الأوقاف: المشاركة في الانتخابات واجب وطني.. والمساجد ليست مكانًا للترويج السياسي    وزيرا التنمية المحلية والزراعة ومحافظ الوادى الجديد يتفقدون مجمع الخدمات الذكية    ماذا حدث فى سعر الحديد اليوم السبت؟.. رئيس شعبة مواد البناء يوضح أقل سعر    الغرفة التجارية بسوهاج: مبادرة لتوفير اللحوم والسلع الأساسية بأسعار مخفضة    الاحتلال يمنع الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم لقطف الزيتون فى رام الله    وزير الخارجية يؤكد ضرورة الالتزام بنص اتفاق إنهاء الحرب في قطاع غزة    مصر صانعة السلام.. سياسيون: شريك رئيسى فى أى معادلة للشرق الأوسط واستقبال الاتحاد الأوروبى للرئيس السيسى شهادة تقدير من العالم للرؤية المصرية.. ويؤكدون: القاهرة تقود جهود تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار وإعمار غزة    الرئيس السيسي يؤكد حرص مصر على تعزيز التعاون الثنائي مع باكستان    غيابات بالجملة للأهلى أمام نوار البوروندى الليلة على رأسهم الشناوى.. فيديو    رئيس اتحاد الإسكواش لليوم السابع: تألق أمينة عرفي دليل تواصل الأجيال    إصابة شقيقين بطلقات نارية فى مشاجرة بقنا    ضبط صاحب مخبز بالمنيا بعد تعديه على شرطي تدخل لفض المشادة بينه وبين سائق تاكسي    جدول امتحان شهر أكتوبر لطلاب الصف السادس الابتدائى فى الجيزة    القائمة الكاملة للفائزين بجوائز الدورة الثامنة من مهرجان الجونة السينمائى    تعرف على أسعار تذاكر المتحف المصرى الكبير بعد الافتتاح الرسمى    رئيس الوزراء: السبت المقبل إجازة رسمية بمناسبة افتتاح المتحف المصري الكبير    أحمد الجنايني يرد على منة شلبي بشأن زواجهما: إزاي بقى.. فالحب يصنع المعجزات    كيم كارداشيان تعانى من تمدد الأوعية الدموية بالدماغ.. الحالة وأسبابها؟    صحة كفر الشيخ: انطلاق أول أيام القافلة الطبية المجانية بقرية المنشلين بقلين    «مستقبل وطن» ينظم مؤتمرات جماهيرية بالمحافظات لدعم المشاركة في انتخابات مجلس النواب (فيديو)    «نجوم الجونة».. القائمة الكاملة للفائزين بجوائز الدورة الثامنة من مهرجان الجونة السينمائي    دون الحاجة للذهاب إلى الطبيب.. 5 طرق لعلاج ألم الأسنان في المنزل    تبدأ اليوم.. جامعة الإسكندرية تطلق فعاليات مبادرة «تمكين» لدعم الطلاب ذوي الإعاقة    مواعيد مباريات السبت 25 أكتوبر - الأهلي ضد إيجل نوار.. وليفربول يواجه برينتفورد    بعد انخفاض الكيلو.. أسعار الفراخ اليوم السبت 25 أكتوبر 2025 في بورصة الدواجن    "التنمية المحلية" و"الزراعة" يدعمان البيئة بزراعة الأشجار لمواجهة التغيرات المناخية    قلق عالمي.. الأمير هاري وميجان يدعوان إلى حظر الذكاء الاصطناعي الفائق    وزير الإسكان يتفقد مكونات مشروع حدائق «تلال الفسطاط»    إصابة 6 أشخاص في تصادم مروع بالشرقية    اتهامات تزوير تلاحق رمضان صبحي.. وجنايات الجيزة تؤجل نظر القضية ل22 نوفمبر    «الداخلية»: ضبط 381 قضية مخدرات وتنفيذ 84 ألف حكم قضائي خلال 24 ساعة    حملة «100 يوم صحة» قدّمت 138 مليونًا و946 ألف خدمة طبية مجانية خلال 98 يومًا    من غير مواد حافظة.. حضري لأطفالك الزبادي بالفواكه الطازجة في البيت    التضامن: تحسين منظومة الكفالة وتطبيق إجراءات الحوكمة عند تسليم الأطفال    موعد مباراة الحزم والنصر في الدوري السعودي    خدمة 5 نجوم.. مواعيد رحلات قطار تالجو الفاخر اليوم السبت 25-10-2025    لوحات دعائية لافتتاح المتحف الكبير على الطرق والأتوبيسات.. فيديو    الدويرى: قوائم الأسرى تتطلب موافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي و "الشاباك" أكد: هناك اسمًا "لن يخرج من السجن إلا ميتًا"    اللواء محمد الدويري: أحد قيادات حماس البارزة لجأ لأبو مازن لحمايته من قصف إسرائيلى    شيخ الأزهر يزور إيطاليا للمشاركة في المؤتمر العالمي "إيجاد الشجاعة للسعي لتحقيق السلام"    وزارة «الزراعة» تقرر حظر نقل القطن بين الوجهين القبلي والبحري    الرابط والشروط.. ما هو موعد إعلان قرعة حج الجمعيات الأهلية لاختيار الفائزين بالتأشيرات؟    وزير الرى يتابع حالة المنظومة المائية وإجراءات تطوير منظومة إدارة وتوزيع المياه بزمام ترع الإسماعيلية والسويس وبورسعيد    موعد مباراة بايرن ميونخ أمام مونشنجلادباخ بالدوري الألماني.. والقنوات الناقلة    حكم صلاة المرأة بالبنطلون في الإسلام.. الأزهر يوضح الضوابط الشرعية وآداب الستر    موعد عرض مسلسل ابن النادي الحلقة 9    بعت نصيبي من ورث والدي فقاطعني إخوتي هل عليا ذنب؟ الإفتاء ترد    عمرو أديب يرد على شائعة انتقال محمد صلاح إلى الأهلي: «سيبوا الراجل في حاله»    موعد مباراة ميلان القادمة عقب التعادل أمام بيزا والقنوات الناقلة    وظائف البنك الزراعي المصري 2025 للخريجين الجدد.. سجل الآن    ترامب: علاقاتي مع زعيم كوريا الشمالية جيدة وآمل لقاءه خلال جولتي الآسيوية    «الأزهر العالمي للفتوى» يرد| قطع صلة الرحم.. من الكبائر    الإفتاء تُجيب| تحديد نوع الجنين.. حلال أم حرام؟    الإفتاء تُجيب| «المراهنات».. قمار مُحرم    الشرطة المصرية.. إنجازات أبهرت العالم    تفاصيل اصطدام باخرة سياحية بكوبري كلابشة في أسوان.. ماذا حدث؟    "لا تستمع لأي شخص".. بانزا يوجه رسالة ل محمد السيد بعد انتقادات الجماهير    إنزاجي يشيد بلاعبى الهلال بعد الفوز على اتحاد جدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسائل إرهاب دير الأنبا صموئيل
نشر في الأهرام اليومي يوم 12 - 11 - 2018

كل جرائم الإرهاب خسيسة، ومخيفة، وتسبب ألما إنسانيا، لا حد له وإذا وضعنا أنفسنا مكان الضحايا والشهداء وأسرهم، فإن الألم يتضاعف، والقدرة على المقاومة تتزايد، وتحدى الإرهاب يتحول إلى طوفان، يجعلنا نتكاتف، ونتحمل المسئوليات، حتى نجتث هذه الجريمة من مجتمعاتنا إلى الأبد! وقد جاءت جريمة اعتداء الإرهابيين على المصلين، والزوار الأبرياء، لدير الأنبا صموئيل للمرة الثانية، بصحراء المنيا، لتفجر الغضب والتحدى فى نفوس جميع المصريين.
إن هذه الجريمة الآثمة ليست جديدة، ولن تكون الأخيرة، وهى محاولة بائسة، لصناعة فتنة، لن تحدث، بين أبناء الشعب الواحد، فهى لم تكن أول جرائم تتعقب المصلين، والزوار الأبرياء إلى دور العبادة، مسلمين أو مسيحيين، ولم تكن أول جريمة، لا تفرق بين رجل أو امرأة أو بين طفل أو شيخ كبير، ولم تكن أول جريمة تقتل نفوسا بريئة بغير ذنب اقترفوه. فقد كانوا فى زيارة إلى دير، ملبين رغبة دينية، وإنسانية طبيعية وجميلة، بأن يكونوا قريبين من الخالق، وأسوياء النفس والنية والبال، ولكن ماذا نقول؟
إن كل جرائم الإرهاب المتطرف خسيسة، وتبتعد بمرتكبيها عن كل الأديان، وتخرجهم من زمرة الإنسان إلى صفات أخرى، ولا أريد أن ألصقها حتى بالحيوان. فهؤلاء الإرهابيون، وصلوا إلى درجة لم نعرفها من قبل، ولا نريد، لكننا نبحث عن استئصالها، وبترها من حياتنا، مهما يكلفنا ذلك من أموال، ووقت، وجهد، فحياتنا لن تستقيم أو تنتظم، ونحن نسمح لمثل هذه الكائنات أن تعيش وتنمو بيننا، أو لهذا الفكر المستتر بالأديان أن ينمو ويستمر، بل إننا يجب أن نجرم، ونقاتل كل من يبرر لهؤلاء القتلة والإرهابيين والمتطرفين، بأن يكونوا جزءا من مجتمعاتنا.
هذه الجرائم، رغم مرارتها وقسوتها، ليس لها هدف إلا أن تذكرنا، يوميا، بأننا مقصرون فى مقاومتها، وبترها فى مهدها، من كل ثقافتنا.
إن جرائم الإرهاب تكشف عن تقصير مستمر، أدى إلى تجذر هذه الآفة المخيفة فى تربة البلاد.
