إن الشرطة مهما كانت لن تتمكن بمفردها من مواجهة جرائم الإرهاب فالعمل الشرطي لا يكون ذا فاعلية ما لم يدعمه اقتناع كامل من جانب الشعب فالشعب هو مركز الثقل الذي يغلب أحد الجانبين علي الآخر والشعب هو المنبع الذي يجند منه جماعات الإرهاب أفرادها وهو المصدر الذي يمد السلطة بالمعلومات عن الفتنة. والشعب هو السندان الذي لابد منه لتعمل المطرقة التي تمسك بها السلطة لمواجهة ما تقوم به العمليات الإرهابية من نسف وتدمير واغتيالات وتخريب ومن ثم فنحن نتفق جميعا علي أن مواجهة الحوادث الإرهابية التي يشهدها المجتمع المصري اليوم انما تتطلب تضافر المعنية وتعاونا من كل الأجهزة والمؤسسات المعنية فظاهرة الارهاب المفرط والتطرف من اخطر مشاكل العصر ولم يعد هناك فرق بين الارهاب الداخلي والارهاب الدولي حيث بات تحالف وتعاون وثيق بين الجماعات الإرهابية والدول المؤيدة للإرهاب وعلي ذلك لم تعد مواجهة الأعمال الارهابية قاصرة علي مكافحة رجال الأمن ولكنها امتدت إلي مؤسسات اخري بالمجتمع بعد أن انتشرت آثارها وأصبحت لا تقف عند حد معين داخل حياة الشعب المصري لما تحدثه من فوضي واضطراب وذعر في نفوس الأبرياء وإظهار الحالة الأمنية للمجتمع بعدم الامان والاستقرار. ومن هنا فلعل كل مصري يدرك ان مشاركته في الدفاع عن وطنه ضد المتربصين به انما هو واجب يفرضه الدين والقانون ومسئولية جماعية مشتركة يتحملها الجميع بحكم الانتماء لهذا البلد الأمين سواء كانت المشاركة في ذلك فعلية أو مادية أو فكرية أو معنوية كما انه ما احوجنا اليوم إلي أن تقوم المؤسسات جميعها بدورها وبوجه خاص المؤسسات الدينية حيث ان المؤسسات الدينية مطالبة الآن بإعلان رأيها الصحيح في اسلوب العنف الذي تنتجه التنظيمات الدينية المتطرفة فالإرهاب يتخذ من الدين شعارا له في جميع ممارساته من تجنيد واستقطاب ودفع بالشباب إلي فكر متطرف في ظل تفسيرات واجتهادات خاطئة لا تمت للدين الاسلامي بصلة حيث يخربون عقولهم ويسممون افكارهم بحلفائهم في الداخل والخارج فهم يقيمون ببث قيم التطرف والانتقام فيقومون بقائمة من الاغتيالات وأعمال العنف والفوضي باسم الدين والدفاع عن أفكار ليست من تعاليم ديننا. مما يعني أن هناك غيابا للمؤسسات الدينية في عملها تجاه المواطنين والشباب وكذلك هناك دور اساسي للمؤسسات التربوية سواء في داخل الاسرة التي يبدو دورها جليا في هذا المجال ألا وهو مراقبة تصرفات الأبناء عندما يشبوا إلي مرحلة الشباب وابعادهم عن جماعات الفكر المتطرف بشرح التفسير السديد للدين الاسلامي.. إلخ. كما انه يجب علي وزارة التربية والتعليم ان تقوم بتدريب الطلاب وتعليمهم اسلوب الحوار الديموقراطي الهادئ المتسم بالتحضر والبعد عن الجمود والتعصب وأيضا لوسائل الإعلام دور بارز في ارتفاع مستوي الوعي الجماهيري بحقيقة اغراض الفئة الضالة من الارهابيين والامتناع عن تقديم أي صورة من صور التعاطف والمساعدة لهم هذه ونأمل كل الأمل في تطوير الجهاز الأمني للحكومة بدعم أجهزته وتطويرها وتحديثها بكل الوسائل والامكانيات القادرة والمتناسبة مع حجم التحدي القائم في مواجهته لتمكينه من ممارسة مهامه بفاعلية ومن ذلك وسائل حفظ المعلومات والأسلحة الحديثة ووسائل الاتصال والانتقال والسرعة.. إلخ. وكذلك ينبغي أن يتم التأكيد علي جميع الضباط والأفراد القائمين علي مواجهة الإرهاب بالتفرقة بين المواطنين المتدينين المعتدلين والارهابيين المتطرفين فالمواطن الأول هو انسان سوي اما الثاني فهو الذي يجب التصدي له بكل عنف وذلك كي لانكسب للإرهاب ارضية جديدة وعلي أي حال فنحن في حاجة ماسة إلي تطبيق قانون صارم يتناسب مع الأعمال الارهابية التي بلغت حدا كبيرا من الجثامة ضد الانسانية. وأخيرا فلا شك في أن عمليات الارهاب مهما كثرت أو طالت مدة مواجهتها محكوم عليها بنهاية محتومة حيث انه لا يمكن لهذه العناصر الخارجة علي القانون مواجهة نحو 09 مليون مصري اصبحوا علي وعي كامل بأن الإرهاب يستهدفهم في حياتهم، لقمة عيشهم، أمنهم، استقرارهم.. إلخ. ومن ثم أصبحوا يشاركون في مواجهة الإرهاب الأسود مهما طال أمد المواجهة فلم ولن تنقطع أنفاس الشعب المصري ذي التاريخ العريق.