* الأهالى يلقون اللوم على المدرسة والحكومة.. والمسئولون ينتقدون غياب دور الأسرة ظاهرة متكررة كل يوم تنال من صحة أطفالنا وتهدد قدراتهم الاستيعابية وتعجز الكثير من الأسر عن حماية أبنائها منها، إنها السلع مجهولة المصدر التى ينتشر بها الباعة الجائلون أمام أبواب المدارس والطرقات والتى تعتبرأطفالنا فريسة سهلة يقبلون عليها دون رقيب أو حسيب وينتهى الأمر بنتائج صحية كارثية على المدى القريب والبعيد، ويجد أولياء الأمور أنفسهم أمام قائمة طويلة من الأمراض تصيب أبناءهم ومشكلات أخرى كالضعف العام وانخفاض مستوى التركيز ولا يجدون من يوجهون إليه أصابع الاتهام إلا البائع نفسه أو المدرسة أو الجهات الرقابية، بالرغم من أن المسئول الأول عن صحة أبنائهم ووعيهم وسلوكياتهم الغذائية هى الأسرة نفسها. الظاهرة تعددت أسبابها وأشكالها، فأحيانا يقع الأطفال والتلاميذ ضحية الجهل الأسرى الذى لا يراعى أهمية التثقيف الغذائى الصحيح ويحافظ على منظومة التغذية السليمة للطفل، وأحيانا نجد الأسر نفسها تقع ضحية الإقبال على بعض الأغذية الصناعية وعدم الانتباه لمخاطرها ما يؤدى مع الوقت لإهمال الوجبات المنزلية الصحية النظيفة، والذى يزيد من صعوبة المشكلة هو تعدد أنواع تلك السلع وجاذبيتها للأطفال وأسعارها البسيطة مما يصعب من مهمة الأسرة فى حماية أبنائهم من شرائها، كما أن غياب الرقابة عن تلك السلع ومصادر تصنيعها وسهولة تداولها أمام المدارس فى وضح النهار دون وجود أى محاسبة أو رقابة يجعل من الظاهرة واقعا لا يمكن التغلب عليه، والنتيجة جيل صاعد من الأطفال يعانى العديد من المشكلات الصحية الخطيرة. صورة مفزعة تقول أم يوسف ربة منزل - انتشرت عربات الباعة الجائلين أمام المدارس بصورة مفزعة فهذه الأطعمة غير صحية بالمرة لأنها يتجمع عليها الذباب والأتربة وعوادم السيارات وتصيب صحة أطفالنا بالعديد من المشكلات،وتتساءل : أين دور المدرسة فى مواجهة تلك الظاهرة؟ وأين دور المسئولين فى الرقابة على هؤلاء الباعة الجائلين؟ وأشارت الى أهمية دور الأم فى توعية أبنائها تجاه السلع الغذائية وتوجيههم لتجنب تلك السلع المجهولة والاعتماد على السلع المنزلية التى تصنعها الأم كما تنصح الأمهات بصفة عامة لنشر أهمية الإنتباه لما يتناوله أطفالنا. ويقول ابراهيم احمد موظف: إن ابنه أصيب بنزلة معوية حادة نتيجة تناوله وجبة من خارج المدرسة وظل يوما كاملا بقسم الطوارئ بأحد المستشفيات العامة وتم عمل غسيل معدة له وتركيب محاليل وصرفوا له حقنا وأدوية ومطهرات تعلم بعدها ألا يتناول طعاما خارج البيت. ابحث عن التلوث يؤكد الدكتور محمد سامى يوسف استشارى التغذية العلاجية، أن خطورة تلك السلع تكمن فى التلوث وما يمكن أن يسببه من مشاكل صحية للأطفال من أخطرها النزلات المعوية التى لها تأثير سلبى على الطفل صحياً ودراسياً ومن الممكن أن يصل الضرر الى الوفاة، إضافة إلى رداءة جودة المواد المستخدمة فى تصنيع تلك الأغذية فهم يستخدمون مواد مجهولة المصدر وضارة صحيا لتتناسب مع الأسعار التى يبيعون بها، وتؤدى الى مشاكل صحية كثيرة تؤثر على الكبد والكلي، وكثير من هذه الأطعمة يحتوى على مواد حافظة ومكسبات طعم صناعية بكميات عالية يكون لها تأثير سلبى على تركيز وصحة الطفل، والأهم والأخطر فى الأمر أن كل ما ذكر من تأثيرات سلبية لتلك السلع يؤدى فى النهاية الى ضعف عام فى مناعة وبنيان الطفل، وعلى المدى البعيد تؤدى الى تدمير الكلى تماما كما تعرض الجسم للفيروسات الكبدية وتأخر النمو وحالات التوحد والسرطان. وينصح الدكتور محمد سامى أولياء الأمور بتوعية أبنائهم من تناول واستخدام تلك السلع وتجنبها تماما، مع توفير بدائل تكون جاذبة أيضا للأطفال وأكثر أمانا ومفيدة صحيا لهم كما يمكن صنع بعضها فى المنزل أو الاعتماد على مصدر موثوق فيه، ويجب على الأسر تجنب ثقافة التعامل مع الأكل الخارجى بشكل عام والاعتماد على الأكل المنزلى لغرس تلك الثقافة فى الأبناء، كما أن الإدارات التعليمية والمدارس يجب ان يكون لها دور أكثر إيجابية للحفاظ على صحة الأطفال عن طريق منع وجود هؤلاء الباعة على أبوابها والتواصل مع الجهات المعنية التى من شأنها التعامل معهم. هذا جناه أبى الدكتور مجدى نزيه رئيس وحدة التثقيف الغذائى بالمعهد القومى للتغذية يرى أن الدور الرئيسى لحل تلك المشكلة يقع على عاتق أولياء الأمور أنفسهم فمن يبيع تلك السلع أمام المدارس يحاول البحث عن المكسب بغض النظر عن تأثير ما يفعله، ولكن المشكلة فيمن يشترى منه وللأسف أولياء الأمور يتركون أبناءهم يشترون تلك السلع وبعد ذلك يشتكون من مخاطرها وأضرارها، فليس من المنطقى ان اترك ابنائى يفعلون ما يشاءون ثم أطلب من مؤسسات الدولة أن تراقب ما فشلت أنا فى مراقبته، فالرقابة تبدأ من داخل البيت وليس خارجه، وحماية المستهلك تبدأ منه نفسه قبل حمايته من الغير، ومن المهم ان نعى جيدا ان بداية المشكلة تبدأ من تصنيع تلك السلع، فالبائع اذا كان يبيع مثلا نوعا من الفواكه والطفل اشتراها وتناولها بعد غسلها فذلك شئ رائع، ولكن البائع يلجأ لشراء السلع الرائجة التى تجذب الأطفال، وللاسف المجتمع لا يتعامل بحذر مع تلك السلع المجهولة بل يقبل عليها المواطنون بشكل كبير، فمن الطبيعى ان نرى أطفالنا يتبعون نفس الثقافة الخاطئة. مصدر المشكلة وأضاف قائلا أن المناخ العام الفكرى والثقافى الذى يغرسه الوالدان فى الأطفال يؤدى الى تدمير سلوكيات الأبناء فى اختيار السلع، فالأسر لا تحاول تعليم أبنائها ثقافة اختيار الأجود والأصلح وبالتالى يدمرون صحتهم، لذلك نحتاج الى توعية الأهالي، لأننا أصبحنا نرتكب الخطأ ثم نبحث عن الجهات التى تحمينا من نتائجه، فلماذا من البداية لا نتجنب ارتكابه؟ ولماذا لا نلتزم باختيار الأجود والأصلح ونتجنب المنتجات السيئة الضارة لأن ذلك هو مصدر المشكلة ومنبعها الأصلي، وآثار تلك السلع تراكمية ومع الوقت تظهر آثارها المدمرة من أورام وضعف مناعة ومشاكل صحية مميتة، ولا أعلم من أين يأتى أولياء الأمور بتلك الثقة العمياء فى التعامل مع السلع الخارجية، ولا يكلفون أنفسهم قراءة مكونات تلك السلع وكيف تم تصنيعها وما مدى تأثير تلك المواد، ولا يسألون انفسهم ايضا من أين تأتى كل تلك الأمراض التى نصاب بها وما سبب ضعف التركيز عند الأطفال..و بداية الحل ومصدره الرئيسى يكمن فى البيت والأسرة.