الفنانة يسرا اللوزي    هل من زار قبر أبويه يوم الجمعة غُفر له وكُتب بارا؟.. الإفتاء تجيب    رئيس الوزراء يتابع جهود إقامة مركز جوستاف روسي لعلاج الأورام في مصر    متحور جديد يهدد البشرية ويتنشر بمياه الصرف.. «FLiRT» يضرب أمريكا وألمانيا    التنمر والسخرية.. الأوقاف تنشر خطبة أول جمعة من ذي القعدة 1445 هجريا    قطاع الأعمال تدعو الشركات الصينية للتعاون لتعظيم العوائد من الفرص الاستثمارية المتاحة    سلوفينيا تبدأ إجراءات الاعتراف بالدولة الفلسطينية    فصائل عراقية: قصفنا هدفا حيويا في إيلات بواسطة طائرتين مسيرتين    وصفوه ب أجرأ فيلم سعودي.. كل ما تريد معرفته عن فيلم "آخر سهرة في طريق ر"    محافظ الشرقية: الحرف اليدوية لها أهمية كبيرة في التراث المصري    قوات الدفاع الشعبى تنظم ندوات ولقاءات توعية وزيارات ميدانية للمشروعات لطلبة المدارس والجامعات    مساعد وزير الصحة: تسليم 20 مستشفى نهائيا خلال العام الحالي    بعد قرار سحبه من أسواقها| بيان مهم للحكومة المغربية بشأن لقاح أسترازينيكا    اتجاه للموافقة على تتويج الهلال بالدوري في ملعب المملكة أرينا    على معلول يحسم مصير بلعيد وعطية الله في الأهلي (خاص)    لمواليد برج القوس والأسد والحمل.. توقعات الأسبوع الثاني من مايو لأصحاب الأبراج النارية    نشرة «المصرى اليوم» من الإسكندرية: تأجيل محاكمة المتهمين بأحداث سيدي براني وسموحة يصطدم ب«زد»    بعد ظهورها مع إسعاد يونس.. ياسمين عبد العزيز تعلق على تصدرها للتريند في 6 دول عربية    حزب حماة وطن يكرم الآلاف من حفظة القرآن الكريم في كفر الشيخ    "الخشت" يستعرض زيادة التعاون بين جامعتي القاهرة والشارقة في المجالات البحثية والتعليمية    وزير الصحة: دور القطاع الخاص مهم للمساهمة في تقديم الخدمات الطبية    بعد أسبوع حافل.. قصور الثقافة تختتم الملتقى 16 لشباب «أهل مصر» بدمياط    حكم هدي التمتع إذا خرج الحاج من مكة بعد انتهاء مناسك العمرة    وفد صحة الشيوخ يتفقد عددا من المستشفيات ووحدات الإسعاف وطب الأسرة بالأقصر    تأجيل محاكمة المتهمين في قضية فساد التموين ل 8 يوليو    محامي الشيبي يطالب بتعديل تهمة حسين الشحات: "من إهانة إلى ضرب"    وزيرة التضامن تشهد انطلاق الدورة الثانية في الجوانب القانونية لأعمال الضبطية القضائية    "العمل": تحرير عقود توظيف لذوي الهمم بأحد أكبر مستشفيات الإسكندرية - صور    دعاء الامتحان لتثبيت ما حفظت.. يسهّل الاستذكار | متصدر    ما حكم قطع صلة الرحم بسبب الأذى؟.. «الإفتاء» تُجيب    برلماني: توجيهات الرئيس بشأن مشروعات التوسع الزراعى تحقق الأمن الغذائي للبلاد    مستشفى العباسية.. قرار عاجل بشأن المتهم بإنهاء حياة جانيت مدينة نصر    القبض على المتهمين بغسيل أموال ب 20 مليون جنيه    21 مليون جنيه.. حصيلة قضايا الإتجار بالعملة خلال 24 ساعة    السيسي يستقبل رئيس وزراء الأردن    دفاع حسين الشحات يطالب بوقف دعوى اتهامه بالتعدي على الشيبي    مكاسب البورصة تتجاوز 12 مليار جنيه في منتصف تعاملات اليوم    معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية يسجل 31.8% في أبريل الماضي    