انطلاق انتخابات التجديد النصفي لنقابة أطباء الأسنان بالشرقية    بمناسبة أعياد تحرير سيناء.. نقل صلاة الجمعة على الهواء مباشرة من مدينة العريش    هشام عبدالعزيز خطيبًا.. نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد النصر بالعريش    حصول 4 معاهد أزهرية على الاعتماد والجودة رسمياً بالإسكندرية    ضمان حياة كريمة تليق بالمواطن.. 7 أهداف ضمن الحوار الوطني    خبير: أمطار غزيرة على منابع النيل فى المنطقة الإستوائية    تعرف على سعر الذهب مع بداية تعاملات الجمعة    بمناسبة عيد تحرير سيناء.. التخطيط تستعرض خطة المواطن الاستثمارية لشمال وجنوب سيناء لعام 2023-2024    خزنوا الميه.. إعلان ب قطع المياه ل12 ساعة عن هذه المناطق    الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواريخ باليستية ومجنحة على أهداف في إيلات    جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج الرئيسي بعد احتجاجات مناهضة للعدوان على غزة    حزب الله ينشر ملخص عملياته ضد الجيش الإسرائيلي يوم الخميس    إسرائيل تضع شرطًا للتراجع عن اجتياح رفح    نائب وزير الخارجية اليوناني يعتزم زيارة تركيا اليوم الجمعة    تؤجج باستمرار التوترات الإقليمية.. هجوم قاس من الصين على الولايات المتحدة    رمضان صبحي: أشعر بالراحة في بيراميدز.. وما يقال عن انتقالي للأهلي أو الزمالك ليس حقيقيا    رمضان صبحي: نفتقد عبد الله السعيد في بيراميدز..وأتمنى له التوفيق مع الزمالك    الليلة.. نهائي مصري خالص في بطولة الجونة للإسكواش للرجال والسيدات    فينيسيوس يقود هجوم ريال مدريد في التشكيل المتوقع أمام سوسييداد    كارثة كبيرة.. نجم الزمالك السابق يعلق على قضية خالد بو طيب    طقس الساعات المقبلة.. "الأرصاد": أمطار تصل ل"سيول" بهذه المناطق    الشركة المالكة ل«تيك توك» ترغب في إغلاق التطبيق بأمريكا.. ما القصة؟    بدون إصابات.. إنهيار أجزاء من عقار بحي الخليفة    القناة الأولى تبرز انطلاق مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير في دورته العاشرة    فضل قراءة سورة الكهف ووقت تلاوتها وسر «اللاءات العشر»    منها «عدم الإفراط في الكافيين».. 3 نصائح لتقليل تأثير التوقيت الصيفي على صحتك    الصحة: إجراء الفحص الطبي ل1.688 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة فحص المقبلين على الزواج    اكتشاف فيروس إنفلونزا الطيور في 20% من عينات الألبان في الولايات المتحدة    أماكن الاحتفال بعيد شم النسيم 2024    ارتفاع أسعار الطماطم والبطاطس اليوم الجمعة في كفر الشيخ    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    رسالة من كريم فهمي ل هشام ماجد في عيد ميلاده    موقف مصطفى محمد.. تشكيل نانت المتوقع في مباراة مونبيلييه بالدوري الفرنسي    واعظ بالأزهر: الإسلام دعا إلى صلة الأرحام والتواصل مع الآخرين بالحسنى    اعرف الآن".. التوقيت الصيفي وعدد ساعات اليوم    «إكسترا نيوز» ترصد جهود جهاز تنمية المشروعات بمناسبة احتفالات عيد تحرير سيناء    استقرار أسعار الدولار اليوم الجمعة 26 أبريل 2024    فضل أدعية الرزق: رحلة الاعتماد على الله وتحقيق السعادة المادية والروحية    حكاية الإنتربول مع القضية 1820.. مأساة طفل شبرا وجريمة سرقة الأعضاء بتخطيط من مراهق    التوقيت الصيفي في مصر.. اعرف مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 26 - 4 - 2024    أدعية السفر: مفتاح الراحة والسلامة في