علي مدي الشهور الماضية نظم أفراد طائفة الحريديم اليهودية، وتعني الاتقياء أو الورعين، عدة مظاهرات داخل إسرائيل وخارجها خاصة في الولاياتالمتحدة رفضا للخدمة العسكرية التي أعفتهم حكومات إسرائيل المتعاقبة من أدائها استنادا إلي قانون يسمي طال، لكن في شهر اغسطس من عام 2012 انتهي سريان مفعول هذا القانون وجاء إلغاء القانون بقرار من المحكمة العليا في أعقاب احتجاجات واسعة جرت في إسرائيل ضد استمرار سريان قانون طال، وعلي خلفية قرار المحكمة العليا أصدر وزير المالية تعليمات بتجميد المخصصات المالية التي يتم دفعها لطلاب المدارس الدينية . ويلقي موشيه متسليح خبير شؤون الجماعات الدينية المتشددة في إسرائيل الضوء علي هذا الموضوع حيث كتب يقول : ان اليهود الحريديم يشكلون تيارا دينيا متشددا. ويتميز نمط حياتهم بالتفرغ لدراسة التوراة والشريعة اليهودية. السواد الأعظم منهم لا يزاولون عملا يوميا ولا يؤدون الخدمة العسكرية، بل يحصلون علي أموال من خزينة الدولة ويتقاضون مخصصات شهرية من مؤسسة التأمين الوطني. هذه الحالة جاءت وليدة تفاهم بين الحكومة وزعماء الحريديم لدي قيام إسرائيل. حينذاك رأي رئيس الوزراء الأول ديفيد بن جوريون أن يمنح مجموعة من طلاب المعاهد الدينية المتفوقين إعفاء من أداء الخدمة العسكرية علي اعتبار أنهم حماة التوراة. ومع مرور السنوات اتسعت عملية الإعفاء اتساعا كبيرا للغاية إلي أن أصبح بعد عقود من الزمن إعفاء شبه كلي. وينطبق الإعفاء علي طلاب المعاهد التابعة للتيار الديني المتشدد الحريديم فقط. أما طلاب المعاهد المحسوبة علي التيار الديني الصهيوني فهم مكلفون أيضا بالخدمة العسكرية. ويري كثير من المراقبين في إسرائيل انه يترتب علي الإعفاء انعكاسات اجتماعية واقتصادية وأمنية وأخلاقية. وتلحق بإسرائيل خسائر مادية كبيرة بسبب عدم مزاولة الطلاب المتدينين لأي عمل في المرافق الاقتصادية. زد علي ذلك أن الدولة تدعم ماديا المعاهد الدينية. ويتحمل أبناء شرائح اجتماعية يهودية غير الحريديم عبء الواجبات الاخري فهم يؤدون الخدمة العسكرية النظامية والاحتياطية لفترات طويلة ويمولون بالضرائب التي تجبي منهم انشطة الحكومة. أما الحريديم فإنهم يعيشون علي المعونات الحكومية والتبرعات ولا يدفعون الضرائب إلا جزئيا. ويشكو العلمانيون من تفاقم غلاء المعيشة المتمثل في ضرائب ورسوم تعليمية عالية وأسعار سكن باهظة مطالبين بأن يتحمل الحريديم الأعباء المدنية والعسكرية معهم. وبلغ الجدل بشأن غلاء المعيشة نقطة غليان قبل عامين عندما قادت شابة إسرائيلية مظاهرات احتجاجا علي الصعوبات في استئجار مسكن لها في تل أبيب. وبعد تشكيل الائتلاف الحكومي العام الماضي أقيمت لجنة عامة برئاسة رئيس جهاز الأمن العام سابقا، وكلفت بإعداد مسودة لقانون تشريعي يراعي المساواة في تقاسم الأعباء الوطنية. ولأول مرة في تاريخ اسرائيل تنص المسودة علي أن يسري قانون الخدمة العسكرية علي الشباب الحريديم من أبناء التيار الديني المشتدد.. ومن أهم ما يتضمنه القانون المقترح: - إلزام كل شاب يبلغ السابعة عشرة من العمر التقدم الي مركز التجنيد . - منح حوافز مالية للمعاهد الدينية التي تتجاوب مع التجنيد - تقصير مدة الخدمة العسكرية للرجال من ستة وثلاثين إلي اثنين وثلاثين شهرا - إطالة مدة الخدمة العسكرية للنساء من أربعة وعشرين إلي ثمانية وعشرين شهرا ومن المعطيات المثيرة التي اتضحت في أعمال اللجنة أن أداء الخدمة الوطنية- سواء مدنية كانت أو عسكرية- أدي إلي اندماج الحريديم في المجتمع الإسرائيلي. فتبين أن واحدا وتسعين بالمائة ممن أدوا الخدمة العسكرية انخرطوا في سوق العمل بعد تسريحهم من الجيش وحظوا بوظيفة تضمن لهم إعالة أسرهم.