بدء الصمت الانتخابي للمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025    مدبولي: لولا إرادة الرئيس ما كان ليتحقق هذا الإنجاز في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس    12 قرارا عاجلا ومهما لمجلس الوزراء اليوم، اعرف التفاصيل    هل يخفض البنك المركزي الفائدة لتهدئة تكاليف التمويل؟.. خبير يكشف    المنيا: توفير 1353 فرصة عمل بالقطاع الخاص واعتماد 499 عقد عمل بالخارج خلال أكتوبر الماضي    كل عام وسيادتك بخير.. متحدث الرئاسة ينشر فيديو في عيد ميلاد الرئيس السيسي    يديعوت أحرونوت: محمد بن سلمان يضغط لإقامة دولة فلسطينية في 5 سنوات    مباشر كأس العالم - انطلاق قرعة الملحق العالمي والأوروبي    اتحاد الكرة يوضح إجراءات شراء الجماهير لتذاكر مباريات كأس العالم    حقيقة فسخ عقد حسام حسن تلقائيا حال عدم الوصول لنصف نهائي أمم إفريقيا    التحفظ على قائد سيارة ميكروباص انقلبت على الطريق السياحي بالهرم    ختام فعاليات أيام القاهرة لصناعة السينما.. اليوم    يوم الطفل العالمى.. كتب عن الطفولة الإيجابية    محافظ الأقصر يوجه بتحسين الخدمة بوحدة الغسيل الكلوى بمركزى طب أسرة الدير واصفون    الهلال الأحمر المصري يطلق «زاد العزة» ال77 محمّلة بأكثر من 11 ألف طن مساعدات    التضامن: نخطط لتحويل العاصمة الجديدة إلى مدينة صديقة للأطفال    يضيف 3 آلاف برميل يوميًا ويقلل الاستيراد.. كشف بترولي جديد بخليج السويس    البنك القومى للجينات يستقبل وفد الأكاديمية الوطنية للغابات بالصين لتعزيز التعاون    إيقاف إبراهيم صلاح 8 مباريات    أسهم الإسكندرية لتداول الحاويات تواصل الصعود وتقفز 7% بعد صفقة موانئ أبوظبي    الداخلية تضبط أموالاً بقيمة 460 مليون جنيه من نشاط إجرامى    تفاصيل صادمة في واقعة تشويه وجه عروس مصر القديمة.. المتهمة أصابتها ب 41 غرزة وعاهة مستديمة.. وهذا سبب الجريمة    أوقاف شمال سيناء تحذر من "حرمة التعدي على الجار" فى ندوة تثقيفية    مساعدة وزير التعليم العالي تدعو لاستهداف المدارس في برامج الصحة العامة    بهاء طاهر.. نقطة النور فى واحة الغروب    عرض عربي أول ناجح لفيلم اغتراب بمهرجان القاهرة السينمائي    حكم صلاة الجنازة والقيام بالدفن فى أوقات الكراهة.. دار الإفتاء توضح    رئيس أزهر سوهاج يتفقد فعاليات التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم    أمين الفتوى يوضح حكم غرامات التأخير على الأقساط بين الجواز والتحريم    الغرفة التجارية بالقاهرة تنعى والدة وزير التموين    صحة بني سويف تطلق برنامجا إلكترونيا للحصول على خدمات العلاج الطبيعي الحكومية    انطلاق مباريات الجولة ال 13 من دوري المحترفين.. اليوم    تقارير: تعديل مفاجئ في حكم مباراة الأهلي والجيش الملكي    تأثير الطقس البارد على الصحة النفسية وكيفية التكيف مع الشتاء    20 نوفمبر 2025.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع اليوم    محافظ القاهرة وعضو نقابة الصحفيين يبحثان سبل التعاون المشترك    استشاري صحة نفسية توضح سبب ارتفاع معدلات الطلاق    التخطيط تبحث تفعيل مذكرة التفاهم مع وزارة التنمية المستدامة البحرينية    جثة طائرة من السماء.. مصرع شاب عثروا عليه ملقى بشوارع الحلمية    تموين القليوبية: جنح ضد سوبر ماركت ومخالفي الأسعار    السبت المقبل.. «التضامن» تعلن أسعار برامج حج الجمعيات الأهلية    إندونيسيا: إجلاء أكثر من 900 