هذه البلبلة التى صاحبت حادث سقوط الطائرة المصرية أكدت مجددا خطورة صفحات التواصل الاجتماعى على شبكة الإنترنت وإنها ليست سوى صفحات لتمزيق المجتمعات ونشر الشائعات وبث السموم وتعميق الكراهية وتشويه الرموز وزعزعة الاستقرار والدعوة إلى هدم المؤسسات بفبركة الأخبار وتركيب الصور وتزييف الحقائق لحساب الأكاذيب. لقد أصبحت هذه الصفحات منبرا مستباحا لاختراق العقول وتغذيتها بالأفكار المنحرفة والسلوكيات المعيبة وبناء التحالفات الناقمة على كل شيء والمشككة فى أى شيء.. فضلا عن أنها باتت تجمع كل المتناقضات ما بين أفاع تبث السموم وأصناف جديدة من الحرباء التى تجيد التلون وسرعة تغيير الجلود لكى توفر البيئة الملائمة لتعميق التناقضات المجتمعية باستخدام كل مفردات الشر والإجرام. كان الخوف فى البداية من أن تفتح هذه الصفحات ذراعيها للدجل والخرافة فإذا بنا أمام مخطط رهيب لزيادة وتوسيع منصات التحريض العشوائى الذى يضرب فى كل اتجاه، فالمهم هو الدق على أوتار الأزمات والمشكلات وزيادة إحساس البسطاء بالآلام والأوجاع من خلال التضليل الممنهج. ولكى تكتمل منظومة التآمر والتخريب كان لابد من ملاذات جديدة تحتضن أفكار الفوضى الخلاقة وتروج لها من خلال إنشاء صحف وفضائيات أصبحت هذه الصفحات المنتشرة على الشبكة العنكبوتية أحد أهم مصادرها الإخبارية بشكل مثير ومريب لا يتفق وأبسط المباديء والمعايير المهنية المتعارف عليها منذ نشوء مهنة الصحافة. وفى ظل هذه الفوضى الممنهجة تتزايد حملات الإغواء التى توهم المواطن بأنه يستطيع أن يكون مراسلا صحفيا أو محللا سياسيا أو ناقدا اجتماعيا إذا استطاع أن يسجل انفرادا بالكلمة أو الصورة «المثيرة» .. وضع عشرات الخطوط تحت كلمة «مثيرة» والتى تعنى تشجيع هؤلاء الهواة على الفبركة والتزييف والكذب لنيل الرضا ونيل شرف الانتساب للقوافل الإعلامية التى باتت تسبح فى الفضاء مثل أسراب الجراد! والخلاصة أن حلم التواصل الاجتماعى قد تحول بفعل فاعل إلى كابوس للإزعاج والثرثرة والتزوير من أجل تهيئة البيئة الملائمة لنشر الفوضى وتغييب الاستقرار... وعلينا أن نحذر وأن ننتبه قبل وبعد سقوط الطائرة. خير الكلام: الشعور بالخجل أخف وطأة من الشعور بالندم ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله