يبدو أن هناك ما يصنع ويعد فى مطابخ الإدارة الأمريكية ودوائر وقنوات الخارجية الأمريكية حاليا يقولون عنه، دون الإفصاح عن مضمونه حتى الساعة، إنه سيحدث تسونامى جديد فى الشرق الأوسط خلال 50 يوما من الآن. تسريبات عديدة يتم الدفع بها إلى كبريات الصحف والدوريات الأمريكية والإنجليزية، حتى أبرز الصحف الإسرائيلية دخلت على خط التبشير دون الإفصاح عن مضمون هذا التسونامى الذى يحمل عناوين براقة كلها تصب فى خانة أن هناك خريطة جديدة تعدها إدارة الرئيس ترامب بشأن الشرق الأوسط ستغير خريطة المنطقة بالكامل وستحدث مفاجآت وسينقلب العدو إلى صديق وستتغير جميع المواقف حسب عناوين تلك التسريبات دون الإفصاح عنها. وبالرغم من أن الإدارة الأمريكية أو حتى وسائل الإعلام المقروءة التى تتحدث باستفاضة عن هذا التسونامى، فإنه فى تقديرى لن يخرج عن طرح الولاياتالمتحدةالأمريكية فى منتصف فبراير المقبل أو بعده بأيام قليلة ما بات يعرف بصفقة القرن، وأن كل ما يجهز ويحضر فى تلك المطابخ الأمريكية لا يعدو عن البحث فى آلية العرض وشكل ومضمون الطرح وتقديم جوائز ترضية للطرف الفلسطينى والدول العربية المؤثرة ورأس الحربة فى العالم العربى الذى يمكن التعويل عليها والتعاون معها لبحث فرص إقرار وإتمام هذه الصفقة والرهان عليها فى توفير الرهانات على نجاح وجواز عبور الصفقة وتوفير حاضنة وشبكة أمان للتعاطى مع هذا الطرح وإزالة كل الحواجز والمصدات الدفاعية فى وجه هذه الصفقة. وبالتالى فإن التخطيط والترتيب الأمريكى للبحث فى قنوات تمرير هذا الشرك الخداعى للفلسطينيين والعرب يتعلق حاليا بالبحث فى تقديم سلة حوافز اقتصادية وتنموية بحيث يكون شكل وجوهر صفقة القرن تحقيق السلام الاقتصادى فى الأراضى الفلسطينية وإقامة عدة مشروعات تنموية واستثمارية عبر عدة أهداف اقتصادية بحتة كإقناع الفلسطينيين بتحويل غزة وبعض المناطق التى يسيطرون عليها فى الضفة الغربية إلى سنغافورةفلسطين الجديدة مع تحديد بعض المناطق وتقديم قطعة أرض فى أبو رديس بالقرب من القدس دون اقتطاع متر واحد من القدسالشرقية التى ستبقى فى يد الإسرائيليين، ومن خلال الأمتار التى تسيطر عليها السلطة الفلسطينية فى الضفة وأبو رديس وقطاع غزة يمكن أن تسمح لهم إسرائيل والإدارة الأمريكية بإقامة ما يعرف بالدولة الفلسطينية الجديدة، مع إنشاء صندوق اقتصادى مالى تؤسس له وتسهم فيه الولاياتالمتحدةالأمريكية وبعض دول الاتحاد الأوروبى بحصص مالية تبلغ عدة مليارات من الدولارات فى البداية لتولى الدفع بإقامة هذه المشروعات الاقتصادية والتنموية فى بعض المناطق التى يسمح فيها للفلسطينيين بإقامة دولتهم المزعومة مع تقديم حصص مالية فى شكل تعويضات عبر لوائح للعشرات من اللاجئين وليس الملايين، بحجة أن أمريكا وإسرائيل لا تعترفان بهم ولكنهما تعترفان فقط بعدة عشرات تقول وتدعى أنها تملك قوائم فقط بأسمائهم مع إفساح المجال لإقامة عدة مشروعات تعاون اقتصادى وتنموى أمريكى أوروبى فى دول الجوار المحيطة بالأراضى