متسلق عالق بعد ثوران بركان سيميرو    عاجل - اتجاهات السياسة النقدية في مصر.. بانتظار قرار فائدة حاسم ل "المركزي" في ظل ضغوط التضخم    «السماوي يتوهج في القارة السمراء».. رابطة الأندية تحتفل بجوائز بيراميدز    وزارة «التضامن» تقر قيد جمعيتين في محافظة الغربية    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 20نوفمبر 2025 فى المنيا..... اعرف مواعيد صلاتك بدقه    مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى: سنفرض عقوبات على عدد من الجهات السودانية    نشرة مرور "الفجر".. كثافات مرورية متحركة بطرق ومحاور القاهرة والجيزة    "الشباب والرياضة" تدشن "تلعب كورة" لاكتشاف 2000 موهبة في دمياط    وزير الصحة يوجه بتشكيل لجنة للإعداد المبكر للنسخة الرابعة من المؤتمر العالمي للسكان    نصائح هامة لرفع مناعة الأطفال ومجابهة نزلات البرد    حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    سيد إسماعيل ضيف الله: «شغف» تعيد قراءة العلاقة بين الشرق والغرب    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    مستشار ترامب للشئون الأفريقية: أمريكا ملتزمة بإنهاء الصراع في السودان    مصادر تكشف الأسباب الحقيقية لاستقالة محمد سليم من حزب الجبهة الوطنية    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خارج دائرة الضوء
الإدمان مشكلتي ومشكلتك لأنه في لحظة يخطف ابني أو ابنك
نشر في الأهرام اليومي يوم 31 - 08 - 2012

الأسبوع الماضي نشرت رسالة أم مكلومة من مصر المحروسة تنبهنا وتحذرنا إلي خطر موجود أمامنا ويحيط بنا ولا نعرف أنه أخطر ما يواجهنا وكيف لا يكون وهو موت ودمار وخراب يتحرك علي قدمين ولا أحد يعترضه والمكان الذي يزوره يترك فيه الشيطان وما من مكان في مصر إلا وذهب إليه وطبع الخراب عليه‏...‏ الأم المكلومة زار الإدمان بيتها وخطف واحدا من أبنائها وحول حياتها وحياة أسرتها إلي دمار. الأم ترفع شعارا هو عنوان رسالتها وخلاصة تجربتها تنبه به المجتمع الغافل عن النار المشتعلة في جسده وهو لا يدري.. الشعار أو العنوان الذي تراه الأم ولا تراه الدولة ولا يراه الشعب.. تراه توصيفا دقيقا لأحد أهم أسباب مناخ الفوضي والبلطجة والإجرام الذي نعيشه.. تقول الأم:
'الهاربون من مراكز ومستشفيات علاج الإدمان( قبل أن يتم علاجهم) أخطر وأدهي وأمر بكثير من الهاربين من السجون'.
الأم من واقع تجربة حدثت وتحدث أمامها توضح أننا اكتشفنا بعد فوات الأوان أن الجرائم المشينة يرتكبها الهاربون من السجون.. لكن ما لا نعرفه وما لم ننتبه إليه أن الهاربين من مراكز علاج الإدمان هم الصفوف الأولي التي تغري وتغوي وتحرض وتبث الحماسة في نفوس وعقول الهاربين من السجون لأجل ارتكاب جرائمهم...
هذا ما اكتشفته الأم من واقع تعيشه هي ولا نراه نحن وحان الوقت لندرك أن المخدرات وراء كل جرائم العصر وخلف المخدرات أقوي قوة في العالم وهي دولة المخدرات ونفوذها وسطوتها تطول العالم بأكمله حيث لا اقتصاد يقارن بعوائد المخدرات المادية الهائلة...
الكارثة الحقيقية ليست الأموال الرهيبة التي تبتلعها المخدرات ولو كانت المسألة قاصرة علي الفلوس فالأمر مقدور عليه.. لكن الذي ليس له حل أن المخدرات تصادر مستقبل أي أمة بالدمار الذي تلحقه في شبابها الذي يتحول بين يوم وليلة من طاقة وحيوية ونشاط وقوة وإرادة إلي عقول مغيبة وقلوب ميتة وأحاسيس معدومة وبقايا أجساد وأحلام محصورة في حقنة أو قرص أو شمة...
