العقوبة المغلظة ..تغيير النمط الاستهلاكى.. البورصات السلعية أولى الخطوات وزارة التموين: فرض التسعيرة الجبرية على السلع الحيوية بقرار من مجلس الوزراء جهاز حماية المستهلك 2 مليون جنيه غرامة عقوبة من يحتكر سلعة ولا يطرحها للتداول د. محمد أبو شادى : أسواق الجملة تحتكرها «عائلات» ويتوارثها الأبناء
بعد تكرار الممارسات الاحتكارية التى يمارسها التجار الجشعون فى الأسواق العشوائية على السلع والخضراوات والفاكهة وكان آخرها أزمة البطاطس، اكد خبراء تنظيم التجارة الداخلية ان الإجراءات القانونية والعقوبات المغلظة وحدها لا تكفى لردع هؤلاء، لكن لابد أن يصاحب تلك الآلية عمليات تطوير للأسواق المنتظمة والعشوائية من خلال الاهتمام بإدخال القواعد اللوجستية المتطورة فى النقل والتخزين وإدخال البورصات السلعية لتشجيع المنافسة التى تترجم لمصلحة المستهلك وأن يصاحب ذلك تنمية الوعى لدى المواطن بضرورة التخلى عن سياسة التكالب على شراء بعض السلع وتخزينها. حول هذه الممارسات المخالفة للقانون والعرف التجارى استطلعت (تحقيقات الأهرام) مقترحات وآراء عدد من خبراء ومسئولى تنمية حركة التجارة الداخلية. بداية يقول الدكتور على المصيلحى وزير التموين والتجارة الداخلية : إنه أجرى اتصالات مع الاتحاد العام للغرف التجارية على مستوى الجمهورية لتحديد الكميات المستهلكة من الخضر والفاكهة وحجم الانتاج الفعلى لسد هذه الفجوة بينهما وتم تشكيل لجنة وزارية من الوزارات المعنية لتشجيع زراعة المحاصيل التى يحتاجها المواطنون، ودراسة العروات والنوات الزراعية ومدى تأثير كل منها على الانتاج الزراعى لمنع حدوث أزمات مفاجئة أو التقليل من سلبية هذه المتغيرات الطبيعية على الزراعة..وبصفته وزير التموين له صلاحية التقدم بطلب الى مجلس الوزراء فى وقت محدد لفرض التسعيرة الجبرية على أى سلعة إستراتيجية لفترة محدودة يحددها لحماية المستهلكين. محوران أساسيان الدكتور إبراهيم العشماوى رئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية يشير إلى أن الأسواق تتنامى نتيجة زيادة السكان لكن للأسف فإن عملية تنظيم هذه الأسواق ظلت مهملة لفترات زمنية طويلة حتى بات 90% منها تحكمها العشوائية فهناك 6أسواق فقط على مستوى الجمهورية يطلق عليها «الأسواق المنتظمة» مثل العبور وأكتوبر والإسكندرية ونحن فى هذه المرحلة بحاجة الى 20 سوقا منتظمة بحد أدنى خلال 6 سنوات على الأقل. ويؤكد ان الجهاز بدأ فى عملية الاصلاح لهذه الاسواق بعدما توافرت له قاعدة بيانات واسعة عن نمط الاستهلاك للمواطن وحجم الفجوة بين الاستهلاك والانتاج ونسبة الهدر فى المنتجات سواء عند الحصاد او النقل والبيع التى تصل الى 40% بسبب غياب المنظومة اللوجستية التى تخفض هذه النسبة الى 20% فقط.. وتم وضع خطة لتطوير 3 اسواق منتظمة كل عام مع التركيز على محورين أساسيين هما انشاء مناطق لوجستية لتخزين السلع فى البحيرة والغربية وعدد آخر من المحافظات علاوة على المفاوضات التى يجريها الجهاز مع مستثمرين فرنسيين لإنشاء عدد من البورصات السلعية لتفعيل