الفلسطينية والإسرائيلية على سبيل الترضية لتحقيق ما يعرف بالمعجزة والطفرة الاقتصادية التنموية الكبرى فى الشرق الأوسط طبقا لخطة السيد ترامب وفريقه المسئول حاليا مثل جرينبلات وصهره كوشتنير عن إعداد وتمرير وإقرار صفقة القرن تلك. وفى مقابل التمهيد والتحضير المكثف والجيد ستقوم الإدارة الأمريكية بإرسال وزير الخارجية الأمريكية بومبيو إلى الشرق الأوسط، حيث سيزور عدة دول عربية، منها مصر، حيث يتوقع أن يلقى خطابا سياسيا فى جامعة القاهرة فى العاشر من فبراير، الغرض منه ليس الحديث مباشرة عن الصفقة، بل عرض خطة التعاطى السياسى والدبلوماسى وخطة التحرك الأمريكى للتموضع سياسيا وأمنيا من جديد فى الشرق الأوسط بعد قرار الرئيس الأمريكى المفاجئ الأربعاء الماضى بالانسحاب المباغت من سوريا وما أحدثه من انقسامات واتهامات داخل الولاياتالمتحدة والإدارة نفسها، وما أسفر عنه من استقالة وزير الدفاع الأمريكى ماتيس نفسه، والضجر والصخب داخل الكونجرس الأمريكى، وكذلك مع الدول الأوروبية وحلف الناتو لتوجيه انتقادات علنية وضمنية لهذا القرار الأمريكى والرئيس ترامب. وبالتالى سيزور وزير الخارجية الأمريكية أيضا إسرائيل، وسيكون الجانب الخفى فى هذه الجولة هو التسويق للخطة الأمريكية الخاصة بصفقة القرن وإمكان التعرف على وجهات النظر العربية بشأن هذه الصفقة والاستماتة فى الحصول على موافقات أو رعاية فلسطينية وعربية لها، مع إقناع كل هذه الأطراف بخطورة التهديد الإيرانى، بكل تأكيد بات هذا الأمر لا ينطوى على سر وهذا التسونامى الذى يقال إنه يعد ويحضر فى المطابخ الأمريكية، وربما بلغ مرحلته النهائية فى انتظار التوقيت لن يخرج عن هذا وجوهره هو صفقة القرن وكل التفاصيل التى تحدث التنمية وتقدم حوافز مالية واقتصادية داخل الأراضى الفلسطينية بعد طرح هذه الصفقة هو مجرد إغراءات وفتح للشهية، وهو الأمر الذى أرى أنه من الصعب قبوله أو تمريره هذه المرة، خاصة أن الفلسطينيين والعرب بما فيها الدول الكبرى فى المنطقة أصبحوا محصنين ضده ويتمتعون بمناعة ومنعة قوية ضد أى مشروع أو صفقة لا تعترف بفلسطينيةالقدسالشرقية عاصمة لهذه الدولة، وحل قضايا الوضع النهائى بالتوافق والقبول الكامل من السلطة الفلسطينية، وأعتقد أن جملة المواقف المصرية محددة ومعروفة وحددها وأبلغها الرئيس عبد الفتاح السيسى للجميع حتى الوفد الأمريكى المعنى بخطة السلام الأمريكية تلك، وبالتالى سيصعب على الأمريكان خداع العرب والفلسطينيين هذه المرة، وكفى ما حدث فى مفاوضات مدريد أكتوبر عام 1991، حيث إن كل ما سيطرحه الأمريكان فى هذا التسونامى المرتقب خلال 50 يوما سيكون أملا زائفا فى أفضل الأحوال، ولا ننسى كفلسطينيين وعرب أن نضع فى الاعتبار أن هذا الأمر قبل وبعد طرحه من قبل الولاياتالمتحدة بات يستوجب نقاشا مسئولا ومعمقا لمواجهة أى ضغوط وتوحيد المواقف مجتمعة قبل أن يفرقنا هذا التسونامى والزلزال الهادر كما تصنعه وتروج له الإدارة الأمريكية. لمزيد من مقالات أشرف العشرى