ما هذا الذى يحدث باسم «العولمة» وعصر السماوات المفتوحة خصوصا فى عالمنا العربي؟ لقد أصبح الإعلام الفضائى فى عالمنا العربى سواء كان مسموعا أو مرئيا أشد خطرا على أمن واستقرار الدول من كل أسلحة الدمار الشامل نتيجة غياب المعايير المهنية والوطنية وخضوع الكلمة المسموعة والصورة المرئية لقوة المال والنفوذ العالمى والإقليمى الذى يمتلك وحده توجيه دفة البث دون أدنى مراعاة للمناهج المتعارف عليها عالميا. وفى ظل غياب للقوانين الصارمة أصبح كل شىء مباحا وباتت الأوطان والرموز فى كل المجالات بمنزلة أهداف مستباحة يسهل النيل منها بكل مفردات الزيف والتضليل! ومن الطبيعى فى ظل هذه الفوضى الفضائية أن تصبح تلك الشاشات المشبوهة أقوى تأثيرا فى الرأى العام بمفردات التحريض على إسقاط الأنظمة أو تحميلها مسئولية تخلف وضعف العالم العربى مع المبالغة فى نشر الفضائح والخطايا وهو ما يسمح ببذر بذور الفتن وإشعال نيران الحروب والصراعات الأهلية فى مجتمعات تختلف كثيرا فى درجة ثقافتها ووعيها السياسى عن أمريكا وأوروبا التى توفر ملاذات ومنصات لتلك الفضائيات والقائمين عليها. وليس معنى ذلك أننى أدعو إلى تغيير حرية الإعلام الفضائى وإنما أدعو إلى ضرورة نشوء توافق عربى سعيا لترشيد هذا الأداء المدمر الذى يجاهر فى برامجه وأخباره بالتحريض على أعمال العنف والإرهاب وارتداء مقدمى البرامج أثواب المناضلين من نوع ما جرى فى الأيام الأخيرة منطلقا من الدوحة واسطنبول لتأجيج مشاعر الغضب فى السودان والأردن على غرار ما يحدث ضد مصر منذ ما يزيد على 5 سنوات. نحن أمام غوغائية إعلامية تنتصر للفوضى والخراب لتوفير أفضل بيئة لجماعات العنف والإرهاب بالدق على عواطف الجماهير وغرائزها وذلك يمثل خطرا مبينا ليس على استقرار الأوطان فقط وإنما يهدد جوهر الإيمان بقيمة ومعنى الإعلام ودوره ورسالته فى نشر الحقائق بحرية ومسئولية وموضوعية وشفافية هى المدخل الصحيح لنشر الديمقراطية دون المرور على أشواك ومسامير الفوضي! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله