إغلاق باب الترشح لانتخابات مجلس النواب 2025 بعد ساعات    اشتركات جنونية ..اتوبيس المدرسة مأساة أولياء الأمور فى العام الجديد    النواب يناقش تقريرا بشأن تعديلات قانون الإجراءات الجنائية غدا    عيار21 ب 5640 جنيها.. قفزة بأسعار الذهب محليا الأربعاء 15 أكتوبر    بمشاركة مصرية.. انطلاق المؤتمر الدولي الثالث للحديد والصلب في الرياض    مرتبات أكتوبر ب زيادات جديدة.. الحكومة تُعلن مواعيد الصرف للموظفين بالدولة    «الوزراء»: 58% من العارضين في «تراثنا» سيدات    رئيس جامعة المنصورة يفتتح معرض "دكّان الفرحة" لرعاية 5000 طالب وطالبة بالتعاون مع صندوق تحيا مصر    الهلال الأحمر المصري يدفع بأكثر من 400 شاحنة مساعدات عبر قافلة «زاد العزة» | صور    عاجل- مجلس الوزراء يؤكد دعمه الكامل لجهود الرئيس السيسي لترسيخ السلام في الشرق الأوسط ويشيد بنتائج "قمة شرم الشيخ للسلام" برئاسة السيسي وترامب    الرئيس السوري أحمد الشرع يصل إلى موسكو    «عفت السادات»: قمة شرم الشيخ أعادت لمصر صوتها في المنطقة    من هو معلق مباراة المغرب ضد فرنسا تحت 20 سنة في كأس العالم للشباب؟    المنتخبات العربية المتأهلة إلى كأس العالم 2026 حتى الآن    عاطل يطلق النار علي أمين شرطة بشبرا    كيف خطط عنصرين إجراميين لغسل 50 مليون جنيه؟    حملات الدائري الإقليمي.. ضبط 103 سائقين لتعاطيهم المخدرات أثناء القيادة    ضبط 6 سيدات لإعلانهن ممارسة أعمال منافية للآداب بالجيزة والإسكندرية    محافظ الدقهلية: تحرير 12 مخالفة في حملة رقابية وتفتيشية على المخابز    وزير الثقافة: مستعدون لتنفيذ قوافل وفعاليات لأطفال غزة    مكتبة الإسكندرية تفتتح معرض الصور الفوتوغرافية "التراث الأثري الإيبروأمريكي"    إنجاز دولي في الرعاية الصحية.. «الإسكوا» تمنح «جهار» جائزة النجمات الذهبية    محافظ أسوان يدشن وحدة الكلى الجديدة بمستشفى كوم أمبو المركزي    أسعار الفراخ والبيض اليوم الأربعاء 15 اكتوبر 2025 بأسواق الأقصر    القناة 12 الإسرائيلية: نتنياهو يغادر قاعة محاكمته بعد تسلمه رسالة    الأمم المتحدة تحذر من خطر «المخلفات المميتة للحرب» في غزة    رئيس الوزراء يشهد توقيع اتفاقية تعاون بين المصرية لنقل الكهرباء وK&K الإماراتية بشأن مشروع الربط الكهربائي مع أوروبا    احتفال دولي يجمع أكثر من 400 ممثل كنسي من القارات الخمس بتايلاند    الدراما التركية على موعد مع تحول كبير في «المؤسس أورهان».. وجوه جديدة تشعل الأحداث!    «التضامن»: توزيع 2000 جهاز لاب توب ناطق مجهز لدعم الطلاب المكفوفين في استكمال دراستهم الجامعية    المسلماني يشكل لجنة لرصد التغطية الإعلامية لانتخابات مجلس النواب 2025    الاستثمار: مرونة سعر الصرف ساهمت في تعزيز الاحتياطيات الأجنبية واستعادة ثقة المؤسسات الدولية    المطربة ياسمين علي تكشف حقيقة علاقتها ب«محمد العمروسي»    محافظ كفر الشيخ يُهنئ القارئ أحمد نعينع لتكليفه شيخًا لعموم المقارئ المصرية    الإفتاء توضح حكم شراء الشقة عن طريق البنك بفائدة ثابتة    مدرب اليابان: الفوز التاريخي على البرازيل ثمرة عمل عشرات السنوات    وزير الإسكان يعلن الانتهاء من مشروعات الكهرباء والإنارة ب«شمس الحكمة»    عاجل من التأمين الصحى بشأن علاج التهاب المفاصل    وليد صلاح عبداللطيف يكشف عن "فضيحة" في قطاع ناشئي الزمالك    المستشار القانوني للزمالك: زيزو مديون للأبيض.. ولم نطلب التأجيل من اتحاد الكرة    اليوم.. الأهلي يخوض مرانه الأول تحت قيادة توروب    غلق المتحف المصري الكبير اليوم استعدادا للحفل الرسمي    محافظ أسيوط يتفقد موقع حادث سقوط تروسيكل بمصرف قناطر حواس بمنقباد    تعرف على مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء في سوهاج    اليوم.. نظر محاكمة متهمة بخلية الهرم    خبير مغربي: إعادة إعمار غزة تتطلب دعما عربيا وإسلاميا كبيرا    محمد جبران: مستمرون في تطبيق