فى حقبة السبعينيات ظهر لون سيئ من الأغانى الشعبية يتسم بالهبوط والسفه، مما دفع الجهات المعنية حينئذ إلى إصدار قرار بمنع هذه الأغانى فى التليفزيون والراديو، وكان قرارا صائبا يهدف إلى حماية قيم المجتمع وذوقه العام، وقطع الطريق على هذا اللون من الأغانى السطحية والبذيئة من أشباه فنانين لايدركون قيمة ورسالة الفن، ويتوهمون أن أى كلام مهما يكن فارغا وتافها وبذيئا مع موسيقى هابطة ومزعجة يمكن أن يكون فنا حقيقيا!. وليس هناك أدنى شك أن الفن يضطلع بدور اساسى فى تشكيل الوعى العام للمجتمعات، وأنه أداة رئيسية فى إنارة العقول وسطوع الأفكار الإبداعية، وأن تأثيره على المناخ الأخلاقى والثقافى فى المجتمعات تأثير ساحر ونفاذ بما يجعله عنصرا حيويا فى المساهمة مع أسباب وعناصر اجتماعية وسياسية وثقافية أخرى فى الارتقاء بتلك المجتمعات فكرا وسلوكا ووعيا وأخلاقا، أو الانحطاط بكل هذه القيم. وما أثير أخيرا حول قرار الفنان هانى شاكر نقيب المهن الموسيقية بمنع بعض المغنيين من الغناء فى المهرجانات الغنائية الرسمية بسبب نوعية أغانيهم الهابطة، يستحق دعما قويا من جميع المثقفين والفنانين والحكومة حيث جاء فى مداخلته الهاتفية مع إحدى القنوات الفضائية. قوله «ما يتم تداوله من كلمات هابطة فى بعض المهرجانات غير مسموح به، ولايعجب الذوق العام، وهى ظاهرة مثل وجود أفلام ومسلسلات وبرامج غير مرضية للشعب المصرى الذى يحق له سماع اغان أفضل بكثير، وسوف نسأل أمام الله عما قدمناه للشباب من فن، وقد تحركت النقابة فى إطار حماية أعضائها والذوق العام». إن هذه الأغانى المسفة التى انتشرت فى الأوساط الشعبية بين سائقى الميكروباص والتوك توك، وفى المقاهى لاعلاقة لها بفن أو إبداع، وهى بالفعل بمثابة مرض عضال ينتشر فى جسد الأمة ليصاب أبناؤه بالعاهات الفكرية والسلوكية والأخلاقية!، فهى خطر حقيقى على المجتمع لايقل عن خطر الإرهاب، وهى جراثيم وفيروسات تهدد أعز ما يملكه المجتمع بالهدم والضياع... عقله، ووعيه، وأخلاقه. ومع الأسف.. وجدنا البعض يدافعون عن هذه النوعية البذيئة من الأغانى تحت دعوى حرية الفن والإبداع، وهى اللافتة التى يتسلل من تحتها أدعياء ومرتزقة الفن، ليس فقط فى الغناء والموسيقي، ولكن أيضا فى السينما والدراما التليفزيونية، حتى بتنا نشاهد معظم تلك الأعمال تقدم لنا سيناريوهات وقصصا لاعلاقة لها بمجتمعاتنا ثقافة وتقاليد وعادات وأخلاقا، ومع الأسف فهذه الحجة سمحت لأفلام تروج للعنف والبلطجة وحرية استخدام الأسلحة البيضاء فى أى خلافات ومشاجرات تقع بين الناس، فضلا عن الترويج لحياة المخدرات والجنس أن تصبح هى المسيطرة على عالم السينما!! لذلك.. لم يعد دور الحكومة فى حماية المجتمع من جريمة تلويث أسماع وأذواق وقيم المصريين، والأساس الأخلاقى الذى عاشت عليه الدولة المصرية عبر تاريخها الطويل، مجرد واجب وطني، ولكنه بات فريضة وطنية على أجهزة الحكومة أن تحمينا وتحمى مصر وشبابها من أمثال تلك الأعمال المسفة والمدمرة لقيم المجتمع. تحية لهانى شاكر وأعضاء نقابة الموسيقيين، ولكل فنان حقيقى يدرك قيمة وسمو رسالة الفن الراقى والمتحضر، ويغار على حاضر ومستقبل الوطن. محمد سعيد عز