كارثة بكل ما تحمله الكلمة من معني تختار في أي لحظة أي أسرة وتحول حياتها إلي جحيم والمجتمع يتفرج وكأنها مشكلة أسرة وليست قضية وطن!...
الإدمان قضية وطن لأنه يحصد شبابا في عمر الزهور ويحيلهم إلي التقاعد وهم أصلا علي أعتاب الحياة وبدلا من أن يكونوا قوة إنتاج يصلب عود الوطن أصبحوا أداة هدم ودمار وخراب ينخر في المجتمع!.
النقاط التالية اجتهادات متواضعة أضعها أمام حضراتكم ربما نخرج منها بشيء يضع كل واحد منا أمام مسئوليته تجاه هذه المشكلة الرهيبة!.
1 التعامل مع مشكلة المخدرات مسئولية دولة ومسئولية شعب.. الدولة مسئولة عن منع دخول المخدرات من حدودها وهي مهمة صعبة وربما تكون مستحيلة والمسئولية هنا تشريعات رادعة وإجراءات تقاض حاسمة ناجزة ولو أدي الأمر إلي إنشاء محاكم خاصة للمخدرات!. الدولة مسئولة عن الاختيار والتدقيق في الأجهزة المنوط بها حماية الحدود من التهريب ومطاردة وملاحقة من يتاجرون في حياة شباب مصر!. الأجهزة المعنية بالحدود والأجهزة المعنية بالقبض علي تجار المخدرات لابد من التأمين علي حياتهم ولابد من أن تكون رواتبهم كافية لحياة كريمة لهم ولأسرهم بما يشكل سدا منيعا أمام الخوف أو الضعف أو الإغواء!.
2 الدولة من خلال أجهزتها المعنية بالمخدرات عليها أن تعيد النظر في بعض وربما كل لوائحها ونظمها الموضوعة من زمن كانت المخدرات محصورة في بضعة أنواع والآن هناك بلاوي لا تعد ولا تحصي ومنها ما يسقط متعاطيه في الإدمان خلال أسبوعين أو شهر علي أقصي تقدير ليصبح مستهلكا دائما يبحث عن ضالته حتي لو سرق أو قتل...
هذا مثال لما يجب إعادة النظر فيه وهو معمول به حتي الآن!.
ضابط المباحث في المخدرات يعامل بالإحصائية الشهرية المفترضة.. بمعني!.
الضابط في شهر أغسطس مثلا ضبط8 قضايا مخدرات. هذا الرقم مطالب بعدد قضايا أكثر منه أو علي أضعف الإيمان يعادله في أغسطس المقبل وإلا يعتبر نوعا من التقصير يحاسب عليه!.
هذا المنطق المعكوس خلق حالة غير منطقية لأن مقياس النجاح الحقيقي في مقاومة المخدرات أن تقل أعداد القضايا لا أن تزيد.. هذه واحدة!. والثانية أن ربط كفاءة الضابط بعدد القضايا ربما يخلق خللا لا يعبر عن الحقيقة لأن الهدف تجفيف المنابع وأقصد القبض علي التجار الكبار وليس إضاعة الوقت والجهد في قضايا للفروع الصغيرة التي تقوم بالتوزيع لأنها أدمنت واضطرت لهذا العمل للحصول علي ما يكفي إدمانها والقبض عليها لن يغير كثيرا في الأمر لأن من يتم القبض عليه مئات يقومون بهذا العمل مكانه والمعني أن الذين يسقطون في القضايا لا تأثير لهم في المشكلة لأن التجار الكبار الذين يجلبون المخدرات بعيدون وربما يكونون هم من يقدمون المعلومات عن صبيانهم ليتم القبض عليهم وتكتمل الإحصائية بأعداد القضايا ويصبح كل شيء تمام علي الورق بينما هو كارثة علي الطبيعة!.
3 الدولة مسئولة عن عمل تحاليل مستمرة مفاجئة لكل من يقود سيارة وهذا الأمر يقلل من حوادث الطرق التي هي من أعلي معدلات الحوادث في العالم وأغلبها تقف خلفه المخدرات!. التحليل الدوري المفاجئ يضيق الخناق علي التعاطي ومن ثم ينقذ كثيرين من الإدمان وينقذ آلاف البشر الأبرياء الذين يموتون في حوادث سببها المخدرات!.
