متعتى نقطة ضعفى ومصدر قوتى .. طاقتى وفضلات ألمى.. الكتابة أخاف عندما يقسو مرضي على مفاصل أصابعى وتتشنج، إذا زاغت عينى بفعل الضغط وارتفاع الزلال، عندما يوقف النسيان استرسال جملتى، نسيان لذكريات وأحداث، أفكار.. انطباعات.. خيال، كأن جناحى عتمة حلقا فوق بساط الإبداع ينقراه ويثقباه ثم يتركاه يسقط على مهل، يالها من ميتة راقية تليق بالأدباء!. بدأ النسيان إشاراته أثناء مذاكرتى لابنى عندما استوقفنى اسم المنفلوطى الذى بدا لى مألوفا، انتابنى الرعب، فقررت استعباد دماغى قبل أن ينخرها مرض الذئبة اللعين، فأطلقت بنات أفكارى ليرقصن ويقفزن نحو أسراب الخيال المهاجرة بعيدا ليلتقطونها. ولأنها تستوطنى فلم أستطع خداعها، لذا قررت مقايضتها بكبدى وبنكرياسي، هما جزئين لم تقربهما بعد فى جسدى، فى مقابل أن تقضم مخيلتى وكتابتى على مهل، واطمئنى لن ألقِ إليكِ بجيفه لا سمح الله، أعرف أنكِ تستمتعين بالطازج، فأنا مازلت على مشارف منتصف العمر، لم تنجحى بعد فى تمديدى أسفل قدميك، لست نكرة، اجلبى كل قطيعك إلى الحلبة يشاهدون فريسة لن تستسلم، تملك من الأمل قدرا وفيرا يقيها من اليأس، وتملك من الرضا ما يكفيها للتحلى بالصبر، أضمن لكِ مباراه مثيرة وفوزا عظيما. سأظل قوية أمام الجميع لكى يبدو الصراع حقيقيا، فلن أتوقف عن أدويتى التى تعطل مسيرتكِ، لن أفزغكِ بذكر ربى، ولن أدخله بيننا بدعوات قد يجيبها، لن أنخر آذانكِ باستغفار قد تحرقين به، لن أستحضر ملائكتى بذكر الله فتصابى بغثيان يفسد عليكِ وجبتكِ، لن أدفعك للجنون عندما أشدو مع صوت الشيخ مصطفى إسماعيل بسورة يوسف، ولن أعرض عن هذا العهد إذا تركتِ لى مساحتى من الفضفضة، إذا نزعتى يدك عن بنات أفكارى التى تحرشت بهن وراودتهن عن أنفسهن كى تلين رؤسهن ويتركوننى فى عراء الفراغ والتفاهة. حتى دفعتنى ذات مرة لمصادقة الفارغين، أدير حوارات حول ساندوتشات اللانشون وماسكات الخيار وجارنا الذى ينشر الغسيل لزوجته، وأسعار الزبد!. لأنى تخيلتكِ وأنتِ راكزة على قلبى، بينما تنسحب صديقات الإبداع من حياتى تدريجيا، بفعل ظروف الحياة، وإن كن اهتممن بى خمس ست مرات فلن تحدث السابعة، فقررت ألا أنتظر وبحثت عن غربال جديد له شدّه أخرى، فجالست جميلات قعدة النادى والكوافير، لكنى لم أحتمل الأمر، ربما سأتحمله عندما أصبح جثه متنقله، أو بعد أن يأكل المرض خيالاتى بالآمال والتفاؤل، وينفتح جفنى صباحا على اللاشىء، حينها أستسلم وأجلس لأثرثر بكلمات تصدر من عضله لسان لازالت على قيد الحياه. والى أن يحين هذا الوقت سأكتب.. سأتلذذ بالألم وأتذوقه فأكتب.. أشكو الى الله من شدة الهم والحزن فأكتب.. أتعجب من تنويعات المرض فى إيذائى فأكتب.. أترقب مهاجمته لى.. فأكتب، الكتابة ليست عضوا ولا جهازا لتقضمه الذئبة الحمراء.. الكتابه شريان حياتى.. خيالى ..الذى يبقينى حية إلى الآن، هو هارب إلىِ منكِ، ولن أدلكِ على مكانه، فإن كنتِ ماكرة عظيمة، فقد تربيت على يديكِ خمس سنوات، وأظن أنها كافيه لأعض يدكِ التى امتدت لى بتعليم المكر، وقد تفوق التلميذ على معلمته، ويكفى أنى أكتب ألاعيبكِ، فليملؤكِ الزهو بكتاباتى. لمزيد من مقالات ناهد السيد