اليوم.. وزير الشباب والرياضة يحل ضيفًا على «بوابة أخبار اليوم»    جهاد جريشة يطمئن الزمالك بشأن حكام نهائي الكونفدرالية أمام نهضة بركان    مصدر عسكري: يجب على إسرائيل أن تعيد النظر في خططها العسكرية برفح بعد تصريحات بايدن    موعد مباراة الإسماعيلي والداخلية اليوم الخميس بالدوري    تامر حسني يقدم العزاء ل كريم عبدالعزيز في وفاة والدته    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسرائيل تدخل عصر «الفتنة الطائفية».. والمتشددون: سنعيش فى فلسطين
500 ألف من «الحريديم» طافوا شوارع القدس المحتلة للتنديد بإجبارهم على أداء الخدمة العسكرية
نشر في الوطن يوم 06 - 05 - 2014

لو علم ديفيد بن جوريون، الأب الروحى لدولة إسرائيل وأول رئيس حكومة بها، أن يوماً سيأتى ويعادى فيه اليهود بعضهم، وتشهد إسرائيل فتنة طائفية، ويصبح أمنها الداخلى على المحك، بسبب قانون الأمر الواقع الذى وضعه صبيحة تأسيس الدولة، ولو كان على قيد الحياة وشهد بعينيه نحو 500 ألف من اليهود المتدينين «الحريديم» يطوفون شوارع القدس، تنديداً بالدولة الإسرائيلية التى خرقت قواعد مؤسسها، وقررت تجنيدهم فى صفوف الجيش، لأدرك أنه كان على خطأ منذ اللحظة الأولى، عام 1948، حين منح هذه الفئة امتيازات خاصة لكسب مجتمع يهودى متماسك ضد خصومه العرب، وبنى دولة مفككة على كومة من القش.
الصراع بين اليهود المتشددين «الحريديم» واليهود العلمانيين ليس جديداً على إسرائيل لكنه كان دائماً مستتراً، ينكره الزعماء ويعتم عليه الإعلام، لكن وبعد هذه المظاهرة أصبح الأمر مختلفاً داخل المجتمع الإسرائيلى، فبعد قرارات المحكمة العليا الإسرائيلية، وعلى رأسها التشكيك فى قرار قديم للكنيست «البرلمان» يعفى شباب «الحريديم» من الخدمة العسكرية الإلزامية، واتخاذ خطوات تفعيلية لتجنيدهم، والسماح لحركات الإصلاح الأكثر تحرراً بالاشتراك فى المجالس الدينية داخل إسرائيل، بدا واضحاً أن غليان التطرف الدينى اليهودى الذى أحرق المنطقة لسنوات، اقترب من إشعال النار فى بيته، إسرائيل، قريباً. كان «بن جوريون» يعى الانقسام التاريخى فى المجتمع اليهودى بين العلمانيين والمتشددين، وخطورة هذا الانقسام على استقرار الدولة العبرية ومستقبلها، لذلك وحسب المؤرخ الإسرائيلى ستيوارت كوهين، لجأ «بن جوريون» إلى خطوات راديكالية لتوحيد اليهود، عن طريق استخدام التجنيد الإجبارى لإنشاء أجيال تعزز توحيد دولة إسرائيل، كما عمد لإلغاء الميليشيات اليهودية المتدينة، مثل «البالماخ» التى شاركت فى حرب العصابات ضد العرب حتى عام 1948، تاريخ إعلان دولة إسرائيل. وألحق «بن جوريون» جميع الوحدات المسلحة والميليشيات بصفوف الجيش الإسرائيلى، كما رفض طلب بعض المتدينين تشكيل فصائل أو وحدات عسكرية خاصة بهم داخل الجيش، وألزمهم بالخدمة فى وحدات تضم جنوداً علمانيين. لكن «بن جوريون» أقدم على خطوة كانت تبدو من وجهة نظره محدودة وتتماشى مع مبادئ الحركة الصهيونية وأهدافها، إذ طالب حاخامات «الحريديم» بإعفاء شباب معاهدهم الدينية من الخدمة العسكرية، واحتجوا بنصوص من التوراة تفرض على طلاب الدراسة الدينية والتعمق بها أن يتفرغوا للعبادة، وألا يمارسوا أى عمل آخر.