4 الدولة مسئولة عن إصدار تشريع أو تشريعات تسد الطريق علي من يخلقون الثغرات القانونية العديدة التي تظهر في المحاكمات...
تغليظ العقوبة علي أي موظف رسمي يتلاعب في تحاليل خاصة بقضية مخدرات أو في معامل حكومية أو في سكرتارية نيابة أو بيانات دفتر أحوال أقسام الشرطة...
كلمة تضاف علي محضر أو رقم يوضع في تحليل.. يخلق ثغرة في قضية تنتهي إلي إنقاذ متهم من إعدام أو مؤبد!.
5 ضباط المباحث الجنائية وضباط مباحث المخدرات وضباط مباحث السياحة ومباحث المرور.. ثلاثة أرباع وقتهم يتم استنزافه في التشريفات!.
حان الوقت لأن يكون كل جهد وفكر الضابط في عمله وتخصصه المكلف به ليتفرغ له ويحاسب عليه أما أن يكلف بمهام لا علاقة له بها بالوجود في مكان لأجل زيارة لمسئول وعليه الوجود قبلها في هذا المكان بساعتين علي الأقل والزيارة تستمر ساعتين أو ثلاثا وإلي أن يعود لمكان عمله الأصلي ليباشر مسئولياته لن يجد الوقت أو الجهد.. فكيف ينجز عملا وعلي أي أساس نحاسبه؟.
6 الدولة مسئولة عن إعادة النظر فيما يعرف بجدول المخدرات في الصيدليات وإعادة النظر في القانون الخاص بالعقوبات علي كل من يخرج علي القانون.
7 الدولة مسئولة عن إصدار تشريع يقضي بمصادرة الأرض المزروعة مخدرات إذا كان صاحبها هو من قام بزراعتها وإن كانت مؤجرة يعاقب من زرعها بغرامة مالية توازي ثمن الأرض المزروعة مخدرات بخلاف العقوبات التي نص عليها القانون.
8 الدولة مسئولة عن إصدار تشريع بمصادرة أي سيارة تنقل مخدرات..
9 الدولة مسئولة عن إصدار تشريع بمصادرة أموال وأملاك أي تاجر مخدرات صدر ضده حكم قضائي نهائي...
10 الدولة مسئولة عن إصدار تشريع يخصص كل الأموال المصادرة من التجار وثمن الأراضي المزروعة مخدرات لتضاف إلي ميزانية مكافحة المخدرات وميزانية علاج الإدمان.
11 النقاط السابقة وربما هناك غيرها مسئولية دولة.. فماذا عن مسئولية الشعب.
كل واحد مسئول وأضعف الإيمان لو بالدعاء إلي الله أن يخفف عنا هذه الغمة التي تخطف أعز ما نملك!.
نقابة المحامين ركن أساسي وأصيل في بيت العدالة.. والقانون ينص علي حتمية وجود محام يترافع عن أي متهم في أي قضية حتي لو كان جاسوسا خان الوطن...
المحامي إن اطمأن عقله وقلبه وضميره إلي براءة موكله.. أمانة المهنة وشرفها تفرض عليه أن يبذل كل علم تعلمه وخبرة اكتسبها ليثبت بالأدلة براءته.
المحامي إن لم يطمئن عقله وقلبه وضميره إلي براءة موكله.. حقه أن يرفض القضية وحق المتهم وفقا للقانون أن يجد من يدافع عنه ولابد أن يكون هناك محام وهنا يكون دوره أن يحصل موكله علي جميع حقوقه التي كفلها له القانون وأن يصل رأيه واضحا لهيئة المحكمة وألا يكون اعتراف له تم بالإكراه.. وليس دور المحامي هنا أن يبحث عن ثغرات في القانون يفلت بها مجرم من عقوبة...
المحامي هنا أمام الله وأمام نفسه.. أعطي لموكله حقه وأعطي للمجتمع حقه...
12 الإعلام بكل أسف اقتصر دوره علي التغطية الخبرية ولم يتعامل مع الإدمان علي أنه قضية وطن والفارق هائل بين هذا وذاك!.
أين دور الإعلام في الحملات الصحفية والتليفزيونية والإذاعية التي تفتح هذه القضية وتلقي الضوء علي ذلك الوحش الرهيب الذي يلتهم شبابنا ويتركهم قنابل موقوتة موجودة وراء كل مصيبة...