قانون العمل الجديد بكل قوة.. ومهلة أخيرة للمخالفين لتصحيح الأوضاع    لمدة 15 دقيقة.. أستاذ مناعة وبكتيريا توضح الطريقة الصحيحة لغسل اليدين (فيديو)    "سعادة قاتلة".. استشاري نفسي يكشف مخاطر مشاهدة التلفزيون والتليفون للأطفال    متى يكون سجود السهو فى الصلاة قبل السلام؟.. أمين الفتوى يوضح    إصابة 7 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بطريق إسكندرية الصحراوى    الإفتاء: السير المخالف في الطرق العامة محرم شرعًا ويُحمّل صاحبه المسؤولية القانونية    مميزات وعيوب برج السرطان: بين العاطفة والخيال والحنان    تجمع القبائل والعشائر الفلسطينية في غزة يدعم الجهود الأمنية    باسم يوسف: مراتي فلسطينية.. اتعذبت معايا وشهرتي كانت عبء عليها    رونالدو يحقق رقما قياسيا جديدا في تصفيات كأس العالم    رمضان السيد: ظهور أسامة نبيه في هذا التوقيت كان غير موفقًا    هل شراء شقة عبر البنك يُعد ربا؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سباق فى الوقت الضائع
نشر في الأهرام اليومي يوم 23 - 12 - 2018

إستراتيجية الولايات المتحدة الجديدة لمواجهة ما وصفه جون بولتون مستشار الأمن القومى بالانقضاض الصينى والروسى على إفريقيا لا جديد فيها سوى توجيه اتهامات أشد للصين باستخدام أسلوب الرشوة واستغلال الفساد للفوز بمشروعات استثمارية وتعزيز نفوذها فى القارة، ويبدو من الصعب أن تتمكن واشنطن من اقتلاع بكين أو حتى وقف زحفها التجارى والاستثمارى حتى لو تخلت عن شروطها التقليدية، مثل انتهاج حكم ديمقراطى واحترام حقوق الإنسان وكبح الفساد لتقديم مساعدات تنموية وأمنية وعسكرية للدول الإفريقية. فالمنافسة مع الصين جاءت متأخرة وإن كان مازال بالإمكان خوضها مع روسيا التى بدأت بالكاد تعود إلى القارة بعد أن تخلت عن مراكز نفوذها القديمة عقب انهيار الاتحاد السوفيتى فى بداية تسعينيات القرن الماضي.
الإستراتيجية التى أطلق عليها بولتون «مبادرة إفريقيا المزدهرة» لدعم الاستثمار الأمريكى فى القارة السمراء تقوم على ثلاثة محاور: الأول دعم التعاملات الاقتصادية لمساعدة الشركاء الأفارقة على تحقيق الاستقرار، والتأكد من الاستغلال الأمثل لأموال دافع الضرائب الأمريكى فى المساعدات الاقتصادية. والثانى محاصرة وملاحقة الجماعات الإرهابية مثل داعش والقاعدة فى إفريقيا، والثالث هو التوقف عن دفع أموال لبعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام التى تم اتهام بعض أفرادها بارتكاب اعتداءات وجرائم جنسية فى دول إفريقية. وأكد ضرورة أن تعود العلاقات التجارية والاقتصادية بالمنفعة على الولايات المتحدة وتعزز مصالحها، مضيفًا أن واشنطن ستواصل عقد اتفاقيات التجارة الثنائية التى تساعد فى زيادة الوظائف للأمريكيين وتعزيز الصادرات الأمريكية، مشيرًا إلى أن بلاده قدمت مساعدات لدول إفريقية بلغ حجمها 8.7 مليار دولار عام 2017.
ويتضح من المحاور الثلاثة أنه ليس فيها ما يغرى دولة إفريقية واحدة بتجاهل المساعدات التنموية والاستثمارات الصينية الضخمة والاعتماد على مساعدات أمريكية مشروطة، فى وقت تحتاج فيه خطط التنمية الإفريقية المستدامة إلى 2500 مليار دولار لا تستطيع الحكومات توفير القدر الأكبر منها من مواردها المحلية. ويظهر بوضوح أن إعادة النظر فى المساعدات الأمريكية يهدف أساسا إلى تحقيق مصالح أمريكية أكبر وليس توفير دعم ملموس يغنى عن المساعدات الصينية، وجاءت عبارات مثل ضمان الاستغلال الأمثل لأموال دافع الضرائب الأمريكي، وتعزيز مصالح أمريكا وصادراتها للدول الإفريقية، وتوفير مزيد من فرص العمل للأمريكيين بمثابة قيود على تقديم المساعدات بينما لا تضع الصين قيودا على مساعداتها تقريبا. كما أن حديث بولتون عن أن الهدف هو جعل الدول الإفريقية تعتمد على نفسها أمر تطبقه واشنطن منذ سنوات ولا ترحب به حكومات إفريقية عديدة لأنه يقيد حركتها فى استخدام المساعدات وفقا لحاجات شعوبها الملحة.
