تقف اليابان على أعتاب حقبة جديدة من تاريخها مع الأسابيع الأولى لعام 2019، ولأول مرة منذ أكثر من 200 عام يتنازل أو يتخلى امبراطور يابانى عن العرش لمصلحة ابنه. ففى يوم 30 ابريل المقبل سوف يشهد العالم مع اليابان مراسم تنازل الامبراطور اكهيتو والامبراطورة متشيكو عن العرش، بعد 30 عاما، لتنتهى بذلك فترة «هيساي» أو السلام فى كل العالم، بحسب تعريف رئيس وزراء اليابان الاسبق كيزو أوبوتشي، عقب وفاة امبراطور « شوا» » او عرش الأقحوان«، الذى استمر من 25 ديسمبر 1926 حتى 7 يناير 1989 بوفاة الامبراطور هيروهيتو. وفى الأول من مايو اى بعد يوم واحد من تنازل الامبراطور اكهيتو سوف تتم مراسم تنصيب ابنه الاكبر وولى عهده الامير ناروهيتو البالغ من العمر 57 عاما ليكون الامبراطور ال 126 فى تاريخ اليابان وتصبح الأميرة ماساكو زوجته امبراطورة اليابان الجديدة، وسوف يتسلم الامبراطور الجديد كل مهام وواجبات الامبراطور الجديد وينتقل هو وزوجته إلى القصر الامبراطوري، فى حين ينتقل والده إلى قصر ولى العهد، وسوف يطلق عليه قصر «سنتو» أو مقر اقامة «جوكو» وسوف يصبح الابن الأصغر للامبراطور اكهيتو، الأمير «اكشينو» وليا للعهد والأميرة كيكو ويتسلم مهام ولى العهد من أخيه. وكان الامبراطور اكهيتو قد ألمح فى كلمة متلفزة إلى الشعب فى أغسطس 2016، وكان عمره وقت ذلك 82 عاما، عن نيته فى التخلى عن العرش قائلا إنه نظرا للضعف التدريجى فى حالته الصحية، فإنه يخشى أن يصبح من الصعب عليه القيام بواجباته الرسمية كرمز للدولة، ووفقا للدستور الياباني، فإن الامبراطور هو رمز الدولة ولا يملك أى سلطة سياسية، ويستقبل رؤساء وزعماء العالم الذين يزورون اليابان ولكن لا يتحدثون فى السياسة مطلقا، ومن واجباته أيضا المشاركة فى مراسم ديانة «الشنتو»، وافتتاح الدورة البرلمانية الجديدة وغيرها. وكان الامبراطور قد أبدى رغبته قبل خطابه العلنى فى التنازل عن العرش وهو مازال فى حالة صحية «معقولة» خاصة بعد إجرائه عملية لإزالة ورم سرطانى فى البروستاتا فى عام 2003، وجراحة أخرى فى القلب. ومع ذلك واصل أداء واجباته الرسمية داخليا وخارجيا. وسارعت حكومة شينزو آبى رئيس الوزراء باعداد تشريع يسمح للامبراطور الحالى بالتخلى عن العرش لابنه، لأنه منذ عهد فترة «الميجي» التى بدأت فى عام 1868، كان يتعين على الامبراطور البقاء فى الحكم حتى الممات، حتى لا تكون هناك ازدواجية فى السلطة. وشكلت الحكومة لجنة من كبار المؤرخين وخبراء الدستور برئاسة «آبي» لإعداد مشروع قانون يسمح للامبراطور بالتخلى عن العرش وبالفعل فى ديسمبر 2016 توصلت اللجنة الى مبدأ يطبق لمرة واحدة فقط ويسمح للامبراطور اكهيتو بالتنازل عن العرش لابنه ولكنه لا يسمح لاى امبراطور فى المستقبل أن يفعل ذلك، وفى يونيو 2017 أقر «الدايت» أو البرلمان الياباني، القانون. وقد حدث جدل كبير مابين الحكومة والوكالة الامبراطورية التى تدير شئون القصر، وعدد من الخبراء حول توقيت تنازل الامبرطور عن العرش، حيث كان البعض يرى أن يتم التنازل عن العرش فى الأول من يناير 2019، فى حين رأى آخرون أن الأنسب هو الأول من ابريل لانه بداية السنة المالية فى اليابان. فقد كانت حكومة آبى ترى فى أن يتم التنازل فى 1يناير 2019، ولكن الوكالة الامبراطورية تحفظت على التاريخ وكانت حجتها أن الامبراطور لديه ارتباطات قوية فى هذا التوقيت، كما أن الذكرى ال30 لوفاة الامبراطور الوالد هيروهيتو تحل فى السابع من يناير المقبل وأنه يتعين أن الامبراطور الحالى أن يقود المراسم وهو مازال فى منصبه، ثم اقترحت الوكالة الامبراطورية أن يتم التنازل فى 31 مارس 2019 وأن يتولى الامير ناروهيتو منصب الامبراطور فى الأول من ابريل، لكن الحكومة رفضت الاقتراح بسبب انشغال البلاد بانتخابات المحليات فى هذا الوقت قائلة إن « مراسم التنازل لابد أن تتم فى أجواء هادئة». وفى النهاية اتفق المجلس الامبراطورى الذى يرأسه رئيس الوزراء على أن تتم مراسم التنازل عن العرش يوم 30 ابريل المقبل ويتولى الأمير ناروهيتو منصب الامبراطور فى اليوم التالى مباشرة أى 1مايو. وقد حدد القانون الجديد صفة الامبراطور اكهيتو بأنه سوف يصبح «جوكو»، وسوف يحتفظ الامبراطور السابق بلقب «هايكا» أو جلالته.. وعلى الرغم من أن الامبراطور الحالى والامبراطورة سوف يحتفظان بنفس المخصصات المالية والاجراءات الأمنية والتنقل وغيرها، إلا أن المهام الرسمية التى كانا مكلفين بالقيام بها سوف تتغير بشكل كبير، حيث إن الامبراطور اكهيتو أعلن عن رغبته فى التخلى عن كل واجباته الرسمية إلى الامبراطور الجديد. ووفقا لجدول مراسم تنازل الامبراطور عن العرش، فإن رئيس الوزراء آبى سوف يلقى خطابا فى البداية يشرح فيه أسباب تخلى الامبراطور عن منصبه لابنه، ويعبر عن تقديره للانجازات التى حققها الامبراطور اكهيتو، ثم يلقى الامبراطور نفسه خطابه الأخير إلى الشعب. وفى اليوم التالى تبدأ مراسم تسلم الامبراطور الجديد، حيث يسلم اكهيتو ابنه «مرآة» وجوهرة يطلق عليها ذات الكنوز الثلاثة المقدسة وهى التى يتسلمها كل امبراطور عبر الأجيال كما يتسلم الامبراطور الجديد المخصصات الامبراطورية وأختام الدولة وبعد ذلك يلقى الامبراطور الجديد خطابا أمام رئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين ورئيس المحكمة العليا وكبار رجال الدولة يتعهد فيه بالمحافظة على الدستور والقيام باداء واجباته الرسمية ويعبر عن أمله فى المزيد من الازدهار لليابان والسلام للعالم وسعادة البشرية. ومن المتوقع أن يرتدى الامبراطور اكهيتو الملابس اليابانية التقليدية خلال مراسم إعلان تنازله عن العرش فى حضور نحو 2200 شخصية من اليابان والعالم، من المتوقع أن تكلف تلك المراسم اليابان نحو 12.3 مليار ين (110 ملايين دولار).