دون ذكر لأسماء أو نشر لصور يقتحم الإعلام هذا العالم السري علينا حتي الآن لأنه وراء كل مدمن مأساة سردها فيه عبرة وفيه توعية وفيه وقاية.
الإعلام بيده أن يجعل مصر كلها تقف علي حيلها حيال هذه الكارثة!. الإعلام في مقدوره أن يوقظ ضمير كل مصري ليعرف أنه سلبي تجاه أبناء وطنه!. الإعلام يستطيع أن يكون أداة ضغط لأجل أن تقوم الدولة بمسئوليتها وأداة توعية لكل واحد منا وأداة وقاية من هذه الكارثة!.
الإعلام يضغط علي الدولة لأجل أن تعود الرياضة إلي المدرسة المصرية وأقصد بالرياضة ممارسة أي نشاط حركي من شأنه استنفاد الطاقة الهائلة الموجودة داخل أطفالنا وشبابنا في نشاط إيجابي أمام عيوننا وتحت إشرافنا.. نشاط مردوده رائع نفسيا واجتماعيا...
عندنا قرابة ال15 مليون طفل وطفلة وشاب وفتاة في المدرسة.. والرياضة أفضل وسيلة تربوية علي الإطلاق وفوائدها لا تحصي وحرمان ملايين الشباب منها جريمة لا تغتفر.. لأننا تركناهم فريسة لأمراض العصر.. الإدمان والاكتئاب والتطرف!.
الإعلام يضغط علي الدولة لأجل تخصيص آلاف قطع الأرض الفضاء في محافظات مصر ليمارس عليها الشباب الأنشطة التربوية والرياضة أولها.. وإن شغلنا الأطفال والشباب بالأنشطة لن يذهب فريسة لأي مرض اجتماعي لأنه وجد النشاط الذي يحبه وأخرج فيه طاقته واكتسب من خلاله ما يجعله بعيدا عن كل ما يغيب عقله ويدمر جسده...
الإعلام يفرد مساحاته لتغطية هذه الأنشطة التربوية التي ستفرز حتما مواهب في كل مجال وإلقاء الضوء عليها يزيدها تمسكا بنبوغها وإصرارها علي نجاحها ومثالا يحذو الآخرون حذوه...
13 السينما ماذا فعلت في قضية الإدمان؟
قدمت أفلاما لا أعرف عددها عن المخدرات.. والحقيقة أنها كانت نشرا للبلاء وليست ناهية عنه!.
فيلم مدته120 دقيقة في السينما يجسد حدوتة عمرها30 أو40 سنة في الحياة!.
البطل تاجر مخدرات كبير يفعل ما يشاء وسطوته طالت كل الأشياء.. يعيش في قصور لا قصر ويملك ما لا يملكه أي إنسان ويحصل علي كل ما يريد بالمال...
هذه الحياة التي تشبه الأساطير وذاك النموذج الجبار.. يتفرج عليه ملايين الشباب وأغلبهم واقف من سنين في طابور البطالة...
عرض بالمجان لإمكانية امتلاك أي شيء وكل شيء من خلال هذا العالم السحري...
طوال الفيلم وحتي قبل النهاية بدقيقة أي بعد ساعتين إلا دقيقة.. يطب البوليس ويقبض علي التاجر أو مطاردة وينضرب التاجر رصاصة ويموت...
العقاب أو الردع متي؟
بعد ساعتين إلا دقيقة في الفيلم أي بعد30 سنة إلا يوم في الحياة...
أحد لم يفكر كيف يمكن أن يفكر أي شاب؟. الدقيقة الردع أو الدقيقة العقاب لن تنسيه119 دقيقة فلوسا ونفوذا وسطوة.. أو30 سنة إلا يوم قصورا وسيارات ونساء وسهرات.. وربما تخطئه الرصاصة ولا يموت!.
السينما قدمت أفلاما كثيرة عن الإدمان وبدلا من أن تجعل الفيلم تجسيدا لمأساة المدمن.. راحت تعلم كيف يدمن الإنسان؟. راحت بالصورة والكلمة توضح تفاصيل التفاصيل ومن لا يعرف البودرة من الأقراص.. يعرف ومن لا يفرق بين الحشيش والبانجو.. يعرف.. ومن لا يستطيع لف سيجارة بمخدر.. يعرف!.