لم أستطع، عندما شاهدت فيلما صغيرا عن الضحايا، أن أبعد الصورة من ذهنى، أو أن أفكر فى شيء آخر، وذكرتنى بجريمة بشعة أخرى، وقعت فى مسجد الروضة بسيناء، وبجريمة كنيسة القديسين فى نهاية 2010، وذكرتنى بجرائم الإرهاب والفوضى التى ألمت بمصر فى الحقبة الأخيرة، خاصة جرائم حرق الكنائس، بعد أن أزاح المصريون حكما دينيا مخيفا فى 30يونيو 2013، وكأن الإرهابيين لا يريدون أن يسمعوا شيئا عما يحدث فى مصر، وفى المنطقة العربية، عن نهايتهم الطبيعية، ورفض وجودهم من كل المصريين، على اختلاف طبقاتهم وثقافاتهم!
ولكن الجريمة الأخيرة تسلطت عليّ، وجعلتنى لا أفكر فى شيء آخر، وأوحت إليّ بأنه يجب علينا ألا نفكر فى شيء آخر، إلا أن نزيح عن وجه الوطن كل الإرهابيين، وأفكارهم الخبيثة والمريضة، وقد عششت فى الضمير الوطنى، والدينى، سنوات طويلة، حتى جعلتنا نخاف من أنفسنا، ونخاف أن يكون هناك شيء قد ترسب فى عقولنا من أفكار هؤلاء، فهى أفكار تحرمنا من إنسانيتنا، وتنزع منا أى ضمير حى، ولا يستطيع أى عاقل أن يعيش، ويعبد الخالق بحرية، ويؤدى واجباته الإنسانية تجاه أسرته، وبنى وطنه، وهو يرى أن بعض المؤسسات تقصر فى بتر هذا الفكر، واستئصاله من جميع الكتب، ولا تجعله فكرا محرما مرذولا، ومعاقبا عليه. إن أى تأخير من أى أحد، أو من أى مؤسسة، فى مواجهة التطرف، والتمييز الدينى، وفى عدم إعطاء الحريات الدينية لأصحابها، بلا وصاية، لهو تمهيد لهذا الفكر المتطرف والإرهابى المخيف، بل هو الطريق إلى هذه الجرائم البشعة. فلتنتبه كل المؤسسات، وليحذر كل إنسان، يفكر فى أنه ظل الله فى الأرض، أو أنه ممثل للأصول الدينية، أو أنه يمنح صكوكا لهؤلاء الإرهابيين لكى يعبثوا بالمجتمع، ويدافع عن عقولهم المريضة، ويتصور أنه يقدم حقائق دينية، فنحن نعرف الله بالعقل، ونعرف أن الأديان أصل الإنسانية، والحب، والتسامح بين الناس، وليس منا من يملك الحقيقة كاملة، حتى يفرضها على أحد!!
يجب أن يفهم كل أصولى، وكل متعصب، بوضوح، أن لا مكان له فى العالم المعاصر وبين البشر، وليس لأى متطرف أى حق، أن يفرض على الإنسان المعاصر، ما يفكر فيه بالسلاح، كما أن الصراعات على أى سلطة، ليس لأحد حق فى أن يستخدم السلاح لفرضها على المجتمعات الحديثة، وقد نظمت نفسها فى مؤسسات تتحرر وتفكر، وأعطت لكل مواطن الحق فى الحياة، والعمل، بلا خوف، أو تمييز.
حقائق يعرفها العالم المعاصر، لكننا قصرنا فى تجذيرها فى عقول ونفوس أبنائنا، فظهر بيننا من تصور أنه صاحب حق ليقتل، أو يحكمنا بأفكاره الجاهلة المتطرفة العنصرية، فى عصور تعرف الحريات، وحقوق الإنسان، وحق اختيار حرية الفكر و العقيدة.
إن الرسالة البسيطة من رد الفعل على حادث مقتل الأبرياء، وهم عائدون من دير الأنبا صموئيل، تؤكد أن مصر واحدة، فقد عرف الجميع أن الأقباط المصريين هم أغلى ما نملك، وأننا جميعا نحافظ عليهم، ونفديهم إذا وجب الفداء، فالمصريون، كانوا ومازالوا، من نسيج واحد، وتلك حقيقة لا تحتاج إلى إعادة تأكيد. ولكن هذا الحاث الإجرامى كان إشارة إلينا، لنواجه الإرهاب فى منابعه، ونعمل على تحديث المؤسسة الأمنية، وجعلها أكثر يقظة، وتدريبا وتحديثا، لأن الأمن هو أغلى ما نملك، فنحن نريد اهتماما مضاعفا بالأمن، ثم سرعة التقاضى، وبتحديث هاتين المؤسستين إلى أقصى درجة ممكنة، نصل إلى الانتصار.
فكل جريمة إرهابية، تذكرنا بأننا مازلنا فى حاجة إلى ثورة ثقافية، تقتلع الفكر المتطرف، وتضع كل جماعة دينية، تفرض فكرها بالسلاح والإرهاب خارج الوطن، وخارج الحياة، حتى تستقيم أمورنا، بثقة ويقين بأن إنسانيتنا انتصرت على تلك الآفة الخطيرة، فهى لا تهدد مجتمعاتنا فقط، بل تهدد كل ما نعيش من أجله فى هذه الحياة.
لمزيد من مقالات أسامة سرايا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.