رحت أفكر وأفكر. عاودت القراءة لما نقل على لسان وزير التعليم، لأكتشف أنه فيما يبدو، أن المسائل قد دخلت على بعض...ما الذى يجمع مابين مجانية التعليم وسعر تذكرة حفل عمرو دياب ذات العشرين ألف جنيه، ليجتمعا معا فى سياق خطابى واحد..؟ ما وجه المقارنة، وهل الذين يدفعون العشرين ألف جنيه ليرقصوا ويغنوا، هم نفس الناس التى ترسل أولادها إلى مدارس الحكومة المجانية؟ رحت أقلب الكلام، الذى كما صرح وزير التعليم،: ازاى بتدفعوا عشرين ألف جنيه فى تذكرة حفلة، وعاوزين مجانية تعليم!؟ والحقيقة أنا لن أرد، وإن كان اى طفل، «من اللى بيقعدوا» فى فصول الحكومة، حا يقول للوزير: والله يا بيه «دولم غير دوكهمه»! واننا يا بيه، نتمسك بمجانية التعليم لأننا شعب أغلبيته فقراء، ومع ذلك يا بيه، بننحت فى الصخر، لأن التعليم هو آخر الفرص للانعتاق من الفقر، وارجع إلى قائمة أوائل الثانوية العامة هذا العام، العام الذى كنت فيه وزيرا، لترى الفقراء بمكابدة وكفاح على الصدارة بالتعليم المجاني..واحد أمه بائعة أنابيب وأخرى تفلح الأرض مع أبيها.. لأجل هؤلاء يتشبث الناس بمجانية التعليم.! الحكاية وما فيها أنه بدون مجانية التعليم، يورث الفقر، كما يورث الغنى فى بلادنا، وأن الست التى كانت تصحو قبل الفجر لتجر العربة، وتذهب الى مستودع الانابيب، تعبيها، وتوزعها على البيوت، واللى ابنها طلع من الاوائل، لا أمل لها ليتحرر الابن من هذه الاشغال الشاقة إلا بالتعليم المجاني! وأنه لولا مجانية التعليم، ما تعلم زويل ولا هانى عازر ولا عبد الرحمن الابنودى ولا جمال الغيطاني، وقبل هؤلاء ما تعلم طه حسين نفسه. كما تجتمع الدول، على اختلافاتها على أمر واحد، هو الأحقية فى التعليم المجانى لجميع ابنائها، بل ووجبة غذائية، والحقيقة ان صدفة خير من الف ميعاد.. فبينما كان وزير التعليم مندمجا فى التصريحات، كانت فضائية ( arté) الفرنسية الألمانية تذيع ثلاث ساعات وثائقية عن التعليم، من اليابان لاوروبا ومن فنلندا لأمريكا، وطفنا مع تجارب تعليمية، حكومية استخدمت كل الوسائل لتحتفظ بمجانية تعليم، مجانية، وصلت لمراحل جامعية، كما فى ألمانيا وفرنسا. وكل هؤلاء يقرون التعليم المجاني. يلوم الوزير من انتقدوا تصريحات الغرف المغلقة، ويطرح معنى جديرا بالاحترام: التعليم مشكلة تخص الجميع، وهى بالفعل كذلك، لكن الخطاب الوزاري، الطرح لا يمكن قبوله فى هذا السياق، بدءا من معجزة المقارنة بين سعر تذكرة حفلة، لا يرتادها إلا أغنى اغنياء مصر، وبين مصر الأخري، الأغلبية الفقيرة بما فيها شرائح من الطبقة المتوسطة لم يعد فى جيوبها حتى ما يكفى الضروري. الحقيقة أنه صارت تستوقفنى كثيرا، نوعية الخطاب الوزاري، عند البعض والذى يكشف عن عدم إدراك أين يقف الناس. ولا حقيقة وضعياتهم.. نعم نحن شعب أغلبه فقير, وحين يتفضل السيد وزير التعليم، بأن يضيف، أو يجمع، ما ينفقه الجزء المتيسر من الناس على التعليم الدولي، والخاص، على فلوس الدروس والسناتر ويخرج بأن ما ينفق على التعليم 200 مليار ، فهو لا يختلف عن القول، بأن مجموع دخلي، أنا الفقيرة إلى الله، ودخل عمرو دياب خمسين مليون جنيه فى العام! الطرح نفسه فيه مشكلة، لغة الوزارة، التى لا يشفع لها حسن النيات. لمزيد من مقالات ◀ ماجدة الجندى