كيف استطاع عدد غير قليل من ذوي القدرات الخاصة أن ينجحوا إلي حد أن يصيروا مثلا عليا للتفوق والإرادة وهزيمة المستحيل.. فبيتهوفن الذي كان يعاني الصمم أسمع الدنيا أجمل الموسيقي والسيمفونيات الساحرة التي تبقي نغماتها حية نابضة.. وفي مصر د. طه حسين عميد الأدب العربي الذي كان رغم كف بصره وهو لايزال صبيا يستطيع أن يحمل مسئولية التعليم لكل أبناء الوطن ولا يكتفي بعالمية الأزهر الشريف ولا دكتوراة السوربون وإنما يظل إلي آخر يوم في حياته يبحث ويتعلم وينقل العلم والأدب والذوق الرفيع إلي أبناء وطنه.. وكذلك الموسيقار العبقري سيد مكاوى الذي ولد كفيفا وتعلم الإنشاد الديني والموسيقي ونبغ فيهما فصنع أعمالا خالدة منها الليلة الكبيرة مع الشاعر صلاح جاهين والمسحراتي ونور الخيال التي تضم أغنية الأرض بتتكلم عربي مع فؤاد حداد وغيرها من ألحان بديعة لسيدة الغناء العربي أم كلثوم ووردة ونجاح سلام وعبد المطلب وغيرهم من نجوم الغناء العربي وبالطبع الموسيقار عمار الشريعي صاحب اجمل مقدمات موسيقية لأعظم مسلسلات التليفزيون المصري ومنها ليالي الحلمية ورأفت الهجان والأيام وفيلم البرىء فضلا عن إنشاء فرقة الأصدقاء بالإضافة إلي برنامجه الرائع غواص في بحر النغم بالإذاعة ثم التليفزيون وهؤلاء النجوم الثلاثة هم موضوع مسرحية الحكاية روح.. باكورة انتاج مسرح الشمس لأبطال التحدي من ذوي القدرات الخاصة والذي تديره الفنانة المبدعة وفاء الحكيم بروح الأمومة والرغبة في تشجيع أولادنا واكتشاف مواهبهم والأهم من ذلك إسعادهم ودمجهم داخل المجتمع دون تفرقة.. ولعل من أجمل وأهم إنجازات ذلك العرض علي مسرح الشمس في داخل الحديقة الدولية بمدينة نصر وجود ترجمة إشارة ليستمتع الصم والبكم بالعرض قام به حمادة محسن بإحساس عال وتجاوب مع الموسيقي والرقص وكأنه يترجم انفعالات المبدعين فى أثناء ترجمة الإشارات، والعرض بطولة رحمة ممدوح في دور شمس والتي تألقت في دورالفتاة الراغبة في المعرفة وبالطبع كان تدريبها لهذا المستوي الرفيع جهدا إضافيا يحسب لفريق العمل وفريق الإخراج بقيادة الفنان الشاب محمد متولي، ولعبت إيناس نور دور الملاك نور الذي يقدم قصص عظماء مصر من المكفوفين برشاقة وحضور مميز أضاف لنص مصطفي عباس المكتوب بمناسبة اليوم العالمى للعصا البيضاء الخاص بالمكفوفين، وتألق المطرب المبدع ماهر محمود في دور سيد مكاوى وعمل نفس شخصيته المشهورة بخفة الظل وسرعة البديهة والفطنة وحسن التصرف كما تألق أبو السعود في دور العبقري عمار الشريعي وبدا قريب الشبه منه وهو ممثل قدير ربما لم يحصل بعد علي الفرصة التي يستحقها.. وجسد يوسف أبو زيد شخصية طه حسين وهي مهمة صعبة خاصة أن طه حسين ظهر من قبل ثلاث مرات في السينما من خلال العملاق محمود ياسين وفي التليفزيون من خلال المتفرد أحمد زكي وعلي المسرح أبدع في تجسيده مفيد عاشور في مسرحية رحلة التنوير ومسرحية الأيام التي قدمت لطلبة المدارس ضمن مشروع مسرحة المناهج.. ورغم ذلك أجاد أبو زيد في توصيف الشخصية ونقل بعض ملامحها الإنسانية.. وأخيرا يبقي الأراجوز الذي تجسده نوران علاء بخفة ظل ومشاكسة مع نجوم العرض وتبقي الإشارة إلي الديكورالمميز البسيط لمحمد هاشم والإضاءة المبهجة لعز حلمي وملابس نهاد السيد البسيطة والأنيقة وأخيرا موسيقي وألحان أحمد الناصر التي أضفت علي العرض بهجة وجمالا وأكدت أنه موهبة كبيرة في طريقها للتألق.