المنافسة بين التجار والمنتجين لبيع السلع بأسعار منافسة، مؤكداً أن الأسواق العشوائية تسودها الاحتكارات والتربيطات بين التجار سعياً وراء مصالحهم الخاصة بل وتباع فيها السلع المغشوشة. عائلات مسيطرة ويوضح الدكتور محمد أبو شادى وزير التموين الأسبق ان مصر التزمت بالقانون 3 لسنة 2005 بحماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية الذى أقرته الأممالمتحدة فى (الاونكتاد ) فى قوانينها المحلية ومشكلة هذا القانون انه لم يجرم الاحتكار لكنه جرم الممارسات الاحتكارية القائمة على إساءة استخدام المركز المسيطر لمصلحة تاجر أو مجموعة من التجار أو الصناع أو الاتفاقات والتربيطات فيما بينهم أو الاندماجات التى يترتب عليها تحكم شخص أو شركة فى عرض سلعة حيوية، ويضيف أن حركة الأسواق - خاصة العشوائية - تسيطر عليها عائلات معروفة ويتوارث الأبناء هذه الحرفة جيلاً بعد جيل، و مباحث التموين لديها آليات للتنبؤ بهذه الأزمات قبل حدوثها سواء عند حدوث العروات الزراعية أو النوات التى تغلق الموانى والمفروض ان الأجهزة المعنية تضع استعداداتها. عقوبة حجب السلعة أما اللواء راضى عبد المعطى رئيس جهاز حماية المستهلك فيقول: ان القانون الجديد لحماية المستهلك رقم 181 لسنة 2018 الذى من المنتظر خروج لائحته التنفيذية خلال الفترة المقبلة، وقع عقوبة مغلظة على من يحجب السلع بغرض احتكارها فى الأسواق وبيعها بأسعار مرتفعة حيث نصت المادة الثامنة منه على توقيع عقوبة السجن او الغرامة الباهظة التى تصل الى مليونى جنيه على كل من حجب السلعة عن التداول ورفض بيعها للمواطنين بغرض احتكارها وبيعها فى الأسواق بأسعار مرتفعة، حيث غلظت هذه المادة الغرامة من 100 ألف إلى مليونى جنيه. وعلى التجار ان يعلنوا عن اماكن المخازن التى يمتلكونها أو الثلاجات التى يديرونها ويعلنوا فى مكان بارز وواضح نوع السلع التى يخزنونها وحجم هذه الكميات ويجب عليهم الا يرفضوا البيع لأى مواطن أو تاجر تجزئة حتى لا يقعوا تحت طائلة القانون، ويؤكد عبد المعطى أن عدم الإعلان عن التسعيرة فى مكان بارز يضع التاجر تحت طائلة القانون وهى الغرامة. تعطيش الأسواق يقول الدكتور هشام رجب المستشار الاقتصادى لوزير الصناعة والتجارة الخارجية : ان الاتفاق على رفع الاسعار او على إنقاص الكميات المعروضة فى الأسواق بغرض تعطيش الأسواق او اقتسام توزيع البضائع تعد إحدى الجرائم التى تحظرها المادة السادسة من قانون تشجيع المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية مؤكداً ان قضية إلاثبات لها من القرائن التى يسهل الوصول اليها ولا تكون هناك حاجة للاعتراف من جانب المتهمين والعقوبة فى هذه الحالة تصل الى الغرامة التى لا تقل عن 500 ألف جنيه وتصل الى 500 مليون جنيه كحد أقصى وفى حال وقوع اتفاق وتربيطات بين المتهمين تصل الغرامة الى تحصيل 10% من قيمة ايرادات هذا المنتج بعد التحريات التى يستطيع الجهاز استخدامها لجمع المعلومة والقرائن، وهو ما يؤكده الدكتور أمير نبيل رئيس جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية