كان للحادث الإرهابى يوم الجمعة 2 نوفمبر على الأسر المسيحية المتجهة الى دير الأنبا صموئيل والذى نتج عنه 8 قتلى و14 مصابا صدى واسع فى المجتمع المصرى مطالبا بمواجهة فعالة تقوم على رؤية جديدة لكيفية مواجهة الإرهاب باعتباره ظاهرة مجتمعية لها أسباب اجتماعية واقتصادية وثقافية وإعلامية. وقد تواكب مع هذا الحادث تصاعد أعمال العنف المجتمعى بشكل غير مسبوق. والى جانب هذا العنف المجتمعى هناك أيضا العنف الطائفى، الذى يتمثل فى الغالب فى قيام جماعات إسلامية متشددة بالتحريض على الأقباط سواء بهدم كنائسهم أو منازلهم او الاعتداء على أشخاصهم لأسباب متعددة وهو ما يترتب عليه نتائج تضر بالمجتمع والسلم الاجتماعى والوحدة الوطنية كما تسيء الى سمعة مصر فى الخارج وتقدم الذرائع للمتربصين بها لتصوير الأمر كأن هناك تربصا بالمسيحيين والتنديد بما يحدث لهم وصولا الى دعوتهم للهجرة باعتبارهم يتعرضون لخطر الإبادة وهو أمر غير صحيح، ولكن الحوادث الطائفية التى تكررت فى الفترة الأخيرة تعطى لهؤلاء المتربصين فرصة لتضخيم ما يحدث وتصوير الأمر باعتباره اضطهادا من المسلمين للمسيحيين فى مصر ويساعدهم على هذا عدم فاعلية التحرك المصرى فى الخارج سواء من هيئات حكومية أو مجتمع مدنى أو شخصيات لها علاقات خارجية مؤثرة يمكنها أن تلعب دورا فى التصدى للدعاية المضادة لمصر فى الخارج. تعتبر محافظة المنيا نموذجا واضحا لتصاعد العنف الطائفى منذ 2013 حيث قامت الجماعات الإسلامية المتشددة عقب فض اعتصام رابعة بتدمير وحرق الكنائس والأديرة والمبانى الكنسية فى كل أرجاء المحافظة وتحريض المواطنين على مشاركتهم فى هذا الحدث الإجرامى ومنذ هذا الوقت تكررت حوادث العنف الطائفى فى العديد من قرى محافظة المنيا وصولا الى ما حدث يوم الخميس 6 سبتمبر 2018 فى قرية (دمشلو هاشم) حيث تجمع اكثر من 1000 مواطن حول منزل أحد المسيحيين من سكان القرية احتجاجا على قيام المسيحيين بالصلاة فى هذا المنزل لعدم وجود كنيسة بالقرية واقتحموا منازل المسيحيين فى القرية وأضرموا النار فى واحد منها وإصابة عدد من المسيحيين وكانت القرية نفسها مسرحا للعنف الطائفى عام 2005. وقد سبق هذه الحادثة قيام مجموعة من المتشددين بالهجوم على منزل أسرة مسيحية فى قرية (الكرم) فى 20 مايو 2016 حيث قام المئات منهم بتعرية سيدة مسيحية فى السبعين من عمرها وطافوا بها القرية دون أن يحترموا آدميتها. وتعددت أسباب هذه الجرائم ما بين رفض اقامة المسيحيين لصلواتهم فى احد المنازل بسبب عدم وجود كنيسة فى القرية أو رفض بناء كنيسة وكانت معظم هذه الأحداث تتم عقب صلاة الجمعة بتحريض من خطيب المسجد لجمهور المصلين للاعتداء على المسيحيين لهذا السبب أو ذاك، أو قيام جماعات متشددة بهذا التحريض. ومن الأسباب التى ساعدت على تكرار هذه المواقف عقد المجالس العرفية بديلا لإنفاذ القانون على مرتكبى هذه الجرائم مما شجع على استمرارها، وقد ساعد أيضا على استمرار هذه الظاهرة الشحن الطائفى المستمر وغياب الوعى لدى غالبية المواطنين الذين يعانون من الأمية وغياب الثقافة ووقوعهم فريسة للتحريض ضد المسيحيين، ومن اسباب استمرار هذه الظاهرة عدم تناول وسائل الإعلام لها وتوجيه المواطنين الى النتائج السلبية المترتبة عليها. إن المعالجة الصحيحة لحوادث العنف الطائفى سواء فى محافظة المنيا أو غيرها على امتداد البلاد هو تناولها بالدراسة والتحليل من كل جوانبها والتعرف على أسبابها والنتائج المترتبة عليها وتضافر كل الجهود من أجل الحد من الأحداث الطائفية من خلال تعاون كل الجهات ذات الصلة بها ابتداء من وزارة التربية والتعليم وتضمين المناهج التعليمية إعلاء لقيم التسامح وقبول الآخر والوعى بأهمية وحدة الشعب المصرى ضمانا لمستقبل البلاد والاهتمام بمحو أمية الكبار فى أقصر وقت ممكن، هذا بالإضافة الى دور وزارة الثقافة فى الاهتمام بالعمل فى الريف سواء من خلال بيوت الثقافة التى يتعين أن تصل بعروض المسرح والسينما التى تحض على نشر هذه القيم بين المواطنين، كما يلعب الاعلام المرئى والمسموع دورا مهما فى هذا الصدد، كما يتحمل الأزهر الشريف مسئولية كبرى فى هذا الصدد. وبالإضافة الى الهيئات الحكومية التى أشرنا اليها فإن مؤسسات المجتمع المدنى كاتحاد الكتاب والجمعيات الحقوقية وغيرها عليها ان تقوم بدورها فى معالجة هذه الظاهرة والمشاركة فى نشر قيم التسامح والوحدة الوطنية وقبول الاختلاف وتأكيد مبدأ المواطنة لكل المصريين على قدم المساواة. إن مسئولية الجميع عن صياغة استراتيجية متكاملة لمواجهة هذه الظاهرة أمر ضرورى وممكن من خلال تعاون كل هذه الاطراف وتكامل ادوارها فى محاصرتها. لمزيد من مقالات عبد الغفار شكر