تعددت الأسباب والهدف واحد. ربما كان هذا هو العنوان الأقرب والأنسب لما يمكن وصفه ب»حرب العقوبات» التى أطلقتها إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مع كل من دول الصينوروسيا وإيران. فمن عجز الميزان التجارى وسرقة الملكية الفكرية، إلى ضم القرم والتدخل فى الانتخابات إلى تعديل الاتفاق النووى وكبح جماح الطموحات الإقليمية، جاءت جميعها كأسباب ساقتها واشنطن للعقوبات الاقتصادية التى فرضتها على الدول الثلاث، فيما أن الهدف الواضح والمعلن منها جميعا هو تحقيق الشعار الانتخابى للرئيس «أمريكا أولا». إلا أن بكينوموسكووطهران لم تقف عاجزة أمام ما وصفته ب»سياسة الإرهاب الاقتصادي» الذى أضحت تمارسه إدارة ترامب على حكوماتها، من أجل إخضاعها لإرادتها وتغيير سياستها لضمان عدم منافستها واستمرار تفوقها تكريسا لنموذج النظام العالمى آحادى القطبية. وتنوعت ردود الدول الثلاث وأساليب تحايلها على العقوبات الأمريكية وفقا لحجم اقتصادياتها، حيث اختارت الصين الرد بمبدأ «المعاملة بالمثل»، خاصة أن الرسوم الجمركية التى فرضتها الولاياتالمتحدة مثلت عبئا ضئيلا على اقتصادها الذى يعد واحدا من أكبر اقتصادات العالم، حيث يبلغ حجمه نحو 13 تريليون دولار. وقررت الصين زيادة الرسوم الجمركية على الواردات الأمريكية 60 مليار دولار على الغاز المسال والصلب وبعض أنواع الطائرات. من جهتها، وجدت روسيا الحل فى توفير بدائل شراكة تجارية جديدة، من ثم ذهبت لتعزيز تعاونها الاقتصادى مع دول مجموعة البريكس - الصين والبرازيل والهند و جنوب أفريقيا - لتتمكن من تخطى الأزمة. كما عززت موسكو من دعم الصناعة الوطنية من خلال تشجيع التصنيع والتحديث والابتكار، ذلك فى الوقت الذى أعلن فيه دينيس مانتوروف وزير الصناعة والتجارة الروسى فى سبتمبر الماضى أن بلاده تعمل على الانتقال للتعامل التجارى بالعملة الوطنية مع دول الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا. أما بالنسبة لإيران، فإنه وعلى الرغم من إعادة فرض الولاياتالمتحدة لحزمتين من العقوبات الاقتصادية عليها فى أغسطس ونوفمبر الماضيين، فإن طهران وجدت سبيلها هى الأخرى للتحايل. من جانبه، أكد الرئيس الإيرانى حسن روحانى أن بلاده ستواصل تصدير البترول رغم العقوبات الأمريكية، مشيرا إلى إعفاء الولاياتالمتحدة ثمانى دول بشكل مؤقت من قرار حظر شراء البترول الإيراني. وفى تقرير له، توقع صندوق النقد الدولى أكتوبر الماضى «خريفا اقتصاديا مقبلا» نتيجة حرب العقوبات الاقتصادية التى أشعلها ترامب، مشيرا إلى أنها ستلحق بالاقتصاد العالمى خسائر تصل ل1٫52 تريليون دولار، إلى جانب تضرر الولاياتالمتحدة على المدى البعيد وأنها ستعانى أكثر من غيرها. فهل تبدأ المعاناة من عام 2019؟