فيقول «فى حال وجود تربيطات بين التجار او الصناع على تعطيش الاسواق لرفع الاسعار فإن الجهاز يجرى تحريات موسعة حول هذه السلوكيات الى ان يتأكد من صحتها فيحيل المتهمين الى النيابة لمحاكمتهم». الفلاح الطرف الضعيف يؤكد حاتم نجيب نائب رئيس شعبة الخضر والفاكهة بغرفة تجارة القاهرة ان محاولات سد الفجوات بين الانتاج والاستهلاك تتطلب الاهتمام بالفلاح الذى يمثل الطرف الضعيف فى هذه المنظومة ولابد للحكومة ان تشجع الاستثمارات الزراعية مؤكداً ان اسواق الجملة العشوائية تفوق اعداد الاسواق المنتظمة 10 مرات وهذه الاسواق تبيع بأسعار رخيصة عندما يصل الانتاج الى أقصاها (وتشعل) الاسعار عندما تحدث فجوات أو أزمات فى الانتاج، حيث يحرص التجار الذين يقيمون متاجرهم ومخازنهم أسفل العمارات التى يبنونها فى هذه الاسواق للبيع العشوائى دون اى ضمانات وتجعل من الصعب مراقبتهم، فهؤلاء يحرصون على شراء المحاصيل (بشاير) فى اوائل حصادها ليبيعوها بأسعار مرتفعة أو يخزنوها داخل الثلاجات لبيعها بأسعار فلكية فى أوقات عدم ظهور هذه المنتجات، وللأسف سلوكيات المستهلكين تساعدهم على الممارسات الاحتكارية وزيادة الأسعار. المزارعون ضحية ويفسر الدكتور سعيد شحاتة أستاذ زراعة الخضر والفاكهة بجامعة القاهرة أسباب هذه الأزمات بتغير الظروف المناخية وتآكل الرقعة الزراعية خاصة فى محافظات الدلتا التى يختفى من معظمها الظهير الصحراوى فيلجأ السكان الى إقامة المبانى على الأرض الزراعية مفتتة الملكية. ويشير الى مشكلة اخرى تتأثر بها المحاصيل البستانية وهى سوء النقل والتداول والتخزين الذى يترتب عليه ارتفاع نسبة الفاقد 25% تزايد بشكل ملحوظ فى المحاصيل ذات نسبة الرطوبة العالية مثل الطماطم والكوسة والخيار وغيرها من المنتجات خاصة ان الفلاح وتاجر الجملة والتجزئة يفتقرون الى الوعى بالأساليب العلمية للتعامل مع هذه المحاصيل. ويطالب شحاتة الحكومة بأن تساعد الفلاحين وتحميهم من جشع تجار الجملة والوسطاء بتشكيل التعاونيات الأهلية وتوفير الأسمدة والتقاوى بأسعار مناسبة توفر لهم حياة كريمة لهم ولأولادهم. الضبطية القضائية وتختتم (الأهرام ) جولتها بين المسئولين برأى الدكتور طلعت عبد القوى رئيس الاتحاد العام للجمعيات الأهلية الذى يؤكد ان عملية تنظيم الاسواق وتطويرها يجب ألا تعتمد فقط على الاجراءات الشرطية بل لابد من زيادة المعروض من السلع فى الاسواق والمنافذ التسويقية الثابتة والمتحركة التى استعانت بها الحكومة مؤخراً لمواجهة الكثير من الأزمات التى يسعى بعض التجار الجشعين الى اختلاقها مع تضاؤل المعروض من السلع، مؤكداً ان الاتحاد لاتتوافر لديه الضبطية القضائية وان دوره يقتصر على التوعية للمستهلكين بأساليب الشراء السليمة والابتعاد عن التكالب فى شراء كميات كبيرة لتخزينها وتعريف المستهلك بحقوقه ومساعدته عند الابلاغ عن اى مخالفات يرتكبها هؤلاء. ويطالب بإختصار الحلقات الوسيطة فى عمليات تداول السلع وتقليل الفاقد خلال عمليات النقل والتخزين مما يساعد ذلك فى تخفيض أسعار هذه السلع.