هو فيه إيه!.
السينما أغفلت أن تسجل واقع أسرة خطف الإدمان واحدا من أبنائها...
لو أن فيلما سجل هذا الواقع الذي ضرب ملايين الأسر المصرية.. وكيف قلب الإدمان حياة الأسرة إلي جحيم!.
الموت أصعب اختبار يواجه البشر لكن الواقع الآن يقول إن الإدمان أصعب من الموت!. لأن من يموت ذهب إلي خالقه والذي يرحل بعيد عن العين ويبعد خطوة خطوة عن القلب والعقل إلي أن ننسي والنسيان نعمة من الله علي البشر في الحزن علي شخص عزيز مات!. الإدمان كارثة أكبر لأن المدمن مات أخلاقيا وضميريا وإنسانيا وبقي موجودا بيننا يدمي قلوبنا إشفاقا عليه!.
الابن المدمن عذاب يتحرك علي قدمين بالنسبة للأم والأب والأشقاء!.
جزء من جسد أسرة جرده الإدمان من الضمير ومن الشعور ومن الإحساس ومن الرحمة ومن الوعي ومن الإرادة ومن المسئولية ومن رابطة الدم ومن كل شيء ليصبح كل شيء أمامه مباحا ومستباحا في سبيل المخدر الذي يتعاطاه.. وهل هناك عذاب أكبر من ذلك علي الأسرة المنكوبة!.
إنسان ميت حي!. راح وضاع كابن وبقي بقايا إنسان.. يتعذبون لعذابه ولا يقدرون علي إنقاذه ولا يسلمون من شروره ولا يستطيعون إيذاءه.. هل هناك أصعب من ذلك الامتحان الرهيب لأسرة؟
14 لا الإعلام ولا السينما ولا جمعيات المجتمع المدني فكرت في الوقوف مع الأسرة أو التضامن مع الأسرة أو التعاون مع الأسرة أو نشر مأساة هذه الأسرة.. لو حدث شيء من هذا لتغيرت سلوكيات وثقافة المجتمع وأصبح لكل واحد منا دور وأصبح المجتمع نفسه هو الحرس الحديدي في مواجهة الإدمان...
15 لم يعد في مقدورنا أن نضحك علي أنفسنا لأكثر من ذلك.. ولابد أن تجري تحاليل في المدارس والجامعات وفي الأندية وإخطار أولياء الأمور ولا يجب أن نتعامل مع الأمر علي أنه نوع من الفضائح بقدر ما نعتبره وسيلة إنقاذ...
علينا أن نتعامل مع الأمر علي أنه مرض أو وباء اجتماعي لا يترك غنيا أو فقيرا وليس تهمة نخجل منها...
علينا إن أردنا النجاح في حصار هذا الوباء أن يكون هدفنا الأول ألا يزيد عدد المدمنين شخصا واحدا.. وهذا الأمر يتطلب نسف كل الإجراءات المعمول بها في هذه القضية وإعداد دراسات حقيقية علي عينات حقيقية من كل شرائح المجتمع للوقوف علي الأسباب والدوافع.. لأن الإدمان ضرب كل الشرائح.. الغني والفقير والمتعلم والجاهل والشاب والفتاة.. والمهم أن نضع أيدينا علي الحقائق لأجل حرب وقاية تمنع تسرب الأسوياء إلي عالم المدمنين...
علينا أن نقنع جمعيات حقوق الإنسان العالمية بأن الإدمان وعلاجه لا يقل أهمية عن الديمقراطية.. ولو أنفقنا علي مدمن إلي أن أنقذناه قدمنا أكبر خدمة للديمقراطية!.
علينا أن نفكر في إنشاء مجلس قومي يتولي هذه القضية وعندنا أساتذة وعلماء في الاجتماع وفي التربية وفي علم النفس بإمكانهم أن يحددوا مسارات هذا المجلس وما له وما عليه وما يجب أن يكون...
في تقديري ما يجب أن يكون هو اعترافنا بأن الإدمان قضية وطن وليس مشكلة أسرة...
وأن الأهم الآن بناء سد وقاية يحول دون إضافة رقم واحد لأعداد المدمنين وفي انتظار آراء واقتراحات حضراتكم...
المزيد من مقالات ابراهيم حجازى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.