رحلتك    أبناء أشرف عبدالغفور الثلاثة يوجهون رسالة لوالدهم في تكريمه    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    قوات الاحتلال تعتقل شقيقين فلسطينيين بعد اقتحام منزلهما في المنطقة الجنوبية بالخليل    الزمالك يزف بشرى سارة لجمهوره بشأن المبارة القادمة    مسؤول أمريكي: واشنطن تستعد لإعلان عقود أسلحة بقيمة 6 مليارات دولار لأوكرانيا    «الإفتاء» تعلن موعد صلاة الفجر بعد تغيير التوقيت الصيفي    جدعنة أهالي «المنيا» تنقذ «محمود» من خسارة شقى عمره: 8 سنين تعب    الإنترنت المظلم، قصة ال"دارك ويب" في جريمة طفل شبرا وسر رصد ملايين الجنيهات لقتله    هيئة الغذاء والدواء بالمملكة: إلزام منتجات سعودية بهذا الاسم    أحمد كشك: اشتغلت 12 سنة في المسرح قبل شهرتي دراميًّا    تشرفت بالمشاركة .. كريم فهمي يروج لفيلم السرب    سيد معوض يكشف عن مفاجأة في تشكيل الأهلي أمام مازيمبي    سلمى أبوضيف: «أعلى نسبة مشاهدة» نقطة تحول بالنسبة لي (فيديو)    عاجل - تطورات جديدة في بلاغ اتهام بيكا وشاكوش بالتحريض على الفسق والفجور (فيديو)    عاجل - محمد موسى يهاجم "الموسيقيين" بسبب بيكا وشاكوش (فيديو)    تامر حسني باحتفالية مجلس القبائل: شرف عظيم لي إحياء حفل عيد تحرير سيناء    مسجل خطر يطلق النار على 4 أشخاص في جلسة صلح على قطعة أرض ب أسيوط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصانع إنتاج التمييز والظلامية.. هل يمكن إغلاقها؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 26 - 12 - 2018

فى ظل الحديث عما يطلق عليه تجديد الخطاب الدينى او ما أشار اليه الرئيس عبد الفتاح السيسى من اهمية حدوث ثورة دينية للخطاب الدينى خاصة بعد ما شهدته المنطقة من توغل وتفش للقوى الظلامية ينبغى تضافر جهود جميع المؤسسات للتصدى لهذه المفاهيم الضالة، وان تتكاتف لصياغة مشروع تنويرى حداثى تستطيع الامة من خلاله النهوض على مختلف الأصعدة.
ولعل البعد الثقافى يعد احد اهم أركانها، نظرا للدور الذى يلعبه فى تشكيل الوجدان الجمعى عبر أدواته المختلفة للحفاظ على هوية الأمة بتعدد روافدها المختلفة، والحفاظ على الإرث التاريخى الذى يشكل قوام هذه الامة، ويحدد ملامحها وشخصيتها. فكما كان يقال فى الأدبيات الكلاسيكية، ان الاقتصاد يمثل البناء التحتى الذى بمقتضاه تتحدد جميع أشكال الوعى الاجتماعى (ابتداء من الدين وانتهاء بالفلسفة والاخلاق)، فان العامل الثقافى بات هو البناء التحتى الذى يستطيع بإسهاماته وأدواته ان يشكل جميع اشكال الوعى الاخرى.
كانت الثقافة ولا تزال أسيرة رؤية متقاربة،نظرا لدورها المهم فى حياة البشر، وعلاقتها بين المادى والروحى، وكذا موقع الإنسان فى العملية الاجتماعية والخصائص الذاتية والقومية لتطورها، فالثقافة هى الحركة الحيوية للحياة، وهى تستند إلى موروثات اجتماعية وتاريخية تسهم فى تكوين جماعات البشر، وإنتاج ثقافتهم، وإعادة إنتاجها فى حيز قومى معلوم. وبالاستناد الى هذا المفهوم، فان إعادة انتاح الثقافة بل ورؤية الإرث الثقافى، هى ابنة الحاضر، لهذا فأن عملية إعادة الإنتاج من وجهة نظر تاريخ الثقافة هى عملية متصلة لا تنقطع، بغض النظر عن الزاوية التى نقيس منها مدى تطور الثقافة فى لحظة ما من لحظات الزمن.
إذا كانت إحدى الطرق لفهم الواقع الاجتماعى المصرى تتمثل فى النظر للثقافة السائدة التى تحاول تشكيل إجماع وطنى والسيطرة عليه، فإن موضوعا مساويا لذلك من الأهمية هو موضوع مصر كمجتمع تعددى متنوع.