وبما أن الأيديولوجية الصهيونية تدعو لنشر الثقافة اليهودية والمحافظة على الحضارة والتقاليد، وافق «بن جوريون» على طلبهم وأعفى شبانهم من الخدمة العسكرية، وكان «الحريديم» حينها يشكلون نحو 2% من عدد سكان إسرائيل، أى إن عدد الشبان والشابات الذين شملهم الإعفاء وقتها لم يتجاوز المئات، أما اليوم فقفز العدد إلى نحو 10% من إجمالى السكان، وأصبح عدد الشبان والفتيات المعفيين من الخدمة العسكرية 30 ألفاً، وازداد الأمر تعقيداً، بادعاء كثير من الشباب تدينهم وانتماءهم لتيار «الحريديم» للتهرب من الخدمة العسكرية. ومؤخراً، انطلقت المظاهرة التى تراوحت أعداد المشاركين بها بين 400 -حسب القناة الثانية الإسرائيلية- و500 ألف - حسب المتشددين أنفسهم- فى مشهد كوميدى ملؤه الصلاة والصراخ ضد القانون الجديد المسمى «المساواة فى العبء»، ورفع المحتجون الذين أغلقوا مداخل مدينة القدس شعارات هاجموا فيها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وأكدوا فيها عدم التزامهم بالخدمة العسكرية الإلزامية.
عضو الكنيست عن حزب شاس المتشدد، نسيم زئيف، قال إن هدف التظاهرة هو إرسال رسالة واضحة للحكومة مفادها «هذا يكفى، يجب وقف هذا الاضطهاد»، فيما رأى زميله من حزب يهدوت هاتوراة، يعقوب إيشير، أن «نتنياهو انزلق على قشرة موز، وخرق الوضع الراهن الذى نجح كل أسلافه فى الحفاظ عليه، وأن اعتصامهم رد على التشريع القانونى ضد الجمهور الحريدى، الذى كان كل ذنبه أنه يحافظ منذ آلاف السنين على نهجه». ومن جهته قال رئيس الكنيست يولى أدلشتاين، إن التوتر بين فئات المجتمع الإسرائيلى بلغ ذروته، معرباً عن قلقه على سلامة الشعب ووحدته، وأضاف: الهدف المعلن لهذا القانون هو تحقيق العدل والمساواة، ولكن إذا أدى إقراره إلى الفتنة فلن يتم تحقيق أى شىء. فى الأعوام الأخيرة، صارت قضية الخدمة الإلزامية للمتدينين مطروحة بقوة على الرأى العام الإسرائيلى، خصوصاً من قبل الأحزاب والتيارات العلمانية التى ترى أن الشباب العلمانيين يتعرضون للظلم، لأنهم ملزمون بالخدمة العسكرية، فيما تعطى الذرائع لنظرائهم «الحريديم» للتهرب من ذلك. ويفرض القانون على الإسرائيليين الخدمة الإلزامية للذكور لمدة ثلاثة أعوام، وعلى الإناث لمدة عامين، ابتداءً من عمر ثمانية عشر عاماً. وتشكلت على مدى الأعوام الأخيرة لجان كثيرة لبحث الموضوع إلا أن تقاريرها وتوصياتها سرعان ما كانت تُطوى فى الأدراج، بفعل المحاذير السياسية التى ترافق حسابات الأحزاب الكبرى الحاكمة، فعادة ما تخشى هذه الأحزاب تأزم العلاقة مع الأحزاب الحريدية المتشددة لحاجتها إليها فى تشكيل الائتلافات الحكومية، خاصة أن هذه الأحزاب تمتلك على الدوام كتلة ووزناً فى الكنيست يتراوح بين 15 و20 مقعداً، أى ما يعادل نحو 15% من مقاعد الكنيست. عند تشكيل الحكومة الحالية، صار «المساواة فى العبء» مطلباً رئيسياً لحزب «يش عتيد» العلمانى، الذى يُعتبر رأس حربة الكفاح من أجل فرض الخدمة العسكرية الإلزامية على «الحريديم». وقبل أشهر، جرى تشكيل لجنة برلمانية برئاسة عضو الكنيست من حزب البيت اليهودى، أييلت شاكيد، أنيطت بها مهمة بلورة مشروع قانون جديد يعالج مسألة خدمة «الحريديم». وقبل أسابيع، أقرت اللجنة مشروع القانون الذى فرض على «الحريديم» تأمين حصص سنوية من الذكور للالتحاق بالخدمة العسكرية، تحت طائلة فرض عقوبات جنائية واقتصادية على المتهربين، وبرغم أن القانون لن يدخل حيز التطبيق قبل عام 2017، فإنه أثار غضب القيادات الحريدية الذين رأوا فيه اضطهاداً لهم. ويشكل تمرير قانون التجنيد فى الكنيست، إحدى أهم المحطات السياسية الداخلية، وتتويجاً لمسار وتجاذبات حادة بين الكتل السياسية، بهدف التوصل لحل لمسألة هى من أكثر القضايا إشكالية فى إسرائيل. وبعدما كان «الحريديم» يُعفَون من عبء التجنيد بالجيش، بحجة تفرغهم لدراسة التوراة، على خلفية عقائدية ودينية، حدد القانون الجديد تجنيد نحو 5200 شاب حريدى لأداء الخدمة العسكرية أو المدنية، بدءاً من عام 2017، على أن تُطبق عقوبات جنائية على المتهربين من أداء الخدمة الإلزامية من طلاب المعاهد الدينية «اليشيفوت». ومن المفترض أن تبدأ بعد التصديق على القانون فى الكنيست، الفترة الانتقالية وبموجبها سيحصل إعفاء عام لكل طالب مدرسة دينية حريدية، بدءاً من سن 22 وما فوق، ما سيمكّنه من التوجّه لسوق العمل، فيما يتحتم على طلاب المدارس نفسها من سن 18 إلى 22 الالتزام كل عام بالتقدم للتجنيد فى الفترة الانتقالية، على أن تنضم إليهم كل عام دفعة طلاب جدد. «الحريديم» يتعاملون مع مؤسسات الدولة فى حدود الظروف والاضطرار المعيشى، على الرغم من أنهم لا يعترفون بها، ولا بالصهيونية التى قامت عليها الدولة، فهى فى نظرهم وسيلة إدارية وفنية لقضاء ما يحتاجون إليه من أعمال. وقررت السلطات الإسرائيلية إقامة مستوطنة للحريديم سمتها «حريش» بمنطقة أم الفحم، تصل حدودها حتى الخط الأخضر، لشطبه وتهويده وتضييق الخناق على فلسطينيى 48، كما صادق مجلس التخطيط والبناء الإسرائيلى مؤخراً على بناء مجمع استيطانى متكامل باسم «كسيف»، لليهود «الحريديم» فى مفرق «تل عراد» بصحراء النقب، ليضم 16 ألف وحدة سكنية و80 ألف نسمة.
وخرج الحاخام إلياهو كوفمان من «الحريديم»، مؤكداً أن الحكومة الإسرائيلية تعمل على تضليل جمهور «الحريديم» وتستغلهم لتطبيق مخططاتها العنصرية للتخلص من الفلسطينيين وطردهم من إسرائيل. واتهم الحكومة بالسعى لاستخدام «الحريديم» كسلاح فى وجه الفلسطينيين والزج بهم نحو صراع دموى مع المواطنين العرب بالمثلث والجليل والنقب، مثلما استغلتهم فى السابق لتنفيذ مخططاتها الاستيطانية بالضفة الغربية، وقال «كنا نسكن بحسن جوار فى الدول العربية، ولا أرى أى إشكالية أن يعيش اليهود تحت حكم فلسطينى إذا ما أقيمت دولة فلسطين».
يقول جوناثان روزنبلوم، الكاتب المعارض فى صحيفة جيروزاليم بوست: «لا أعتقد أن الحكومة تريد إرغام الحريديم على دخول الجيش، وأعتقد أن هذا فى الأساس مسرحية سياسية، الجيش لا يمكنه استيعابهم، فهو يخضع لتخفيضات كبيرة فى الميزانية فى الوقت الراهن، إنهم يقلصون مصاريف التجنيد والتدريب، بينما لا يمكنه إنشاء جيش نظامى مستقل من أجلهم، حيث إنهم يرفضون الاختلاط بين الجنسين، وأعتقد أن الحكومة أصدرت قرارها بلغة قاسية عندما قالوا: سنقوم بتجريم أى شخص لا يذهب إلى الخدمة. حيث لا يستجيب الناس ويقولون حسناً لن نذهب، سنذهب جميعا إلى السجن»، معلقاً: «الجميع يعرف هذه اللعبة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.