أخطأ الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عندما هدد يوم الخميس الماضى بأن جنوده سيطلقون النارعلى المهاجرين من أمريكا الوسطى إذا رشقوا قوات جيشه بالحجارة خلال محاولتهم دخول بلاده بطريقة غير شرعية.. وأخطأ عندما أمر جنوده بأن يعتبروا الحجَر بمثابة بندقيّة وعندما لوح بأنه سيوقع الأسبوع المقبل على مرسوم حول هذا الموضوع!! ويبدو أن السيد ترامب يستمد جزءا كبيرا من أفكاره ومعتقداته وسياساته من حليفه الإسرائيلى الذى اعتاد أن يواجه انتفاضة الفلسطينيين بالقوة, وأن يرد بالرصاص والقتل والتعذيب على مقاومة الإحتلال بالحجارة دون أن يهتز ضميرالعالم.. بفضل حماية أمريكا الدائمة لهم!! ولكن.. لأن أمريكا ليست إسرائيل.. ولأن ترامب ليس نتانياهو أو شارون.. فقد سارعت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إلى رفض الإنصياع لرغبات الرئيس ترامب بإرسال قوات إلى الحدود مع المكسيك للتصدى لقافلة المهاجرين وحماية أفراد حرس الحدود, وأكدت أن المهام المطلوبة منها تقع خارج نطاق سلطة الجنود الفعلية.. ووجهت جماعات حقوق الإنسان انتقادات حادة للرئيس الأمريكى وقالت إنه يثير مخاوف قبل انتخابات التجديد النصفى بالكونجرس وقالت جماعة هيومان رايتس فرست إن وصف المهاجرين بأنهم يمثلون تهديدا للأمن القومى أمر سخيف بقدر ما هو قاس!! وأمام هذه التطورات المتلاحقة, وخوفا من نتائج انتخابات الكونجرس المتوقعة.. اضطر ترامب إلى التراجع عن تهديداته خلال 48 ساعة فقط.. وشدد على أنه لن يتحمل مسئولية هزيمة الجمهوريين لأغلبيتهم فى مجلس النواب.. وزعم أنه لم يقل إطلاق النار على المهاجرين وإنما سيتم اعتقالهم لفترة طويلة.. وذلك بعد أن كانت جميع المحطات الفضائية ووكالات الأنباء العالمية قد طيرت تحذيراته وتهديداته الأولي!! ولا تعكس هذه الأحداث فقط مدى جرأة وقسوة ترامب إذا اتيحت له الفرصة, ومدى ضعفه وتراجعه إذا اضطرته الظروف لاتخاذ مواقف مغايرة.. ولكنها تكشف أيضا أن إسرائيل أقوى من أمريكا فى الظلم والبطش والجبروت.. ولهذا استحقا أن يكونا حليفين متجانسين!! [email protected] لمزيد من مقالات مسعود الحناوى