لقد اشتبكت الثقافة بالسياسة، ومثلت عمودا مهما فى طبيعة النظام السياسى والتحولات السياسية، وتفاعلت معهما تأثرا وتأثيرا. ولعل ما مرت به مصر منذ يناير 2011، وما أفرزته من افكار وشعارات وممارسات، يفرض مناقشة الثقافة، باعتبارها فعل تغيير وتطوير للواقع المعاش، وذلك استنادا الى الطاقات البشرية القادرة على إنجاز ذلك الفعل، وهى تتمثل فى توظيف المهارات والخبرات العلمية والتقنية والإبداعية فى إطار مشروع ثقافى يعطى للسلطة المعرفية موقعها الطبيعى. وقد أدى العرف الليبرالى للديمقراطيات إلى وضع دساتير مدونة لتكون بمثابة القواعد الأساسية لحكم القانون، وكان تجميع وتنسيق الحقوق المدنية فى دساتير مدونة يعد ضمانة حاسمة ضد أى تجاوزات او انحيازات. وبناء على ذلك صحب اى تغير كبير فى النظام الحاكم إدخال اصلاحات دستورية.
ولما كانت مصر من أوليات الدول فى الإقليم التى عرفت الدساتير المدونة، فان الثقافة لم تكن اهدافها محددة فيها بدءا من الدساتير التى بدأت من 1882 حتى 2013، الى ان جاءت ولاول مرة فى تاريخ الدستور المصرى الوثيقة الدستورية فى 2014 والتى افردت فصلا كاملا للمقومات الثقافية، شمل اربع مواد (47 50)، ومن أهم ما جاء فيها ما شملته المادة 48، نصا: الثقافة حق لكل مواطن، تكفله الدولة، وتلتزم بدعمه، وبإتاحة المواد الثقافية بجميع أنواعها لمختلف فئات الشعب، دون تمييز بسبب القدرة المالية، أو الموقع الجغرافى، او غير ذلك, وكذا الفقرة التالية نصا من المادة (50): ...وتولى الدولة اهتماما خاصا بالحفاظ على مكونات التعددية الثقافية فى مصر. والسؤال: إذا كان النص الدستورى يجبر الدولة او الحكومة على الالتزام بما سبق تضمينه فى النص، فهل تستطيع وزارة الثقافة بقطاعاتها وهيئاتها المختلفة ان تحقق هذا الالتزام وحدها فى ظل ميزانية متواضعة؟
كان من الضرورى بل والحتمى ان تتحدد مبادىء السياسة الثقافية بعد ثورة 30 يونيو، بغض النظر عن الاشتباك الدائر فى الساحة السياسية من انها استكمال لثورة يناير 2011، ام تصحيح لها. فالواقع يحسم الأمر بأن ثورة 30 يونيو أفرزت الوثيقة الدستورية التى نحن بصدد تحديد اولويات العمل الثقافى انطلاقا من نصوصها فيما يعرف بالمقومات الثقافية للبلاد.
لذا، يجب تحديد السياسة الثقافية فى هذا الإطار بانتهاج عدة التزامات أهمها: (1) إن السياسة الثقافية هى سياسة الثورة المصرية التى تجسدت بعد يونيو 2013 مع حجم التحولات السياسية والاجتماعية، وبالتالى الفكرية والمعرفية والثقافية، حيث ان الثورة تهدف الى ان تكون الثقافة مبدأ أساسيا، وانها فى الأصل ثورة ثقافية، (معرفية) مع إزاحة القوى الماضوية الظلامية وافكارها، (2) الثقافة تساوى بين المواطنين، مع شمولية رسالتها وعالميتها ودعوتها للمواطنين من اجل التعاون والتعاضد العام، (3) الحفاظ على الهوية الثقافية المصرية متعددة الروافد، (4) اعتماد الثقافة يكون اساسيا فى خطط التنمية بكل معانيها، لا سيما وأنها تؤثر فيها سلبا وإيجابا.
لذا فنصوص الوثيقة الدستورية التى شملها الفصل الخاص بالمقومات الثقافية ليس المنوط بتحقيقها وزارة الثقافة، وانما كل مؤسسات الدولة، بل فلنقل بكل جسارة ارادة المجتمع كله بالقناعة التامة بأهمية تحقيق هذا الهدف. فتجربة حكم الإخوان طوال عام أفصحت عن نيات الفاشية فى المجتمع التى مازالت مختبئة فى العديد من مؤسسات المجتمع تنتظر الفرص الملائمة للانقضاض على تاريخ الثقافة التنويرى والإبداعى. هنا.. لابد من القناعة التامة بان التنمية الثقافية، والحفاظ على الهوية المصرية بتعدد روافدها، هى فكرة جليلة وضرورية للبناء الاجتماعى الإيجابى والفعال. فالثقافة ستظل القاطرة التى تقود المجتمع بأكمله للحرية والعدل وحق الاختيار والاختلاف وحرية الفكر والتعبير والتفكير.
لمزيد من مقالات صبرى سعيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.