يضاف إلى ذلك أن وقف المساعدات لبعثات الأمم المتحدة فى دول إفريقيا المضطربة لمجرد ارتكاب بعض أفرادها جرائم جنسية لابد ستعتبره دول إفريقية تقويضًا لجهودها للقضاء على التمرد والصراعات العرقية التى تهدد سلامة أراضيها. أما محاصرة وملاحقة الجماعات الإرهابية فتقوم به واشنطن بالفعل فى الصومال وليبيا والنيجر وإن كانت لا تنفذه بالقدر المطلوب فى نيجيريا لفرضها قيودا على تزويد جيشها بالأسلحة والمعدات اللازمة لدحر بوكوحرام بسبب اتهام جنود وأفراد أمن نيجيريين بانتهاك حقوق الإنسان.
فإذا أتينا للمقارنة بين ما تقدمه الولايات المتحدة وما تقدمه الصين للدول الإفريقية بشروط أو بدونها أو بتيسيرات نجد الكفة تميل جهة الصين بوضوح، فبينما تشترط واشنطن لتقديم المساعدة أن تحترم الحكومات الإفريقية حقوق الإنسان وتنتهج نظام حكم ديمقراطى وتكافح الفساد وتوقف الصراعات العرقية والدينية وتتَّبع نظام السوق الحرة...إلخ نجد بكين تقدم مساعداتها بلا شروط سوى ما يضمن استرداد قروضها التى قدمتها بشروط ميسرة وفترات سماح طويلة وكذلك عائدات استثماراتها فى صورة مواد خام تحتاجها مصانعها أو نقدا. كما تصدر الصين للأسواق الإفريقية السلع التى بمقدور المواطن الفقير فى الغالب الأعم شراءها وتستورد بما يعادل قيمتها تقريبا منتجات تسهل على الحكومات تسديد ثمن وارداتها وتمكنها من تصريف قدر كبير من منتجات دولها على العكس من السلع الأمريكية مرتفعة الثمن والمنافسة الشرسة التى تواجهها الصادرات الإفريقية فى السوق الأمريكية لافتقارها مستوى الجودة المطلوب هناك باستثناء صادرات بعض الدول الإفريقية التى تستفيد من خفض التعريفة الجمركية أو إلغائها أحيانا مقابل الاستجابة لشروط محددة. لذلك نجد أن حجم التجارة الأمريكية مع إفريقيا بلغ 53 مليار دولار فقط فى 2016. بينما بلغ حجم تجارة الصين مع القارة السمراء 170 مليارا، ورغم أن حجم الاستثمارات الأمريكية مازال أعلى من الصينية بقيمة 57 مليار دولار مقابل 40 مليارا، إلاَّ أن الاستثمارات الأمريكية تتركز فى البترول والغاز والمعادن النفيسة، كما ان هذه الإستراتيجية لا يشعر المواطن الإفريقى البسيط بدور لها فى تحسين أحواله المعيشية اليومية على العكس من الاستثمارات الصينية التى تتجه لشق وتعبيد الطرق وإنشاء السكك الحديدية والكبارى وتوفير الكهرباء ومياه الشرب النقية وتطوير القطاعين الزراعى والصناعى بأرخص التكاليف. كما أن القروض الصينية الميسرة للدول الإفريقية بين عامى 2002 و2016 بلغت 125 مليار دولار وتعهدت بتقديم 60 مليار دولار أخرى منها 15 مليارا منحًا لا تُرد خلال السنوات الثلاث المقبلة وزادت مبيعات الأسلحة الصينية لإفريقيا بنسبة 55% متخطيةً حصة أمريكا فى سوق السلاح الإفريقية. لكل ذلك يبدو أنه لمواجهة النفوذ الصينى ليس فى يد إدارة ترامب، الذى لا ينسى الأفارقة وصفه لدولهم المصدِّرة للهجرة غير الشرعية بالحثالة والأوكار القذرة، سوى تدبير انقلابات ضد نظم الحكم التى لا تتجاوب معها واستخدام نفوذها لدى المؤسسات المالية الدولية والجهات المانحة لقطع مساعداتها عنها، والامتناع عن مساعدتها ضد جماعات الإرهاب. وإذا فعلت ذلك واستطاعت الصين تعويض الحكومات الإفريقية عن تلك المساعدات فستكون واشنطن الخاسر الأكبر وربما تخرج من المنافسة بالكامل.
لمزيد من مقالات عطية عيسوى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.